حكم حرمان الإخوة لأخيهم من رؤية أبيه المسن

تاريخ الفتوى: 27 أكتوبر 2014 م
رقم الفتوى: 2871
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: بر الوالدين
حكم حرمان الإخوة لأخيهم من رؤية أبيه المسن

ما حكم الشرع في قيام بعض الإخوة بحِرمان أخيهم رؤيةَ أبيه المسن الذي يعيش معهم في مكان منفصلٍ عن مكان أخيهم؟

لا يجوز شرعًا لهؤلاء الأبناء منعُ أخيهم مِن رؤية أبيه المسن الذي يقيم معهم؛ لما في ذلك من قطع للأرحام، إلَّا أن يكون في الرؤية ضرر على أبيهم، ويجوز للقاضي عند رفع الأمر إليه أن يَحكُم للابن برؤيةِ أبيه وإلزامِ إخوته بتمكينه من ذلك، وتحديدُ زمانها ومكانها بيد القاضي بما له مِن سلطة تقديرية وبما يناسب كل حالة على حدة.

المحتويات

الحث على صلة الأرحام

حرص الشرع على صِلَةِ الأرحام على وجه العموم؛ فقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾» متفقٌ عليه.

وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما

أوجب اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَّ الوالدين والإحسانَ إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۝ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24]، بل وقَرَنَ ذلك بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36]، كما قرن الشكر لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: 14]، وأكَّد سبحانه وتعالى على برِّ الوالدين حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15].
ولَمَّا امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14]، وإنما لَم يأمر الوالدين بمِثل ذلك للاستغناء بالطبع عن الشرع؛ فعلاقة الوالدين بولدهما هي علاقة طَبَعِيَّة جُبِلَت عليها الفطرة السوية.
والبر بالوالدين فرضُ عينٍ؛ فهو عبادةٌ لا تقبل النيابة؛ قال العلَّامة برهانُ الدين بنُ مازه البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (5/ 386، ط. دار الكتب العلمية): [وطاعةُ الوالدين وبِرُّهُما فرضٌ خاصٌّ لا يَنُوبُ البعضُ فيه عن البعض] اهـ، بخلاف رعايتهما؛ فإنها فرضُ كفايةٍ.

رؤية الأصول للفروع والعكس

حرص الشرع كذلك على علاقة الأصول والفروع على وجه الخصوص، التي سمَّاها الفقهاء بـعلاقة الولاد والتي هي مجموع علاقة الوالدية والمولودية، ورتَّبوا عليها آثارًا فقهية تَرْبُو على غيرها مِن درجات القرابة، ومِن آثار تلك العلاقة: ضرورةُ رؤية الآباء للأبناء ورؤية الأبناء للآباء، وتَعهُّد القوي من الطرفين للضعيف منهما.
والرؤية بالنسبة للأصل والفرع حقٌّ وواجبٌ؛ فهي تَلْزَم كل واحدٍ منهما، ويترتب على الامتناع عنها إثمٌ شرعيٌّ، وفي نفس الوقت هي حقه، وكون الفقهاء قد خَصُّوا رؤيةَ الصغير بالذِّكر -وتبعهم القانون في ذلك- فإن ذلك إنما هو مِن باب ذكر مَن تَظْهَر في حالته أحكام الرؤية ويُحتاج للنص عليه؛ لأن الأعم الغالب من أحكام الرؤية إنما تظهر في حالة الصغير المحضون بيد أحد أبويه، الذي يرغب الآخر في رؤيته، كما أن الصغير مغلوبٌ على أمره فكان مِن الواجب بيان أحكام الرؤية التي تخصه والتي يخاطب بها مَن كان الصغير تحت يده، إلا أن ذلك ليس حصرًا للأحكام في هذه الحالة وإنما هو من باب بيان الغالب، وعليه فالأصل في أحكام الرؤية أن تَسْري بين الأصول والفروع لوجود العلة التي شُرِع من أجلها الحكم وهي علاقة الولاد التي تستوجب الصلة وعدم القطيعة، والأصل في هذه الأحكام أن يتوجَّه فيها الخطاب الشرعي -حِلًّا وحُرمةً- لِكِلَا الطرفين، إلَّا أنه إذا كان أحد الطرفين مغلوبًا على أمره فإن الخطاب يتوجه إلى مَن غلبه على أمره، ويكون مِن حق القاضي أن يلزمه بتنفيذ الرؤية قياسًا على الصغير الذي يُلزم القاضي حاضنه بأحكام الرؤية؛ حيث إن القاضي ملتزمٌ في ذلك بأحكام الشريعة طبقًا للدستور المصري، وهو في ذلك ملتزم بمذهب الإمام أبي حنيفة فيما لا نص فيه طبقًا لنص المادة الثالثة مِن مواد الإصدار من القانون رقم 1 لسنة 2000م والتي مفادها الرجوع إلى مذهب الإمام أبي حنيفة فيما لا نص فيه في قانون الأحوال الشخصية حيث نصت على تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة.
وحيث إن مِن القواعد العامة التي سارت عليها جميع المذاهب -ومِن ضمنها مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه- أن صلة الرحم أمرٌ واجبٌ حث الشرع عليه، بل وأوجبه، كما توعَّد قاطع الرحم بالعقوبة، وهو أمرٌ أشهر مِن أن يُساق له الدليل، يضاف إليه أن أقوى روابط الرحم هي الرابطة التي تجمع بين الأصول والفروع، حيث قدمها الشرع في أحكام الإرث والولاية والدية وغيرها مِن الأحكام، ومِن المقرر أن الصلة تتحقق برؤية كل واحدٍ مِن الطرفين للآخر، والقاعدة الشرعية أن الأمر بالشيء أمرٌ بمكمِّلات مقصوده، كما أن مِن المقرر شرعًا أن الضرر منهيٌّ عنه على وجه العموم، وفي منع الابن مِن رؤية أبيه مطلقًا وقوع ضررٍ لا محالة كما بيَّنا.

الخلاصة

لذلك: لا يجوز شرعًا لهؤلاء الأبناء منعُ أخيهم مِن رؤية أبيه المسن الذي يقيم معهم، إلا أن يكون في ذلك ضرر على أبيهم، كما أنه يجوز للقاضي أن يَحكُم له برؤية أبيه، وإلزام إخوته بتمكينه منها –أي الرؤية-، على أن تكون كيفية ذلك مكانًا وزمانًا بيد القاضي بما له مِن سلطة تقديرية، وبما يناسب كل حالة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

رجل يعامل إحدى بناته المتزوجة معاملة سيئة جدًّا بلا سبب، لدرجة أنَّه لا يذهب لزيارتها، وعندما تأتي لزيارة أسرتها يقوم ببعض التصرفات التي تبين غضبه من وجودها، وعندما تمتنع عن زيارتها لبيت أبيها تقوم والدتها وإخوتها بزيارتها فيعترض الأب على زيارتهم لها ويمنعهم من زيارتها مرة أخرى؛ فما رأي الدين في تلك التصرفات والمعاملة التي يعامل بها الأب بنته؟


ما حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد؟ فنحن مجموعة من الشباب خرجنا معًا في رحلة، وجلسنا في استراحة الطريق لنتناول الغداء، فكنا نأكل في طبق واحد، ونتناوب زجاجة الماء نشرب منها جميعًا، فأَنِف أحدنا من هذا الفعل، وأنكر علينا إنكارًا شديدًا بحجة أنه قد تنتقل بسبب ذلك الأمراض، فرد عليه أحد الزملاء بأن ما نقوم به من التشارك في إناء الطعام والشراب سنة نبوية، فلا يجوز أن تنكر علينا ذلك، فما صحة هذا الكلام؟


ما حكم تعويد الصبي الصغير على الطاعة وحمله عليها؟


ما حكم التحايل بالزواج العرفي من أجل الحصول على المعاش؟ فأنا لي صديقة متزوجة ولديها أُسرة مكونة من زوج وأولاد، وحالتهم المادية متعسِّرة، وقد توفِّي والدها، فاتفقت هي وزوجها على الطلاق من أجل الحصول على المعاش الخاص بوالدها المتوفَّى، على أن يتزوجا بعد ذلك زواجًا عرفيًّا، وذلك من أجل الاستعانة بهذا المعاش على تحسين حالتهم المادية المتعسرة، وترجو الإفادة بالرأي الشرعي في ذلك.


يطلب السائل معرفة درجة حديث عمرو بن شعيب الذي قال فيه: "إن أعرابيًّا أتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ»، وفي رواية أخرى «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ». وهل رجال إسناده ثقات؟ وما الذي يدعو إليه الحديث؟

علمًا بأن السائل ليس في حاجة إلى أبنائه بل يعطيهم وجميع أسرهم وجميع أقاربهم باستمرار عطاءات من لا يخشى الفقر، وهي مستمرة؛ حتى بعد وفاته بموجب وصيته الشرعية.


سائل يقول: سمعت أن ذبح العقيقة وتوزيعها في بلد القائم بها أفضل من ذبحها في أي موضع آخر. فنرجو منكم بيان أسباب أفضلية ذبح وتوزيع العقيقة في بلد القائم بها.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :15