ما حكم أخذ ما تركه المستأجر بعد انتهاء عقد الإجارة ومغادرة المكان؟ فهناك إحدى الشركات استأجرَت قطعةَ أرضٍ كمخزنٍ للمعدات والمؤن، وبعد انتهاء مدة الإجارة انصرفت الشركة وغادرت المكان، لكنها تركت بعض الأدوات، ومَضَت مدةٌ ولَمْ تَطلُبها، فهل يجوز لصاحب الأرض أن يأخذها لنفسه؟
إذا كانت الشركة التي استأجرَت قطعةَ الأرض المذكورة مِن صاحبها كمخزنٍ للمعدات والمؤن، قد تَرَكَت بعض الأدوات في المكان عند مغادرته بعد انتهاء مدة الإجارة، وذلك على جهة التخلي والتنازل عن هذه الأدوات عن طِيب نفس مِن أصحابها، لا على سبيل الحفظ والأمانة، بحيث إنهم لَمْ يَطلُبُوها أو يَرجِعُوا ليأخذوها، مع علمهم بأنهم قد تركوها في المكان عند مغادرته، وكان المتعارَف عليه أن يكون مثلُ هذا المتروك مملوكًا لمن تُرِكَ في مِلكه -فإنه يجوز شرعًا لصاحب الأرض أن يأخذَ تلك الأدوات ويتملُّكَها ويَنتَفِعَ بها، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
المحتويات
جعل اللهُ سبحانه وتعالى الرِّضا هو الأصل في التعامل بين الناس فيما يتعلق بالأموال، وما يكون بينهم مِن بيعٍ وشراءٍ، وتجارةٍ، وهبةٍ، وغير ذلك مِن التعاقدات والتعاملات التي لا تستقيم الحياة إلا بها؛ حتى يحصل الأفراد والجماعات على ما يحتاجون إليه مِن المستلزمات الحياتية التي لا غنى للإنسان عنها، وشَرَطَ الرضا في هذه التعاملات حتى يكون كلُّ تعامُلٍ بين الناس عن طِيبِ خاطِر منهم، وإلا كان تَعَدِّيًا على مالِ الآخرين، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
وفي الحديث الشريف عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِي عَنْ عَمِّهِ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أخرجه الأئمة: ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأحمد في "المسند" واللفظ له، والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
إذا ترَك الإنسانُ شيئًا مما يَملِكُ بمحض رضاه وطِيب نفس منه عند مغادرته لأرضٍ أو مكانٍ كان مُستَأجِرًا له مغادرةً نهائية بعدما انتهت مدةُ الإجارة، دون أن يبدي حاجته إليه، أو نيَّته في الرُّجوع لطلبِه بعد مدَّةٍ، ولم يُصرِّح بأنه قد تركه على سبيل الحفظ والأمانة، بما يفيد تنازلَه عن هذا الشيء وإسقاط حيازته له، ورغبَتَه وتَخَلِّيه عنه تخليًا واضحًا عُرفًا، فإنه يُعَدُّ رافعًا يدَه عن الاختصاص به ومِلكيته له، وينقله ذلك مِن المِلكية الخاصَّة إلى جُملةِ السائبات المباحات التي تضبط بما تعارف عليه الناس في هذا الشأن، فإن قضى العرف بأن صاحب الأرض هو الذي يختص بما تركه المستأجر كان له دون غيره رفعًا للمنازعات بين الناس في مثل هذه الحالات، وإلا فلا، وذلك لأن الشرع الشريف قد قرَّر الاعتدادَ بالعُرف في هذه المسألة وجَعَله هو المُعتَبَر، إقامةً له مَقَام الإذن اللفظي، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام الحافظ جلال الدين السُّيُوطِي (ص: 142-143، ط. دار الكتب العلمية).
والدليل على اعتبار الشريعة العُرفَ والرجوعَ إليه في مثل ذلك قولُ الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك" وصحَّحه.
قال الإمام الرُّحَيْبَانِي في "مطالب أُولي النهى" (1/ 351، ط. المكتب الإسلامي): [(قال ابن عقيل: لا ينبغي الخروج مِن عادات الناس) مراعاةً لهم وتأليفًا لقلوبهم (إلا في الحرام إذا) جَرَت عادتُهم بفِعلِه، أو عدمِ المبالاة به، فتجب مخالفتهم، رَضُوا بذلك أو سَخِطُوا] اهـ.
وهذا كلُّه بخلاف ما إذا كان التَّرك مؤقَّتًا وسيعود صاحب الأشياء المتروكة لأخْذها، فلا يحق أخذها حينئذٍ إلا بإذنه، فإن أَذِن جاز أخْذه، وإلا فلا، ويُعلم ذلك بتصريح المالِك أو طَلَبه حِفظ هذه الأشياء المتروكة، فإن لم يُصَرِّح المالكُ ببقائها في مِلكه، أو طَلَبه حِفظَها، أو إخباره بأنَّه سيعود لأخذها -عُلِمَ صراحةً تَخَلِّيه وتنازُلُه عن مِلكيته لها، وإباحتُه حيازتَها وتَمَلُّكَها لمن أراد، كصاحب الزروع والثمار الذي يترك بعضًا منها عند الحصاد أو نقل الثمار مِن مكانها لمكان بيعها، ويُخَلِّفُ وراءه ما يسقط منه وهو مُشَاهِدٌ له دُونَ اتباعه أو التقاطه، فيكون ذلك علامةً وأمَارةً على تركه ما سقط لمن أراد أخذَه والانتفاعَ به عن طِيب نفسٍ منه، ومثل ذلك جميع المباحات التي يَرغب عنها أصحابُها فيتركونها، وهذا ما عليه جماهير الفقهاء. ينظر: "عيون المسائل" للإمام علاء الدين السَّمَرْقَنْدِي الحنفي (ص: 421-422، ط. مطبعة أسعد)، و"تبصرة الحكام" للإمام ابن فَرْحُون المالكي (2/ 121، ط. مكتبة الكليات الأزهرية)، و"التنبيه" للإمام أبي إسحاق الشِّيرَازِي الشافعي (ص: 130-131، ط. عالم الكتب)، و"الشرح الكبير" للإمام شمس الدين ابن قُدَامَة الحنبلي [ت: 682هـ] (6/ 173، ط. دار الكتاب العربي).
ومِن المعلوم أنَّ قِيَمَ الأشياء تتفاوت وتختلف بين الأشخاص كلٌّ بحسب حاله، فما لا قيمة له عند إنسانٍ قد يكون له قيمةٌ عند غيره؛ لاختلاف أحوال الناس في ذلك، ولا يخفى أنَّ الإنسان لا يترك ما يَهتم له ويحتاجُه، وإنما يترك ما يَستغني عنه بغيره كَقِدَمِهِ أو تَلَفِهِ أو وُجودِ ما هو أحدَثُ منه، أو يتركه لانتهاء حاجته إلى استعمال ذلك الشيء، حتى أصبح التركُ علامةً تشير إلى أنَّ صاحب الشيء ما دام قد تركه وتخلَّى عنه وزَهد فيه فإنه لا حاجة له به، مع كونه يعلم أنَّ غيره ربما أخذه للانتفاع به، فيظهر من ذلك أنَّ الترك يتكون من عنصرين: أحدهما: مادي، وهو التجرد عن حيازة الشيء ومِلكيته، والثاني: معنوي، وهو نية التخلي عن الشيء وتركه ليستولي عليه مَن يجده ويحوزَه، فتنتقل المِلكية إليه.
هذا ما نص عليه القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948م، حيث نصت المادة رقم (871) منه على أنَّه: [يصبح المنقولُ لا مالِك له إذا تخلَّى عنه مالكُه بقصد النزول عن مِلكيته] اهـ.
وهو ما قضت به محكمة النقض في الطعن رقم (580، لسنة 29ق، جلسة: 27/ 4/ 1959م)، حيث جاء فيه: [الشيء المتروك على ما أشارت إليه المادة رقم (871) من القانون المدني في فقرتها الأولى -هو الذي يستغني عنه صاحبُه بإسقاط حيازته، وبِنِيَّة إنهاء ما كان له مِن مِلكية عليه، فيَغدو بذلك ولا مالِك له، فإذا استولى عليه أحدٌ فلا يُعَدُّ سارقًا، ولا جريمة في الاستيلاء عليه؛ لأنَّه أصبح غير مملوك لأحد] اهـ.
كما قضت في الطعن نَفْسه بأنَّه: [لا يكفي لاعتبار الشيء متروكًا أن يَسكت المالِكُ عن المطالَبة به، أو يَقعد عن السعي لاسترداده، بل لا بد أن يكون تخلِّيه واضحًا، مِن عملٍ إيجابيٍّ يقوم به مقرونًا بقصد النزول عنه] اهـ.
ولا أدلَّ على قصد الترك والتنازل عن المِلكية مِن إخلاء مكانٍ مؤجَّر بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها بين طرفي العقد، وترك بعض الأشياء والأدوات فيه عند تسليمه، والانصراف مِن غير طلب حفظها أو البقاء على مِلكيتها، مع كونها مما لا يخفى على مَن تَرَكها.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا كانت الشركة التي استأجرَت قطعةَ الأرض المذكورة مِن صاحبها كمخزنٍ للمعدات والمؤن، قد تَرَكَت بعض الأدوات في المكان عند مغادرته بعد انتهاء مدة الإجارة، وذلك على جهة التخلي والتنازل عن هذه الأدوات عن طِيب نفس مِن أصحابها، لا على سبيل الحفظ والأمانة، بحيث إنهم لَمْ يَطلُبُوها أو يَرجِعُوا ليأخذوها، مع علمهم بأنهم قد تركوها في المكان عند مغادرته، وكان المتعارَف عليه أن يكون مثلُ هذا المتروك مملوكًا لمن تُرِكَ في مِلكه -فإنه يجوز شرعًا لصاحب الأرض أن يأخذَ تلك الأدوات ويتملُّكَها ويَنتَفِعَ بها، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تصرفات الأب في مال ولده الصغير؟ فقد سُئِل بما صورته: المسألة الأولى: هل ينوب الأب عن ولده الصغير إنابةً مطلقةً من غير قيدٍ ولا شرطٍ في التصرفات الشرعية التي يعقدها مع الغير بشأن أموال ولده الصغير سواء كانت منقولًا أو عقارًا، فيعتبر الأب في هذه الحالة حالًّا محلَّ ولده الصغير حلولًا شرعيًّا يترتب عليه آثاره، فتنفذ تصرفات هذا الأب في مال ولده على اعتبار هذا الأخير كأنه غير موجود، ولا يجوز للصغير نقض ما حصل من هذه التصرفات بعد بلوغه سن الرشد؟
المسألة الثانية: هل إذا باع الأب بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير عقارًا للصغير بثمن لا غبن فيه ولم يقبض كل الثمن، ثم أهمل مطالبة المشتري بباقي الثمن حتى مضت المدة المانعة من سماع الدعوى، فهل للصغير بعد بلوغه الرشد أن يطالب المشتري بباقي الثمن الذي لم يمكن إلزامه به قضاء لمضي المدة المانعة من سماع الدعوى قبل بلوغ الصغير سن الرشد، أم يرجع الصغير على والده بحساب ما أضاعه عليه بسبب إهماله المطالبة قبل مضي المدة من سماع الدعوى ولا رجوع له على المشتري؟
المسألة الثالثة: هل للأب غير الفاسد بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير أن يبيع كلَّ أو بعضَ عقار ولده بثمن لا غبن فيه وفاءً لديون عليه شخصيًّا؟ وهل له أن يرهن كلّ أو بعض عقار ولده الصغير لوفاء ذلك؟ وهل ينعقد البيع أو الرهن ويصبح نافذًا على الصغير بعد بلوغه سن الرشد ولو كان المشتري أو المرتهن يعلم بأن ثمن البيع أو الرهن سيوفي به الأب ديونًا ترتبت في ذمته لحساب نفسه لا لحساب ولده الصغير؟ وهل ينعقد هذا الرهن ويصبح نافذًا على الصغير ولو بعد بلوغ سن الرشد إذا كان العقار المرهون يملك فيه الأب جزء على الشيوع والجزء الآخر لولده الصغير فخلط الأب قيمة الرهن التي قبضها من المرتهن عمّا يخصه بحسب نصيبه في العقار المرهون، وما يخص ولده الصغير وتصرف فيه لحساب نفسه بأن دفعه لديون شخصية عليه لآخرين، أو تصرف فيه لمصلحة نفسه أو أضاعه؟ وهل للصغير في هذه الحالة الرجوع على والده بحساب ما قبضه من قيمة الرهن أو البيع الذي لا غبن فيه، أم يرجع على المشتري والمرتهن؟ أفتونا بالجواب، ولكم الأجر والثواب.
ما حكم بيع الأدوية المرسومة بسعر قديم بسعرها الجديد؟ فهناك رجلٌ يملِك صيدلية، وفي ظلِّ ارتفاع الأسعار تُوَرَّدُ إليه الأدوية مُسَعَّرَةً بأسعارها الجديدة، ويوجد في الصيدلية أدويةٌ أخرى بأسعارها القديمة، فهل يجوز له بيع الأدوية المُسَعَّرَة بالسِّعر القديم بسِعر التوريد الجديد مِن باب توحيد سِعر الدواء؟ علمًا بأنه يسدد ثمن الدواء القديم لشركات الأدوية بالسِّعر القديم المنقوش عليه ولو كان السداد بعد تحرُّك الأسعار.
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما طُلِب منه التسعير: «إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ..» إلخ الحديث؟ وهل هناك في التسعير ما هو ظلم محرّم، وما هو عدل جائز؟ وما هو رأي الشرع في مسألة السعر أو التسعيرة؟ وهل رفع السعر حرام أم جائز؟ وإذا كان في التسعير مصلحة عامة للأمة فهل يجوز شرعًا لولي الأمر أن يضبط الأسعار بنفسه؟ وما هي حدود تدخله؛ هل ذلك مطلَق له في أي وقت، أم أن تدخله في حالة الخلل فقط؟
ما حكم إجبار الزوجة على بيع بيتها؟ فقد أخذ والدي من أمي ذهبها ونحاسها وأكمل عليه واشترى قطعة أرض وكتبها باسمها، وأقام والدي البيت من ماله الخاص، ولكن وقت الكتابة كان قد تزوج من امرأة أخرى وأنجب منها بنتًا عمرها أربعة أشهر، وكان لوالدي من أمي ابنان، بعد ذلك أنجب والدي من السيدة التي تزوجها ثلاثة أبناء، وأنجب من أمي بنتًا أخرى ليكون عدد الأولاد للسيدة الأولى ثلاثة: ذكران وأنثى، وللسيدة الثانية أربعة: ثلاثة ذكور وأنثى، علمًا بأن السيدة الثانية لم تساهم في ثمن الأرض بأي شيء.
والسؤال: أبي يريد بيع المنزل وإعطاء كل ذي حقٍّ حقه، فما هي القسمة الشرعية؟
ما حكم بيع الآثار التي يُعثر عليها، والمتاجرة فيها عمومًا؟
ما حكم شراء الزكاة بعد التسليم للفقير؟ فأنا صاحب محل تجاري أُخرج زكاة مالي حبوبًا لمستحقيها، ثم يأتيني أحد المستحقين لبيع ما أخَذَه، فأشتريه منه بأقل من ثمنه الحقيقي؛ فما حكم ذلك؟