01 يناير 2017 م

"الإمام أبو حنيفة ومشورة أصحابه"

"الإمام أبو حنيفة ومشورة أصحابه"


من الأهمية بمكان إدراكُ حقيقة نشأة المذاهب الفقهية وكيفية عملها واستنباط الأحكام بها، ومما يغفل عنه كثيرٌ من الناس أن هذه المذاهب لا تمثل رأي الإمام الذي تُعرف باسمه فقط، وإنما تمثل رأي العلماء أو الجماعة العلمية التي تُكَوِّنُ هذا المذهب أو ذاك.

وفي هذه السطور نتعرض لمذهب الحنفية الذي يُنْسَبُ للإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وقد ولد رضي الله عنه بالكوفة سنة 80 هجرية، وتوفي سنة 150 هجرية، ولقد كان عالمًا فذًّا لا يختلف أحدٌ على غزارة علمه وفطنته وذكائه، وكان الإمام الشافعي يقول: "الناس في الفقه عيالٌ على أبي حنيفة"، ومع ذلك لم يكن الإمام أبو حنيفة ينفرد برأيه دون مشورة تلاميذه الذين كانوا بدورهم أئمة كبارًا مشهودًا لهم بالعلم والفضل، بل كان يشكِّلُ بهم مَجْمَعًا علميًّا تتم فيه دراسة الرأي والتشاور حوله واستعراض أدلته وما إلى ذلك من الأمور التي تتعلق بالاستنباط وأدواته، وفي ذلك يقول الإمام الكوثري عند حديثه عن مذهب الحنفية وأنه امتدادٌ لمدرسة سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ثم الفقهاء الذين امتلأت بهم الكوفة من بعده، فقال: وقد جمع أبو حنيفة علوم هؤلاء ودوَّنها بعد أخذٍ وردٍّ سديديْن في المسائل بينه وبين أفذاذ أصحابه في مجمع فقهي كيانُه من أربعين فقيهًا من نبلاء تلاميذه المتبحرين في الفقه والحديث وعلوم القرآن والعربية، كما نص على ذلك الطحاوي وغيره.

وعن هذا الإمام الأعظم يقول ابن النديم محمد بن إسحاق، الذي ليس هو من أهل مذهبه: "والعلم برًّا وبحرًا، شرقًا وغربًا، بُعدًا وقربًا تدوينُه رضي الله عنه".

وعن ابن كرامة قال: "كنا عند وكيعٍ يومًا فقال رجل: أخطأ أبو حنيفة، فقال وكيع: كيف يقدر أبو حنيفة يخطئ ومعه مثل أبي يوسف وزفر في قياسهما، ومثل يحيى بن أبي زائدة، وحفص بن غياث، وحبان، ومندل في حفظهم الحديث، والقاسم بن معن في معرفته باللغة العربية، وداود الطائي، وفضيل بن عياض في زهدهما وورعهما؟ مَنْ كان هؤلاء جلساءه لم يكدْ يخطئ؛ لأنه إن أخطأ ردوه".

وعن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: "قال أبو حنيفة يومًا: أصحابنا هؤلاء ستة وثلاثون رجلًا، منهم ثمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتوى، ومنهم اثنان يصلحان يؤدبان القضاة وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر".

ومن المعلوم أن المذاهب لا تقتصر على رأي إمامها فقط، بل تدخل آراء تلاميذه أيضًا، بل وآراء علماء المذهب فيما بعد ضمن آراء المذهب؛ لأن أهم شيء تُقيمه هذه المذاهب هو بناء منهج التفكير والنظر في التعامل مع النصوص وكيفية تنزيلها على الواقع ومِنْ ثمَّ استنباط الأحكام الفقهية.

وسيبقى من المهم أيضًا إدراك هذه الطبيعة المنفتحة في التعامل مع الفقه الإسلامي، التي رسَّخها هؤلاء العلماء الأجلاء في تسامحٍ وسعيٍ دائبٍ نحو الحقيقة، بمشورة واسعة لا انفراد فيها برأي أو تعصب لهوًى أو تحقيقًا لمآرب بعيدة عن الحقيقة العلمية والدينية.

إن الهدف الوحيد لكل هذا التراث العلمي الذي تركوه لنا هو معرفة مراد الله سبحانه وتعالى على النحو الذي أراد لنا به معرفته، فرضي الله عنهم وجزاهم خير الجزاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي.
- "مقالات الكوثري".

الإمام النووي الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، ولي الله تعالى، محيي الدين أبو زكريا النووي، إمام أهل عصره علمًا وعبادةً، وسيد أوانه ورعًا وسيادة، العلم الفرد، أوحد دهره، وفريد عصره، الصوام، القوام، الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، صاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن السنية، العالم الرباني المتفق على علمه وإمامته وجلالته وزهده وورعه وعبادته وصيانته في أقواله وأفعاله وحالاته، له الكرامات الطافحة، والمكرمات الواضحة. ولد سنة 631ه، وتوفي سنة 676ه، وتميز الشيخ بالجد في طلب العلم وتحصيله من أول نشأته وفي شبابه، حتى إنه كان من اجتهاده في طلب العلم يقرأ في كل يوم اثني عشر درسًا على المشايخ، وما أدل على نبوغ الإمام النووي وحبه للعلم منذ صغره ورغبته في عدم ضياع وقته دون تحصيل مما ذكره عنه شيخه في الطريقة الشيخ ياسين بن يوسف الزركشي قال:


الإمام أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة والجماعة، أحد الأئمة العظماء الذين حافظوا بعلمهم وسعيهم على عقيدة المسلمين واضحة نقيَّة، وتبعه جماهير العلماء على مرِّ العصور والأزمان حتى يومنا الحاضر. ولد حوالي سنة 270هـ وقيل 260هـ، وتوفي قبل أو بعد سنة 330هـ، وكان أوَّلًا معتزليًّا، ثم تاب


الزهري أعلم الحفاظ أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب القرشي الزهري المدني، ولد سنة 50ه، وتوفي سنة 124ه، أحد الأعلام من أئمة الإسلام، روى عن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك، وحدث عن ابن عمر وسهل بن سعد وأنس بن مالك ومحمود بن الربيع وسعيد بن المسيب وأبي أمامة بن سهل وطبقتهم من صغار الصحابة وكبار التابعين، وروى عنه عقيل ويونس والزبيدي وصالح بن كيسان ومعمر وشعيب بن أبي حمزة والأوزاعي والليث ومالك وابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث وإبراهيم بن


هو عروة بن الزبير بن العوام، أبوه الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وأمه السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق "ذات النطاقين" رضي الله عنهم جميعًا. ولد سيدنا عروة رضي الله عنه حوالي سنة 23هـ، روى عن أبيه، وعن العبادلة، ومعاوية، والمغيرة، وأبي هريرة، وأمه أسماء، وخالته عائشة، وأم سلمة رضي الله عن الجميع، وروى عنه جماعة من التابعين، وخلقٌ ممن سواهم. قال محمد بن سعد: "كان عروة ثقة، كثير الحديث، عالمًا مأمونًا ثبتًا".


الإمام ابن قاسم هو: أبو عبد الله عبد الرحمن بن قاسم، عالم الديار المصرية، ومفتيها، صاحب مالك الإمام. ولد 132ه، ومات بمصر سنة 191ه، جمع بين الزهد والعلم وتفقه بمالك ونظرائه وصحب مالكًا عشرين سنة وانفرد فيها بالإمام ولم يخلط به غيره إلا بالشيء اليسير، وقيل عنه: كان ابن القاسم أعلم تلاميذ مالك بعلم مالك وآمنهم عليه، وعاش بعده اثنتي عشرة سنة، وكان فقيهًا قد غلب عليه الرأي وكان رجلًا صالحًا مقلًّا صابرًا وروايته "الموطأ" عن مالك رواية صحيحة قليلة الخطأ، وكان فيما رواه عن


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :15