زكاة الأرض المؤجرة على صاحبها أم على مستأجرها

تاريخ الفتوى: 08 أغسطس 2018 م
رقم الفتوى: 4501
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
زكاة الأرض المؤجرة على صاحبها أم على مستأجرها

ما حكم زكاة الأرض المؤجرة؛ فقد استأجرتُ قطعة أرض لأزرعها، فهل زكاتها عليَّ أم على صاحبها؟ وإذا كانت الزكاة عليَّ فهل تخصم أجرة الأرض قبل إخراج الزكاة أم لا؟ وهل يجوز إخراجها نقدًا؟

المسائل المذكورة هي محل خلاف بين الفقهاء، والذي عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية بشأنها هو أن زكاة الأرض المستأجرة تكون على المستأجر، وأن الديون بما تشمله من نحو أجرة الأرض لا تخصم من قيمة المحصول قبل حساب الزكاة الواجبة فيه، وأنه يجوز إخراج زكاة الزروع نقدًا بقيمة سعرها يوم الحصاد.

المحتويات

 

حكم زكاة الزروع والثمار

زكاة الزروع والثمار ثابتة بالكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: ﴿وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141] وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِىَ بِالسَّانِيَةِ -البعير- نِصْفُ الْعُشْرِ».
ومِن المقرر شرعًا أن الزكاة واجبةٌ في التمر والعنب مِن الثِّمار، وفي القمح والشعير مِن الزروع، إذا بلغت النِّصَاب، وذلك بإجماع العلماء؛ قال الإمام الحافظ أبو بكر بن المنذر في كتاب "الإجماع" (ص: 45، ط. دار المسلم): [أجمَعوا على أن الصدقة واجبةٌ في: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب] اهـ.

ثم اختلف العلماء فيما عدا ذلك ما بين مُضَيِّقٍ ومُوَسِّعٍ: فذهب جماعة من الصحابة والسلف إلى أنه لا زكاة في غير هذه الأصناف الأربعة، وهي رواية عن الإمام أحمد، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن الزكاة تجب في كُلِّ ما يُزرَع مِمَّا يُقصَد به استِنماءُ الأرض واستغلالُها؛ مِن ثمارٍ وحبوبٍ وخضرواتٍ وغيرِها، دون ما لا يُقصَد به ذلك عادةً؛ كالحَطَب والحشيش والتبن وشجر القطن وغيرها، أما إن قَصَدَ بشيءٍ مِن هذه الأنواع كلها استِنماءَ الأرض وَجَبَت الزكاةُ؛ فمَدَارُ وجوبها عنده على القصد.

ومذهب السادة الحنفية له وجاهته، وهو أن الزكاة تجب فيما يُقصَدُ به استِنْماء الأرض دون غيره، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: 267]، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]؛ فذَكَر الله تعالى النعمة في القوت والفاكهة، وأوجب الحق منها كلها فيما تنوع حاله كالكرم والنخيل، وفيما تنوع جنسه كالزرع، وفيما ينضاف إلى القوت من الاستسراج الذي به تمام النعمة في المتاع بلذة البصر إلى استيفاء النعم في الظلم.
وقد تبينت قوةُ مَسْلَك مذهب الإمام أبي حنيفة وموافقته لعموم الأدلة، واتِّساقه مع الحكمة من مشروعية الزكاة ورعاية مصلحة الفقير وشكر المَوْلى جلَّ شأنه؛ قال القاضي ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (3/ 219، ط. دار الكتب العلمية): [وأقوى المذاهب في المسألة: مذهب أبي حنيفة دليلًا، وأحوطها للمساكين، وأولاها قيامًا بشكر النعمة، وعليه يدل عموم الآية والحديث] اهـ.

ولذلك يجب إعطاءُ الزكاة فيما يؤكل من نبات الأرض إذا بلغ النصاب واجتمعت فيه شروط الزكاة، عملًا بقول الإمام أبي حنيفة ومن وافقه من العلماء، واستيعابًا لما نصَّ عليه الفقهاء فيما تجب فيه الزكاة من النبات، هذا هو الأصل، فإن ضاق الأمر على المكلَّف بحصول الضرر والخسارة من جراء ارتفاع كلفة النباتات وعدم تغطية الإنتاج لها تغطيةً كافية فله أن يقلد القول المرويَّ عن الإمام أحمد في هذه المسألة؛ فيقتصر على أقل قدرٍ قال به الفقهاء في إخراج الزكاة، وهو من الثمار: التمر والعنب، ومن الحبوب: القمح والشعير، وبه يحصل أداء فريضة الزكاة في حقه.

مقدار الزكاة في الزروع

مقدار الزكاة في الزروع: العُشر فيما سقت السماء، ونصف العشر فيما سُقِيَ بآلةٍ مِن مجموع نتاج الأرض إذا زاد عن خمسة أَوْسُقٍ، وهي تساوي 612 كيلوجرامًا، والأصل أن تخرج الزكاة مِن جِنس الزرع المُزَكَّى عنه، ويجوز إخراج زكاة الزروع نقدًا بقيمة سعرها يوم الحصاد.

حكم خصم التكاليف والديون مِن الزرع المُزَكَّى قبل إخراج زكاته

اختلف العلماء في خصم التكاليف والديون مِن الزرع المُزَكَّى قبل إخراج زكاته؛ فمنهم مَن قال بخصم دُيُون تكاليف الزرع دون غيرها مِن الديون، ومنهم مَن أجاز خصم جميع الديون، ومنهم مَن جعل إخراج الزكاة قبل خصم الديون مطلقًا، وهذا الرأي الأخير هو الأنسب بتفريق الشرع بين ما سُقِيَ بكُلْفَةٍ وما سُقِيَ بغير كُلْفَةٍ؛ حيث أوجب في الأول نصفَ العُشر وفي الثاني العُشرَ كُلَّه؛ اعتبارًا للتكاليف، ولو كانت الديون تُخصَم مِن الزكاة لَأَغْنَى ذلك عن هذا التفريق؛ كما أن هذا الرأي هو الأوفق لحاجة الفقراء والمساكين.

زكاة الأرض المؤجرة على صاحبها أم على مستأجرها

اختلف الفقهاء في الأرض المعارة أو المؤجرة: هل الزكاة فيها على المعير والمؤجر أم على المستعير والمستأجر؟

قال العلامة ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 8، ط. دار الحديث): [وأما المسألة الثانية: وهي الأرض المستأجرة على من تجب زكاة ما تخرجه؟ فإن قومًا قالوا: الزكاة على صاحب الزرع، وبه قال مالك والشافعي والثوري وابن المبارك وأبو ثور وجماعة. وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه: الزكاة على رب الأرض وليس على المستأجر منه شيء. والسبب في اختلافهم: هل العشر حق الأرض أو حق الزرع أو حق مجموعهما؟ إلا أنه لم يقل أحد: إنه حق لمجموعهما، وهو في الحقيقة حق مجموعهما، فلما كان عندهم أنه حق لأحد الأمرين اختلفوا في أيهما هو أولى أن ينسب إلى الموضع الذي فيه الاتفاق، وهو كون الزرع والأرض لمالك واحد. فذهب الجمهور إلى أنه للشيء الذي تجب فيه الزكاة وهو الحب. وذهب أبو حنيفة إلى أنه للشيء الذي هو أصل الوجوب وهو الأرض] اهـ.

فأما النقل عن الحنفية في تعلق زكاة الأرض المؤجرة بصاحبها دون المستأجر:

فقد قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل المعروف بالمبسوط" (2/ 143، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية): [قلتُ: أرأيت الرجل يستأجر الأرض من أرض العشر فيزرعها، على مَن عشرها؟ قال: على رب الأرض، وليس على المستأجر شيء] اهـ.

وقال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 334، ط. دار الفكر): [(قوله: والعشر على المؤجر) أي لو أجر الأرض العشرية فالعشر عليه من الأجرة كما في التتارخانية] اهـ.

وأما النقل عن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة والصاحبين من الحنفية في أن الزكاة متعلقة بالزرع فهي على المستأجر:

فقال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 334، ط. دار الفكر): [وعندهما على المستأجر، قال في فتح القدير: (لهما أن العشر منوط بالخارج وهو للمستأجر، وله أنها كما تُسْتَنْمَى بالزراعة تُسْتَنْمَى بالإجارة، فكانت الأجرة مقصودة كالثمرة، فكان النماء له معنى مع ملكه فكان أولى بالإيجاب عليه)] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 427، ط. المكتبة التجارية): [إذا استأجر أرضًا فزرعها، فالزكاة على صاحب الزرع دون صاحب الأرض خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إنها تجب على صاحب الأرض] اهـ.

وقال العلامة أبو البقاء الدميري الشافعي في "النجم الوهاج في شرح المنهاج" (3/ 166، ط. دار المنهاج): [والمستأجرة تجب فيها الزكاة بالإجماع، ولو استعار أرضًا وزرعها فعشر الزرع على المستعير عند الجمهور] اهـ.

وقال الإمام الروياني الشافعي في "بحر المذهب" (7/ 275، ط. دار الكتب العلمية): [فلو أَجَّرَهَا المالك وزرعها المستأجر كان عشر زرعها واجبًا على الزارع المستأجر دون المؤجر المالك. وقال الإمام أبو حنيفة: على المؤجر دون المستأجر، لأنه قد عاوض على الأرض فانتقل الحق إليه، وهذا خطأ؛ لقوله تعالى: ﴿وَءَاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ»] اهـ.

وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 70، ط. المكتب الإسلامي): [(و) الزكاة في خارج من أرض مؤجرة على (مستأجر) أرض (دون مالكـ) ها] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فزكاة الأرض المستأجرة تقع على المستأجر على رأي الجمهور، وهو ما عليه دار الإفتاء المصرية، وتقع على صاحبها عند الإمام أبي حنيفة، وأما خصم أجرة الأرض قبل إخراج الزكاة فيجوز عند بعض العلماء، ويرى بعضهم وجوب إخراج الزكاة قبل خصم الديون مطلقًا، وهذا الرأي الأخير هو المختار للفتوى، ويجوز إخراج زكاة الزروع نقدًا بقيمة سعرها يوم الحصاد، والأمر في ذلك واسع لا ينبغي التضييق أو الخلاف والنزاع فيه؛ فإنه لا إنكار في مسائل الخلاف التي وَسِعَ السلفَ الخلافُ فيها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجب على الزوج أن يقوم بإخراج زكاة الفطر عن زوجته؟


هل يحتسب ما يدفع للأخت المحتاجة من الزكاة؛ فأنا لي أخت تجاوزت السبعين من عمرها، وهي مريضة لا تقدر على الحركة، وتقيم بمفردها بمنزل الأسرة بالقرية؛ حيث لا زوج لها ولا أبناء، ويقوم على خدمتها خادمة، وأنا أسافر إليها كل عشرين يومًا، وأدفع لها مبلغًا يفي بثمن الدواء ويضمن لها حياة كريمة، كما أدفع أجرة الخادمة التي تقوم على خدمتها، وقد يصل المبلغ الذي أدفعه على مدار العام ثلث ما أخرجه عن ذات المدة من زكاة المال، علمًا بأنه لا دخل لها، ولا يساعدها بقية إخوتي إلا بالقليل. فهل يعتبر ما أنفقه عليها من زكاة المال؟ وهل يعد ما أدفعه على الوجه السابق كثيرًا مقارنًا بالثلثين التي توجه إلى مصارف شرعية أخرى؟


ما حكم الاكتفاء بدفع الضرائب عن أداء الزكاة؟


ما حكم صرف التبرعات في غير ما حدده المتبرع؟ حيث توجد لجنة الإغاثة الإسلامية بنقابة أطباء مصر قامت بجمع تبرعات مادية لإغاثة شعب الصومال في محنته التي كانت أكثر ما يكون نقصًا في الغذاء والدواء.
وقد قمنا بإرسال العديد من التبرعات الغذائية والطبية إليهم، والآن لدينا مبلغ مالي كبير من هذه التبرعات المخصصة لأهل الصومال؛ فهل يجوز تخصيص جزء من هذه المبالغ للإخوة السوريين؟ مع العلم أن كل التبرعات التي جُمعت لأشقَّائنا السوريين لا تفي احتياجاتهم.


يقول السائل: هل تجب زكاة المال في أموال اليتيم القاصر المودعة في البنك وقد بلغت النصاب، لكنها في يد المجلس الحسبي وتحت تصرفه؛ بحيث لا يتمكن القاصرُ أو من يتولى أمره من التصرّف في شيء منها إلا في حدود ما يُصَرِّحُ به المجلسُ لنفقة القاصر واحتياجاته؟ وما الحكم إذا بلغَ هذا اليتيم سن التكليف الشرعي إلَّا أنَّه لم يستلم أمواله لكونه دون السن القانونية وهي واحد وعشرون عامًا؟


ما حكم التوكيل في إخراج زكاة المال؟

أولًا: أخي رحمه الله توفي منذ أربعين يومًا تاركًا زوجته وثلاثة أطفال.. أكبرهم في المرحلة الإعدادية يليه ولد عمره 11 عامًا ويعاني من مشاكل صحية ويحتاج لرعاية خاصة، وبنت في السابعة من عمرها.
وكان رحمه الله يأتمنني على مبلغ من المال منذ أكثر من سنتين، وأضاف عليه مبلغًا آخر قبل وفاته بشهرين تقريبًا.. وبالنسبة للمبلغ الأول فكان رحمه الله قد طلب مني إخراج زكاة المال عنه عندما حال عليه الحول الأول، ولكن نظرًا لظروف مرضه وانشغالنا جميعًا به منذ أكثر من خمسة أشهر فلم يبلغني بأن أخرج زكاة المال عندما حال على المبلغ الأول الحول الثاني. فهل يجب عليَّ إخراج الزكاة عن هذا المبلغ قبل تقسيم التركة؟
ثانيًا: كان رحمه الله يتصدق من ماله الخاص في شهر رمضان المعظم، وكان يطلب مني ذلك حيث إنه كان يعمل بالخارج فكنت دائمًا أنا المكلف بالتصدق من ماله. فهل يجب التصدق من ماله بنفس القدر الذي تعود عليه قبل توزيع التركة أيضًا؟ أم من الأفضل التصدق من ماله بجزء يكون كصدقة جارية ترحمًا عليه؟
ثالثـًا: أبلغتني زوجته بأنه كان قد أبلغها بأنه سوف يكتب لها شقة من ضمن الشقق التي يمتلكها باسمها وقد حدد هذه الشقة التي كان من المقرر أن يعيشوا فيها بعد عودتهم من الخارج، فهل تحسب هذه الشقة من ضمن نصيب الزوجة الشرعي؟ أم تستخرج أولًا ثم يتم تقسيم باقي التركة تقسيمًا شرعيًّا؟ خاصة أنه لم يكتب أي وصية ولم توجد أي وصية مكتوبة بهذا الشأن أي أن الأمر غير واضح.
رابعـًا: من ضمن تركته شقتان متقاربتان في السعر (سعر الشراء) ولكن من المؤكد سوف يختلف سعر البيع نظرًا لاختلاف وقت الشراء.. فهل يجوز اختيار أفضلهما للابن الأصغر الذي يعاني من مشاكل صحية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31