حكم اشتراط تبييت النية في قضاء صيام رمضان

تاريخ الفتوى: 16 فبراير 2023 م
رقم الفتوى: 7478
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم اشتراط تبييت النية في قضاء صيام رمضان

هل يجب تبييت النية في قضاء صيام رمضان؟ فقد أفطرتُ يومًا في رمضان لعذرٍ، وفي أحد الأيام استيقظتُ عند الساعة العاشرة صباحًا ولم أكن قد تناولتُ شيئًا من طعامٍ أو غيره أو فعلتُ أمرًا ينافي الصيام؛ فهل يجوز أن أنوي الصيام في هذا الوقت بنية قضاء اليوم الذي عليَّ وأُكمل بقية اليوم صائمًا؟

لا يجوز للسائل أن ينوي صيام قضاء ما عليه من رمضان في صباح اليوم الذي يريد الصيام فيه؛ لأن تعيين النية في صوم القضاء واجبٌ من الليل وقبل الشروع في الصيام بدخول وقت الفجر، ولا يصح تعيينها بعد ذلك، ويتحقق تعيين هذه النية بأن يعتقد أنه يصوم غدًا مِن قضاء ما عليه مِن رمضان، ولا تكفي نية الصوم المطلق. 

المحتويات

مفهوم النية

النية لغةً: مِن نَوى نِيَّةً؛ أي: تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، وَنَوَى: بَعُدَ، وتأتي بمعنى "القصد"، وبمعنى "الحفظ"؛ كما في "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (ص: 631، ط. المكتبة العلمية)، و"المعجم الوسيط" (ص: 965، ط. دار الدعوة).

واصطلاحًا: هي "قَصْدُ الإنسان بقلبه ما يريده بفعله"؛ كما في "الذخيرة" لشهاب الدين القرافي (1/ 240، ط. دار الغرب الإسلامي).

والنية مطلوبة شرعًا في عموم الأعمال؛ سواء كانت من قبيل العبادات أو العادات؛ فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» متفق عليه. فدَلَّ الحديثُ على أنَّ ثواب الأعمال وجزاءها مُتوقفٌ على النية.

لماذا شرعت النية؟

قد شُرعت النية لتمييز العبادات عن العادات، ولتمييز رُتَب العبادات، كما أنَّ مِن العبادات ما يحتاج لزامًا إلى النية؛ وهي ما كان حكمُها الثابتُ بالنص تعبُّديًّا، ومنها ما يمكن الاستغناء فيها عن النية؛ وهي ما حكمُها الثابتُ بالنص معقولَ المعنى.

قال الإمام أبو الوليد ابن رشد في "بداية المجتهد" (1/ 15، ط. دار الحديث): [لا يختلفون أن العبادة المحضة مفتقرة إلى النية، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية] اهـ.

وقال شهاب الدين القرافي في "الذخيرة" (3/ 136): [حِكمة إيجاب النية إنما هو تمييز العبادات عن العادات، وتمييز مراتب العبادات، فتفتقر للنية؛ لتمييزها عن الهبات والكفارات والتطوعات] اهـ.

وقال سعد الدين التفتازاني في "شرح التلويح على التوضيح" (2/ 100، ط. دار الكتب العلمية): [المعتبر في الاحتياج إلى النية أو الاستغناء عنها: هو كون الحكم الثابت بالنص تعبديًّا أم معقولًا؛ بمعنى ألَّا يدرك العقلُ معناه -أي: علَّته-، أو يدرك] اهـ.

حكم نية الصيام

النية شرطٌ لصحة الصيام؛ كما في سائر العبادات، ويلزم تعيينها في الصوم الواجب قبل الشروع في الصيام؛ أي: قبل طلوع الفجر، ويكون وقتها في أيِّ جزءٍ مِن الليل؛ مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ لحديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ فَلَا صِيَامَ لَهُ» أخرجه النسائي في "السنن".

حكم تعيين النية ووقتها في قضاء ما فات من صيام رمضان

قضاء المسلم ما فاته مِن الصيام في رمضان واجبٌ شرعًا، وهذا القضاء لا يصح إلا بنيةٍ معيَّنةٍ من الليل قبل الشروع في الصيام؛ لأن صوم القضاء غيرُ متعيِّنٍ بوقتٍ محددٍ، فوجب تعيين النية فيه للتمييز بينه وبين صيام النافلة، كما أنَّ تعيين النية يكون بقصد الصائم قضاء ما فاته من الصيام في شهر رمضان من أول طلوع فجر اليوم الذي يريد صيامه إلى غروب شمس ذلك اليوم، وقصد صوم الجزء الماضي من اليوم مُحال، فوجب أن تكون قبل طلوعِ فجرِ اليومِ الذي يريد الصيام فيه، وقد تواردت على ذلك نصوص المذاهب الفقهية الأربعة:

قال برهان الدين المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 117، ط. دار إحياء التراث العربي): [ما ثبت في الذمة كقضاء شهر رمضان وصوم الكفارة: فلا يجوز إلا بنيةٍ مِن الليل؛ لأنه غير متعيِّن، ولا بد مِن التعيين مِن الابتداء] اهـ.

وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 520، ط. دار الفكر، مع "حاشية الدسوقي"): [(وصحته) أي شرط صحة الصوم (مطلقًا) فرضًا أو نفلًا (بنيَّة) أي: نية الصوم ولو لم يلاحظ التقرب لله (مُبَيَّتَة)؛ بأن تقع في جزءٍ من اللَّيل من الغروب إلى الفجر] اهـ.

قال العلامة الدسوقي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: من الغروب إلخ) بيانٌ للَّيل؛ فلا تكفي قبل الغروب عند الكافة، ولا بعد الفجر؛ لأن النية هي القصد، وقَصْدُ صومِ الجزء الماضي مِن اليوم مُحَالٌ] اهـ.

وقال كمال الدين أبو البقاء الدميري الشافعي في "النجم الوهاج" (3/ 287، ط. دار المنهاج): [(ويجب التعيين في الفرض)؛ وهو أن ينوي أنه صائمٌ مِن رمضان مثلًا، أو عن قضاءٍ، أو كفارة؛ لأنه قربة مضافة إلى وقتها؛ فوجب التعيين في نيتها كالصلوات الخمس] اهـ.

وقال علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 293-294، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (ولا يصح صوم واجب إلا أن ينويه من الليل معيَّنًا) هذا المذهب، نصَّ عليه.

يعني أنَّه لا بدَّ من تعيين النيَّة، وهو أن يعتقد أنَّه يصوم من رمضان، أو من قضائه، أو نذره، أو كفارته.. تنبيه: قوله: (إلا أن ينويه من الليل) يعني: تُعتَبَر النية مِن الليل لكلِّ صومٍ واجبٍ بلا نزاع] اهـ.

والنية محلُّها القلب، ويستحب التلفظ بها باللسان؛ تأكيدًا لها، ودفعًا لوساوس الشيطان؛ كما في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 343، ط. دار الكتب العلمية).

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ تعيين النية في صوم القضاء واجبٌ من الليل وقبل الشروع في الصيام بدخول وقت الفجر، ولا يصح تعيينها بعد ذلك، ويتحقق تعيين هذه النية بأن يعتقد أنه يصوم غدًا مِن قضاء ما عليه مِن رمضان، ولا يجزئ نية الصوم المطلق؛ لأن الصوم عبادةٌ مضافةٌ إلى وقتٍ.

وفي واقعة السؤال: لا يجوز للسائل أن ينوي صيام قضاء ما عليه من رمضان في صباح اليوم الذي يريد الصيام فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل ما يَدخل المِهْبَلَ والإحليل مِن قسطرةِ أنبوبٍ دقيقٍ أو منظارٍ، أو مادةٍ ظليلةٍ على الأشعة، أو دواءٍ يفسد الصيام؟


ما حكم استخدام بخاخ الفم حال الصيام؟ فأنا أُعاني من تقرحات شديدة بالفم، وأرشدني الطبيب إلى استخدام بخاخ الفم عدة مرات أثناء اليوم، فهل يؤثر استخدامهما على صحة صومي؟


هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة؟ حيث يتفاوت شعور الناس بالمشقة في الصيام، وقد سمعت: "أن الثواب على قدر المشقة"؛ فما صحة ذلك؟ وهل كلما زادت المشقة ازداد الثواب؟


هل يجوز قضاء الصوم عن الميت؟


هل مجرد العزم على الفطر دون تناول طعام أو شراب يفسد الصوم؟ فقد نويتُ صوم واجب عليَّ، وبعد أن شرعتُ فيه تذكَّرت بعض الأعمال الشاقة التي ينبغي عليَّ القيام بها، فعزمتُ على الفِطْر، لكن لم أتناول الطعام أو الشراب، ثم رَجعتُ عن هذا العَزْم وأكملتُ الصوم، فهل يصح صومي في هذه الحالة أو لا؟


ما معنى الحديث القدسي: «إلا الصوم فإنه لي»؛ حيث جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أخبر عن الله عزَّ وجلَّ قوله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، فَلِمَ خصَّ اللهُ تعالى الصومَ من دون غيره من الأعمال بأنه لنفسه ويجازي عليه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16