ثواب من شرعت في صيام عاشوراء ثم نزل عليها دم الحيض

تاريخ الفتوى: 01 يوليو 2025 م
رقم الفتوى: 8687
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصوم
ثواب من شرعت في صيام عاشوراء ثم نزل عليها دم الحيض

ما ثواب من شرعت في صيام عاشوراء ثم نزل عليها دم الحيض؟ فقد اعتادت امرأة صيام عاشوراء ابتغاء الأجر والمثوبة، إلا أن دم الحيض قد داهمَها هذا العام أثناء صيامها، فأفطرت، فهل تُثاب على صيامها وهي لم تُتمه لعارض الحيض؟

يوم عاشوراء معظَّم في الشرع الشريف، وقد سَن الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم صيامَه، وداوَم عليه، ورغَّب فيه، وما دامت المرأة المذكورة قد نوَت صيام هذا اليوم، وشرعَت فيه كما هي عادتها، ثم داهمها الحيض أثناء الصيام، فأفطرَت لعارض الحيض، فلا إثم عليها في ذلك ولا حرج، وتنال ثوابه العظيم وفضله الجزيل كما لو أتمت صومها، والله يضاعف لمن يشاء.

المحتويات

 

فضائل الصوم في الإسلام

فضَّل اللهُ تعالى الصومَ -سواء كان على جهة الفريضة أو على جهة التطوع والتنفل- من بين سائر العبادات بفضائل عظيمة، فهو من أجَل الطاعات، وأعظَم القُرُبات التي تجمع بين كمال الانقياد وصدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى.

وكفى فضلًا وشرفًا بهذه العبادة أن الله عَزَّ وَجَلَّ قد اختصها لنفسه؛ لما لحال العبد فيها من الإسرار المُنافي لطلب الرياء والسُّمعة بين الناس، ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجزِي بِهِ» متفق عليه.

ووعد المُتَقرِّب إلى الله تعالى بالصيام -الذي لا يتضرر بصيامه ولا يُفَوِّت به حقًّا- بالمُعافاة من النار والمُبَاعدة عنها، فعن أبي سعيد الخُدرِي رضي الله عنه أنه سمِع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَن صَامَ يَومًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجهَهُ عَنِ النَّارِ سَبعِينَ خَرِيفًا» متفق عليه.

كما رتَّب الله تعالى على هذه العبادة الثواب الجزيل، فأفرد للصائمين بابًا من أبواب الجنة، لا يدخل منه سواهم، فعن سَهل بن سعد السَّاعِدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدخُلُ مِنهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيرُهُم، يُقَالُ: أَينَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدخُلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيرُهُم، فَإِذَا دَخَلُوا أُغلِقَ فَلَم يَدخُل مِنهُ أَحَدٌ» متفق عليه.

هذا بالنسبة لفضائل الصوم على جهة العموم.

فضل صيام يوم عاشوراء

أما بالنسبة لفضل صيام يوم عاشوراء على جهة الخصوص، فإن مَن حرص على صيامه ابتغاء الأجر، وطلبًا للمثوبة، واقتداءً بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث داوم على صيامه، فقد ظفر بالثواب الجزيل، والأجر الوفير، فعن أبي قَتَادَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.

ومن المُقَرر شرعًا أن صيام عاشوراء يُعدُّ من صوم النوافل الذي يُستحب للمسلم شرعًا أن يأتي به؛ إذ استحباب الصوم إنما يتأكد في الأيام الفاضلة، ومِن فواضل الأيام يوم عاشوراء، كما في "إحياء علوم الدين" لحجة الإسلام الغَزَالِي (1/ 237، ط. دار المعرفة).

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.

ثواب من شرعت في صيام عاشوراء ثم نزل عليها دم الحيض

إن حرصت المرأة على إحياء هذه السُّنة، وشرعَت في صيام هذا اليوم، إلا أن دم الحيض قد باغتها واعتراها أثناء الصيام، فإنها لا يجوز لها أن تُتِمَّ صيامها -على خلاف وتفصيل بين الفقهاء في قضاء هذا اليوم من عدمه- بمجرد نزول دم الحيض والتَّيقن من كونه حيضًا، ما دام ذلك واقعًا في أي جزء من أجزاء اليوم من طلوع فجر يوم العاشر من شهر الله المُحرَّم إلى غروب شمس هذا اليوم؛ إذ قد انعقد الإجماع على حرمة التعبد بالصيام حال الحيض، ونقل هذا الإجماعَ غيرُ واحد من العلماء.

قال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 103، ط. الفاروق الحديثة): [وامتناع الصلاة والصيامِ والطوافِ والوطءِ في الفَرْجِ في حال الحيض بإجماعٍ مُتَيقَّنٍ بلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام] اهـ.

ومع أن الحيض يحول بين المرأة وبين استكمال الصيام، إلا أن الله تعالى لا يُضيع عملها، فتؤجر بنيتها الطَّيِّبة، وقصدها الصالح، إذ مَن فاته شرفُ مباشرة العمل المُعتَادِ بعذر طرأ عليه بعد انعقاد النية، والتلبُّس بالفعل -وهو الصيام هنا- فلا يفوته تحصيل ثوابه، وذلك بمجرد الهَمِّ بالفعل، وهو هنا انعقاد نية المرأة على الصيام قبل مباشَرة الإمساك، وهذا من كمال فضل الله تعالى ورحمته بعباده، كما في "شرح صحيح البخاري" للإمام ابن بَطَّال (10/ 199-201، ط. مكتبة الرشد).

يدل على ذلك عموم ما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَن هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِن هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ، إِلَى سَبعِمِائَةِ ضِعفٍ، إِلَى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ» متفق عليه.

وما ورد عن أبي بُردَة رضي الله عنه قال: سمعتُ أبا موسى مرارًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَرِضَ العَبدُ، أَو سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثلُ مَا كَانَ يَعمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» أخرجه الإمام البخاري.

فأفاد هذا أن العبد إذا اعتاد المداومة على أداء طاعة بعينها، ثم عرَض له بعضُ الأعذار الشرعية التي تُخرجه عن حال الاعتدال الخاصة به، وذلك بنحو مرض أو سفر أو حيض أو نفاس أو غير ذلك، وكان ينوي قبل نزول العذر به المداومةَ على هذه الطاعة والاستمرارَ عليها، ومباشرة هذا العمل الذي كان معتادًا عليه، فإن الله تعالى يكتب له من الأجر ويقدِّر له من الثواب قدر ما كان يعمل حال انعدام العذر، بل يُضاعف له من الأجر كما يُضاعف لمباشر الطاعة؛ لصدق نيته، وتحقق عجزه، وخُلُو حاله من التقصير، إذ إنه لما كان في حال الصحة حريصًا على أداء الطاعة على الوجه الأتم الأكمل المُحصِّل للأجر، ناسَب أن يحصِّل كامل الأجر حال عجزه، وهذا من كرم الله تعالى وفضله على عباده، كما في "المفهم" للإمام أبي العباس القرطبي (3/ 730، ط. دار ابن كثير)، و"جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب (3/ 1042-1043، ط. دار السلام)، و"النكت" للعلامة برهان الدين بن مُفلِح (1/ 93-94، ط. مكتبة المعارف)، و"فيض القدير" للإمام المُنَاوِي (1/ 444، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، ونقله كذلك عن القاضي عِياض (6/ 175).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيوم عاشوراء معظَّم في الشرع الشريف، وقد سَن الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم صيامَه، وداوَم عليه، ورغَّب فيه، وما دامت المرأة المذكورة قد نوَت صيام هذا اليوم، وشرعَت فيه كما هي عادتها، ثم داهمها الحيض أثناء الصيام، فأفطرَت لعارض الحيض، فلا إثم عليها في ذلك ولا حرج، وتنال ثوابه العظيم وفضله الجزيل كما لو أتمت صومها، والله يضاعف لمن يشاء.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل الرطوبات التي تخرج من فرج المرأة غير الحيض والنفاس طاهرة أم نجسة؟ وما كيفية الطهارة منها؟ وهل خروجها ينقض الوضوء؟


ما الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب وضع الحمل؟ فنحن نرجو منكم بيان ما يلزم المرأة إذا أفطرت في شهر رمضان بسبب وضع الحمل؛ حيث وضعت امرأة في أول شهر رمضان، وأفطرت أيام الشهر كله، وأخبرها إمام مسجد أن تخرج فدية عن كل يوم أفطرته بواقع مسكين عن كل يوم، وقد فعلت ذلك.


ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح مع وجود خطورة على الأم وتشوهات بالجنين؟ فزوجتي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، وهي حامل في منتصف الشهر السادس، وقد اكتشفنا أن حملها غير طبيعي من بداية الحمل؛ حيث أظهرت أشعة الموجات فوق الصوتية وجود توءمين أحدهما حي والآخر ميت، وتابعنا الحمل حتى اختفى التوءم الأخير واستمر التوءم الحي، ومنذ شهر تقريبًا اكتشفنا بواسطة أشعة الموجات الصوتية رباعية الأبعاد وجود استسقاء مائي كبير ومطرد بالجمجمة نتيجة ورم حميد بالمخ أدى إلى تضخم حجم جمجمة الجنين مع ضمور شبه كامل بالمخ، وأكد لنا الأستاذ الدكتور الذي يتابع الحالة وهو أستاذ التوليد والنساء بكلية طب عين شمس، والذي أجرى الأشعة، ضرورةَ إنهاء الحمل على الفور؛ حيث إن استمراره للنهاية قد يؤدي إلى تضخم الرأس بشكل كبير يصعب معه الولادة الطبيعية إضافة إلى أنَّ فرص بقاء الجنين حيًّا بعد الولادة منعدمة نظرًا لضمور المخ ضمورًا شبه كلي، وقد استشَرتُ اختصاصي الأمراض العصبية وأكد لي صعوبة بقاء الطفل وصعوبة إنقاذه حال ولادته مبكرًا في سبعة أشهر؛ لعدم وجود المخ القادر على القيام بالوظائف الحيوية والحركية وخلافه. إضافة إلى أن شقيقتي وهي طبيبة أمراض توليد ونساء متخصصة في رعاية الأجنة بكلية طب عين شمس أفادتني بخطورة استمرار الحمل حتى النهاية لاحتمالية تأثير الجمجمة المتضخمة على الأم، وقد يؤدي إلى نزيف رحمي حاد قد يؤدي إلى استئصال الرحم لا قدر الله، وزوجتي صغيرة في السن، ولم يُنعم علينا المولى — عز وجل — بنعمة الإنجاب بعدُ، إضافةً إلى خطورة ذلك على الأم. فما الحكم الشرعي في الإجهاض في هذه الحالة؟


ما حكم التسامح بالتنازل عن قضية منظورة أمام القضاء مراعاة لحرمة شهر رمضان؟ فنحن مقبلون على أيام كريمة في شهر رمضان، وعندي قضية مرفوعة أمام إحدى المحاكم على بعض الأفراد بخصوص أرضٍ بيني وبينهم، وقال لي بعض المقربين بأنه لن يُتقبل لي صيام، ولن يُغفر لي إلا بعد التنازل عن هذه القضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليَّ التنازل عن القضية وعن حقوقي أو على أقل تقدير ما أظنه حقي من باب التسامح؟ وما التسامح الذي يحصل به القبول والمغفرة؟


ما حكم من أكل أو شرب عامدًا في نهار رمضان؟


ما حكم إفطار الصائم في السفر الذي لا يصحبه مشقة؟ فقد كان السفر في الماضي بوسائل بدائية ويُجِيزُ الفطر، فهل السفر الآن بالوسائل السهلة المريحة يجيزُ الفطر أيضًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :30
الشروق
6 :57
الظهر
12 : 41
العصر
3:57
المغرب
6 : 24
العشاء
7 :41