هل يسقط المهر بالدخول أو بمضي مدة على الزواج؟ فقد تزوج رجلٌ مسلمٌ بامرأة مسلمة على صداق قدره ألف جنيه تعهَّد لها كتابةً بدفعه على دفعتين تحت طلبها، ثم دخل بها ولم تقبض من مهرها شيئًا، وبعد ذلك طالبته بهذا المبلغ. فهل يسقط حقها بالدخول، ولو بعد مضي ثلاث عشرة سنة على دخوله بها، أم كيف الحال؟
لا يسقط شيءٌ مِن مَهر الزوجة المذكورة بالدخول ولا بمُضيِّ أيِّ مدةٍ بعد الدخول إلا بالأداء أو الإبراء، وتُسْمَعُ دعواها في كل المهر: فإن أقام الزوج البينةَ على إيصال شيءٍ مِن مهرها إليها، أو استحلفها القاضي فرفضت، قُضِيَ له بما ادَّعاه، وإلا قُضِيَ لها بكل المهر.
اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأن المهر قد وجب بالعقد، وتأكد بالدخول فأصبح جميعه دَينًا قويًّا في ذمَّة الزوج لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، فلا يسقط شيء منه بالدخول، ولا بمُضيِّ مدة بعد الدخول مهما طالت؛ إذ الحق لا يسقط بتقادم الزمان، وليس في هذا شبهة كما لا شبهة في سماع دعواها كل المهر بعد الدخول إذا لم يكن هناك عُرف شائع بأنها لا تُسَلِّم نفسها إلا بعد قبض شيء من المهر أو كان هناك عرف كذلك، ولم يدَّعِ الزوج إيصال شيء لها على ما قاله صاحب "البحر" بحثًا، أما إذا كان هناك عُرف شائع بأنها لا تُسَلِّم نفسها إلا بعد قبض شيء من المهر وادَّعى الزوج إيصال شيء إليها، فهذا موضع خلاف بين العلماء: فمنهم من يحكِّم هذا العرف، ويقول: إن العرف الشائع مكذِّب لها في دعواها عدم قبض شيء فإما أن نقرَّ بما تعجَّلت من المتعارف وإلا قضي عليها بالمتعارف تعجيله، ونقلوا ذلك عن الفقيه أبي الليث، وقال ابن عابدين: [إن ما قاله الفقيه مبنيٌّ على أن العرف الشائع مكذِّب لها في دعواها عدم قبض شيء، وحيث أقرَّه الشارحون وكذا قاضيخان في شرح الجامع فيفتى به... إلى آخر ما قال] اهـ، ومنهم من يقول: إنه تسمع دعواها كل المهر في هذه الحالة أيضًا؛ لأن كل المهر كان واجبًا بالنكاح، فلا يقضى بسقوط شيء منه بحكم الظاهر؛ لأنه لا يَصْلُحُ حجة لإبطال ما كان ثابتًا به.
والذي يظهر لنا هو القول الثاني؛ وهو سماع دعواها كل المهر بعد الدخول، فإن أقام الزوج برهانًا على ما ادَّعاه من إيصال شيء إليها عُمل بهذا البرهان، وإلا حلفت الزوجة بطلبه على أنها لم يصل إليها ما ادعَاه، ولا شيء منه، فإن حلفت قُضي لها بكل المهر، وإن نكلت عن اليمين ثبت ما ادَّعاه من إيصال ما ادَّعى إيصاله إليها.
وإنما اخترنا هذا القول؛ لظهور وجهه، ولأن العادة لا تحيل دخول الزوج على زوجته بدون قبض شيء من المهر حتى يكون دعواها كل المهر من قبيل دعوى المستحيل عادةً. على أنه بالرجوع إلى عبارة الفقيه أبي الليث التي ذكرها صاحب "البزازية" والحموي في "حاشيته على الأشباه"، يعلم أنها لا تدل على ما اختاره ابن عابدين للفتوى كما نبَّه على ذلك المرحوم الشيخ الرافعي في تقريره على "رد المحتار"، وقد أُلِّفتْ في هذه المسألة رسالتان؛ لتأييد القول الذي اخترناه، ولقد أحسن شيخ مشايخنا المرحوم الشيخ عبد الرحمن البحراوي حيث قال في تقريظه لإحدى هاتين الرسالتين ما نصه: "والذي تلخَّص عندي في حادثة هذه الرسالة أن المهر دَين للمرأة على زوجها، ولها أخذه من تَرِكته -موضوع هذه الرسالة كان الزوج متوفًّى، ومثله ما لو كان حيًّا بعد الدخول- ولا يُقضى بسقوط شيء منه بحكم الظاهر؛ لأنه لا يصلح حجة لإبطال ما كان ثابتًا كما نقله الرحمتي عن قاضيخان، وإذا كانت المسألة منصوصة في "الجامع الصغير" للإمام محمد بن الحسن، فالواجب الرجوع إليه، ولا يبطل ذلك ما قاله الفقيه أبو الليث؛ لأنه مخالف لظاهر الرواية، ولأصول المذهب؛ ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» رواه البيهقي..." إلى آخر ما قال رحمه الله.
وخلاصة ما ذكرنا: أنه لا يسقط شيء من المهر بالدخول، ولا بعد مُضيِّ المدة المذكورة في السؤال لما قلناه، وتُسمع دعوى الزوجة كل المهر، فإن ادعى الزوج إيصال شيء منه إليها: فإن أقام برهانًا على دعواه، أو استحلفت فنكلت، قُضِيَ له بما ادعاه، وإلا قُضِيَ بكل المهر لها. هذا ما ظهر لنا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التوكيل بالزواج مع وجود الولي؟ فرجل تزوج على يد المأذون الشرعي وبحضور الشهود ببكر عاقل بالغ توفي والدها من قبل، ولم يحضر العقد أحد من أولياء أمورها حال كونهم موجودين على قيد الحياة، وهم إخوة لأب، وحضر وكيلها الأجنبي عنها وهو زوج أمها، والزوج المذكور كفء لها، وبمهر المثل. فهل هذا النكاح صحيح أم لا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب. أفندم.
ما حكم زواج الرجل بزوجة ابنه المطلقة قبل الدخول؛ حيث قام شابٌ بعقد الزواج على امرأة وطلَّقها قبل أن يدخل بها، ثم قام والده بالزواج منها؛ لأن الابن لم يدخل بها، فما حكم هذا الزواج؟
ما حكم الجمع في الزواج بين المرأة وبنت بنت خالتها؟ فالرجل تزوج بامرأة ثم طلقها، وتزوج بعد الطلاق مباشرة ببنت بنت خالتها، ثم راجع زوجته الأولى. فهل يصحّ شرعًا أن يجمع الرجل المذكور بين هاتين المرأتين؟
ما حكم رد الشبكة والهدايا عند فسخ الخطبة؟ علمًا بأنَّ الهدايا كانت مبالغ مالية وقد صُرِفت، وأقمشة وقد تم تفصيلها إلى ملابس وتم استعمالها.
ما حكم الزواج من مطلقة الابن قبل الدخول؟ فالسائل عقد قرانه على بنت بكر، ولم يدخل بها، ولكنه اختلى بها خلوة صحيحة، ثم طلقها طلقة واحدة بائنة؛ لأنه طلاق قبل الدخول، ويريد والده التزوج بهذه البنت. وطلب السائل بيان الحكم الشرعي فيما إذا كانت هذه البنت يجوز شرعًا لوالده التزوج بها أو لا؟
ما حكم زواج المرأة البِكر أو الثَّيِّب وليس لها وَلِيٌّ مِن عَصَبَتِهَا؟ وأُرفِق طيُّه ما يُفيد رغبةَ مواطن سوداني يبلغ مِن العُمر (ثمانية وعشرين عامًا وثلاثة أشهر تقريبًا)، في الزواج مِن مواطنة سودانية تبلغ مِن العُمر (سبعة عشر عامًا وثمانية أشهر تقريبًا) حتى تاريخه، وقد أخبرَت أن والدَها متوفًّى، وليس له إخوة أشقاء (أعمام)، كما أنه لا إخوة لها سوى طفل يبلغ مِن العُمر سِتَّ سنوات.