ما حكم هبة العين المؤجَّرة؟ فهناك رجل يملك جملة أطيان خراجية وغير خراجية، ويملك جملة عقارات من ضمنها منزل كبير، أفرز بعضه لسكناه، والباقي مؤجر لغيره، وجميع الأطيان والعقارات المذكورة مؤجرة للغير بموجب عقود، ثم أثناء وجودها تحت يد المستأجر وهب الأطيان والعقارات المؤجرة المذكورة لولده القاصر المشمول بولايته، فهل والحالة هذه تكون الهبة المذكورة في الأطيان والعقارات المؤجرة غير نافذة شرعًا، ولا تفيد الملك للموهوب له، وللواهب التصرف فيها بالبيع في أثناء مدة الإجارة وهي تحت يد المستأجر كما ذكر؟ أم كيف الحال؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب. أفندم.
لا تنفذ هبة الأب لطفله في الأشياء المذكورة وهي تحت يد المستأجر، ولا تُفِيد الْمِلْك للموهوب له، فلو تصرف فيها بالبيع قبل انتهاء مدة الإجارة صَحَّ تصرفه إذا وافق المستأجر، وإذا انقضت مدة الإجارة نفذ تصرفه.
نعم؛ هبة الأب لطفله الأطيان والعقارات المذكورة أثناء وجودها تحت يد المستأجر بمقتضى عقود الإجارة كما ذكر لا تنفذ؛ لعدم قبضه الذي ينوب عن قبض الصغير؛ لأن قبض المستأجر لنفسه، ولا تفيد الملك للموهوب له، فلو تصرف فيها الواهب بالبيع، وهي في يد المستأجر قبل انتهاء مدة الإجارة صح تصرفه، غير أنه يكون موقوفًا على إجازة المستأجر مراعاةً لحقه، وإذا انقضت مدة الإجارة نفذ كما يعلم ذلك من نصوص العلماء.
ففي "البحر" من الهبة عند قول المصنف: (وهبة الأب لطفله تتم بالعقد) ما نصه: [لأن قبض الأب ينوب عنه. وشمل كلامُهُ ما إذا كانت في يد مودع الأب؛ لأن يده كَيده، بخلاف ما إذا كانت في يد الغاصب أو المرتهن أو المستأجر، حيث لا تجوز الهبةُ لعدم قبضه؛ لأنَّ قبضهم لأنفسهم] انتهى.
وفي "الدرر" ما نصه: [ولو سلمه شائعًا لا يملكه حتى لا ينفذ تصرفه فيه، فيكون مضمونًا عليه، وينفذ فيه تصرف الواهب. ذكره قاضيخان] انتهى.
وفي "تنقيح الحامدية" ما نصه: [سئل فيما إذا كان لزيد ثُلث بستان معلوم جارٍ في ملكه على سبيل الشيوع أرضًا وغراسًا، فوهبه من أولاده الثلاثة القاصرين من غير قسمة، والبستان يحتمل القسمة، ثم باع زيد مع بقية شركائه جميع البستان من رجل، فهل تكون الهبة فاسدة والبيع نافذًا؟ الجواب: هبة المشاع فيما يحتمل القسمة؛ وهو ما يجبر القاضي فيه الآبي عن القسمة عند طلب الشريك لها، لا تفيد الملك للموهوب له في المختار مطلقًا؛ شريكًا كان أو غيره، ابنًا أو غيره، فلو باعه الواهب صح] انتهى.
ثم نقل بعد ذلك ما يخالفه، ثم حقق أن الأول هو ظاهر الرواية، وأنه الذي نص عليه محمد، وأنه قول أبي حنيفة، فهو الذي عليه المعول، ونحو ذلك يقال في حادثة هذا السؤال، وأما ما قاله السائحاني من أن هبة الأب لطفله العين المستأجرة تتم بانقضاء مدة الإجارة، فمحمله ما إذا لم يوجد تصرف الواهب في أثناء مدتها بنحو البيع كما هو ظاهر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هو حق الورثة في أرض تبرعت بها المتوفاة حال حياتها؛ حيث تبرعت امرأة حال حياتها وهي بكامل صحتها بقطعة أرض -قدرها قيراط وقصبتان- من ميراثها لوالدها مُبَيَّنة المعالم والحدود بعقدِ تبرُّع مُحَرَّرٍ وَقَّع عليه الشهود؛ لبناء مسجد لله تعالى، ولم يتم بناء المسجد حتى وفاتها، فهل لأحد من الورثة حقّ في قطعة الأرض المذكورة؟
بماذا يفيد ترك النبي الشهادة على عطاء الصحابي بشير لولده النعمان؟ وهل هذا الترْكُ من النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يفيد وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة حال الحياة؟
سائل يقول: تزوَّج رجلٌ امرأة عاشت معه مدة من الزمن، ولم يُنجِبا، وله أخ شقيق وأولاد أخ، وقد كتب لها قبل وفاته قطعةَ أرض ممَّا يملِك نظير خدمتها له؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما قولكم دام فضلكم فيما يلي: أولًا: القاعدة الشرعية هي أن هبة المال المنقول لا تتم إلا بالقبض، فهل يشترط لذلك قبض المبلغ الموهوب كله أم يكفي قبض جزء منه فقط حتى تصبح الهبة صحيحة ونافذة المفعول فيما لم يُقبَضْ؟ ثانيًا: إذا تعهَّد شقيقٌ بأن يتبرع لشقيقته بمبلغ معين من المال عند زواجها، وَدَفَع لخطيبها جزءًا منه، ثم لم يتم الزواج، بل فسخت الخطبة، وتوفي الشقيق الواهب بعد ذلك، فهل تكون هناك هبة شرعًا فيما لم يتم قبضه؟
ما حكم المطالبة بخصم الهبة من الميراث؛ فقد وهب لي والدي قيراطًا ونصف القيراط من الأرض؛ وذلك من أجل تجهيزي للزواج، فهل من حقِّ أخي بعد وفاة والدي أن يأخذ مثل ما وهب لي أبي؟ علمًا بأن أخي قاصر ولم يتزوج بعد؟
ما حكم التسوية بين الأولاد في العطايا والهبات؟ فأنا لي أخ وأربع أخوات، وقد كتب والدنا للذكرين منّا نصف ممتلكاته في حياته، وترك الباقي نرثه جميعًا؛ فهل ما فعله أبي فيه ظلم للبنات؟ أليس ذلك يزرع الأحقاد والكراهية وقطيعة الرحم بيننا؟
وماذا عن هبة النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما لأحد أبنائه بستانًا؛ فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْطَيْتَ كُلَّ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»؟ وماذا عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ»؟
وأعتقد أنّ الذي يباح تمييزه عن إخوته هو الابن من ذوي الهمم، والابن الذي ساعد والده في زيادة ثروته، والذي ليس له حظ من التعليم بأن كان فلاحًا مثلًا، وأن ذلك في مذهب الإمام أحمد بن حنبل فقط دون بقية المجتهدين. فما قولكم؟