نرجو منكم بيان بعض فضائل الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.
ورد في كتب السنة -التي تلقتها الأمة بالقبول على مدى تاريخها الحافل، وبنى عليها العلماء فهمَهم لدين الإسلام- أبوابٌ عَقَدَها أهل العلم في فضائل الصحابة عامة وفي فضائل بعض الصحابة خاصة، منها ما ورد في "سنن الترمذي" عن فضائل أبي هريرة رضي الله عنه: أَتَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم بتَمَراتٍ، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، ادعُ اللهَ فيهِنَّ بالبَرَكةِ. فضَمَّهنَّ ثُم دَعا لِي فيهنَّ بالبَرَكةِ فقال لي: «خُذهنَّ، واجعَلهنَّ في مِزوَدِكَ هذا -أو في هذا المِزوَدِ-؛ كلما أَرَدتَ أَن تَأخُذَ مِنه شيئًا فأَدخِل فيه يَدَكَ فخُذهُ، ولا تَنثُرهُ نَثرًا»، فقد حَمَلتُ مِن ذلكَ التَّمرِ كذا وكذا مِن وَسقٍ في سَبِيلِ اللهِ، فكُنَّا نَأكُلُ مِنه ونُطعِمُ، وكان لا يُفارِقُ حقوي، حتى كان يَومُ قَتلِ عُثمانَ رضي الله عنه فإنَّه انقَطَعَ. قال الإمام الترمذي: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وفيه أيضًا: جاء رَجُلٌ إلى طَلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رضي الله عنه فقال: يا أبا محمدٍ، أَرَأَيتَ هذا اليَمانِيَ -يَعنِي أبا هُرَيرةَ رضي الله عنه-، هو أَعلَم بحَدِيثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنكم، نَسمَعُ مِنه ما لا نَسمَعُ مِنكم -أو: يَقُولُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يَقُل-؟ قال: أَمَّا أَن يَكُونَ سَمِعَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ما لم نَسمَع، فلا أَشُكُّ إلا أَنَّه سَمِعَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ما لم نَسمَع؛ وذاكَ أَنَّه كان مِسكِينًا لا شَيءَ له، ضَيفًا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، يَدُه مع يَدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وكُنَّا نحن أَهلَ بُيُوتاتٍ وغِنًى، وكُنَّا نأتِي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم طَرَفَيِ النَّهارِ، فلا نَشُكُّ إلا أَنَّه سَمِعَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ما لم نَسمَع، ولا نَجِدُ أَحَدًا فيه خَيرٌ يَقُولُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يَقُل. قال الإمام الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وفيه أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لأبي هريرة رضي الله عنه: يا أبا هريرة، أنت كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحفظنا لحديثه.. قال الإمام الترمذي: هذا حديث حسن.
وفيه كذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها. قال: «ابْسُطْ رِدَاءَكَ»، فبسطتُ، فحدث حديثًا كثيرًا فما نسيت شيئًا حدثني به. قال الإمام الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفي "تحفة الأحوذي" (1/ 28-29، ط. دار الكتب العلمية): [قال صاحب "السعاية في شرح الوقاية" -وهو من علماء الحنفية- ما لفظه: كون أبي هريرة رضي الله عنه غير فقيه غير صحيح، بل الصحيح أنه من الفقهاء الذين كانوا يفتون في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما صرح به العلامة ابن الهمام في "تحرير الأصول"، والإمام ابن حجر في "الإصابة في تمييز الصحابة" انتهى. وفي بعض حواشي "نور الأنوار": أن أبا هريرة رضي الله عنه كان فقيهًا؛ صرح به العلامة ابن الهمام في "التحرير"، كيف وهو لا يعمل بفتوى غيره، وكان يفتي بزمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وكان يعارض أجِلَّةَ الصحابة رضي الله عنهم كابن عباس رضي الله عنهما؛ فإنه قال: إن عدة الحامل المتوفَّى عنها زوجها أبعد الأجلين، فرده أبو هريرة رضي الله عنه وأفتى بأن عدتها وضع الحمل، كذا قيل. انتهى. قلت: كان أبو هريرة رضي الله عنه من فقهاء الصحابة رضي الله عنهم ومن كبار أئمة الفتوى، قال الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ": أبو هريرة الدوسي اليماني رضي الله عنه الحافظ الفقيه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من أوعية العلم ومن كبار أئمة الفتوى مع الجلالة والعبادة والتواضع. انتهى. وقال الشيخ ابن القيم في "إعلام الموقعين": ثم قام بالفتوى بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بَرْكُ الإسلام وعِصابة الإيمان وعسكر القرآن وجند الرحمن، أولئك أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا بين مكثر منها ومقلٍّ ومتوسط، وكان المكثرون منهم سبعةً: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، والمتوسطون منهم فيما روي عنهم من الفتيا: أبو بكر الصديق، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة رضي الله عنهم ..إلخ. فلا شك في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان فقيهًا من فقهاء الصحابة ومن كبار أئمة الفتوى] اهـ.
وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة صاحب "الصحيح": [وإنما يَتَكلَّم في أبي هريرة رضي الله عنه لدفع أخباره مَن قد أعمى الله قلوبهم فلا يفهمون معاني الأخبار؛ إما معطِّل جهمي يسمع أخباره التي يرونها خلاف مذهبهم الذي هو كفر، فيشتمون أبا هريرة رضي الله عنه، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه تمويهًا على الرِّعاءِ والسَّفِلِ أن أخباره لا تثبت بها الحجة، وإما خارجي يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يرى طاعة خليفة ولا إمام، إذا سمع أخبار أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلاف مذهبهم الذي هو ضلال، لم يجد حيلة في دفع أخباره بحجة وبرهان، كان مفزعه الوقيعة في أبي هريرة رضي الله عنه، أو قدري اعتزل الإسلام وأهله، وكفَّر أهل الإسلام الذين يتبعون الأقدار الماضية التي قدرها الله تعالى وقضاها قبل كسب العباد لها، إذا نظر إلى أخبار أبي هريرة التي قد رواها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إثبات القدر لم يجد بحجة يريد صحة مقالته التي هي كفر وشرك، كانت حجته عند نفسه أن أخبار أبي هريرة رضي الله عنه لا يجوز الاحتجاج بها، أو جاهل يتعاطى الفقه ويطلبه من غير مظانه إذا سمع أخبار أبي هريرة رضي الله عنه فيما يخالف مذهب مَن قد اجتبى مذهبه وأخباره تقليدًا بلا حجة ولا برهان تكلم في أبي هريرة رضي الله عنه ودفع أخباره التي تخالف مذهبه، ويحتج بأخباره على مخالفته إذا كانت أخباره موافقة لمذهبه، وقد أنكر بعض هذه الفرق على أبي هريرة رضي الله عنه أخبارًا لم يفهموا معناها] اهـ. نقله عنه الحاكم في "المستدرك" (3/ 586، دار الكتب العلمية). ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما فضل محبة النبي عليه الصلاة والسلام؟ حيث أجد نفسي دائمًا مشتاقًا لسماع اسم رسول الله عليه السلام ومدحه؛ حبًّا له وتعلقًا به عليه الصلاة والسلام؛ فهل ذلك موافق لما ورد في الشرع؟ أفيدونا أفادكم الله.
ما حكم ضرب المدرسين للتلاميذ بالمدارس؟ حيث يقول السائل: أرجو من فضيلتكم التكرم ببيان الحكم الشرعي العام لضرب المدرسين والمدرسات التلاميذ بالمدارس سواء العامة أو الأزهرية، مع رجاء تكرم فضيلتكم ببيان تفصيل الحكم الشرعي بالنسبة للأحوال التالية:
أولًا: الطالب أو الطالبة في المرحلة الابتدائية، سواء كان خطأ الطالب من الناحية العلمية الدراسية في العلوم العامة أو الشرعية؛ مثل عدم عمل الواجبات، أو ضعف الدرجات الدراسية، أو من الناحية السلوكية؛ مثل تصرف الطالب أو الطالبة بأسلوب خطأ أو غير لائق في التعامل مع زملائه أو مدرسيه أو في الحديث معهم.
ثانيًا: الطالب أو الطالبة في المرحلة الإعدادية؛ حيث يغلب أن يكون البلوغ في هذه المرحلة أي بداية سن المراهقة حسبما يطلق عليه الآن بناءً على التفصيل المشابه لِمَا ذُكِر بالبند أولًا.
ثالثًا: الطالب أو الطالبة في المرحلة الثانوية؛ حيث تزايدت تغيرات الجسم واتقدت المشاعر والانفعالات مع تفصيل مشابه أيضا لِمَا سبق ذكرُه.
ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.
سائل يقول: توفي والدي رحمه الله في يونيه 1998م، ووالدتي موجودة، ونحن خمسة أشقاء: ثلاثة ذكور وبنتان والكل متزوج، وقبل وفاة والدي بعشر سنوات أو أكثر سجل ووثق قطعة أرض بناء لكل من شقيقتي، لكل واحدة قيراط وثلث مبانٍ، وقام أزواجهما بالبناء، وفي مارس 2003م توفيت شقيقتي وتركت طفلتين، وبعد أقل من عام من وفاتها فوجئنا بأن الشقيق الثاني قام بسلب نصف منزل شقيقتي المتوفاة، وذلك بطريقة لا أخلاقية، وقام بتسجيل نصف المنزل باسمه، وهو الآن في نزاع بينه وبين زوج شقيقتي المتوفاة.
القضية في المحكمة الآن، وقام بحصر التركة بدون معرفة أمه وأشقائه، وقال: إن كل ما فعلته مثل القرآن بل أفضل، فأنا دارس للشريعة والقانون، واستطرد محذرًا: لو تم الطعن فيما فعلته سيكون مصير من يفعل ذلك السجن لسنوات لا يعلم مداها أي إنسان.
إن كل ما عمله هذا الشقيق لم يرض أمه أو أشقاءه، والأم تتمنى له الموت أو الهداية، وقد أساء سمعتنا في القرية. فهل نسكت ويضيع حق الطفلتين اليتيمتين بنتَي أختي؟ أم يسجن الأخ الشارد؟
ما مدى جواز اعتبار ما يُقَدَّم من تبرعات عينية ومادية لإرسالها إلى إخواننا في فلسطين من مصارف الزكاة؟
ما معنى الاستئناس في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾؟