ما ثواب من يُصلي التراويح قاعدًا لعذر؟ فأنا أُصلّي التراويح قاعدًا لعدم القدرة على القيام؛ فهل يكون لي نصفُ ثواب الصلاة كما في حديث: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ»؟
لا حرج عليك شرعًا في أنْ تصلي التراويح قاعدًا ما دمتَ معذورًا وغير قادرٍ على القيام؛ فالمعذور مأجور، ولك الثواب كاملًا غير منقوص؛ لأنَّ قبول العذر يترتب عليه عدم نقصان الأجر، وفضل الله أوسع مِن أن ينقص المعذور من الأجر، وأما انتصاف الأجر الوارد في الحديث المذكور فإنَّما هو فيمَنْ يصلي النافلة قاعدًا وهو قادر على القيام.
المحتويات
صلاةُ التراويح لها فضلٌ كبيرٌ وأجرٌ عظيمٌ، وهي سنةٌ رغَّبَ فيها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُرَغِّبُ في قيام رمضان مِن غير أن يأمرهم بعزيمةٍ؛ فيقول: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده".
وينبغي على المسلم أنْ يحرصَ على أداء هذه الصلاة حتى ينال خيرها الوفير وثوابها الجزيل، كما يُستحبّ له أنْ يصليها كاملة مع الإمام حتى يُكتب له قيام ليلته كاملة؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» أخرجه الترمذي في "سننه" وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في "السنن الكبرى"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
والقيامُ في الصلاة ركنٌ في الفرائض للقادر عليه؛ لقول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238].
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 308، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ أي: مطيعين، والمراد به: القيام في الصلاة بإجماع المفسرين، وهو فرضٌ في الصلاةِ للقادر عليه في الفرض وما هو ملحق به، واتفقوا على ركنيته] اهـ.
أما النوافل -ومنها: التراويح-: فلا يُشْتَرَط فيها القيام؛ لأنَّ مبناها على التخفيف، فيُغْتَفَر فيها ما لا يُغتفر في الفرض؛ فيجوز للمسلم أنْ يُصَلّيها قاعدًا ولو كان قادرًا على القيام، والأفضل أنْ يُصَليها قائمًا ما استطاع القيام حتى ينال الثواب كاملًا؛ فإنَّ صلاة القاعد في النوافل مِن غير عذرٍ على النصف في الأجر من صلاة القائم؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
أما المعذور الذي لا يستطيع القيام فإنَّ أجرَهُ كأجرِ الصحيحِ القائم؛ لأنَّ الكريم إذا قَبِلَ العُذرَ لا يُنقِصُ الأجرَ؛ إذ نقصانُ أجر المعتذِر فرعُ الجزاء عما اعتذر عنه، لا فرع التفضُّل بقبول العذر، وفضل الله تعالى -وهو أكرم الأكرمين- أوسع مِن أن يضيق بالمعتذر فينقصه أجره أو يحاسبه على قدر عمله، إنما يحاسبه على قدر فضله سبحانه؛ لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعن الْمُسَيّبِ بن رافع الكاهلي أنه قال: "صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصَنَّف".
قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (3/ 102، ط. مكتبة الرشد): [ولا خلافَ بينَ العلماءِ أنَّهُ لا يقالُ لِمَنْ لا يَقْدِرُ على الشَّيء: لَكَ نِصْفُ أَجْرِ القَادِرِ عَلَيْهِ، بَل الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنَّه مَن مَنَعه اللهُ وحبسهُ عَنْ عملهِ بمرضٍ أوْ غيرهِ؛ فإنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ، وَهُو صَحيح] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (6/ 14، ط. دار إحياء التراث العربي): [وهذا الحديثُ محمولٌ على صلاةِ النَّفلِ قاعدًا مع القدرةِ على القيامِ: فهذا له نصفُ ثواب القائمِ، وأما إذا صلى النفل قاعدًا لعجزه عن القيام: فلا ينقص ثوابه، بل يكونُ كثوابهِ قائمًا] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 585، ط. دار المعرفة): [وكذا نقله الترمذي عن الثوري، قال: وأمَّا المعذور إذا صلَّى جالسًا؛ فله مثل أجر القائم، ثم قال: وفي هذا الحديث ما يشهد له؛ يشير إلى ما أخرجه البخاري في الجهاد من حديث أبي موسى رفعه: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ صَالِحُ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ»، ولهذا الحديث شواهد كثيرة سيأتي ذكرها في الكلام عليه إن شاء الله تعالى، ويؤيد ذلك: قاعدة تغليب فضل الله تعالى وقبول عذر مَن له عذر] اهـ.
وهذا ما نصَّ عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة:
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 487، ط. دار الفكر): [فإنَّ القعودَ في النافلةِ وفي الفريضةِ وما أُلحقَ بها لعذرٍ كالقيام] اهـ.
وقال أيضًا (2/ 37): [(قَوْلُهُ: عَلى النِّصْفِ إلا بِعذرٍ) أمَّا مَعَ العذرِ فلا يَنْقُصُ ثَوَابُه عَنْ ثَوَابِهِ قائمًا؛ لحديثِ البخاري في الجهادِ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» "فتح". وحكى في "النهاية" الإجماع عليه] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (1/ 259، ط. دار الغرب الإسلامي): [قالَ ابنُ حَبِيب: ومعنى ما جاءَ مِنْ أنَّ صلاةَ الجالسِ على النِّصفِ مِنْ صلاةِ القائمِ، فيمَنْ قَدَرَ أَنْ يقومَ في النوافلِ، فأمَّا مَنْ أَقْعَدَهُ مَرَضٌ أوْ ضَعْفٌ عَنْ أَنْ يقومَ فَهُو في ثَوابِه كالقائمِ في الفرضِ والنافلةِ] اهـ.
وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 7، ط. دار الفكر): [(فرعٌ): قالَ ابنُ بشيرٍ: أخْبَرَ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ صلاةَ الجالسِ على النِّصفِ مِنْ صَلَاةِ القَائمِ، لَكِن اخْتَلفَ المذهبُ: هَل انْحِطَاطُ الأَجْرِ يَخْتَصُّ بالقادرِ؛ لأنَّهُ تاركٌ لِحَظِّهِ في القيامِ؟ أوْ يعمّ العاجز والقادر؛ لعمومِ الحديث؟ انتهى. واقْتَصَر على الأولِ ابنُ عبد البر في "كافيه" والله أعلم، وَذَكرَهُ في "النوادرِ" عن ابن حبيب واقتصرَ عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 276، ط. دار الفكر): [ولو صلَّى النافلة قاعدًا أو مضطجعًا للعجزِ عن القيامِ والقعودِ: فثوابُهُ ثواب القيامِ بلا خلاف كما في صلاةِ الفرضِ قاعدًا أو مضطجعًا للعجزِ؛ فإنَّ ثوابَها ثواب القائمِ بلا خلاف] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 248، ط. عالم الكتب): [(وأجْرُ) صلاة (قاعدٍ على نصفِ) أَجْرِ (صلاةِ قائٍم)؛ لحديثِ: «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ أَجْرُ نِصْفِ الْقَائِمِ» متفق عليه (إلَّا الْمَعْذُور) فأجرُهُ قاعدًا كأجرهِ قائمًا؛ للعذر] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّه لا حرج عليك شرعًا في أنْ تُصَلّي التراويح قاعدًا ما دمتَ غير قادرٍ على القيام، ولك الثواب كاملًا غير منقوص؛ لأنَّ قبول العذر يترتب عليه عدم نقصان الأجر، وفضل الله أوسع مِن أن يضيق بالمعتذر فينقصه أجره، وأما انتصاف الأجر الوارد في الحديث المذكور فإنَّما هو فيمَنْ يُصَلّي النافلة قاعدًا حال قدرته على القيام فيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم نقل الأعضاء البشرية من الأموات إلى الأحياء؛ فقد ورد طلب مُقدَّم من/ مجمع البحوث الإسلامية الإدارة العامة لشئون مجلس المجمع ولجانه، والمتضمن: بناء على توصية لجنة البحوث الفقهية، بجلستها التاسعة عشرة: (طارئة)، في دورتها الخامسة والخمسين، والتي عقدت يوم الثلاثاء الموافق 17 من شعبان لسنة 1440 هـ، الموافق 23 من أبريل 2019 م، بشأن: الكتاب الوارد من مكتب فضيلة الإمام الأكبر/ شيخ الأزهر، بخصوص: الطلب المقدم من أحد المواطنين، بشأن: طلب فتح باب مناقشة موضوع: [نقل الأعضاء من الميت إلى الحي]؛ حيث إن زوجة مقدم الطلب تحتاج إلى كبد، ولا يوجد من الأقارب من يصلح لذلك النقل. حيث أوصت اللجنة بإحالة هذا الموضوع إلى دار الإفتاء المصرية للاختصاص. وجاء في الطلب المرفق ما يأتي:
بداية أتقدم بالشكر لفضيلتكم لسعة صدركم للسماح لي بعرض الحالة المرضية لزوجتي: حيث إنها تعاني من تليف في الكبد، وتحتاج لزراعة كبد، وللأسف ليس هناك متبرع من الأبناء أو الأقارب، يصلح للتبرع؛ سواء من حيث العمر، أو فصيلة الدم، وخلافه، وبالتالي لا بد من متبرع من غير الأقارب، وهنا بدأت المعاناة، ووجدنا سماسرة، وتعرضنا لأكثر من حالة نصب، ونحن في هذه المعاناة من شهر أبريل لسنة 2018م، حتى الآن بمستشفى عين شمس التخصصي، والسبب في هذه المعاناة لزوجتي، وآلاف المرضى: هو أن القانون المصري يمنع نقل الأعضاء من إنسان متوفى إلى إنسان حي إلا قرنية العين فقط هي التي يجوز نقلها، وبعكس أغلب البلاد العربية الإسلامية التي تبيح نقل الأعضاء من متوفى إلى حي، وهناك بعض الفقهاء أجازوا نقل الأعضاء من متوفى إلى حي؛ بدليل أن مصر الآن تجيز نقل القرنية، فلماذا لا يتم نقل الكلى أو الكبد من متوفى إلى حي كسائر البلاد العربية والإسلامية وأيضا الأوربية؟
ولذلك أرجو من فضيلتكم فتح باب المناقشة لهذا الموضوع بين علماء الأزهر الشريف، والسادة الأطباء، وفي حالة الموافقة يعرض الأمر على مجلس الشعب لإصدار قانون ينظم عملية زرع الأعضاء، وذلك بدلاً من سماسرة تجارة الأعضاء، لإنقاذ آلاف حالات التليف الكبدي، والفشل الكلوي. وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه.
ما حكم اقتداء المصلي فرضًا بالإمام الذي يصلي نافلة؟ فقد دخلتُ المسجد لأداء صلاة العشاء ووجدت جماعة تُصلِّي فيه، فصليتُ معهم، وبعد انتهاء هذه الجماعة، فوجئتُ بمن كان يؤمهم يقول: إنه كان يُصلي نافلة؛ فهل صلاتي صحيحة؟
هل يجوز الجمع بين الصلوات جمع تقديم مع قصر الرباعية منها قبل الخروج من أسوار البيت أو المكان الذي سأخْرُج منه وأرحل عند السفر؟ وهل يجوز الجمعَ في الحضر من غير قصر بسبب حاجة؟
ما حكم تزوير شهادات طبية تفيد بإصابة الموظف بفيروس كورونا لأجل منحه أجازة مرضية؛ حيث إنه مع إقرار الحكومة المصرية خطة التعايش مع "فيروس كورونا"، والفتح الجزئي لبعض المجالات التي أغلقت نتيجة تفشي الفيروس؛ قد وجَّهت الحكومةُ الموظفين العاملين في الدولة لاتباع إجراءات السلامة الصحية في أماكن العمل؛ ومنها: منح الموظف الذي يثبت إيجابية الفيروس لديه إجازة لحين اكتمال شفائه؛ ويلجأ بعض الموظفين إلى تزوير ما يُثْبِت أنه حاملٌ للفيروس لاعتماد مثل تلك الإجازة من مكان عمله مع كونه غير مريضٍ به؛ فما حكم مَن يفعل ذلك؟
ما حكم تَكْرار صلاة الجمعة والعيد في مسجد واحد نظرًا لضيق المكان؛ بحيث لا يستوعب جميع المصلِّين في وقت واحد؟
هل يجب الطهارة لسجود الشكر؟ أعمل لاعبًا في فريق لكرة القدم، وقد يُنعم الله علي أحيانًا بإحراز هدف لفريقي؛ فلا يسعني إلا أن أسجد شكرًا لله وأنا في مكاني هذا، وقد أكون غير متوضئ في هذه الحال؛ فهل يجوز لي ذلك أم لا؟