ما حكم لف المُحرِم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات؟ فأنا أحتاج لاستعمال رباط ضاغط للفخذ؛ لحماية الفخذين من التسلخ الناتج عن المشي، فأرجو منكم بيان الحكم الشرعي في استعمال هذا الرباط أثناء الإحرام.
لا حرج على السَّائل في استعمالِ الرباط الضَّاغِط؛ لحماية الفخِذ من التسلخاتِ أثناء الإحرام؛ للحاجة، ولأنَّ الممنوع هو لبسُ المخيط على جهةِ المُعتاد، وهذا الرباط ليس مِن قبيل ذلك.
المحتويات
من المقرَّر أن المكلَّف إذا أحرَم بالنُّسكِ فإنه يحرُم عليه شرعًا أن يستر جسمَه كلَّه أو بعضه أو عضوًا منه بشيء من اللِّباس المخيط المُحيط، وإنما يجوز له أن يستر جسمَه بما سوى ذلك؛ فيلبس رداءً يلفُّه على نصفه العلويّ، وإزارًا يلفه على باقي جسمه.
والأصلُ في ذلك: ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يلبس المحرِمُ من الثياب؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ» متفق عليه.
أمَّا استعمالُ الرجل المُحرِم رباطًا ضاغطًا للفخِذ بهدف الحماية من التسلُّخ الناتِج عن المشي -وهو المسؤولُ عنه- فلا مانع من ذلك شرعًا؛ للحاجة إليه، ولأنَّ الممنوع هو لبسُ المخيط على جهةِ المُعتاد، والمقصود بذلك أن يكون المَلبوس مُحِيطًا مُفَصَّلًا على العُضو؛ إذ العِلَّة في التحريم مَنْعُ الرفاهية باللباس، وهذا الرباط ليس مِن قبيل ذلك؛ فالرباط أو الضِّمادة (Bandage) تُعرف طبيًّا بأنها: شريطٌ مِن الشَّاش أو غيره، يُستعمل للفِّ جزء مِن الجسم أو ربْطِهِ، والرباط الضاغط (Pressure): هو المُستعمل للضَّغطِ على ما تحته. ينظر: "معجم المصطلحات الطبية" (1/ 73، ط. مجمع اللغة العربية-القاهرة).
قد تواردت نصوصُ فقهاء المذاهب المتبوعة على أن المقصود من لبس المخيط هو أن يكون على جهةِ المُعتاد بأن يكون المَلبوس مُحِيطًا مُفَصَّلًا على العُضو؛ إذ العِلَّة في التحريم مَنْعُ الرفاهية باللباس.
قال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 446، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل أن المُحْرِم ممنوعٌ عن لبس المخيط على وجه المعتاد حتى لو اتزر بالسراويل وارتدى بالقميص إذا فسخ به فلا بأس به؛ لأنَّ المنع عن لبس المخيط في حقِّ المُحْرِم لما فيه من معنى الترفيه، وذلك في اللبس المعتاد لا في غيره؛ لأنَّ غير المعتاد يحتاج إلى تكلفِ حفظه عند استعماله كما يحتاج إلى تكلفِ حفظ الأزرار، ويكره له أن يزر ليس أن يعقده على إزاره بحبل أو نحوه؛ لأنه لا يحتاج في حفظه إلى تكلف، فيشبه المخيط، مع هذا لو فعل لا شيء عليه؛ لأن الُمحَرَّم عليه لبس المخيط ولم يوجد] اهـ.
وقال العلامة ابنُ عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 489، ط. دار الفكر): [الممنوعُ عنه: لبس المخيطِ اللُّبس المعتاد] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين ابنُ عسكر البغدادي المالكي في "إرشاد السالك" (ص: 46، ط. الحلبي): [تلزم المحرمَ الفديةُ بلبس المخيط لبسًا معتادًا؛ ولو بإدخالِ كتفيه القَبَاء] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 303، ط. دار الغرب الإسلامي) في بيان أنواع المحظورات في الإحرام: [لُبس المخيط، وليس المراد خصوص المخيط بل ما أوجب رفاهية للجسد كان مخيطًا أو محيطًا] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 505، ط. دار الكتاب الإسلامي): [الاعتبار في كلِّ ملبوس بما يُعتاد؛ إذ به يحصل الترفُّه] اهـ.
وقال الإمام ابنُ قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 257، ط. مكتبة القاهرة): [المحرم ممنوعٌ من لُبس المخيط في شيء مِن بدنِهِ، يعني بذلك: ما يُخاط على قدْرِ الملبُوس عليه، كالقميص والسَّراويل] اهـ.
فأفادت هذه النقول أنَّ الممنوع على المحرم الذي تجب به الفدية هو لُبس المخيط المحيط الملبوس على الهيئة المعتادة وتحصل به الرفاهية، والرباط المسؤول عنه ليس مما يُلبس على هذه الهيئة.
ويعضد ذلك ما ورد أنَّ ابن جريج سأل ابن عمر رضي الله عنهما عند إهلاله، فقال: رأيتُك تصنع أربعًا لم أر أحدًا مِن أصحابك يصنعُها، وذكر منها: "رأيتك تلبس النعال السِّبتية"؛ فقال ابن عمر: «رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبس النعل التي ليس فيها شعرٌ ويتوضَّأ فيها»، فأنا أحِبُّ أن ألبسها. متفقٌ عليه.
ووجهُ دلالةِ الخبر على المطلوب: أن السِّبت من لباس أهل الترفُّه والتنعُّم، والأصل في المحرم اجتنابُ ذلك، ولذا اعترض بعضُ الصحابة بأنَّ هذا غير معتاد في الإحرام؛ لأنه ملبوس عرفًا؛ كالثياب، فدلَّ ذلك على جواز لبس المحرِم للرباط الضاغط ونحوه؛ لأنه ليس ملبوسًا عرفًا.
كما أنَّه قد نصَّ فقهاء الشافعية على أن المُحرِم إذا شدَّ خرقة على جراحةٍ كانت به، وكان محلُّ ذلك في غير الرأس فلا شيء عليه، وعلَّلوا ذلك بالفرق بين الشدِّ -كما هو الحاصل في الضِّمادة، ونحوها كالرباط الضاغط- وبين العقد للخِرقة نفسها.
قال الإمام النووي في "المجموع" (7/ 259، ط. دار الفكر): [قال أصحابُنا: لو كان على الُمحرِم جراحةً فشدَّ عليها خِرقة: فإن كانت في غيرِ الرأس فلا فدية، وإن كانت في الرأس لزِمَه الفديةُ؛ لأنه يمنع في الرأس المخيط وغيره، لكن لا إِثم عليه؛ للعُذر] اهـ.
وقال الإمام ابنُ حجر الهيتمي في "الفتاوى الكبرى" (2/ 128، ط. المكتبة الإسلامية): [الفرق بينه وبين العقد أنَّ العقد يصير المعقود مستمسكًا بنفسه، فوجد فيه حقيقةُ الإحاطة الممتنعة، ولا كذلك المشدود عليه خيط؛ لأنه غيرُ مستمسك بنفسه، فلا يُسمى محيطًا، ويؤيِّد ذلك: قولهم يحرُم عليه شقُّ إزاره ولف كلِّ نصف على ساق إن عقَدَه كما في "الروضة" وأصلها] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا حرج على السَّائل في استعمالِ الرباط الضَّاغِط؛ لحماية الفخِذ من التسلخاتِ أثناء الإحرام؛ للحاجة، ولأنَّ الممنوع هو لبسُ المخيط على جهةِ المُعتاد، وهذا الرباط ليس مِن قبيل ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم رمل الرجل والاضطباع في الطواف؟ حيث يوجد رجلٌ عزم على الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله، ويريد أن يعرف حكم الرَّمَلِ والاضطباع في الطواف، وما هي كيفيتهما؟ وهل عليه شيءٌ إذا ترك الاضطباع أو لم يرمُل في الطواف بسبب الزحام أو وجود نساء معه أو ضَعف البِنية أو غير ذلك من الأعذار؟
عندما قمت بالمناسك رأيت في الطواف أن الرجال يسرعون في بعض طوافهم دون النساء؛ فعلمت أن المرأة لا تَرْمُل في الطواف؛ فما الحكمة من عدم إسراع المرأة في طوافها؟
ما مدى إجزاء السعي بين الصفا والمروة إلى انتهاء السياج المخصص لسير العربات؟ فكان هناك رجلٌ يسعى بين الصفا والمروة، وقد لاحَظَ في أثناء سَعْيه أن السياج المخصص لسَيْر العَرَبات ينتهي عند بداية الصعود قبل الوصول إلى حجارة الجَبَلَين الموجودة حاليًّا، فهل يجزئه أن يستدير عند نهاية هذا السياج مستأنفًا الشوط التالي، سواء عند جبل الصفا أو جبل المروة؟
ما حكم ركعتي الطواف؟ فهناك رجلٌ أكرمه الله تعالى بالعمرة، وبعد الانتهاء من الطواف أخبره أحد الأشخاص بأنَّ عليه أنْ يصلي ركعتين مخصوصتين للطواف. فما حكم هاتين الركعتين؟
ما مدى مشروعية التداوي بالحجامة؟ فنظرًا للَّغطِ الشديد الذي نحن فيه فيما يتعلق بالتداوي بالحجامة، ونظرًا لأن هذا النوع من التداوي شاع في الفترة الأخيرة في العالم الغربي والشرقي على السواء، مما يجعلنا نفخر بأن نبينا وحبيبنا وطبيبنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى بهذا النوع من التداوي من 1400 سنة، والذي ينظر إليه العالم الآن ليس فقط بواقع طبي ولكن أيضًا نظرة مستقبلية.
وعليه: فإننا نود أن تفيدنا سيادتكم بالرؤية الإسلامية في موضوع الحجامة.
أولًا: مشروعية التداوي بها، وهل هو تداوٍ أفناه الدهر رغم استخدام الأوروبيين والأمريكان له، أم ما زال قائمًا؟
ثانيًا: هل يفضل أن يجريه العامة أم الأطباء بما لهم من مقدرة على التشخيص وإصابة الداء بالدواء المناسب ومراعاة ظروف التعقيم المناسبة؟
ثالثًا: إذا كان العالم الغربي اهتم بهذا النوع من التداوي وأصبح له مدارسه، وإذا كانت السُّنَّة واضحة فيه، فما هو حكم قيام السلطة في دولة إسلامية باستهجان هذا الأسلوب العلاجي الراقي الذي أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وله قوانينه الحديثة المنظمة لهذا النوع من العلاج؟