ما حكم وصية من لا وارث له بجميع ماله لجهة خيرية؟ فليس لي ورثة وأريد أن أُوصي بجميع تركتي لجهة خيرية، فهل هذا التصرف جائز شرعًا أو ماذا أفعل؟
يجوز للإنسان المكلف الذي ليس له وارثٌ أن يوصِي بجميع تركته حال حياته، ويكون تصرفه هذا صحيحًا شرعًا، ووصيته نافذة للجهة التي أوصى لها.
المحتويات
الوصية في الشرع هي تصرفٌ أو تبرعٌ مضاف إلى ما بعد الموت، ومعنى كونه مضافًا إلى ما بعد الموت: أنَّ نفاذ هذا التبرع لا يكون إلَّا بعد موت المُوصِي.
ومن المقرر شرعًا أن الوصية إذا زادت على ثلث التركة فلا تنفذ إلا بإذن الورثة، أما إذا لم يكن للمُوصِي ورثة، وقد أوصى بكل تركته -كما في الصورة المسؤول عنها- فقد اختلف الفقهاء في صحة الوصية:
فذهب الحنفية والحنابلة في معتمدهم إلى صحة الوصية بالمال كله لمن لا وارث له.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 82، ط. دار المعرفة): [من أوصى بجميع ماله فيمن لا وارث له عندنا يكون لِلْمُوصَى له جميع المال] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 455، ط. عالم الكتب): [(وتصح) الوصية (ممن لا وارث له) مطلقًا (بجميع ماله) روي عن ابن مسعود؛ لأن المنع من الزيادة على الثلث لحق الوارث، وهو معدوم] اهـ.
ودليل ذلك: ما جاء عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها قال: «يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ». قُلت يا رسول الله: أُوصِي بمالي كله؟ قال: «لَا». قلت: فالشَّطر؟ قال: «لَا». قلت: الثُّلُث؟ قال: «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ...» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري، فأفاد ذلك أنَّ عِلَّةَ المنع من الزيادة على الثُّلُث تعلُّقُ حق الورثة بماله، وهنا لا وارث له فلا يتعلق حق بماله فزالت علة المنع.
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايتين إلى أن هذا التصرف لا يصح، وأن الوصية غير نافذة إلا في ثلث التركة، والباقي يرد إلى بيت مال المسلمين [الخزانة العامَّة].
قال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (4/ 427، ط. دار الفكر): [تبطل الوصية لغير الوارث بزائد الثلث، فإذا أوصى لأجنبي بنصف ماله أو بقدر معين يبلغ نصف ماله نفذت الوصية بالثلث ورد ما زاد عليه لو لم يكن له وارث لحق بيت المال وهذا هو مذهب مالك والجمهور، وذهب أبو حنيفة وأحمد في أحد قوليه إلى صحتها بجميع ماله إذا كان الموصَى له أجنبيًّا ولا وارث للموصِي] اهـ.
وقال الإمام الروياني الشافعي في "بحر المذهب" (8/ 12، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: وإن لم يكن للميت وارث، فأوصي بجميع ماله: ردت الوصية إلى الثلث والباقي لبيت المال] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (4/ 77-78، ط. دار الكتب العلمية): [(ينبغي) أي يُطلب منه على سبيل الندب (أن لا يوصي بأكثر من ثلث ماله)... (فإن زاد) في الوصية على الثلث (وَرَدَّ الوارثُ) الخاصُّ المطلقُ التصرُّفِ (بَطَلَتْ في الزائد) على الثلث بالإجماع؛ لأنه حقه. أما إذا لم يكن له وارثٌ خاصٌّ فالوصية بالزائد لغوٌ؛ لأنه حق المسلمين فلا مجيز] اهـ.
وقال الإمام موفق الدين بن قُدامة الحنبلي في "المقنع" (ص: 249، ط. مكتبة السوادي بجدة): [فأما من لاَ وَارِثَ له فتجوز وصيته بجميع ماله، وعنه لا يجوز إِلا الثلث] اهـ.
بصحة ونفاذ الوصية بالمال كله لمن لا وارث له أخذ القانون المصري رقم: 71، لسنة: 1946م فنص في المادة (37) منه على أنَّه: [تنفذ وصية من لا دين عليه ولا وارث له بكل ماله أو بعضه من غير توقف على إجازة الخزانة العامة] اهـ.
كما نصَّ في المادة السابعة على صحة الوصية لجهات البر والمؤسسات العلمية الخيرية.
المختار للفتوى هو ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في معتمد مذهبهم من صحة ونفاذ الوصية بالمال كله لمن لا وارث له، لما تَقرَّر شرعًا أنَّ "حكم الحاكم يرفع الخلاف"، وأنَّ له أنْ يتخير في الأمور الاجتهادية ما يراه محققًا للمصلحة، والعمل بذلك حينئذٍ واجبٌ.
قال الإمام القرافي في "الفروق" (2/ 103، ط. عالم الكتب): [اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء] اهـ.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للإنسان المكلف الذي ليس له وارثٌ أن يوصِي بجميع تركته حال حياته، ويكون تصرفه هذا صحيحًا شرعًا، ووصيته نافذة للجهة التي أوصى لها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
توفي رجل عن: أخت شقيقة، وثلاثة أبناء عم شقيق، وأولاد عم شقيق: ستة ذكور وأنثى، وابن عم شقيق، وابن عم شقيق. ولم يترك المتوفى المذكور أيَّ وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحقُّ وصيةً واجبةً. فما نصيبُ كلِّ وارث؟
ما حكم التزام الورثة بتنفيذ وصية شفوية؛ حيث أوصت والدتي شفويًّا قبل وفاتها ببيع قطعة أرض تمتلكها عندما يحين زواج أختي الصغيرة، وقد توفيت أمي، وبعد سنوات تقدم أحد الأشخاص للزواج من أختي وتعذّر بيع قطعة الأرض؛ فقمت وجميع الإخوة والأخوات بالتعاون على زواج أختي وتجهيزها بغرفة نوم فقط وبعض المستلزمات قدر استطاعتنا، وتمَّ الزواج، والآن تم عرض قطعة الأرض للبيع. فهل للأخت التي تزوجت حقّ في حصيلة بيع الأرض مختلف عن باقي حقوق الإخوة والأخوات؟
ما حكم ميراث المطلقة طلاقا رجعيا إذا انقضت عدتها قبل وفاة مطلقها؛ فامرأة طلَّقها زوجها بتاريخ 27/ 7/ 1982 طلقة رجعية في مرض موته، وتُوفِّيَ بتاريخ 14/ 11/ 1982 وعمرها الآن 65 سنة، وبلغت اليأس من مدة طويلة؛ فعدَّتها بالأشهر، وطلقها وهو في مرض الموت. وتقول: هل أُعتَبَر من ورثة زوجي؛ لأنه طلقني رجعيًّا بقصد الإضرار بي بعد تزوجه من امرأة أخرى استطاعت التأثير عليه ليطلقني، فطلَّقني في مرض موته طلقةً رجعيةً؛ لئلَّا ينكشف حاله وأمره لو طلقني بائنًا، ويلحق بطلاق الفارِّ، أم ليس لي ميراث فيه؟ وبيان الحكم الشرعي في ذلك.
تقول السائلة: اشترى أبي قطعة أرض بالتقسيط، ودفع منها 20% فقط من سعرها قبل وفاته، وقامت أمي -زوجته- بدفع الأقساط التالية إلى وقتنا الحاضر، ولم تنتهِ الأقساط بعد، وقد توفي أبي عن أم، وزوجة، وأولاد، وإخوة.
ثم توفيت أمه -جدتي-، وأعمامي يريدون السداد مع أخذ نصيبهم في ميراث جدتي من أبي. فما الحكم؟
أولًا: توفي رجل عن أربعة أبناء وبنت.
ثانيًا: ثم توفي ابنه الأول عن زوجة، وأولاده منها: ستة أبناء وبنت وبقية المذكورين.
ثالثًا: ثم توفي ابنه الثاني عن زوجة، وبنتين وبقية المذكورين.
رابعًا: ثم توفي ابنه الثالث عن زوجة، وابن وثلاث بنات وبقية المذكورين.
خامسًا: ثم توفي ابنه الرابع عن زوجة، وأربعة أبناء وبنتين وبقية المذكورين.
سادسًا: ثم توفيت بنته عن ابن وخمس بنات وبقية المذكورين.
سابعًا: ثم توفي حفيده الأول من ابنه الأول عن زوجة، وبقية المذكورين.
ثامنًا: ثم توفي حفيده الثاني من ابنه الأول عن ثلاثة أبناء وثلاث بنات وبقية المذكورين.
تاسعًا: ثم توفي حفيده الثالث من ابنه الأول عن زوجة، وابنين وبنت وبقية المذكورين.
فمن يرث؟
توفي رجلٌ عام 1940م عن جدةٍ أمِّ أبيه، وجَدٍّ لأبيه، وعن أمٍّ، وأخ شقيق، وأخت شقيقة. فهل الجد يَحجِبُ الأخَ والأختَ عن الميراث أم يرثان مع وجود الأم؟ وما نصيب كل منهما إن كانا يرثان؟