ما حكم قيام قطاع كبير من المزارعين بحرق قش الأرز وحطب القطن؟ خاصة بعد أن ثبت أنّ هذا التصرف عامل كبير من عوامل تَكَوُّن السحابة السوداء التي هي من أكبر مظاهر التلوث البيئي والإضرار بالصحة، والبعض يبرر ذلك بأنه للقضاء على دورة حياة الحشرات الضارة بهذه الزراعات. فما هو الواجب حيال ذلك؟
المحتويات
هذا التصرف حرامٌ شرعًا، وفاعله آثم؛ لأنه من المقرر في المقاصد الشرعية أنه لا ضرر ولا ضرار، أي أنه لا يجوز للإنسان أن يضر نفسه ولا أن يسعى في إيصال الضرر لغيره؛ كما أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمصلحة العامة مقدَّمة على المصلحة الخاصة، فليس للمزارع أن يتخلص من بقايا محاصيله بطريقة تَجُرُّ الضرر إلى الناس؛ حيث أثبتت الأبحاث العلمية الطبية أنّ الأطفال هم أكثر الفئات تأثُّرًا بِتلوُّث الهواء الذي تُسببه هذه الأفعال وغيرها؛ فيُصَابون بضيق التنفس، وأمراض الشُّعب الهوائيّة، وزيادة احتمال الإصابة بالرّبو، والتهابات العين، التي تسبّب عدم وضوح الرؤية، وخفْض مناعة الجسم، ومن أكبر مكوِّنات هذه السحابة غاز أول أكسيد الكربون الذي يسبب أضرارًا بخلايا المخ، ويؤثر في الدورة الدمويّة والجهاز العصبي، وعنصر الرصاص الذي يسبب أمراض الْكُلى، وزيادة التخلف العقْلي.
وإذا كانت هذه الحرائق سببًا في كل هذه الأضرار الصحية -كما أثبتته الأبحاث العلمية- فإن القيام بها والتسبب فيها يُعَدُّ إفسادًا في الأرض وبغيًا بغير الحق، وهذا من الكبائر التي نص الله تعالى على تحريمها بل وقرنها بالشرك به في قوله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]،
ونعى على من يفعل ذلك وبيَّن أن هذا العمل غير محبوب عنده سبحانه فقال عز وجل: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ۞ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [البقرة: 205-206]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60]، وقد أمر الله تعالى بالتعمير والإصلاح لا بالتدمير والإفساد؛ فقال سبحانه: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، وعلَّمَنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف نسعى في عمارة الأرض ونجعل هذا في نفسه غرضًا شريفًا لنا حتى ولو لم نلمس نتائجه؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ» رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما.
وإذا كان الشرع الشريف يأمر بالخير المجرد القاصر فإنه ينهى في المقابل عن الشر كله القاصر منه والمتعدي من باب أَولى، والإضرار بالناس على هذا النحو المدمِّر يُعَدُّ تعدِّيًا على حدود الله تعالى وانتهاكًا لحرمة البشر، وهذا أمرٌ محرَّمٌ غاية التحريم.
لا يشفع لِمن يفعل ذلك أنه يريد بهذا الحرق قتل الحشرات الضارة بهذه الزراعات؛ فإنه يمكن الاستعاضة عن هذه الطريقة بطرق أخرى آمنة يعرفها المختصون، ولا يجوز للإنسان أن يضر الناس تحت دعوى حماية زرع نفسه، فإن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، وإذا تعارضت مفسدتان روعي ارتكاب أخفهما لدفع أعلاهما، هذا مع أن درء المفسدة الأخف ممكن أيضًا باللجوء إلى الوسائل الآمنة.
حينئذ فهذه قضية خطيرة لا يجوز التهاون فيها ولا السكوت عليها، وعلى الدولة أن تسعى بكل ما لديها من إمكانات وقدرات للحد من خطورة هذا البلاء؛ بالمساهمة في توفير الأساليب اللازمة التي تساعد المزارعين على نقل قش الأرز وحطب القطن إلى حيث يُستفاد منه في الوقود والسماد مثلًا أو يُتَخَلَّصُ منه بطريقة آمنة، حتى لا تُحمِّل المزارعين ما لا يطيقون، وحتى لا تترك مجالًا لتبرير هذه الأفعال، وأن تعمل على تتبع من يفعلون ذلك واتخاذ ما يلزم حيالَهم لردعهم عن إيذاء الناس والإضرار بالخلق، على أن يكون ذلك على قدم المساواة والعدالة في التطبيق بين مختلف فئات المجتمع وطبقاته.
كما أن على الناس أن يسعَوا سعيًا جادًّا لمكافحة هذا الخطر الداهم، وأن يأخذوا على أيدي أولئك العابثين بمقدَّرات الخلق من غير إدراك أو وعي منهم لعاقبة فعلهم ولا لوبال إفسادهم، ودور الجماهير في ذلك أهم وأكثر تأثيرًا؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ» رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وتهاون الناس في هذا الأمر مع قدرتهم على المنع أو التبليغ يجعلهم مشاركين لِمَن فعل ذلك في الإثم، وإن لم يفعلوا مثل ما فعل، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا» رواه البخاري من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
وقد جعل الله تعالى هذه الأمة خير أمة أُخرِجَتْ للناس، وجعل خيريتها قائمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الواجب تُكلَّف به الجماعة كما يُكلَّف به الفرد، فعلى مؤسسات المجتمع المدني أن تسعى في توعية الناس بخطر هذه التصرفات، وأن تساهم أيضًا -قدر جهدها- في مساعدة الفلاحين على التخلص من قش الأرز وغيره بطريقة آمنة، وعلى أئمة المساجد وخطبائها ومعلمي المدارس دور كبير في الوعظ والإرشاد والنصح لكافة فئات المجتمع وطبقاته، وعلى مَنْ عَلِمَ بشيء من ذلك أن يعمل على منعه بنصح صاحبه أو تبليغ الجهات المسؤولة عنه، وليعلم أن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المأمور به شرعًا، لا كما يظن البعض خطأ أنه من باب الستر، فإن الستر إنما يكون على المعصية القاصرة التي لا يتعدى ضررها غير أصحابها، أما ترك من يؤذي الخلق ويفسد في الأرض مِن غير أخذٍ على يديه فهو تَسَتُّرٌ على الفساد وليس من الستر المشروع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: دار نقاش بيني وبين أحد أصدقائي حول تحديد أول الليل وآخره واحتدم الخلاف بيننا؛ فنرجو منكم بيان تحديد وقت الليل بدايةً ونهايةً ودليل ذلك.
ما هو فضل إطعام الطعام للناس جميعًا؟ حيث أن عندي مال والحمد لله، وأريد أن أفعل الخير؛ فأرشدني بعض الناس إلى أنَّ من أفضل أنواع الخير إطعام الطعام؛ فهل هذا صحيح؟ وهل إطعام الطعام يكون مختصًّا بالمسلم فقط؟
ما حكم الموالد التي تقام في بعض البلاد للشيوخ والأولياء؟ وما رأي الدين في ذلك؟
ما حكم اختراع آلات تساعد على الانتحار؟ حيث يقول السائل: سمعنا في وسائل الإعلام المختلفة عن اختراع آلة تُسمَّى«Sarco» تساعد -كما يقول مخترعها- على سَلْب حياة الأشخاص الذين يريدون إنهاء حياتهم بدون ألمٍ، وفي غضون دقائق.
فما الحكم الشرعي لمثل هذه الابتكارات العلمية؟ وهل يجوز إقدام الإنسان على استعمال مثل هذه الابتكارات؟
ما حكم تشهير كل من الزوجين بالآخر بعد الطلاق؛ حيث انتشر بين الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تشهير أحد الزوجين بالآخر وذكر عيوبه بعد الطلاق، نرجو الإفادة بالرأي الشرعي في هذا الأمر.
كلَّف أخٌ أخاه بشراء قطعة أرضٍ لصالحه وسافر، وتعرض الأخ المُكَلَّف لعملية نصبٍ اشترى على إثرها قطعة أرض معيبة بمرور تيار الضغط العالي عليها، مما يفقدها قيمتها، مما أثار مشاكل كثيرة بين الأخ وأخيه. قام الأخ الذي اشترى بتعويض أخيه بقطعة أرضٍ أخرى ومبلغ ستة آلاف جنيه مقابل القطعة المعيبة، وكان الاتفاق النهائي أن يدفع الأخ الأصغر مبلغ ستة آلاف جنيه كفارق سعرٍ على فتراتٍ زمنيةٍ وحسب حاجة الأخ الأكبر، حتى تبقى مبلغ 450 أربعمائة وخمسون جنيهًا، وقد ثارت مشاكل كثيرة بين الأخوين، ونتيجة للشجار بينهما حدث ما يلي:
1- أراد الأخ الأصغر أن يرجع عن الاتفاق النهائي المبرم بينهما والشاهد عليه شهود.
2- أقسم الأخ الذي من المفروض عليه أن يدفع 450 جنيهًا الباقية يمينًا بالطلاق؛ حيث إنه قال: "علي الطلاق من مراتي ما تخدهم، ولا ليك عندي حاجة".
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في الآتي:
1- هل يجوز للأخ الأصغر أن يرجع عن الاتفاق النهائي المبرم بينهما والشاهد عليه شهود؟
2- هل يعتبر يمين الطلاق الذي حلفه يمينًا يقع به طلاق أم لا؟