ما مدى حجية الإقرار في الشريعة بشأن دعوى قضائية؛ فقد أقمتُ استئنافًا ضد هيئة الإصلاح الزراعي التي قامت بالاستيلاء على أملاكي والأطيان الزراعية، وهذا قَدَر من عند الله، وقدمت ضمن أوراق الدعوى مستندين مهمين هما إقراران موثقان من الإصلاح الزراعي -إدارة الاستيلاء تفيد ملكيتي واحتفاظي بمساحة قدرها 49ف، 10ط، 20 س، ناحية الأخماس مركز السادات محافظة المنوفية- وحيث إن المركز القانوني لهذا الإقرار هو قرينة قانونية قاطعة على حقيقة المقر به واعتراف بالحق الذي في ذمة الإصلاح الزراعي، وحيث إن هذا الإقرار هو أمر وإخبار بأمر وكاشف للحق وليس منشئًا له، وإذ طلبت من عدالة المحكمة التصريح لي باستخراج واستصدار فتوى تشريعية من دار الإفتاء المصرية حول مدى حجية الإقرار في الشريعة الإسلامية الغراء ومدى حقي في المطالبة بملكي الثابت بموجب الإقرارين المقدمين والثابت منهما من خلال الإصلاح الزراعي ملكيتي لهذه المساحة، وقد تأجلت جلسة الاستئناف لاستصدار فتوى من سيادتكم. لذلك أتشرف بأن أرفع لمعاليكم هذا الأمر لاستصدار فتوى شرعية حول الإقرارين سندي في الدعوى.
الإقرار حجةٌ بنفسه ومقدَّمٌ على البينة، وهناك حالات يحتاج فيها القاضي إلى البينة مع الإقرار؛ وذلك إذا ما طُلب تعدي الحكم للغير.
والمُقَرُّ به نوعان: حقٌّ لله تعالى، وحقُّ العبد. والأول نوعان: حقٌّ خالصٌ لله تعالى، وحقٌّ لله تعالى فيه حقٌّ للغير أيضًا.
والرجوعُ عن الإقرارِ قد يكونُ صريحًا؛ كأن يقول: رجعت عن إقراري، أو دلالةً؛ كأن يهرب عند إقامةِ الحدِّ؛ لأن الهرب دليلُ الرجوع.
فإن كان الإقرار بحقٍّ من حقوق الله التي تسقطُ بالشبهةِ -كالزنا-، فالرجوع فيه مَقبولٌ، ويُسقِطُ الحَدَّ عنه؛ لأن الرجوع يُورِث شبهةً، والحدودُ لا تُسْتوفَى مع الشُّبهات.
وإن كان الإقرار بحقٍّ من حقوق العباد أو بحقٍّ لله تعالى لا يسقط بالشبهة؛ كالقِصَاصِ وحدِّ القذفِ، وكالزكاة والكفارات، فلا يُقبل رجوعُه عنها؛ لأنَّ حقَّ العبدِ بعد ثبوته لا يسقط بالرجوع، ولأنَّ حقوقَ العباد مبنيَّةٌ على المشاحَّةِ، فلا يمكن إسقاطُها بغير ِرضا أصحابها.
الإقرار كما قرر الفقهاء هو: الإخبارُ عن ثبوتِ حقٍّ للغير على المُخبِر، والدليل على مشروعية الإقرار -قبل الإجماع- الكتابُ والسنة: قال تعالى: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 282]، حيث أمره بالإملال، ولو لم يُقبل إقراره لما كان لإملاله معنى، وقد رجمَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ماعزًا والغامدية بإقرارهِما، فإذا وجبَ الحدُّ بإقراره على نفسه فالمالُ أولى أن يجب، ثمَّ المشروعية تثبت أيضًا بالمعقولِ؛ حيث إن العاقلَ لا يقر على نفسه كاذبًا بما فيه ضررٌ على نفسه أو مالِه، فترجحت جهةُ الصدق في حق نفسه لعدم التهمة وكمال الولاية.
وأثرُ الإقرار ظهور ما أقرَّ به المُقِرُّ في الماضي، والإقرارُ حجةٌ بنفسه، وهو مقدَّم على البينةِ؛ ولهذا يبدأ القاضي بالسؤال عنه قبل السؤال عن الشهادةِ، ولكنَّها حجةٌ قاصرة على المُقِرِّ وحده؛ لقصور ولاية المقر عن غيره، فيقتصر عليه؛ فقد أخرج أبو داود: "أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقرَّ بأنَّه قد زنى بامرأةٍ سماها، فأرسل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المرأة فدعاها فسألها عما قال فأنكرت، فحدَّه وتركها".
غير أن هناك حالات يحتاج فيها القاضي إلى البينةِ مع الإقرارِ أيضًا، وهذا إذا ما طلب تعدي الحكم للغير.
والإقرارُ أركانه عند الجمهور أربعة: المقِرُّ، والمقَرُّ له، والمقَرُّ به، والصيغة.
وموضوع السؤال هو المقَرُّ به، وهو نوعان: حقٌّ لله تعالى وحقٌّ العبد، والأول نوعان: حقٌّ خالصٌ لله تعالى، وحقٌّ لله تعالى فيه حقٌّ للغير أيضًا.
والرجوعُ عن الإقرارِ يختلف تبعًا لمتعلقه: هل هو حقٌّ الله تعالى أو حقٌّ العباد، وقد يكونُ صريحًا؛ كأن يقول: رجعت عن إقراري، أو كذبت فيه، أو دلالةً؛ كأن يهرب عند إقامةِ الحدِّ، إذ الهرب دليلُ الرجوع، فإن كان بحقٍّ من حقوق الله التي تسقطُ بالشبهةِ كالزنى، فإنَّ جمهورَ الفقهاء: الحنفية والمشهور عند المالكية ومذهب كل من الشافعية والحنابلة على أن الرجوعَ يُعْتَبر، ويُسقط الحد عنه؛ لأنَّه يحتمل أن يكون صادقًا في الرجوعِ وهو الإنكار، ويحتمل أن يكون كاذبًا فيه، فإن كان صادقًا في الإنكارِ يكون كاذبًا في الإقرار، وإن كان كاذبًا في الإنكارِ يكون صادقًا في الإقرار، فيُورِث شبهةً في ظهورِ الحدِّ، والحدودُ لا تُستوفَى مع الشبهات، وقد رُوي: "أن ماعزًا لما أقر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالزنى لقَّنه الرجوع"، فلو لم يكن محتملًا للسقوطِ بالرجوع ما كان للتلقين معنًى؛ سواء أرجعَ قبل القضاءِ أم بعده، قبلَ الإمضاءِ أم بعده.
أما مَنْ أقرَّ إقرارًا معتبرًا بحقٍّ من حقوق العباد أو بحقِّ الله تعالى لا يسقط بالشبهة؛ كالقِصَاصِ وحدِّ القذفِ، وكالزكاة والكفارات، ثم رجع في إقرارِه فإنَّه لا يُقبل رجوعُه عنها من غير خلافٍ؛ لأنَّه حقٌّ ثَبَتَ لغيرهِ فلم يملك إسقاطَه بغيرِ رضاه؛ لأنَّ حقَّ العبدِ بعدما ثبت لا يحتمل السقوطَ بالرجوعِ، ولأنَّ حقوقَ العباد مبنيَّة على المشاحَّة، وما دام قد ثبت له فلا يمكن إسقاطُه بغير ِرضاه.
وقد وضَّح القرافيُّ الإقرارَ الذي يُقبل الرجوع عنه والذي لا يُقبل الرجوع عنه فقال في كتابهِ "الفروق": [الأصلُ في الإقرارِ اللزومُ من البَرِّ والفاجرِ؛ لأنَّه على خلاف الطبعِ. وضابطُ ما لا يجوز الرجوع عنه هو ما ليس له فيه عذرٌ عادي، وضابطُ ما يجوز الرجوع عنه أن يكونَ له في الرجوع عنه عذرٌ عادي، فإذا أقر الوارثُ للورثةِ أنَّ ما تركه أبوه ميراثٌ بينهم على ما عهد في الشريعة، ثم جاء شهودٌ أخبروه أنَّ أباه أشْهدهم أنَّه تصدَّق عليه في صغره بهذه الدارِ وحازها له، فإنَّه إذا رجع عن إقراره معتذرًا بإخبار البينة له، وأنه لم يكن عالمًا بذلك، فإنَّه تُسمعُ دَعواه وعذرُه، ويقيم بينته، ولا يكون إقرارُه السابقُ مكذبًا للبينةِ وقادحًا فيها، فيقبل الرجوع في الإقرار. وإذا قال: له عليَّ مائة درهم إن حلف -أو مع يمينه- (فحلف) المقَرُّ له، فرجع المقِرُّ وقال: ما ظننتُ أنَّه يحلف، لا يلزم المقِرَّ شيء؛ لأن العادةَ جرت بأنَّ هذا الاشتراطَ يقتضي عدمَ اعتقاد لزوم ما أقر به، والعادةُ جرَت على أنَّ هذا ليس بإقرارٍ] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يتيح القانون المصري أن يكون القاضي مسيحيًّا؛ فهل هذا يتعارض مع الشريعة الإسلامية في شيء؟ وهل ينفذ قضاء القاضي حينئذ؟
نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف على مراعاة الإحسان في المعاملة بين الزوجين.
هل إشهار الإسلام يبدأ من تاريخ الإشهار أم من تاريخ تحرير المستندات الدالة على الإشهار؟ علمًا بأن الشهادة الصادرة من هيئة مسلمي المجر تشهد فيها بأن السائلة قد اعتنقت الدين الإسلامي يوم 10 أبريل 2007م، وذُيِّلت الشهادة بعبارة: حرر في بودابست 8 سبتمبر 2012م.
ما حكم عجز المدعي عن إقامة البينة على زواجه من المدعى عليها؟ فقد سئل بإفادة من قاضي محكمة مديرية الدقهلية الشرعية؛ مضمونها: أنه يرغب الاطلاع على صورة المرافعة المرسلة مع هذه الإفادة، وعلى ما أفاده عليها مفتي المديرية، والإفادة بما يرى، ومضمون الصورة المذكورة: صدور الدعوى الشرعية لديه بعد التعريف الشرعي، من رجلٍ من أهالي أحد الكفور بمحافظة الشرقية، على امرأة بكر رشيدة من مواليد نفس الكفر، بأنها زوجته وفي عصمته، تزوجها بعقد نكاحٍ صحيحٍ شرعي على صداق عيَّنه مقدمًا ومؤخرًا -ووصفه-، وأنها قبضت ذلك المقدّم ليلة العقد عليها وتسلمته بيدها من أخيها وكيلها في العقد المذكور، وأن هذا العقد صدر لدى مأذونٍ، وقيد عنده في تاريخه، وأن هذا المدَّعِي إلى الآن لم يدخل بهذه المدعَّى عليها الدخول الشرعيّ، ولم يحصل بينه وبينها خلوة، وأنها الآن خارجة عن طاعته بغير حق، ويطلب أمرها بالامتثال لطاعته في أمور النكاح الشرعية، ويسأل سؤالها عن ذلك، وبسؤالها أجابت بالإنكار لدعوى هذا المدَّعِي المذكورة، وأنها بكرٌ خالية من الأزواج، ولم تتزوج بأحد أصلًا، وأنها بالغة رشيدة، ولما طُلِبَ من هذا المدعِي إحضار البينة التي تثبت له دعواه الزوجية المذكورة عرف بقوله: إنني لا يمكنني إحضار الشهود التي تشهد لي بزواجي بهذه المدَّعَى عليها إلا بواسطة الحكومة، ولا يمكنني إحضار شهودي إلا بمحكمة مديرية الشرقية الشرعية، فعند ذلك عرف هذا المدعي من القاضي المذكور بأن له عليها اليمين الشرعية حيث عجز عن إحضاره بنفسه شهوده على دعواه المذكورة، فطلب تحليفها اليمين الشرعية، فحلَّفها القاضي المذكور بأنها ما تزوجت بهذا المدّعِي، ولا وكَّلت أحدًا في زواجها به، ولا هي زوجة له الآن، وحلفت كما استحلفت بحضرة هذا المدّعِي، وبإحالة ذلك على مفتي المديرية أجاب عنه بتاريخه بصحة الدعوى، وأن قول المدَّعِي: إنني لا يمكنني إحضار الشهود.. إلخ ليس اعترافًا صريحًا منه بغيبة بينته عن المنصورة حتى يكون التحليف وقع موقعه، وأن اللازم أن يُؤخَذ قولُهُ صريحًا بغيبة بينته عن المنصورة وقت طلبه اليمين، أو بوجودها بالمنصورة وقته، وقد استفهم القاضي المذكور بإفادته المذكورة أنه: إذا كان يحكم بمنع هذا المدعي من دعواه المذكورة لعجزه عن إقامة البينة عليها؛ فللمدَّعَى عليها أن تتزوج بمن تشاء، أم كيف؟
ما حكم تفويض الزوج زوجته بتطليق نفسها منه متي شاءت؟ فسائلة تقول إن زوجها قد فوضها في تطليق نفسها منه على الإبراء من كافة الحقوق الزوجية متى شاءت، ويعتبر ذلك ملحقًا بعقد الزواج الصادر بينهما، وقد قضت المحكمة بإثبات طلاقها منه طلقة بائنة في 23/ 11/ 1978م في نظير الإبراء من الحقوق الزوجية جميعها بالحكم الصادر بجلسة 28/ 1/ 1979م في هذه القضية لسنة 1978م كلي أحوال شخصية، والصادر هذا الطلاق منها بناءً على تفويض زوجها إياها فيه على هذا الوصف، وأودعت صورة ضوئية من هذا الحكم. وطلبت السائلة الإفادة عما إذا كان هذا الإبراء يتضمن الحقوق اللاحقة لهذا الطلاق وهي: مؤخر الصداق ونفقة العدة، والحقوق السابقة عليه حيث إنه امتنع عن الإنفاق عليها منذ أكثر من سنتين، وبيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما مدى مشروعية التحكيم طبقًا للشريعة الإسلامية في الأحوال الآتية:
أولًا: عدم تحديد موضوع النـزاع في وثيقة التحكيم؛ كأن يُنص في صك التحكيم أن هناك نـزاعًا بيننا نحن الأخوين فلان وفلان دون تحديد موضوع هذا النـزاع على وجه الدقة خاصة مع وجود نـزاعات أخرى متعددة بين طرفي خصومة التحكيم.
ثانيًا: الحكم في النـزاع دون تحديد جلسة لنظره ولا مكان انعقاد ولا موعد تقديم المستندات والمذكرات وأوجه الدفاع، وغير ذلك مما يُعدّ من المبادئ الأساسية لكفالة حق الدفاع وضماناته في سائر النظم القانونية.
ثالثًا: عدم تقديم قرار التحكيم للجهات المختصة للتصديق عليه ومراقبة مدى مطابقته للقوانين وقواعد التحكيم، وكذلك التأكد من عدم وجود مانع من تنفيذه.
رابعًا: عدم شمول قرار التحكيم على ملخص أقوال الخصوم ودفوعهم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه وتاريخه والمصدر الذي استقت منه المحكمة قضاءها، وغير ذلك من الشروط التي يوجبها القانون عادة في قرارات التحكيم بما يطمئن المطّلع عليه بإحاطة المحكمة لوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة، وأنها استنفدت كل سلطانها لكشف وجه الحق.
خامسًا: مدى اعتبار تفسير المحكم لقراره جزءًا مندمجًا في ذلك القرار؛ بمعنى أنه إذا قام المحكم بإضافة ملاحظة إلى قراره في تاريخ لاحق على صدور ذلك القرار بما يفيد معنى معينًا، هل يُعدُّ ذلك جزءًا من القرار أم لا؟