ما حكم وضع مساحيق التجميل في نهار رمضان، كالكحل وأحمر الشفاه؟ وهل تُؤثِّر على صحة صوم من تقوم بوضعها؟
لا حرج في وضع مساحيق التجميل في نهار رمضان كالكحل وأحمر الشفاه؛ إذ ليست بِمُفَطِّرٍ، فلا يفسد بها صوم؛ حتى ولو امتصته البشرة ووجد الصائم طعمه؛ لعدم دخولها في المنافذ الأصلية الموصِّلة للجوف.
المحتويات
حقيقة الصوم: إمساك الصائم عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النية، وكل ما يفوت هذا الإمساك من أكل أو شرب أو جماع مفسدٌ للصوم، كما في عبارات فقهاء المذاهب الأربعة المتبوعة. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكاساني الحنفي (2/ 90، ط. دار الكتب)، و"الشرح الصغير" لسيدي أحمد الدردير المالكي (1/ 698-699، ط. دار المعارف)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (6/ 313، ط. دار الفكر)، و"المغني" لموفق الدين ابن قدامة الحنبلي (3/ 105، ط. مكتبة القاهرة).
المعتبر في فساد الصوم هي تحقق وصول المفطِّر إلى الجوف أو غلبة ظنِّ وصوله، بحيث إذا تُيُقِّن عدم الوصول: لا يفسد الصوم؛ إذ الصوم ثابتٌ بيقين، فلا يحصل فطرٌ بشكٍّ؛ تطبيقًا لما تقرر في قواعد الشرع الحنيف: "اليَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ"، كما في "الأشباه والنظائر" للعلامة زين الدَّين ابن نُجَيْم الحنفي (ص: 47، ط. دار الكتب العلمية).
وأخرج الإمام البخاري موقوفًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "الصوم مما دخل وليس مما خرج"، ووصله ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحجامة للصائم قال: «الفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ».
ومجرد وضع مساحيق التجميل على ظاهر الوجه واليدين كوضع أحمر الشفاه على الفم ونحوه: لا يفسد الصوم؛ لأنها توضع على ظاهرهما، حتى ولو امتصته البشرة ووجد الصائم طعمه؛ لعدم دخولها في المنافذ الأصلية الموصِّلة للجوف، فينعدم المفطر، ويصح الصوم.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (4/ 40، ط. دار الكتب العلمية): [م: (ولو ادهن لم يفطر لعدم المنافي) ش: يعني إذا دهن شعره أو شاربه ليس بمناف لصومه فلا يفطر] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي في "الذخيرة" (2/ 505، ط. دار الغرب الإسلامي): [الجَسَدُ يتغذى مِن خارجه بالدُّهْنِ وغيره، ولا يفطر إجماعًا] اهـ.
وقال العلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 524، ط. دار الفكر): [مَن دهن رأسه نهارًا ووجد طعمه في حلقه، أو وضع حناء في رأسه نهارًا فاستطعمها في حلقه: فلا قضاء عليه، ولكن المعروف من المذهب وجوب القضاء] اهـ.
وقال إمام الحرمين الجُوَيْنِي الشافعي في "نهاية المطلب" (4/ 65، ط. دار المنهاج): [وما يُقَدَّرُ وصوله بالمسام، فلا يتعلق الإفطار به، كالأَدْهان إذا تَطَلَّى الصائمُ بها] اهـ.
وقال العلامة منصور البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 483، ط. عالم الكتب) في ذكر ما لا يَفْسُد به الصوم: [(أو لطَّخ باطنَ قدمه بشيءٍ فوجد طعمَهُ بحلقِه) لم يفسد؛ لأن القَدَمَ غيرُ نافذٍ للجوف، أشبه ما لو دَهَنَ رأسَهُ فوجد طعمه في حلقه] اهـ.
وكذا الحال في الكحل على ما ذهب إليه الحنفية والشافعية، وهو المختار للفتوى.
قال الإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 293، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قوله: (أو ادَّهَنَ أو احْتَجَمَ أو اكْتَحَلَ أو قَبَّلَ) أي: لا يفطر؛ لأنَّ الادِّهَانَ غير مُنافٍ للصوم، ولعدم وجود المفطر صورةً ومعنًى، والداخل مِن المسام لا مِن المسالك، فلا ينافيه، كما لو اغتَسَل بالماء البارد ووَجَد بَرْدَهُ في كَبِدِه] اهـ.
وقال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 395، ط. دار الفكر): [(قوله: وإن وجد طعمه في حلقه) أي: طعم الكحل أو الدهن... لأن الموجود في حلقه أثر داخل من المسام الذي هو خلل البدن والمفطر إنما هو الداخل من المنافذ] اهـ.
وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 340-341، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز للصائم أن يكتحل؛ لما روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكتحل وهو صائم، ولأن العين ليس بمنفذ، فلم يبطل الصوم بما وصل إليها] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "الغرر البهية" (2/ 213، ط. المطبعة الميمنية): [(في منفذ) صِلَة دخول، أي: وبترك دخولِ عينٍ جوفَهُ في منفذٍ مفتوحٍ (لا في المسام) أي: الثقب بتَشَرُّبِهَا الدهنَ... فلا يبطل به الصوم؛ لأنه لَم يَصِل في منفذٍ مفتوحٍ، كما لا يُبطله الانغماسُ في الماء وإن وَجَدَ أثره بباطنه] اهـ.
بناءً على ما سبق: فلا حرج في وضع مساحيق التجميل في نهار رمضان كالكحل وأحمر الشفاه؛ إذ ليست بِمُفَطِّرٍ، فلا يفسد بها صوم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: هل يجوز للرَّجُل أن يلبس سلسلة من الفضة أو الذهب في رقبته؟
ما حكم لبس حذاء مصنوع من جلد الخنزير؟
ما حكم ترك الزوجة لغطاء الرأس طاعة لزوجها؟ فالسيدة محافظة متدينة من صغرها ولبست الخمار عند خروجها من المنزل بمجرد أن كملت أنوثتها واستمرت على ذلك إلى أن تخرجت من كلية الحقوق وتزوجت، ولكن زوجها يريد أن تخرج معه عارية الرأس حتى لا تلفت إليها الأنظار وهي تأبى ذلك، وهو مُصِرٌّ على خروجها عارية الرأس مع تحمله الذنب. وطلب السائل الإفادة عما إذا كانت الزوجة تأثم إذا خرجت برأسها عارية من منزلها نزولًا على إرادة زوجها وخوفًا على مستقبلها معه إذا غضب، أو أن الله يغفر لها هذا الذنب، علمًا بأن الزوجين في الدراسة بباريس.
ما حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل لبسها؟ فقد عزم رجل على أداء العمرة هذا العام، وبدأ في إجراءات السفر، وقد علم أن تطييب البدن قبل الإحرام مندوب، ويريد أن يعرف الحكم في تطييب ملابس الإحرام قبل لبسها.
ما حكم وضع مساحيق التجميل في نهار رمضان، كالكحل وأحمر الشفاه؟ وهل تُؤثِّر على صحة صوم من تقوم بوضعها؟
هل لثياب المرأة دخل في نقض الصوم؟ وهل لهذه الثياب حدود معينة في رمضان؟