نرجو منكم بيان المراد من قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ وما الغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان؟ ومدى شمولية العبادة للعمل وطلب الرزق.
المحتويات
شأن المسلم أن يكون في عبادة الله تعالى في جميع شؤونه وأحواله؛ يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
قال الإمام الثعالبي في "الجواهر الحسان في تفسير القرآن" (5/ 306، ط. دار إحياء التراث العربي): [المعنى: ما خلقت الجن والإنس إلَّا لآمرهم بعبادتي، وليقرُّوا لي بالعبودِيَّةِ] اهـ.
وقال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 425، ط. دار طيبة): [ومعنى الآية: أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم] اهـ.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ» أخرجه الترمذي في "جامعه".
قال الإمام المُظْهِري الحنفي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (5/ 281، ط. دار النوادر): [قوله: "«وَإِلَّا تَفْعَلْ»، يعني: وإن لا تفعل ما أمرتك من الإعراض عن الدنيا، والاشتغال بطاعتي «مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا»، أي: كثَّرتُ شغلك الدنيويَّ، فتُتعب نفسك بالشغل وكثرة التردُّد في طلب المال والغنى، ولا يحصل لك الغنى، فتُجعل محرومًا من ثوابي، ولا يحصل لك من الرزق إلا ما قدَّرت لك] اهـ.
العبادة في الإسلام تشمل كلَّ ما يصدر عن المكلف من قول أو عمل أو اعتقاد، وذلك على حسب ما يحبه الله ويرضاه؛ يقول تعالى -في شأن المؤمنين-: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].
يقول الشيخ ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 120-121، ط. دار الكتاب العربي): [وبُنَى ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه، من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح.
فالعبودية: اسم جامع لهذه المراتب الأربع، فأصحاب ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ حقًّا هم أصحابها.
- فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله.
- وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدعوة إليه، والذب عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة له، والقيام بذكره، وتبليغ أوامره.
- وعمل القلب: كالمحبة له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والخوف منه والرجاء له، وإخلاص الدِّين له، والصبر على أوامره، وعن نواهيه، وعلى أقداره، والرضا به وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذل له والخضوع، والإخبات إليه، والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فَرْضُها أفرض من أعمال الجوارح، ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.
- وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات، ومساعدة العاجز، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك.. والله تعالى جعل العبودية وَصْفَ أَكْمَلِ خلقه، وأقربهم إليه] اهـ.
وإذا أمعنَّا النظر في نصوص الشرع الشريف لوجدنا أن الإسلام قد جعل العمل والسعي في طلب الرزق وتعمير الكون من العبادات التي يثاب عليها الإنسان، فالشرع الشريف يحث الإنسان على العمل والاجتهاد في كسب الرزق الحلال الطيب؛ يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
قال العلامة النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 514، ط. دار الكلم الطيب): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها، ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوانبها استدلالًا واسترزاقًا، أو جبالها، أو طرقها، ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي: من رزق الله فيها، ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ أي: وإليه نشوركم، فهو سائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم] اهـ. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ ما يفيد أن من خصائص الأمة المحمدية أنهم شهداء الله في أرضه؛ فما المراد بهذه الشهادة؟ وهل هي من خصائص الأمة المحمدية؟
ما المراد بالإرجاف الوارد في قوله تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾؟ مع بيان حكمه؟
ما حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه؟ فهناك شخصٌ يُصَوِّر بعضَ المنتَجات بالمحلات بعد إذن أصحابها مِن التُّجَّار، ثم يَعرِضُها على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، مُشيرًا إلى أنه سيُوَفِّرُها حسب الطلب، فإذا طلب المنتَجَ أحدُ المتابعين لصفحاته، فإن هذا الشخص المُعلِن يشتري المنتَجَ المطلوب مِن التاجر صاحب المحل الذي سَبَق أنْ أَذِنَ له بعَرْض مُنتَجه، ثم يبيعه للشخص الذي طلبه مِن خلال صفحته بزيادة عن السعر الذي اشتراه به من المحل، على أن يتم دفع ثمن السلعة عند الاستلام، فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم مقولة: "العمل عبادة"؟ فنحن مجموعة من الأصدقاء حديثي التخرج في الجامعة، وكنا في رحلة للترفيه عن أنفسنا بمناسبة انتهاء الدراسة الجامعية، فَقَابَلَنَا رجل كبير في طريقنا للرحلة، وتحدث معنا ونصحنا بالبحث عن العمل من الآن، وعدم الاعتماد على الأهل في الإنفاق علينا، وقال لنا جملة لا ندري هل هي صحيحة شرعًا أم لا، وهي: «العمل عبادة».
ما حكم تأجيل العمل وقت الدوام ليكون عملًا إضافيًّا بعد انتهاء وقته؟ فأنا أعمل في شركة ما وأجد بعض الزملاء يؤجلون بعض الأعمال إلى وقت الساعات الإضافية بدون سبب من أجل الحصول على مقابل مالي لذلك، فما رأي الشرع في هذا التصرف؟
ما المقصود من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [الحج: 125]؟