 
                                هل قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64] مُقيَّدٌ بحياة النبي عليه السلام؟ وما حكم قراءتها عند زيارة المقام النبوي الشريف؟
هذه الآية مطلقة ليس لها مُقَيِّدٌ نصيٌّ ولا عقليٌّ يقصر معناها على الحياة الدنيوية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي باقية إلى يوم القيامة، ويستحب تلاوةَ هذه الآية الكريمة عند زيارة مقام المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
المحتويات
هذه آية مطلقة ليس لها مُقَيِّدٌ نصيٌّ ولا عقليٌّ يقصر معناها على الحياة الدنيوية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي باقية إلى يوم القيامة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد فهم الصحابة من هذه الآية العموم؛ فروى الطبراني في "المعجم الكبير" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إنّ في النساء لخمسَ آياتٍ ما يَسُرُّني بهن الدنيا وما فيها، وقد علمتُ أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها.. فذكر منها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]، قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد": [رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح] اهـ. وظاهرٌ أن سبب سروره هو أنه فهم العموم من الآية.
قال العلّامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 156، ط. إدارة الطباعة المنيرية): [وجه الاستدلال بها: أنه صلى الله عليه وآله وسلم حيٌّ في قبره بعد موته؛ كما في حديث: «الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ»، وقد صححه البيهقي وألف في ذلك جزءًا، قال الأستاذ أبو منصور البغدادي: قال المتكلمون المحققون من أصحابنا: إن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حي بعد وفاته. انتهى] اهـ.
قد استحب فقهاء المذاهب الأربعة جميعًا تلاوةَ هذه الآية الكريمة عند زيارة مقام المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، واستدلوا بها على مشروعية طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند زيارة مقامه الشريف، وأن يخاطبه الزائر بقوله: "جئتك مستغفرًا من ذنبي، مستشفعًا بك إلى ربي"، وهذا يكون بغرض الاستشفاع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الاستشفاع: طلب الشفاعة؛ واستشهدوا في ذلك بقصة العتبي قال: كنت جالسًا عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء أعرابي فقال: "السلام عليك يا رسول الله! سمعت الله تعالى يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]، وقد جئتك مستغفرًا من ذنوبي، مُستشفِعًا بك إلى ربي"، ثم أنشأ يقول:
يا خير مَن دُفِنَتْ بالقاع أعظُمُه *** فطاب مِن طِيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ
نفسي الفداءُ لقبرٍ أنت ساكنُه *** فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ
قال: ثم انصرف، فحملتني عيناي؛ فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم، فقال لي: «يَا عُتْبى؛ الحقْ الْأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ له» رواه ابن عساكر في "معجمه".
وممَّن ذكر هذه القصة من العلماء مستشهدًا بها على ذلك: الإمام النسفي، والكمال بن الهمام في "فتح القدير"، والشرنبلالي في "نور الإيضاح" من الحنفية.
والقرطبي في "تفسيره"، والقاضي عياض في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم"، والشهاب القرافي في "الذخيرة"، والثعالبي في "تفسيره"، والزرقاني، والشيخ العدوي الحمزاوي في "كنز المطالب" من المالكية.
والحافظ البيهقي في "شعب الإيمان"، ونقله عن القاضيين الشافعيين الماوردي وأبي الطيب، وشيخ الشافعية في زمنه أبو منصور الصباغ في كتابه "الشامل"، والإمام النووي في "الإيضاح في المناسك" و"المجموع"، والإمام التقي السبكي في "شفاء السقام"، وابن كثير في "تفسيره" و"البداية والنهاية"، والتقي الحصني في "دفع شُبَهِ مَن شَبَّه وتمرَّد"، وابن الملقن في "غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم"، والسيوطي في "الدر المنثور"، والقسطلاني في "المواهب اللدنية"، وابن حجر الهيتمي في "الجوهر المنظم"، والجاوي في "نهاية الزين" من الشافعية.
والإمام عبد القادر الجيلاني في كتاب "الغُنْيَة"، وابن الجوزي في "المنتظم"، وابن قدامة المقدسي في "المغني"، وأبو الفرج ابن قدامة في "الشرح الكبير"، وأبو عبد الله السمري في "المستوعب"، وابن مفلح في "المبدع"، والبهوتي في "كشّاف القناع" من الحنابلة.
ومن المؤرخين: ابن الأثير في "الكامل"، وابن خلكان في "وفيات الأعيان"، وغيرهم كثير وكثير. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هناك دعاء منتشر بين الناس في أول العام ودعاء آخر في آخره؛ يسأل المسلم فيه ربه إعانته على العام الجديد، ومغفرتَه للعام الماضي، فما حكم هذين الدعاءين؛ حيث انتشرت بعض الفتاوى التي ينتسب أصحابها للمذهب الحنبلي وتدَّعي أن الدعاء بهذين الدعاءين بدعة منكرة، وأن تحديد آخر العام أو وقت معيّن من السنة بالاستغفار أو الدعاء أو العبادة لا أصل له في الشرع؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، ويدَّعون أن الكتب التي ورد فيها هذان الدعاءان -مثل "حاشية الشيخ كنون على البناني"- ليست معتمدة ولا تهتم بتصحيح الحديث، وأن الصواب الابتعاد عنه؛ لأن كل بدعة ضلالة. فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل الدعاء بهذين الدعاءين حرام شرعًا؟
اطلعنا على الطلب المتضمن النقاط التالية:
1- هل يمكن أن يوجد تعريف اصطلاحي شرعي جامع للآية الواحدة من آيات القرآن الكريم؟
2- اشتهر بين المسلمين أن عدد آيات القرآن الكريم توقيفي لا مدخل فيه للاجتهاد مع أنه يوجد الاختلاف في عدد آيات الفاتحة.
3- أن ترتيب الآيات في المصحف هو الترتيب المطابق لما في اللوح المحفوظ، والربط المعنوي بين الآيات واضح في كتب التفسير، أما الربط اللفظي بين كلام الله من أوله إلى آخره ففي حاجة إلى بيان شافٍ.
4- مسألة الوقوف في القرآن الكريم وعلامات هذه الوقوف وتقسيماتها ورموزها مما يعسر فهمه وتطبيقه في التلاوة، ولا بد لهذه الأمور من بيان واضح إذ المعنى يختلف تبعًا للوقف والوصل في القراءة.
ما المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ»؟
ما حكم قراءة الفاتحة في بداية مجالس الصلح ومجالس العلم والفتوى؟ حيث جرت العادة والعرف على قراءة سورة الفاتحة في بداية مجالس الصلح أو مجالس العلم والفتوى من باب التبرك بها، وعلى نية تيسير الأمور وحصول الفتوح؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
هل وقت نزول الأمطار يُعدُّ من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
في ظل انتشار الوباء في هذه الآونة: هل يكتفي الإنسان بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو يستعين في ذلك بما ورد من الأدعية والأذكار غيرِ المأثورة الواردة عن العلماء والأولياء، بما يُعرف بالمجربات؟