هل ينقطع تتابع أشواط الطواف بصلاة الفرض؟ حيث ذهبتُ إلى الحج هذا العام، وأثناء الطواف أقيمت إحدى الصلوات المفروضة وأنا في الشوط الخامس، فالتزمت مكاني وصليت مع الناس، وبعد السلام استكملت الشوط الخامس من المكان الذي توقفت فيه، ثم بقية أشواط الطواف بعد ذلك. فهل يُعدّ التوقف للصلاة المفروضة أثناء الطواف قاطعًا له؛ بحيث يجب عليَّ إعادة الطواف من أوله مرة أخرى؟
لا ينقطع تتابع أشواط الطواف بصلاة الفرض، وما قمتَ به من قطع الطواف لأداء الصلاة المفروضة التي أقيمت أثناء طوافك، مستكملًا بَعد الصلاة الشوطَ الذي توقفتَ فيه قبلها؛ وذلك مِن مكانِ توقفكَ مضافًا على ما طفت من الأشواط ومتممًا إياها سبعة أشواط هو تصرفٌ صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليك.
المحتويات
الطواف لغةً: الدوران حول الشيء، يقال: طاف بالشيء يطوف طوْفًا وطوافًا، أي: استدار به، والمطاف: موضع الطواف؛ كما في "مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس (3/ 432، ط. دار الفكر)، و"المصباح المنير" للعلامة للفيومي (2/ 380، ط. المكتبة العلمية).
و"الطواف موضوعٌ لغةً لمعنًى معلوم لا شبهة فيه؛ وهو: الدوران حول البيت"؛ كما قال شمس الأئمة السرخسي في "الأصول" (1/ 138، ط. دار المعرفة).
من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه: الطواف بالبيت الحرام، فهو عبادة من أهم العبادات وأعظمها، وقربة من أفضل القربات وأرفعها، وركن في الحج والعمرة فلا يصحان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا في الحج والعمرة، وشعيرة يثاب عليها المسلم في جميع حالاته؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب والفرضية، أو على جهة الندب والتطوع؛ وقد شُرِعَ الطواف بعموم قول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، وقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
ولمكانة الطواف في الشريعة الإسلامية فقد وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلاة؛ لحرمته ومكانته وفضله وعظمته؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدارمي والبيهقي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" واللفظ له، والحاكم في "المستدرك" وغيرهم، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "أَقِلُّوا الْكَلَامَ فِي الطَّوَافِ؛ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ" أخرجه الأئمة: النسائي والبيهقي في "السنن"، والفاكهي في "أخبار مكة".
الطواف وإن كان بهذا القدر من المكانة والعَظَمة والحُرمة والفضل، إلا أنه إذا خرج الطائفُ منه للصلاة المكتوبة التي أقيم لها أثناء الطواف، ثم عاد إلى الطواف بعد الصلاة، فلا ينقطع طوافه، ويبني على ما طاف من الأشواط، وذلك بإجماع أهل العلم، وخالفهم في ذلك الإمام الحسن البصري، ومن ثَمَّ فإذا طاف ثلاثة أشواط أتم عليها أربعة، لتمام السبعة؛ وذلك إذا صادف توقفه عند الحجر الأسود؛ أي عند ابتداء الشوط وانتهائه، أما إذا كان توقُّفُهُ أثناء الشوط، فعليه أن يتم الشوط الذي توقف فيه للصلاة مِن مكانِ توقُّفِهِ، ثم يبني عليه، وروي عن الإمام أحمد أنه يبتدئ الشوط مِن أوَّلِهِ، والمختار للفتوى ما عليه جماهير أهل العلم مِن أنه يكمل طوافه مِن حيث انتهى.
قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 55، ط. دار المسلم): [وأجمعوا فيمن طاف بعض سبعة ثم قُطع عليه بالصلاة المكتوبة أنه يبتني مِن حيث قطع عليه إذا فرغ من صلاته، وانفرد الحسن البصري فقال: يستأنف] اهـ.
وقال في "الإشراف" (3/ 283، ط. مكتبة مكة الثقافية): [قال أكثر أهل العلم ممن نحفظ عنه: يبني من حيث قطع عليه إذا فرغ من صلاته؛ روينا هذا القول عن ابن عمر رضي الله عنهما، وبه قال عطاء، وطاوس، ومجاهد، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا يعلم أحد خالف ذلك إلا الحسن البصري؛ فإنه قال: يستأنف، وبِقَول ابن عمر رضي الله عنهما نَقول] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 356، ط. مكتبة القاهرة): [(وإن أقيمت الصلاة، أو حضرت جنازة وهو يطوف، أو يسعى؛ فإذا صلى بنى) وجملة ذلك: أنه إذا تلبس بالطواف أو بالسعي، ثم أقيمت المكتوبة؛ فإنه يصلي مع الجماعة في قول أكثر أهل العلم؛ منهم: ابن عمر رضي الله عنهما، وسالم، وعطاء، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.. ولم نعرف لهم في عصرهم مخالفًا، وإذا صلى بنى على طوافه وسعيه في قول مَن سمَّينا مِن أهل العلم.. قال أحمد: ويكون ابتداؤه مِن الحجر؛ يعني: أنه يبتدئ الشوط الذي قطعه مِن الحجر حين يشرع في البناء] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 60، ط. دار الفكر): [(فرع) إذا أقيمت الصلاة المكتوبة وهو في أثناء الطواف فقَطَعَه ليُصَلِّيَهَا، فصَلَّاها، جاز له البِنَاءُ على ما مضى منه كما سبق بيانه. قال ابن المنذر وبه قال أكثر العلماء، منهم: ابن عمر رضي الله عنهما، وطاوس، وعطاء، ومجاهد، والنخعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، قال: ولا أعلم أحدًا خالف ذلك إلا الحسن البصري، فقال: يستأنف] اهـ.
وهذا هو المنصوص عليه في كتب أهل المذاهب المعتبرة؛ كما في "مختصر اختلاف العلماء" للإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي (2/ 133، ط. دار البشائر الإسلامية)، و"المبسوط" لشمس الأئمة السرخسي الحنفي (4/ 48، ط. دار المعرفة)، و"الشرح الصغير" لسيدي أبي البركات الدردير المالكي (2/ 47، ط. دار المعارف)، و"المهذب" للإمام الشيرازي الشافعي (1/ 407-408، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للعلامة أبي السعادات البُهُوتِيِّ الحنبلي (2/ 483، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما قمتَ به من قطع الطواف لأداء الصلاة المفروضة التي أقيمت عليكَ أثناء طوافك، مستكملًا بَعد الصلاة الشوطَ الذي توقفتَ فيه قبلها؛ وذلك مِن مكانِ توقفكَ مضافًا على ما طفت من الأشواط ومتممًا إياها سبعة أشواط هو تصرفٌ صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تعيين نية الطواف في الحج؟ فرجلٌ يقول: والدتي امرأةٌ مُسِنَّةٌ، وقد أكرمها اللهُ تعالى بالحج هذا العام، وبعد عودتها سألتُها عن المناسك وكيف أدت الحج؟ فقالت: إنها كانت تفعل مثل ما يفعل غيرها، متبعة إرشادات مسؤول فَوْج الحجيج معهم، وطافت للقدوم والإفاضة والوداع مِن غير تعيين النية في كلٍّ منها. فهل يقبل منها ذلك أو كانت تحتاج إلى تعيين النية لكلِّ طواف قبل أدائه؟
هل تتعدد الكفارات في الحج إذا ارتكب المحرم عددًا من محظورات الإحرام؟ فهناك رجلٌ ارتَكَب عدة محظوراتٍ في الحج وهو مُحرِم، وكَفَّرَ عن أحدها بَعد فِعله ثم كَرَّرَه، وكَرَّرَ محظورًا دون أن يُكَفِّر عن فِعله أوَّل مرة، ويسأل عما يلزمه فِعلُه؟
ما حكم خروج المتمتع إلى ميقات مكاني كأبيار علي؟ فهناك شخص سافر مع شركة سياحية لأداء الحج، وكان برنامج الرحلة أن يذهب إلى مكة حتى نهاية الحج، ثم يتوجهون إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنوى الحجَّ متمتعًا، وبعد أدائه العمرة وتحلُّله منها، أخبره المشرفون أن برنامج الرحلة قد تغير، وأن موعد زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون قبل أداء الحج لظروف طارئة، فذهب للزيارة، وفي أثناء عودته أحرم بالحج من أبيار علي، فهل انقطع تمتعه أو لا؟ وإن لم ينقطع فهل يلزمه الهدي؟ وإذا أحرم منها فهل يمكنه أن يحرم متمتعًا أو قارنًا؟ وهل يلزمه هدي أو لا؟ وهل يصح إحرامه بعمرة ثانية؟ كما يُرجى الإفادة عن حكم ما فعله بعض المرافقين في الرحلة حيث لم يُحرموا من أبيار علي وأحرموا من داخل الحرم، فمنهم من أفرد، ومنهم من تمتع، ومنهم من قرن، وجزاكم الله خيرًا.
ما حكم من اعتمر عن نفسه وحج عن غيره؟ فهناك رجلٌ اعتمر في أَشْهُر الحج ولم يخرج مِن الحرم، ثم أَحْرَم بالحج نيابةً عن ميت، هل هذا تَمَتُّع؟ وهل يجب عليه هدْيُ تَمَتُّع؟ ومَن الذي يجب عليه الهدي في هذه الصورة؟
تقول السائلة: هل يجوز لي السفر للحج أو العمرة بصحبة ابن زوجي، وهل يُعَدّ مَحرَمًا لي؟