01 يناير 2017 م

مقدمة لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم

مقدمة لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم

للمسلمين عناية خاصة بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم العطرة عبر تاريخهم الطويل بدءًا من اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بتسجيل أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل سيدنا عبد الله بن عمرو إذ كان يكتب كل ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم ولمَّا نهته قريش وذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «اكْتُبْ فَوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي إِلَّا حَقٌّ»، ومرورًا بالتصانيف والمؤلفات الكثيرة التي زخرت بها المكتبة الإسلامية كـ "الشمائل المحمدية" للترمذي، و"السيرة النبوية" لابن هشام، و"زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن قيم الجوزية، و"سبل الهدى والرشاد" للشامي، وغيرها.

وقد تعددت وتنوعت طرق التناول فمنهم من جمع الروايات حرصًا على نقل كل ما ورد في شأنه صلى الله عليه وسلم، ومنهم من نقل الصحيح دون غيره، ومنهم من بسط، ومنهم من اختصر، والقاسم المشترك بينهم جميعًا هو حُب رسول الله صلى الله عليه وسلم والحرص على نقل كل مراحل حياته الشريفة بصورة دقيقة وواقعية؛ حيث إن سيرته صلى الله عليه وسلم بمثابة المنهج العملي والتطبيقي للرسالة وما تضمنته من أحكام.

ونحن هنا سنحاول تقريب السيرة النبوية للمسلمين؛ ليتعرفوا على الحبيب صلى الله عليه وسلم بأسهل طريق معتمدين على المراجع الأصيلة، ملتمسين الدروس والعبر التي تفيد المجتمع بأسره بمكوناته من النشء والشباب والرجال والنساء؛ حتى يتحقق الجميع بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]، وحرصًا على السير على خطاه عليه الصلاة والسلام في كل جوانب حياتنا حتى ننتقل إلى واقع أفضل، ولنحيا في ضوء قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سُئلت عن خُلقه صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلقه القرآن».

ونحن حريصون كل الحرص أن يكون هذا العرض المُبسَّطُ لحياته صلى الله عليه وسلم في صورة واعية حتى لا تتحول الصفحات المشرقة من حياته صلى الله عليه وسلم إلى مسلاة يقضي فيها الناس أوقاتًا لطيفة من غير أن يتم ترجمتها إلى سلوك وواقع حياة.

 

أَخَذَ عناد المشركين يقوى ولجاجتهم تشتد، وقد أرادوا إخراج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتحديَه بمطالبته بالإتيان بمعجزات تثبت نبوته؛ قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادعُ لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. قال: «وَتَفْعَلُوُنَ»؟ قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت لهم باب التوبة والرحمة؟ قال: «بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك"، وقال الإمام الذهبي: "الحديث صحيح" .


بدأ الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم حياته العملية برعي الغنم، ثم انتقل للعمل بالتجارة، فقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام رافق عمه أَبَا طَالِبٍ في رحلة تجارية إلى الشام وهي تلك الرحلة التي لقيهم فيها راهب نصراني اسمه (بحيرا) وسألهم عن ظهور نبي من العرب في هذا الزمن، وعندما أمعن النظر في الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، وتكلم معه عرف أنه هو نبي آخر الزمان المنتظر، الذي بشَّر به عيسى عليه السلام؛ ولذا فقد حذَّر هذا الراهب أَبَا طَالِبٍ من اليهود، وطلب منه أن يعود به إلى مكة سريعًا وقد أخذ أبو طالب بالنصيحة.


قضى الحبيب صلى الله عليه وسلم قرابة خمس سنوات في أجواء الصحراء المفتوحة حيث الطبيعة النقية والتنشئة الصحية، يقول الشيخ محمد الغزالي: "وتنشئة الأولاد في البادية، ليمرحوا في كنف الطبيعة، ويستمتعوا بجوِّها الطلق وشعاعها المرسل، أدنى إلى تزكية الفطرة، وإنماء الأعضاء والمشاعر، وإطلاق الأفكار والعواطف". [فقه السيرة].


بعدما لجأ مشركو قريش إلى عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليوغروا صدره على ابن أخيه حتى يتخلى عن نصرته، سالكين بذلك طريق الإيذاء والفتنة، بل والإيذان بالحرب والمنابذة، ووجدوا أن مسعاهم هذا قد باء بالفشل بسبب عدم تخلِّي أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه؛ ارتأوا أن يلجأوا إلى السياسة المقابلة، ألا وهي سياسة الملاينة، والإغراء بالمال أو الجاه أو الملك والسلطان ظنًّا منهم أنه ربما يغري بريق هذه العروض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيفتنوه عن دينه أو يحولوه عن وجهته.


كان سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه من أوائل من أسلم من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديدا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره، ولا يطمع طامع عند المخاشنة بكسره،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :14