حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة

تاريخ الفتوى: 16 يناير 2025 م
رقم الفتوى: 8523
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة

ما حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة؟ فقد أعلنت شركة حاجتها لشراء سلعة بمواصفات معينة، على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة مئوية من قيمة السلعة المعلومة المحددة، فما حكم هذه المعاملة وأخذ هذه النسبة؟

توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وهو من قبيل الجعالة المشروعة، والنسبة المذكورة من قبيل الجُعل المبذول.

المحتويات

 

مذاهب الفقهاء في حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة

لقد وضع الشرع الشريف من التشريعات ما يضبط حركة المال، وفق ضوابط وقوانين تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها، ودفع المفاسد وتقليلها، سواء من جهة تحصيل المال -كما السؤال- أو من جهة إنفاقه.

والصورة محل السؤال -والتي فيها إعلان شركةٍ ما عن حاجتها لشراء سلعة بمواصفات معينة وقيمة معلومة محددة، على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة مئوية من قيمتها المحددة سلفًا- أُطلق فيها الخطاب فشمل المعيَّن وغير المعيَّن مِمَّن يوفر السلعة المطلوبة، ولا يمكن تحقيق مثل هذا المبتغى في الإجارة؛ لانعدامها في المجهول كافة، ولا في الوكالة؛ لانعدام التعيين، وإنما يتحقق في عقد الجعالة التي هي أعم من السمسرة؛ لعموم مَوْرِدِها، فبينهما عموم وخصوص مطلق، إذ كل جعالة سمسرة ولا عكس.

وقد اختلف الفقهاء في جواز مثل هذه المعاملة وفق تكييفها جعالة، فذهب الحنفية إلى عدم جوازها؛ لما فيها من الغرر والجهالة قياسًا على اشتراط معلومية الأجر والعمل والأجير في سائر الإجارات، أَمَا وقد تحققت الجهالة في جميعها فلا تصح.

قال مجد الدين الموصلي في "الاختيار" (3/ 34، ط. الحلبي) عن الكرخي في اللقطة: [إذا قال: من وجدها فله كذا، فله أجر مثله؛ لأنها إجارة فاسدة] اهـ.

وقال العلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 281، ط. دار الفكر) نقلًا عن "الولوالجية": [ضاع له شيء فقال: مَن دلَّني عليه فله كذا، فالإجارة باطلة؛ لأن المستأجر له غير معلوم، والدلالة ليست بعمل يستحق به الأجر، فلا يجب الأجر، وإن خصص بأن قال لرجل بعينه: إن دللتني عليه فلك كذا، إن مشى له ودلَّه: يجب أجر المثل في المشي؛ لأن ذلك عمل يستحق بعقد الإجارة إلا أنه غير مقدر بقدر فيجب أجر المثل، وإن دلَّه بلا مشي: فهو والأول سواء] اهـ.

وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جوازها باعتبار أنها عقد على معيَّن محتمِل الإنجاز من غير اشتراط تعيين المتعاقَد معه، ولكن مع استحقاقه العوض بعد تمام المعيَّن من الموجِب، بشرط معلومية الجُعل، وهو حاصل في محل السؤال، إذ قيمة السلعة معلومة ابتداءً ومواصفاتها محددة سلفًا.

واسْتُدِل لذلك بقول الله تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: 72].

قال شمس الدين القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (9/ 232، ط. دار الكتب المصرية): [قال بعض العلماء: في هذه الآية دليلان؛ أحدهما: جواز الجُعل وقد أجيز للضرورة، فإنه يجوز فيه من الجهالة ما لا يجوز في غيره، فإذا قال الرجل: مَن فعل كذا فله كذا صح. وشأن الجعل أن يكون أحد الطرفين معلومًا والآخر مجهولًا للضرورة إليه، بخلاف الإجارة، فإنه يتقدر فيها العوض والمعوض من الجهتين، وهو من العقود الجائزة] اهـ.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك، إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلًا، فجعلوا لهم قطيعًا من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسألوه فضحك وقال: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» متفق عليه، فدل على جواز الجعالة على ما ينتفع به المريض من دواء أو رقية، وقياسه سائر الأعمال.

وقد جاء في "المدونة" للإمام مالك (3/ 466، ط. دار الكتب العلمية): [في جُعل السمسار قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم. سألتُ مالكًا عن البَزَّاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزًّا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزًّا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك. فقلت: أمن الجُعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل] اهـ.

وقال الإمام ابن رشد المالكي في "المقدمات" (2/ 177، ط. دار الغرب الإسلامي): [ومن شروط صحة المجاعلة: أن يكون الجُعل معلومًا] اهـ.

وقال الإمام أبو سعيد البراذعي المالكي في "التهذيب" (3/ 343، ط. دار البحوث للدراسات الإسلامية بدُبي): [من قال لرجل: بع لي هذا الثوب ولك درهم، أنه جائز، وقّت له في الثوب ثمنًا أم لا، وهو جُعل] اهـ.

وقال الإمام أبو إسحاق الشيرزاي الشافعي في "المهذب" (2/ 271، ط. دار الكتب العلمية): [يجوز عقد الجعالة، وهو: أن يبذل الجُعل لمن عمل له عملًا مِن ردِّ ضالة، ورد آبق، وبناء حائط، وخياطة ثوب، وكل ما يستأجر عليه من الأعمال] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 179، ط. دار الفكر): [ويشترط كون الجُعل معلومًا، فلو قال: مَن ردَّه فله ثوب أو أرضيه فسد العقد وللراد أجرة مثله] اهـ.

وقال موفق الدين ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (6/ 94، ط. مكتبة القاهرة): [ ولا بد أن يكون العوض معلومًا، والفرق بينه وبين العمل من وجهين، أحدهما: أن الحاجة تدعو إلى كون العمل مجهولًا... ولا حاجة تدعو إلى جهالة العوض، والثاني: أن العمل لا يصير لازمًا، فلم يجب كونه معلومًا، والعوض يصير لازمًا بإتمام العمل، فوجب كونه معلوما. ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم] اهـ.

وقال العلَّامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 203، ط. دار الكتب العلمية): [(أو) جعله ل (غير معين بأن يقول: من رد لقطتي أو وجدها) فله كذا (أو) من (بني لي هذا الحائط أو) من (رد عبدي) الآبق (فله كذا، فيصح العقد) مع كونه تعليقًا؛ لأنه في معنى المعاوضة لا تعليقًا محضًا] اهـ.

المختار للفتوى في هذه المسألة

المختار للفتوى في حكم الجعالة هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول بجوازها متى كان الجُعل معلومًا؛ تيسيرًا على المكلفين، ورفعًا للحرج عن المتعاملين، ولداعي الحاجة من ردِّ مال، أو انتفاء قدرة الجاعل على أعمال يحتاج إليها.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما قامت به الشركة من الإعلان عن حاجتها لسلعة معينة على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة معينة من قيمة هذه السلعة المعلومة المحددة سلفًا -جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وهو من قبيل الجعالة المشروعة، والنسبة المذكورة من قبيل الجُعل المبذول.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم البيع  في المتاجر الإلكترونية؛ ففي عصر الرقمنة أصبح لدينا نوع جديد من التجارة تسمى "دروب شيبنج"؛ حيث يمكن للبائع عرض سلعة لا يملكها في متجر إلكتروني، وعندما يشتري الزائر السلعة فإنها ترسل إليه مباشرة من عند مُوَرِّد السلعة، علمًا بأنَّ البائع لا يملك هذه السلعة في الأصل، ويمكن للزبون (المشتري) إعادة السلعة إن كان فيها خلل ما واستعادة نقوده.

فما حكم الشرع في هذا النوع الجديد من المعاملات؟


ما حكم استيفاء العامل حقه مما قام بصناعته للعميل؟ فهناك رجلٌ يعمل بدباغة الجلود، وأعطى له أحدُ الأشخاص بعضَ الجلود للصناعة والدباغة، على أن يستلمها خلال خمسة عشر يومًا، لكنه لم يأت بعد ذلك، وظَلَّ الرجلُ يسأل عنه فلم يعثر له على مكان، ولم يقِف له على عنوان، وذلك على مدار ثلاث سنوات، وله عنده أجرةُ الصناعة والدباغة، ويسأل: هل يجوز له استيفاءُ حقِّه مِن هذه الجلود؟


ما حكم تمويل الجمعيات والمؤسسات للمشروعات متناهية الصغر؟ حيث تقوم بعض الجمعيات بدعم المشروعات متناهية الصغر، عن طريق الصندوق الاجتماعي للتنمية، وهذا المشروع يخدم قطاعًا كبيرًا من المواطنين، ويوفِّر فرص عمل لكثير من الشباب والنساء، وقد تناثرت أقاويل كثيرة بأنَّ هذا المشروع محرم شرعًا؛ نظرًا لأنه بفائدة. فما حكم هذه المعاملة شرعًا؟


ما مدى أحقية تناقل المنفعة في العلامة التجارية والاسم التجاري بالوصية والتوارث؟


على مَن تجب تكلفة إرجاع السلعة حال الشراء أون لاين online؟ فقد باع رجل كتبًا إلى آخر، وتمت عملية البيع عن طريق الإنترنت، واتفقا على أن يكون للمشتري بعد أن يعاين الكتب حقُّ إرجاعها واسترداد قيمتها مرة أخرى، وذلك خلال أسبوعين تبدأ من تاريخ استلامها، وعندما وصلت الكتب واستلمها المشتري وعاينها رغب في إرجاعها، فطلب من شركة الشحن أن تعيدها إلى البائع مرة أخرى، فعلى مَن تجب تكلفة الإرجاع؟


ما حكم تمويل سداد المصروفات المدرسية، حيث إن الطلب المقدم من النائب الأوَّل لرئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي، جاء فيه: أتشرف بأن أتقدم لفضيلتكم بخالص التقدير، وأودُّ الإشارة إلى ما انتهت إليه المناقشات خلال جلسة الاجتماع السابق لمجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي بشأن المنتجات الجديدة، ومنها: منتج تمويل سداد المصروفات المدرسية، وما قرره المجلس الموقَّر بعرض هذا المنتج على فضيلتكم للتكرم بإبداء الرأي الشرعي في هذا النوع من التمويلات قبل طرحه للعملاء.
وفي هذا الشأن أتشرف بأن أرفق مشروعًا لمحددات وشروط منح التمويل المشار إليه للتكرم من فضيلتكم بالنظر. وبالنظر في المشروع المرفق، تبين أنه مضمونه كالتالي:
- الفئات المستهدفة: هم الطبقة الوسطى من العاملين بالحكومة وقطاع الأعمال، وأصحاب المعاشات وورثتهم، والعاملين بالقطاع الخاص، وأصحاب المهن الحرة، من خلال تقديم المستندات المطلوبة والتي حددها البنك بناءً على ضمانات كل فئة من هذه الفئات.
- مدة التمويل: 10 شهور لمرحلة تعليمية كاملة (ابتدائي من6:2 سنوات، وإعدادي وثانوي من 3:2 سنوات) طبقًا للعائد المعمول به بالبنك، وفي حال منح التمويل لمرحلة تعليمية كاملة تكون مدة التقسيط سنوات كاملة.
- قيمة التمويل بحد أقصى: 50.000 جنيهًا، بنسبة استقطاع 75% من الدخل الشهري للعميل.
- المستفيدون من التمويل: الولي الشرعي، أو الأُم في حالة وفاة الأب.
- اشترط البنك لهذا التمويل عدة شروط هي:
• تقييم الـi-Score على حساب العميل.
• في حالة عدم وجود التزام من جهة العمل بتحويل المرتب: يتم منح العميل نفس الشروط الخاصة بأصحاب المهن الحرة مثل موظفي قطاع البنوك.
• يتم منح التمويل نسبة 100% من قيمة المصروفات الدراسية أو الحد الأقصى لعبء الدين (75%) دون النظر إلى المبلغ المذكور بخطاب المدرسة.
• في حالة عدم توافر فاتورة كهرباء باسم العميل يشترط وجود إيصال كهرباء لأحد الأقارب من الدرجة الأولى، أو الأَخ، أو الأُخت، أو العَمِّ، أو العَمَّة.
• يستخرج شيك بقيمة التمويل باسم المدرسة.
• جميع المصروفات والدمغات النسبية تسدد نقدًا مُقدَّمًا.
• السن لا يزيد عن 70 سنة عند نهاية مُدَّة التقسيط.
• في حال التأمين ضد مخاطر عدم السداد: يُراعى الشروط والبنود الواردة بالعقد المبرم مع شركة التأمين.
• تُحسب غرامة التأخير بنسبة 1.5% شهريًّا عن كل قسط تأخير (شهر تأخير).
• حال السداد المُعجَّل: يتم عمل خصم تعجيل دفع كما هو متبع بلائحة البنك.
• يتحمل العميل نسبة 1.5% مصروفات إدارية من قيمة التمويل لمرةٍ واحدةٍ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :31
الظهر
11 : 43
العصر
2:35
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17