01 يناير 2017 م

حال الإنسانية قبل الإسلام 1

حال الإنسانية قبل الإسلام 1

كانت الإنسانية قبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالة من التيه والتخبط؛ فعند التأمل تجد العالم في هذه الأثناء ممزقة أوصاله متفرقة أواصره، ولتزداد الصورة وضوحًا سنلقي شيئًا من الضوء على أحوال الأمم إذ ذاك.

فالرومان كانوا يتحكمون في قطاع كبير من العالم من اليونان إلى البلقان إضافةً إلى بلاد الشام ومصر والشمال الأفريقي، وكانوا يمارسون أبشع صور الاضطهاد والظلم ضد مواطنيهم لا يشغلهم سوى جني الأموال والسيطرة على مقدرات الشعوب والحصول على أكبر المنافع بأي وسيلة غير مبالين بأحوال الناس وما يعانون، ناهيك عن الاضطرابات والفتن والحروب والتطاحن، وعلى الجانب الآخر تجد الفُرس تعج دولتهم على اتساع رقعتها بالملل المتهافتة والنِّحَلِ المنحرفة كالمانويَّة والزردشتية والمزدكية، ويضاف إلى ذلك أن الحُكَّام كانوا يعتبرون أنفسهم فوق البشر فهم نسل الآلهة كما يدَّعون يملكون كل شيء ويتحكمون في مواطنيهم ويعاملونهم كعبيد وإن كانوا طبقات إلا أنهم جميعًا في نظر حكامهم متاع كسائر المتاع، ولم تنجُ الهند من هذه الفوضى التي كان العالم غارقًا فيها؛ فقد عاشت في طبقية مقيتة انعكست على المجتمع الذي قسمه رجال الدين وفقًا للقانون الذي صنعوه إلى أربع مستويات، فالناس إما رجال دين (براهمة) وهم المغفور لهم أصحاب المكانة الرفيعة، وإما رجال جندية (شتري) وهؤلاء ممنوعون من اقتناء المال، وإما رجال فلاحة وتجارة (ويش)، وإما رجال خدمة (شودر) وهم لا يصلحون لشيء سوى الإهانة والاستعمال.

تأمل هذه الصورة الكلية والتي تحمل في ثناياها واقعًا اجتماعيًّا وسياسيًّا متراجعًا قيميًّا وأخلاقيًّا وإنسانيًّا، فلا قيمة للإنسان من حيث هو إنسان بل هو سلعة كسائر السلع يُباع ويشترى ويزج به في آتون الحروب والصراعات، ولا كرامة لامرأة بل إن بعض هذه المجتمعات كانت تحرق المرأة وهي على قيد الحياة إذا مات زوجها حتى لا تتسبب في العار في معتقدهم، وفي مجتمعات أخرى يرثها الابن بعد موت أبيه كسائر المتاع فلا قيمة ولا كرامة.

لن نكون مبالغين إذا وصفنا هذه المرحلة بأنها صورة للفوضى الكاملة في المجالات المختلفة سياسيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا اللهم إلا بقية قليلة من تعاليم الأنبياء عند آحاد من الناس هنا وهناك؛ ولذا فإن الإنسانية كانت بحاجة ماسة إلى أن تدركها رحمة الله بإرسال من يزيل الأدران التي راكمتها السنون على قلوب البشر فحجبتها عن نور الفطرة وانحرفت بها عن هدي الرسالات.

 

- مدخلُ رسول الله ﷺ -سيرتُه في بيته-: يقول الإمام الحسين بن علي رضى الله عنهما: "سألت أبي عن مدخل رسول الله عليه الصلاة والسلام -سيرته في بيته-"؟ فقال: "كان دخوله عليه الصلاة والسلام لنفسه مأذونٌ له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله عز وجل، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم قسَّم جُزأَه بينه وبين الناس فيرُدّ بالخاصة على العامة، ولا يدّخر عنهم شيئًا. فكان من سيرته في جزءِ الأُمَّةِ إيثار أهل الفضل بإذنه، وقَسَّمه على قدر فضلهم في الدين؛ فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج؛ فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمَّة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول عليه الصلاة والسلام : «ليبلِّغ الشاهدُ منكم الغائب، وأبلغونا حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سُلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبَّتَ اللهُ قدميه يوم القيامة»، لا يُذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبلُ من أحد غيره، يدخلون عليه رُوادًا، ولا يفترقون إلا عن ذواقٍ، ويخرجون أدلةً -يعني فقهاء-" رواه الترمذي.


أولًا: حلف الفضول أو حلف المطيبين وقصة هذا الحلف أن رجلًا من قبيلة زبيد وقف يستغيث بأهل مكة؛ لأنه كانت بينه وبين رجل من قريش اسمه العاص بن وائل السهمي معاملة تجارية وكان العاص ذا منعة وقوة، فأخذ العاص البضاعة من الزبيدي ورفض أن يُعطيه ثمنها فوقف الرجل على جبل أبي قبيس وأخذ يصرخ


قضى الحبيب صلى الله عليه وسلم قرابة خمس سنوات في أجواء الصحراء المفتوحة حيث الطبيعة النقية والتنشئة الصحية، يقول الشيخ محمد الغزالي: "وتنشئة الأولاد في البادية، ليمرحوا في كنف الطبيعة، ويستمتعوا بجوِّها الطلق وشعاعها المرسل، أدنى إلى تزكية الفطرة، وإنماء الأعضاء والمشاعر، وإطلاق الأفكار والعواطف". [فقه السيرة].


من ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أكره، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبَى عليّ، فدعوتها اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره، فادعُ الله أن يهدي أمَّ أبي هريرة.


أَخَذَ عناد المشركين يقوى ولجاجتهم تشتد، وقد أرادوا إخراج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتحديَه بمطالبته بالإتيان بمعجزات تثبت نبوته؛ قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادعُ لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. قال: «وَتَفْعَلُوُنَ»؟ قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت لهم باب التوبة والرحمة؟ قال: «بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك"، وقال الإمام الذهبي: "الحديث صحيح" .


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 يوليو 2025 م
الفجر
4 :34
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 50
العشاء
9 :17