ما حكم من تيمم في الحضر عند انقطاع الماء، ثم جاء الماء بعد انتهائه من الصلاة وقبل خروج وقت الصلاة؟ هل يعيد صلاته أو لا؟
يُشرع للمقيم في الحضر أن يتيمم متى تيقن أنه لا يجد ماءً للتطهر به على مسافةٍ يمكنه الوصول إليها بلا مشقةٍ تَلحقُه أو حرجٍ يَقع فيه، فإذا تيمم ثم وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة لم يبطل تيممه، وتجزئه صلاته ولو لم يخرج وقتُها على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة.
المحتويات
ذهب جمهور العلماء مِن الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية والحنابلة إلى أنه يُشرَع للمسلم المقيم في الحضر التيممُ عند فَقْد الماء أو انقطاعه، وذلك متى تَيَقَّن أنه لا يجد ماءً للتطهر به على مسافةٍ يُمكنه الوصول إليها مِن غير مشقةٍ تَلْحَقُه أو حرجٍ يقع فيه -على اختلاف بينهم في تقدير تلك المسافة، واختلافُهم هذا لا يرجع إلى المسافة ذاتها، وإنما المقصود منه وَضْعُ ضابطِ رَفْعِ المشقة ودَفْعُ الحرج الذي يَلحق المكلَّف بطلبه الماءَ فوق هذه المسافة-، وسواء كان فَقْده للماء حقيقةً بعدم وجود الماء، أو حُكْمًا بكون الماء الموجود لا يكفي للطهارة، أو كان لا يستطيع استعمال الماء لمرضٍ أو نحوه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: 43]، وإنما ذكر السفرُ في الآية الكريمة دون الحضر خروجًا مخرج الغالب. ينظر: "تبيين الحقائق" للإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي (1/ 37، ط. الأميرية، مع "حاشية الإمام الشِّلْبِي")، و"العناية شرح الهداية" للإمام أكمل الدين البَابَرْتِي الحنفي (1/ 122، ط. دار الفكر)، و"المقدمات الممهدات" للإمام أبي الوليد ابن رشد المالكي (1/ 112-118، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"نهاية المطلب" لإمام الحرمين الجُوَيْنِي الشافعي (1/ 186، ط. دار المنهاج)، و"البيان" للإمام العِمْرَانِي الشافعي (1/ 286، ط. دار المنهاج)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 172، ط. مكتبة القاهرة).
إذا وجد المتيممُ الماءَ بعد أداءِ الصَّلاة، فتجزِئه صلاته التي أداها، ولا يُعيدها؛ لأنه أتى بما أُمر به حال فقده الماءَ وهو الصلاة بالتيمم، وقد تمت الصلاة على الوجه المأمور به، فخرج المصلي من العهدة، وسقطت عنه المطالبة بالفرض، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفيَّة والمالكيَّة والحنابلة.
واستدلوا على ذلك بما جاء عن أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا، فَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ، وَلَمْ يُعِدِ الْآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ»، وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: «لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ» أخرجه الأئمة: أبو داود والنسائي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط الشيخين، ولَفْظ الإمام النَّسَائِي: وَقَالَ لِلْآخَرِ: «أَمَّا أَنْتَ فَلَكَ مِثْلُ سَهْمِ جَمْعٍ».
فأفاد الحديثُ أن إعادة الصلاة للمتيمم ليست واجبة؛ إذ لو كانت واجبةً لأَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الصحابيَّ الذي لم يُعد الصلاة التي فرغ منها قبل وجود الماء بإعادتها، بل أخبره صلى الله عليه وآله وسلم أن صلاته مجزئةٌ له.
قال الإمام مجد الدين ابن مَوْدُود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 21، ط. الحلبي): [(ولو صلى بالتيمم ثم وجد الماء لم يُعِدْ) لأنه أتى بما أُمِرَ به وهو الصلاة بالتيمم، فخرج عن العهدة] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القَيْرَوَانِي المالكي في "الرسالة" (ص: 22، ط. دار الفكر): [وإذا لم يجد الجنب أو الحائض الماء للطهر تَيَمَّمَا وصَلَّيَا، فإذا وَجَدَا الماء تَطَهَّرَا ولم يُعِيدَا ما صَلَّيَا] اهـ.
قال العلامة الآبي المالكي في "الثمر الداني" (ص: 80، ط. المكتبة الثقافية) شارحًا: [(فإذا وَجَدَا الماء تَطَهَّرَا ولم يُعِيدَا ما صَلَّيَا) لأن صلاتهما وقَعَت على الوجه المأمور به، وظاهر كلامه: وَجَدَاه في الوقت أو بَعده] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين ابن قُدَامَة الحنبلي في "الشرح الكبير" (1/ 276، ط. دار الكتاب العربي): [(فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه) ولا تجب عليه الإعادة، سواء وجد الماء في الوقت أو لم يجد.. ولأنه أتى بما أُمِرَ في حال العذر فلم تجب عليه الإعادة بزوال العذر] اهـ.
وذهب فقهاء الشافعية إلى أن مَن تيمم في الحضر أعاد صلاته إذا وجد الماء بعد فراغه مِن الصلاة؛ لأن عدم وجود الماء في الحضر عذرٌ نادرٌ حدوثُه ولا يَدُوم، فلم يسقط معه فرضُ الإعادة.
قال الإمام أبو إسحاق الشِّيرَازِي الشافعي في "المهذب" (1/ 74، ط. دار الكتب العلمية): [وإن رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة نظرت، فإن كان في الحضر أعاد الصلاة؛ لأن عدم الماء في الحضر عذرٌ نادرٌ غير مُتَّصِلٍ، فلم يسقط معه فرض الإعادة، كما لو صلى بنجاسةٍ نَسِيَهَا] اهـ.
بناءً على ما سبق: فإنه يُشرع للمقيم في الحضر أنْ يتيمم متى تيقن أنه لا يجد ماءً للتطهر به على مسافةٍ يمكنه الوصول إليها بلا مشقةٍ تَلحقُه أو حرجٍ يَقع فيه، فإذا تيمم ثم وجد الماءَ بعد الفراغ من الصلاة لم يبطل تيممه، وتجزئه صلاته ولو لم يخرج وقتُها على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ختم القرآن الكريم كله في صلاة التراويح؟
ما حكم تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لاجتماع المصلين؟ فرجل سأل في تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها؛ لأجل اجتماع المصلين، والقرية لم يكن بها إلا جامعٌ واحدٌ، فهل يجوز تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لاجتماع المصلين أم لا؟ أفيدونا مأجورين ولفضيلتكم الثواب من الكريم الوهاب.
ما حكم قراءة القرآن قبل الجمعة والأذان الثاني؟ فقد اختلطت الأمور علينا بين ما تقوم به المساجد التابعة لإدارة الأوقاف والمساجد التي تتولاها الجماعات الإسلامية من إقامة الشعائر لصلاة الجمعة من تلاوة القرآن قبل الصلاة والأذان الثاني، وزاد الخلاف بين رواد المساجد ومن يمثل هذه الجماعات. أرجو من السادة علماء الدين والقائمين على الفتوى الفَصْلَ بشكل واضح بين الحلال والحرام في إقامة شعائر صلاة الجمعة والأذان الثاني حتى تتضحَ الأمورُ ونُنْهِيَ الخلاف.
هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟ فكنت أعمل في إحدى الدول العربية، وفي إحدى المرات دار نقاش بيني وبين بعض أهل البلد التي كنت أعمل بها حول بعض الأمور الدينية، ومنها حكم أكل لحوم الإبل للمتوضئ، وأن بعض أهل هذه البلدة عندهم قناعة بأن أكل رقبة الإبل حرام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع رجله الشريفة عليها. أرجو توضيح الحكم الشرعي في هذه الأمور للأهمية.
ما حكم الإيماء بالسجود عند الزحام الشديد؟ حيث دخلتُ لأداء صلاة الجمعة بأحد مساجد القاهرة الكبرى، واشتد الزحام في المسجد، وعند السجود في الصلاة لم أستطع وضع جبهتي على الأرض بسبب هذا الزحام وامتلاء المسجد بالمصلين، فأومأت برأسي قدر الإمكان. فهل صلاتي صحيحة شرعًا؟ وهل يجب عليَّ إعادتها؟