حكم المشاركة في التحديات والألعاب العنيفة

تاريخ الفتوى: 27 مايو 2023 م
رقم الفتوى: 7687
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
حكم المشاركة في التحديات والألعاب العنيفة

ما حكم المشاركة في التحديات والألعاب -غير الإلكترونية- العنيفة؟ حيث انتشرت في الآونة الأخيرة عدد من التحديات والألعاب الخطيرة بين طائفة من الأطفال والشباب، ومنها دَفْعُ عدد من الأطفال صديقَهم إلى الأعلى ثم تركه ليقع على الأرض، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى حدوث ضرر بالغ قد يصل إلى الوفاة، فما حكم الشرع في المشاركة في تلك التحديات والألعاب؟

لا تجوز المشاركة في التحديات والألعاب العنيفة على النحو المذكور في السؤال؛ لما يترتب عليها من إلحاق الضرر بالنفس أو الغير، فإن أُدِّيت تلك الألعاب داخل إطار الجهات المعنية أو الاتحادات الوطنية المنظمة للألعاب الرياضية أو لدى المدربين المعتمدين والمتخصصين -أُبِيحَت حينئذٍ، مع مراعاة معايير السلامة والوقاية والإجراءات المقررة واللوائح والقوانين المنظمة لذلك.

المحتويات

 

حفظ النفس الإنسانية من مقاصد الشريعة الإسلامية

من الضروريات التي أمر الشرع الشريف بالمحافظة عليها والعناية بها حفظُ النفس الإنسانية بما يشمل حفظ الجسد علاجًا ووقاية وترقية.

يقول الإمام الغزالي في "المستصفى" (ص: 174، ط. دار الكتب العلمية): [مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكلُّ ما يتضمَّن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوِّت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة] اهـ.

حث الإسلام على ممارسة الأنشطة الرياضية

قد حثَّ الشرع الشريف على ممارسة الأنشطة الرياضية عمومًا؛ لما لها من فوائد تعود على الإنسان، من تقوية البدن والأعضاء ونحو ذلك؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» رواه ابن ماجه في "سننه".

قال العلامة المُناوي في "فيض القدير" (4/ 327، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«علِّموا أبناءكم السِّباحة» بالكسر: العوم؛ لأنه منجاة من الهلاك، وقيل لأبي هاشم الصوفي: فيم كنت؟ قال: في تعليم ما لا ينسى، وليس لشيء من الحيوان عنه غنى، قيل: ما هو؟ قال: السباحة. وقال عبد الملك للشعبي: عَلِّم ولدي العوم، فإنهم يجدون مَن يكتب عنهم ولا يجدون مَن يسبح عنهم، وقد غرقت سفينة فيها جماعة من قريش، فلم يعطب ممن كان يسبح إلَّا واحدٌ، ولم ينج ممن كان لا يسبح إلَّا واحدٌ، (والرمي) بالسهام ونحوها؛ لما فيه من الدفع عن مهجته وحريمه عند لقاء العدو] اهـ.

حكم ممارسة الألعاب الرياضية

اللعب متى تعلَّقت به عاقبة محمودة؛ من نحو تقوية الذهن والجسد: فهو مباح؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [اللعب إذا تعلَّقت به عاقبة حميدة لا يكون حرامًا] اهـ.

وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنهما: "أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ، وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ" أخرجه الإمام أحمد في "المُسند"، وابن حبَّان في "صحيحه".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَدخلُ علينا ولي أخٌ صغير يُكنَّى أبا عُميرٍ، وكان له نُغَرٌ يلعبُ به فمات، فدَخَلَ عليه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذاتَ يومٍ فرآه حزينًا، فقال: «ما شأنه؟» قالوا: مات نُغَرُه، فقال: «يا أبا عُميرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» متَّفقٌ عليه. والنُّغَرُ: البلبل -طائر يشبه العصفور-.

فهذا الحديث يدلُّ على التَّرخُّص في ممارسة بعض الألعاب بما تحصل به لذَّة الصبي وتشبع غريزته؛ قال الإمام ابن القاصِّ الشافعي في "فوائد حديث أبي عمير" (ص: 16، ط. مكتبة السُّنَّة): [وفيه دليلٌ على الرخصة للوالدين في تخلية الصبي وما يروم من اللعب إذا لم يكن من دواعي الفجور.. وفيه دليلٌ على أنَّ إنفاق المال في ملاعب الصبيان ليس مَن أكل المال بالباطل إذا لم يكن من الملاهي المنهية] اهـ.

غير أنَّ اللعب يكون محظورًا متى كان الغالب فيه العنف؛ إذ الرفق ونبذ العنف هما الأصل في أحكام الشرع الحنيف؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» أخرجه الإمام مسلم.

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (16/ 145، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي هذه الأحاديث: فضل الرِّفق، والحث على التخلُّق -به- وذم العنف] اهـ.

حكم المشاركة في التحديات والألعاب غير الإلكترونية العنيفة

الألعاب والتحديات العنيفة -خاصة إذا أُدِّيت خارج إطار الاتحادات الوطنية المنظمة للألعاب الرياضية- تؤدي غالبًا إلى وقوع الضرر والإيذاء على مَنْ يمارسها، والمسلم مأمورٌ بدفع أسباب الهلاك عن نفسه؛ عملًا بقول الله عزَّ وجلَّ في البيان القرآني الحكيم: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وبحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" أخرجه ابن ماجه في "سننه".

قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (20/ 158، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضرر ولا ضِرَار»؛ فقيل: إنَّهما لفظتان بمعنى واحد، تكلَّم بهما جميعًا على وجه التأكيد، وقال ابن حبيب: الضرر عند أهل العربية: الاسم، والضِّرَار: الفعل، قال: ومعنى «لا ضرر»: لا يدخل على أحد ضرر لم يدخله على نفسه، ومعنى «لا ضِرَار»: لا يضار أحد بأحد] اهـ.

وإنما تكون التحديات والألعاب العنيفة مباحة متى أُدِّيت داخل إطار الاتحادات والجهات الوطنية المنظمة للألعاب الرياضية أو المدربين المعتمدين المتخصصين؛ لأنه يُراعى فيها حينئذٍ المعايير والإجراءات التي تتطلبها السلامة والوقاية من الأخطار البدنية والنفسية التي تشتمل عليها اللعبة، ولما يتعلق بها عندئذٍ من عاقبة محمودة؛ كتعلم الدفاع عن النفس أو التدرب على مجابهة العدو؛ كما يحصل في التدريبات العسكرية في الجيوش النظامية والجهات الأمنية، ونحو ذلك؛ لأن ذلك يُقصد منه التدريب والجرأة على أمور الدفاع والحرب وما يناط من مهامٍ.
قال الإمام العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (1/ 54، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [للوسائل أحكام المقاصد، فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل، والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل] اهـ.

ومقتضى ذلك أن العناية بكلِّ ما فيه قوة وإعداد والتدرب عليه داخلٌ تحت قول الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: 60].

فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، يقول: «﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ﴾، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ» أخرجه مسلم.

جاء في "شرح النووي على مسلم" (13/ 64): [هذا تصريح بتفسيرها.. والمراد بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذق فيه ورياضة الأعضاء بذلك] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فلا تجوز المشاركة في التحديات والألعاب العنيفة على النحو المذكور في السؤال؛ لما يترتب عليها من إلحاق الضرر بالنفس أو الغير، فإن أُدِّيت تلك الألعاب داخل إطار الجهات المعنية أو الاتحادات الوطنية المنظمة للألعاب الرياضية أو لدى المدربين المعتمدين والمتخصصين -أُبِيحَت حينئذٍ، مع مراعاة معايير السلامة والوقاية والإجراءات المقررة واللوائح والقوانين المنظمة لذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استخدام الوجوه (الصور) التعبيرية المنتشرة في المحادثات الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية؟


ما المراد بالظن في قوله تعالى: ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾؟ وما معنى كونه إثمًا؟


هل من باب اللياقة والذوق والأدب أن يقف الإنسان في حضرة الإله سبحانه وتعالى لابسًا حذاءه وقت الصلاة، بينما الولد يخفي سيجارته من أبيه عند حضوره؟ أرجو من فضيلتكم إفادتي عن هذا السؤال بالأدلة من السنة الشريفة، ولفضيلتكم وافر شكري سلفًا.


يقول السائل: ما حكم بيع الأسنان المخلوعة لطلاب كلية الطب بقصد التَّعلُّم؟


ما حكم معيشة ولد الزوج مع زوجة أبيه إذا كان يؤذيها؟ فقد توفي زوجي إلى رحمة الله، وهذا الزوج له ابن أتم تعليمه وبلغ سن الرشد، وكان والده قد أوصى بأنه عندما يتم تعليمه ينتقل لشقته حتى لا يكون مصدر خطر دائم، وكان يعيش معي في شقة الزوجية حال حياة والده، واستمر ذلك بعد وفاته إلى أن أتم تعليمه وبلغ سن الرشد، وحفاظًا مني على المودة والرحمة بالولد وبأسرة زوجي فقد عملت على خدمة هذا الولد بكل ما أستطيع، إلا أن هذا الولد فاسق بكل المعايير ويقوم بتوجيه ألفاظ نابية إليَّ، وحيائي يمنعني من ذكرها، وهي ألفاظ يندى لها الجبين لا تأتي إلا من مختل عقليًّا، علمًا بأنني أتلو كتاب الله دائمًا وأتدبر معانيه العظيمة، وحافظة جدًّا لحدود الله، وهذا الولد لا يقرأ القرآن ولا يستمع إليه، وحالته هذه كما كانت أيام حياة أبيه، وحاول الأب حال حياته بكل الأساليب التربوية أن يصلح من شأنه إلا أن الولد ظل كما هو حتى توفي والده، والآن أنا أواجَه بسوء سلوكه وعدم احترامه لي، وكان دائم الإساءة لفظًا وضربًا للشغالة وهي خرساء صماء، وخشية عليها وحتى لا تقع كارثة في بيتنا اضطررت أن أسلمها إلى أهلها، وأنا لا أرغب في العداء بحكم أنه نجل زوجي. فماذا أفعل وهو يرفض ترك شقة الزوجية -علمًا بأنها ملك لي- ومقيم معي بطريق البلطجة؟


هل ورد في نصوص الشرع ما يدل على أن الأنبياء أحياء في قبورهم؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31