حكم أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل

تاريخ الفتوى: 09 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8309
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل

ما حكم أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل؟ فهناك رجلٌ وكَّل صديقَه في شراء سيارةٍ مِن نوعٍ معيَّن -لخبرته في هذا المجال- بمقابلٍ معلومٍ مِن المال، فذهب هذا الصَّديق (الوكيل) إلى أحد معارِض السيارات، وبعد معاينة السيارة والاتفاق على ثمنها عاد وأخبر الرجل (الموكِّل) بما اتفق عليه مع صاحب المعرض، فوافَقَ وأعطاه ثمن السيارة ليشتريها، ولَمَّا عاد الوكيلُ إلى صاحب المعرض أَلَحَّ عليه في عمل تخفيضٍ مِن ثمنها، فوافق صاحبُ المعرض وخَصَم له مبلغًا لا بأس به مِن المتَّفَق عليه مُسبَقًا، ويسأل: هل يجوز له أَخْذُ هذا المبلغ الذي تم خصمُه بعد تَعَبٍ ومجاهَدَةٍ مع صاحب المعرض دون إخبار الموكِّل بما جَرَى؟

يجوز شرعًا للوكيل أن يأخذ الأجر على ما يقوم به مِن البيع والشراء لصالح موكّله، لكن لا يجوز له أن يأخذ ما يُنقِصه من ثمن السلعة التي يشتريها، بل عليه أن يدفع بهذا المال إلى الموكِّل.

المحتويات

 

بيان المرادبالوكالة

الوكالة عبارة عن إقامةِ الإنسانِ غيرَه مَقامَ نَفْسه في تصرُّفٍ معلومٍ، كما في "العناية" للإمام أَكْمَل الدين البَابَرْتِي (7/ 499، ط. دار الفكر).

حكم التوكيل في البيع والشراء

التوكيل في البيع والشراء أمرٌ جائزٌ في الشرع؛ لما فيه من دفع الحاجات، وتحقيق المصالح، إذ إن بعض الناس لا يتمكن من الخروج للبيع أو الشراء، أو لا يعلم جيِّدَ السلع من رديئها، وقد يكون له مال ولا علم له بالتجارة، أو أن التجارة تُنقِصُ مِن حقه، وتحط مِن منزلته، فَشُرِعَ التوكيل في البيع والشراء لأجل ذلك.

قال الإمام موفَّق الدين ابن قُدَامَة في "المغني" (5/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [لا نعلم خلافًا في جواز التوكيل في البيع والشراء... ولأن الحاجة داعية إلى التوكيل فيه؛ لأنه قد يكون ممن لا يُحسن البيع والشراء، أو لا يُمكِنه الخروج إلى السوق.. وقد يكون له مال ولا يُحسن التجارة فيه، وقد يُحسن ولا يتفرغ، وقد لا تليق به التجارة... ويحط ذلك مِن منزلته، فأباحها الشرع دفعًا للحاجة، وتحصيلًا لمصلحة] اهـ.

فمتى وكَّل رجلٌ غيرَه في شراءِ شيءٍ معيَّن له مقابِل جُعْلٍ معلومٍ، فلا بأس بذلك ما دام قد جَرَى عليه الاتفاقُ بينهما، وهذا مِن باب الوكالة بأُجرةٍ، وهي جائزةٌ شرعًا، كما في "الفتاوى البزَّازية" للإمام الكُرْدِي البَزَّازِي الحنفي (2/ 147، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"عقد الجواهر الثمينة" للإمام ابن شَاس المالكي (2/ 832، دار الغرب الإسلامي)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (6/ 529، دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام موفَّق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي (5/ 68).

أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل

أما ما يريد الوكيلُ فِعلَه مِن أخذ المبلغ الذي خَصَمه له البائعُ -كما في مسألتنا- فالحُكم في هذا التصرُّف أنه غيرُ جائز شرعًا؛ إذ إنه لا حقَّ له فيه، فهو كوكيلٍ إنما يَعمَل ما فيه مصلحة موكِّله، وكلُّ ما يَفعله فإنما يرجع به على الموكِّل دون نَفْسه؛ لأنه رسولٌ وسفيرٌ ومعبِّرٌ عن إرادة موكِّله، فلا يَملِكُ مِن الأمر شيئًا؛ إذ إن تصرُّفه لا بولاية نَفْسه، وإنما بولايةٍ مستفادةٍ مِن ولاية مُوَكِّله، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي (6/ 27-34، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الكبير" للإمام الرَّافِعِي (11/ 63، ط. دار الفكر).

ومما يدل على عدم جواز أخذ الوكيل المالَ الذي خَصَمه له البائعُ أنَّ جماهير العلماء قد نصُّوا على أنَّ مَن وَكَّل شخصًا في شراءِ شيءٍ له بثمنٍ معيَّنٍ، فاشتراه بأقلَّ مِن الثمن الذي أخبَرَه به، فإن ذلك مُلْزِمٌ للموكِّل، وعلَّلُوه بأن في ذلك مصلحةً له، وهذا التعليل يُفهم منه أنَّ ما نَقص مِن الثمن يَرجع به الوكيل على الموكِّل لا على نَفْسه، ومِن المعلوم أنَّ الموكِّل يَعمل ما فيه مصلحةٌ لموكِّله، وما هو أَوْفَرُ حظًّا له وأفضلُ. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (6/ 29)، و"منح الجليل" للشيخ عِلِيش المالكي (6/ 382، ط. دار الفكر)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (6/ 548، دار الكتب العلمية)، و"البيان" للإمام أبي الحسين العِمْرَانِي الشافعي (6/ 437، ط. دار المنهاج)، و"الشرح الكبير" للإمام شمس الدين ابن قُدَامَة الحنبلي (5/ 232، ط. دار الكتاب).

موقف القانون من هذه المسألة

هذا ما جرى عليه العمل في القانون المدني المصري، حيث نص على أن الوكيل لا يستعمل مالَ موكِّله لصالحه، كما عليه أن يُعلِم الموكِّل بكلِّ ما حَدَث في الوكالة، حيث نص القانون المدني الصادر برقم (131) لسَنَة 1948م في مادته رقم (705) على أنه: [على الوكيل أن يوافي الموكِّل بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه في تنفيذ الوكالة، وأن يقدِّم له حسابًا عنها] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما قام به السائل مِن عملية الشراء مع أخذ الأجرة على ذلك أمرٌ لا بأس به شرعًا، لكن لا يجوز له أن يأخذ ما أَنْقَصَه البائعُ مِن ثمن السيارة، بل عليه أن يدفع به إلى الموكِّل.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تعيين الحاكم وكيلًا عن الغائب؟ فقد سئل بإفادة واردة من وزارة الحقانية وصورتها: قَدَّم سائل طلبًا لمحافظة مصر يقول فيه: إن أخاه متغيب بالمدينة المنورة التابعة للدولة العثمانية من ستة أشهر انقطعت فيها أخباره، وتعذر عليه العودة؛ لانقطاع طرق المواصلات بسبب الحرب الحاضرة، ونظرًا لوجود أطيان له مرهونة للبنك العقاري، ومستحق عليها ثلاثة أقساط، فاتخذ البنك الإجراءات القانونية لنزع ملكيتها، فرغب تسوية الحالة مع الدائنين، ولكن لعدم وجود صفة قانونية له طلب من المجلس الحسبي تعيين وكيل له، ولما كان غياب المذكور لا يعتبر غيبة منقطعة لمعرفة محل وجوده، فبعث المجلس بالطلب لأخذ رأي الوزارة عن كيفية التصرف في مثل هذه الحالة، وهل يجوز له قياسًا على الغيبة المنقطعة؛ لوجود موانع المواصلات، أن يعين وكيلًا له أم لا؟ فنرجو من فضيلتكم إفتاء الوزارة في هذا الموضوع؛ لتوالي الطلبات المماثلة لهذا الطلب في الوقت الحاضر. وطيه الأوراق عدد 2.


حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام؟ فهناك بعض الأفراد الذين يعملون في بعض الجهات التي تقدم خدمات لجمهور المتعاملين معها، ويقوم هؤلاء الأفراد بجمع أرقام هواتف العملاء وبياناتهم وعمل قائمة بها دون علم أصحابها، ثم يبيعونها لشركاتٍ أخرى تقدم خدماتٍ للجمهور، مقابل مبلغ مالي. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم استخدام الوجوه (الصور) التعبيرية المنتشرة في المحادثات الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية؟


هناك من يدعي أن الانتساب حاليًّا إلى الهاشميين محل نظر، وأنه بسبب بُعد النسب واختلاطه في القرون الماضية؛ فقد يدعي بعض الناس هذا الشرف بغير حق فيصدقهم الناس، فهل هذا الفهم صحيح؟


ما حكم إلقاء القمامة والحيوانات النافقة في مياه النيل والترع؟


ما حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج؟ فهناك امرأة تمت خطبتها مُدَّة قصيرة مِنَ الزمن، وتمَّ الزواج، وبعد الزواج بوقتٍ قليل ظهر أنَّ الزوجَ يُدمن المخدرات مما أثَّر على المعيشة، وتدخَّل الأهل، وقاموا بمحاولة علاجه في مصحة متخصصة، وتحسنت حالته بعد الخروج منها لمُدة قصيرة، ثُمَّ عَاد لما كان عليه مرة أخرى، ولم يحدث حمل حتى الآن، وتخشى الزوجة من الحمل خوفًا على ولدها؛ فهل يجوز لها شرعًا أن تنفرد بقرار منع الإنجاب؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31