بيان معنى شهادة الأمة المحمدية على غيرها في قوله تعالى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾

تاريخ الفتوى: 22 أكتوبر 2023 م
رقم الفتوى: 8057
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: المجتمع
بيان معنى شهادة الأمة المحمدية على غيرها في قوله تعالى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾

سائل يقول: ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ ما يفيد أن من خصائص الأمة المحمدية أنهم شهداء الله في أرضه؛ فما المراد بهذه الشهادة؟ وهل هي من خصائص الأمة المحمدية؟

خَصَّ اللهُ تعالى الأمةَ المحمديةَ بجملةٍ مِن الخصائص، وشَرَّفها بمزيدٍ مِن المزايا والفضائل، فمنها ما انفَرَدَت به عن غيرها مِن الأمم السابقة، ومنها ما شارَكَها فيه غيرُها، وتميَّزَت عنهم فيه بالكمال والتمام، ومِن جملة ما اختَصَّ اللهُ به هذه الأمةَ دون غيرها مِن الأمم السابقة: أنهم شهداء الله في أرضه، فقال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]، وقال سبحانه: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج: 78].

والشهادة المخصوصة بها الأمةُ المحمدية: شهادتان: تتحقق الأُولى منهما في الآخرة بشهادة الأمة المحمدية على غيرها مِن الأمم السابقة بتبليغ أنبيائهم لهم، والأصل في ذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا»، وَالوَسَطُ: العَدْلُ. أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وتتحقق الثانية في الحياة الدنيا بشهادة الناس بعضِهم على بعضٍ بالخير أو بالشَّرِّ عند الموت، والأصل في ذلك ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: مُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها خيرًا، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»، ومُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها شرًّا، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»، قال عمر رضي الله عنه: فدى لك أبي وأمي، مُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها خيرٌ، فقلتَ: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»، ومُرَّ بجنازة، فأُثْنِيَ عليها شَرٌّ، فقلتَ: «وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ»؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ» أخرجه الشيخان.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَهْلِ أَبْيَاتِ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا، إِلَّا قَالَ اللهُ تَعَالَى وَتَبَارَكَ: قَدْ قَبِلْتُ قَوْلَكُمْ -أَوْ قَالَ: شَهَادَتَكُمْ-، وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو يعلى في "المعجم"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

وقد سَخَّر اللهُ سبحانه وتعالى ملائكةً تَنْطِقُ على أَلْسِنَةِ الخَلْق بما في المَرْءِ مِن خيرٍ أو شَرٍّ، كما في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِلهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك" وصححه.

وأحاديث الباب كثيرةٌ، حتى بَوَّب الأئمةُ الحُفَّاظ في كُتُبهم أبوابًا مخصوصة لذلك، فبَوَّب الإمامُ البخاري: (بَاب ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى المَيِّتِ)، وبَوَّب الإمامُ مسلم: (بَاب فِيمَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ مِنَ الْمَوْتَى)، وبَوَّب الإمامُ ابن حبان: باب (ذِكْر مَغْفِرَةِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَ مَنْ شَهِدَ لَهُ جِيرَانُهُ بِالْخَيْرِ وَإِنْ عَلِمَ اللهُ مِنْهُ بِخِلَافِهِ)، وباب (ذِكْر إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ النَّاسُ بِالْخَيْرِ إِذْ هُمْ شُهُودُ اللهِ فِي الْأَرْضِ). ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم. 

سائل يقول: ما المراد من لفظة "الرسل" في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61]؟


ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟ حيث يتداول بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات التهنئة بالعام الهجري الجديد، فهل التهنئة بالعام الهجري الجديد جائزةٌ شرعًا؟


ما حكم تأخير حج الفريضة بعد الاستطاعة لرعاية الأم المريضة؟ فهناك شخصٌ أكرَمَه اللهُ تعالى بالقدرة المالية والبدنية على أداء فريضة الحج، لكن أمه مريضة ولا يقدر على تركها، حيث يقوم على خدمتها ورعايتها، وليس لها غيره يرعاها ويقوم على شؤونها في هذا الوقت، فهل يجوز له تأخير الحج إلى العام القادم أو إلى تمام شفائها ثم يَحُجُّ؟


ما حكم حمل الناس في سيارة لزيارة قبر السيدة آمنة وأخذ الأجرة على ذلك؟ حيث إن زوجي يملك سيارة أجرة، ويقوم بحمل الزوَّار لزيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب أم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويأخذ مقابل ذلك أجرة مالية يشترطها قبل إركاب الزائرين والحجاج والعمَّار معه، أو يتفق مع المسؤول عن حَمْلَةِ من يقومون بالمناسك على ذلك، فهل عمله ذلك جائز شرعًا؟ وهل ما يأخذه من أجرة تجوز له؟


سائل يقول: أرجو من فضيلتكم بيان أهم الآداب التي يستحب للإنسان أن يراعيها عند دخول مكة المكرمة.


ما حكم دفع الزكاة لدار الايتام من أجل كفالة طفل؟ فأنا أتبرع لإحدى دور الرعاية بهدف كفالة طفل من الأيتام أو فاقدي الرعاية الأبوية ممن ترعاهم الجمعية. فهل يجوز تخصيص هذا المبلغ من زكاة المال؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :18
الشروق
6 :44
الظهر
12 : 47
العصر
4:13
المغرب
6 : 49
العشاء
8 :6