هل يجوز أن يتبرع غير المسلمين لكفالة أطفال المسلمين وبناء المساجد وإقامة المشاريع الخيرية كإنشاء المستشفيات ومعاهد التعليم وغير ذلك من أبواب التكافل الاجتماعي؟
نعم يجوز، ولا مانع شرعًا من قبول تبرعات غير المسلمين في مصالح المسلمين العامة؛ دينية كانت أم دنيوية، ما دام لا يترتبُ على ذلك مفسدةٌ شرعيةٌ؛ لأن الأصل في التعايش بين المسلمين وغيرهم هو قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، ولما ورد في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَبِلَ الهدايا من غير المسلمين.
المحتويات
الأصلُ في التعايشِ بين المسلمين وغيرِهم هو قولُهُ تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، وهذا يشملُ كافَّةَ أنواعِ العلاقاتِ الإنسانيةِ من التكافلِ والتعاونِ أخذًا وعطاءً على مستوى الفردِ والجماعةِ، وقد جاءت السنةُ النبويةُ المطهرةُ بقبولِ هدايا غيرِ المسلمين؛ فعن علي رضي الله عنه قال: "أَهْدَى كِسْرَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَى لَهُ قَيْصَرُ فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَتْ لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهُمْ" رواه الإمامان أحمد والترمذي وحسَّنه. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ رضي الله عنه أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم جُبَّةَ سُنْدُسٍ" متفق عليه، وعنه أيضًا رضي الله عنه: "أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم حُلَّةً أَخَذَهَا بِثَلاثَةٍ وَثَلاثِينَ بَعِيرًا أَوْ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ نَاقَةً فَقَبِلَهَا" رواه أبو داود، وعن عامرِ بن عبدِ اللهِ بن الزبيرِ قال: "قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ أَسْعَدَ مِنْ بَنِى مَالِكِ بْنِ حَسَلٍ عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ بِهَدَايَا؛ ضِبَابٍ وأَقِطٍ وَسَمْنٍ، وهي مُشْرِكَةٌ، فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَأَنْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا" رواه الإمام أحمد.
واستدل العلماء أيضًا على ذلك بقبولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم الهديةَ من سلمان الفارسي رضي الله عنه قبلَ إسلامِهِ؛ يقول الحافظ العراقي في "طرح التثريب": [وفيه قبولُ هدية الكافرِ؛ فإن سلمانَ رضي الله عنه لم يكن أسلم إذ ذاك، وإنَّما أسلمَ بعد استيعابِ العلامات الثلاثِ التي كان عَلِمَها من علامات النبوة] اهـ.
ولا فرقَ في قبولِ تبرُّعِ غيرِ المسلمين بين أن يكونَ تبرُّعُهم في مصالحِ الدنيا أو الدين، وبذلك أخذَ الشافعيةُ حين أجازُوا الوقفَ من غير المسلم على منافعِ المسلمين الدينية والدنيوية؛ نظرًا إلى اشتراطِ كون الوقفِ قربةً في ذاته، بقطعِ النظرِ عن اعتقادِ الواقف، خلافًا للمالكية في تصحِيحِهم وقفَ غيرِ المسلمِ على المنافعِ الدُنْيويَّةِ فقط، وللحنفية في اشتراطهم في وقفِ أهلِ الذمَّةِ أن يكون قربةً عندنا وعندهم.
قال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (4/ 122، بتصرف يسير): [وبَطل على حربيٍّ وغير مسلمٍ لِكَمسجدٍ ورباطٍ من كل منفعةٍ عامةٍ دينية، من جملتها بناؤه مسجدًا. ولبطلان القربةِ الدينيةِ من غير المسلم: رد مالكٌ دينارَ نصرانية عليها حين بعثت به إلى الكعبة، وأمَّا القُرب الدنيوية كبناءِ قناطر وتسبيلِ ماءٍ ونحوهما؛ فيصِحُّ] اهـ.
وقال العلامة ابنُ نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (5/ 204): [قوله: يُشترط كونُهُ قربةً عندنا وعندهم، الظاهر أنَّ هذا شرطٌ في وقفِ الذمِّي فقط؛ ليخرج ما لو كان قربةً عندنا فقط كوقفِه على الحجِّ والمسجد، وما كان قربةً عندهم فقط كالوقفِ على البِيعةِ، بخلاف الوقفِ على مسجدِ القدسِ؛ فإنه قربةٌ عندنا وعندهم؛ فيصح] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 510، بتصرف يسير): [شرطُ الواقفِ: صحةُ عبارته، دخل في ذلك غير المسلم؛ فيصح منه ولو لمسجدٍ وإن لم يعتبره قربةً؛ اعتبارًا باعتقادنا] اهـ.
وأما قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾ [التوبة: 17]، فالمقصود بالعمارَةِ المَنْهِيِّ عنها هنا ما كان لغيرِ المسلمين فيه ولايةٌ على المساجدِ واستقلال بالقيام بمصالحها، أو خِيفَ من إقامتهم للشِّرك فيها كما قال الله تعالى في الآية الأخرى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18].
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا مانعَ شرعًا من قبولِ تبرُّعاتِ غيرِ المسلمين في مصالحِ المسلمين العامة دينيةً كانت أم دنيويةً، أخذًا بمذهب الشافعية في ذلك ما دام لا يترتبُ على ذلك مفسدةٌ شرعيةٌ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الدعاء عند الذبح؟ فعند ذبح أيّ ذبيحة نقول: اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم تقبَّله منا كما تقبلت فدو سيدنا إسماعيل من سيدنا إبراهيم عليهما السلام، اللهم اجعل هذا العمل وكلَّ شيءٍ عندنا ومنَّا خالصًا لوجهك الكريم، واجعله مفتاحًا لكل أبواب الخير ومغلاقًا لكل أبواب الشر، ثم نقول: لنا ولهم مثلنا من الأجر والثواب من له حق علينا ومن لنا حق عليه وللمنسين والمحرومين، وأهل الله أجمعين ولروح الوالدين أجمعين ولروح جدي على الدوام منذ خلق الله الدنيا إلى يوم التلاقي، بسم الله، والله أكبر، سبحان من حلل عليك الذبح. فما حكم الشرع فيما نقول؟
يقول السائل: وهبتُ قطعةَ أرضٍ ليُقَام عليها مسجدٌ لله سبحانه وتعالى، يتمّ بناؤه على ثلاثة أدوار، وتمَّ جمع التبرعات من الأهالي، وَبُنِيَ المسجد فعلًا عدا الدور الأخير، فهل يحقُّ لي أن أبني فوق المسجد مسكنًا خاصًّا بي؟
ما حكم الذهب الذي أهداه الأولاد لأمهم في حياتها؟
فقد توفيت امرأة عن: أربعة أبناء، وست بنات. ولم تترك المتوفاة المذكورة أيَّ وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة. فما حكم الذهب الذي أهداه الأولاد لأمهم في حياتها: هل هو تركة يوزع على ورثتها أو لا؟ وما نصيب كل وارث؟
هل يجوز للموظف في جهة ما أن يحصل على نسبة أو عمولة لنفسه من شركة يشتري منها لصالح جهة عمله؟ وهل يُعدّ هذا من قبيل الهدية المشروعة؟
ما حكم تخصيص بعض الأبناء بالهبة حال الحياة لمصلحة معتبرة شرعا؟ فأنا كتبت لابني الأكبر بعض أملاكي فأهملني أنا ووالدته، وأخاف على أولادي الأصغر منه -ابن وبنتين- وأريد أن أخصّهم بالبيت الذي نسكن فيه؛ فماذا أفعل؟ هل أكتبه للابن الأصغر أو له وللبنتين؟
ما حكم التصرف حال الحياة ببيع شقة للابن من غير قبض الثمن؟ فقد باعت أمي لي شقة حال حياتها بثلاثة عشر ألف جنيه مصري، ولم تأخذ من الثمن شيئًا؛ نظير خدمتي لها وإنفاقي عليها في مرضها، فلما توفيت طالبني إخوتي بتقسيم الشقة عليهم ميراثًا، فما الحكم؟