الأربعاء 29 أكتوبر 2025م – 7 جُمادى الأولى 1447 هـ

حكم أكل الحاج من هدي التطوع الخاص به

تاريخ الفتوى: 25 مارس 2025 م
رقم الفتوى: 8603
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الحج والعمرة
حكم أكل الحاج من هدي التطوع الخاص به

هل يجوز الأكل من الهدي التطوعي غير دم التمتع والقران؟ فقد أدَّى والدي مناسك الحج، وقال له أحد أصدقائه: إنه يستحب له أن يذبح هديًا في رحلته إلى الحج، وأن يأكل منه، وبالفعل ذبحه وأكل منه، فهل ما فعله والدي صحيح؟

يجوز للحاج أن يأكل من هدي التطوع مطلقًا، سواء ذبح الهدي في الحرم أم خارج الحرم، ومن ثمَّ فما فعله والدُكَ جائز شرعًا ولا حرج عليه فيه.

المحتويات 

 

المقصد الشرعي للهدي وبيان معناه

من المقرر شرعًا أن الهدي قد شرع للتقرب إلى الله تعالى، وإظهارًا لمعنى العبودية له، ولتعظيم شعائره، وشكرًا لله تعالى على أن أنعم على الإنسان بأداء فريضة الحج، وللإحسان إلى الفقراء والمساكين؛ قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: 36].

قال العلامة الواحدي في "الوجيز" (ص: 734، ط. دار القلم): [﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ﴾ الذي يسألك ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾ الذي يتعرَّض لك ولا يسألك ﴿كَذَلِكَ﴾ الذي وصفنا ﴿سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ﴾ [الحج: 36] يعني: البدن ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لكي تطيعوني] اهـ.

والهدي شرعًا لا يختلف معناه عن المعنى اللغوي، فهو: ما يهدى إلى الحرم من الإبل والبقر والغنم تقربًا إلى الله -تعالى- بشرائط. ينظر: الدر المختار" للحصكفي الحنفي (2/ 614، ط. دار الفكر).

حكم الهدي ومحله

لا خلاف بين العلماء في أن الهدي إلى البلد الحرام مستحب، ما لم يجب بسبب من الأسباب كالتمتع والقران وغيرها من موجبات الدم؛ لأن الإهداء إلى البلد الحرام من تعظيم شعائر الله، قال ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 288، ط. الفاروق الحديثة): [واتفقوا أن الهدي إلى مكة حسن] اهـ.

والأصل أنَّ محل الهدي: البلد الحرام -مكة المكرمة أو منى أو في أي جزء من أجزاء الحرم-، فكل فجاج مكة منحر، قال الله تعالى:﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 33].

قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (23/ 224، ط. إحياء التراث العربي): [محلها يعني حيث يحل نحرها، وأما البيت العتيق فالمراد به الحرم كله، ودليله قوله تعالى: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: 28] أي: الحرم كله، فالمنحر على هذا القول كل مكة، ولكنها تنزهت عن الدماء إلى منى، ومنى من مكة] اهـ.

وقال رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ» أخرجه الإمام مسلم من حديث سيدنا جابر رضي الله عنه.

الحكمة من كون محل ذبح الهدي في البلد الحرام

الحكمة من كون محل ذبح الهدي في البلد الحرام: أن الهدي جارٍ مجرى الهدية التي يبعثها العبد إلى ربه، والهدية لا تكون هدية إلا إذا بعثها المهدي إلى دار المهدى إليه، وهذا المعنى لا يتصور إلا بجعل موضع الهدي هو الحرم.

حكم أكل الحاج من هدي التطوع

إذا ذُبِح الهدي في البلد الحرام وكان الهدي تطوعًا، فقد اتفق الفقهاء على أنه يجوز للحاج أن يأكل منه؛ لأنه في حكم الأضحية، ولا خلاف بين الفقهاء في جواز الأكل من الأضحية، واستثنى المالكية من جواز الأكل من هدي التطوع البالغ محله إذا عيَّنه للفقراء والمساكين، فلا يجوز له الأكل حينئذ.

قال العلامة ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 291): [ولا خلاف أن هدي التطوع إذا بلغ محله يأكل منه صاحبه إن شاء؛ لأنه في حكم الضحايا] اهـ.

وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 89، ط. دار الفكر): [(قوله: ومثل نذر المساكين المعين هدي التطوع إذا نواه للمساكين، أو سماه لهم) أي: هدي التطوع الذي جعله للمساكين بالنية أو باللفظ... وأما حرمة الأكل من هدي التطوع الذي جعله للمساكين باللفظ أو النية فهو ظاهر؛ لأنه قيده بالمساكين] اهـ.

أما إذا لم يذبح الهدي في البلد الحرام بأن ذبح خارج مكة أو خارج منى، فقد اختلف الفقهاء في حكم الأكل منه حينئذ، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه لا يجوز للمُهدي الأكل منه، بل عليه أن يعطيه كلَّه للفقراء والمساكين، إلا إذا كان المهدي فقيرًا فله أن يأكل منه.

قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (3/ 76، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وأفاد بقوله: (هدي التطوع) أنه بلغ الحرم، أما إذا ذبحه قبل بلوغه فليس بهدي، فلم يدخل تحت عبارته ليحتاج إلى الاستثناء، فلهذا لا يأكل منه، والفرق بينهما: أنه إذا بلغ الحرم فالقربة فيه بالإراقة، وقد حصلت والأكل بعد حصولها، وإذا لم يبلغ فهي بالتصدق والأكل ينافيه] اهـ.

وقال الشيخ أحمد الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 90، ط. دار الفكر): [وأشار لرابع الأقسام بقوله: (وهدي تطوع) ولم يجعله للمساكين بلفظ ولا نية، ومثله النذر المعين الذي لم يجعل لهم كذلك (إن عطب قبل محله) فلا يأكل منه] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 14، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن عطب في الطريق قبل محله، أو) عطب (في الحرم هدي واجب، أو تطوع..) (لزمه نحره).. ويحرم عليه وعلى خاصة رفقته، ولو كانوا فقراء: الأكل منه) أي: من الهدي العاطب] اهـ.

وإنما منع من الأكل منه؛ لئلا يقصر في حفظ الهدي ليأكل هو ورفقته منه فتلحقه التهمة لنفسه ورفقته. ينظر: "كشاف القناع" للعلامة البهوتي الحنبلي (3/ 15)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" لابن عرفة الدسوقي المالكي (2/ 90).

وذهب الشافعية إلى أنه يجوز للمُهدي الأكل من هدي التطوع مطلقًا سواء ذبح داخل الحرم أو خارجه.

قال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 190، ط. المكتب الإسلامي): [وإذا عطب الهدي في الطريق، فإن كان تطوعًا، فعل به ما شاء من بيع أو أكل وغيرهما] اهـ.

المختار للفتوى في حكم أكل الحاج من هدي التطوع

المختار للفتوى هو جواز الأكل من هدي التطوع مطلقًا سواء ذبح داخل الحرم أو خارجه؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: 36].

قال الإمام ابن جرير الطبري في "تفسيره" (18/ 611، ط. مؤسسة الرسالة): [كلوا من بهائم الأنعام التي ذكرتم اسم الله عليها أيها الناس هنالك. وهذا الأمر من الله جلّ ثناؤه أمر إباحة، لا أمر إيجاب] اهـ. كما أن الأمر المطلق يحمل على إطلاقه، ولا يصح تقييده إلا بدليل.

ولحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا» أخرجه الإمام مسلم.

قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 1776، ط. دار الفكر): [قال ابن الملك رحمه الله: يدل على جواز الأكل من هدي التطوع اهـ. والصحيح أنه مستحب] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للحاج أن يأكل من هدي التطوع مطلقًا، سواء ذبح الهدي في الحرم أم خارج الحرم، ومن ثمَّ فما فعله والدُكَ جائز شرعًا ولا حرج عليه فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم عمل العقيقة في غير بلد العاق؟ حيث ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الجمعيات الخيرية التي تقوم بالترويج لعمل العقيقة في بعض الدول الإفريقية الفقيرة بالإنابة عمَّن يرغب، وذلك بعد تحصيل ثمنها من القائم بالعقيقة، علمًا بأن ثمنها هناك يكون أرخص من ثمنها المحلي؛ فنرجو الإفادة عن حكم ذلك شرعًا.


ما المراد بالأضحية في الشرع؟ وما حكمها؟


بم يحصل التَّحلُّل من الإحرام في الحج والعمرة؟ فأنا كنتُ قد أحرمتُ بالحجِّ هذا العام، وبعد أن رَمَيتُ الجمرات يوم النحرِ، وانتهيتُ من الحلقِ، وضعتُ الطِّيبَ، فقال لي أحدُ الحجاجِ ممن كان معنا: لا يجوز أن تَمَسَّ شيئًا من الطيب ما دُمتَ مُحرِمًا إلى أن تتحلَّل، فبماذا يحصل التَّحلُّل من الإحرام؟ وهل ما فعلتُهُ صحيح أو بَطَلَ حَجِّي؟


ما حكم صيد السلاحف البحرية وتهديدها بالانقراض؟ ففي إطار التعاون الوثيق بين دار الإفتاء المصرية وجهاز شئون البيئة، يطيب الإشارة إلى أنه في إطار قيام جهاز شئون البيئة برصد وتقييم المهددات التي تواجه وتؤثر على تواجد مجتمعات السلاحف البحرية في بيئاتها الطبيعية على السواحل المصرية بالبحر الأحمر المتوسط -أحد أهم مناطق تعشيش وتغذية السلاحف البحرية على مستوى الإقليم-، وذلك نظرًا للدور المهم الذي يقوم به هذا النوع في حفظ توازن وصحة النظام البيئي البحري، وفي ضوء دراسة تلك العوامل المهددة لها، تم تسجيل قيام فئة من الصيادين -سواء من خلال استهداف صيدها، أو خروجها بصورة عرضية في الشباك أو السنانير- بالاتجار بها في أسواق (حلقات) الأسماك بالمناطق الساحلية المتوسطية الرئيسية مثل: بورسعيد، دمياط، الإسكندرية؛ لاستغلاها في ظاهرة (شرب دم السلاحف) كأحد التقاليد الشعبية التي لا أساس لها من الصحة الطبية، أو الدينية؛ حيث تؤكد التقارير والشهادات أن هذا النوع من السلوكيات يتم تنفيذها على النحو التالي:
- تُنفذ هذه الظاهرة في صباح يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع، وبناءً عليه: يتم تخزين السلاحف التي يتم صيدها قبل تلك الأيام بصور غير أخلاقية؛ حيث يتم قلبها على ظهرها مما يصيبها بالشلل التام، وكذلك التأثير على دورتها الدموية.
- تنفذ هذه العملية بصورة سرية؛ وذلك لإدراك الصيادين والتجار والمستهلكين بمخالفة القانون بالاتجار في السلاحف البحرية، بحكم قانون حماية البيئة رقم (4) لسنة 1994م، والمعدل بالقانون رقم (9) لسنة 2009م، ولائحته التنفيذية، لحمايتها من الانقراض، وحفاظًا على سلامة النظام البيئي البحري.
- يقوم التاجر أو الجزار بتعليق السلحفاة حيَّة، ويقوم بقطع جزء من الذيل حتى يتم تصفية الدم في أكواب، وبعد تصفية دمها يقوم بذبحها وتقطيع لحمها وبيعه. فهل هذا الذبح مطابق للشريعة الإسلامية ويجوز أكل لحمه في هذه الحالة؟
- يعتقد المستهلكون أن هذا الدم له قدرة على تحقيق كافة الرغبات والأمنيات، للرجال والنساء على حد سواء؛ مثل: الحمل، الجمال، القدرة الجنسية.. الخ.
- بسؤال مجموعة من المستهلكين لهذا الدم، أفادوا باعتقادهم أن هذا الدم هو من سمكة وهو حلال، علمًا بأن السلاحف البحرية ليست سمكة، وإنما هي من أنواع الزواحف، فهل شرب دمها حلال؟
وفي هذا الصدد، وفي ضوء ما سبق، وفي إطار حرص جهاز شئون البيئة على حماية البيئة والأنواع المهددة بخطر الانقراض، وكذلك حماية الإنسان من السلوكيات الخاطئة التي تخالف الشرع والعقل على حد سواء، فإننا نهيب بسيادتكم لاستصدار فتوى موثقة، بما يتراءى لكم من أدلةٍ شرعية بحكم الشرع في هذا السلوك إجمالًا؛ نظرًا لتهديده سلامة النظام البيئي، وحكم الذبح، وكذلك شرب الدم على الحالة المشار إليها بعاليه.
ونحن على ثقة من أن إظهار الحكم الشرعي لهذه الظاهرة سيكون له أثر إيجابيّ في القضاء عليها بصورة تفوق محاولات تشديد الرقابة وتطبيق القانون.
شاكرين لسيادتكم خالص تعاونكم معنا، ودعمكم الدائم لقضايا البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.


ما حكم تمشيط الشعر أثناء الإحرام؟


ما أنواع الطواف بالبيت؟ وما حكم كلِّ نوعٍ؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :39
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:47
المغرب
6 : 10
العشاء
7 :29