حكم تنظيف الأذن عند الطبيب أثناء الصوم

تاريخ الفتوى: 11 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8338
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم تنظيف الأذن عند الطبيب أثناء الصوم

هل يفسد الصوم بسبب قيام الإنسان بتنظيف أذنه عند الطبيب أثناء صيامه؟

تنظيف الأذن بمائعٍ -سواءٌ كان عند الطبيب أو بواسطة الإنسان نفسه- أثناء الصوم: لا يُفطِّر ما دامت طبلةُ الأذن سليمةً تمنع وصول مكوناتها إلى الحلق مباشرةً، والصوم حينئذٍ صحيحٌ، سواء ظَهَرَ أثرُ النقط في الحلق أو لم يَظْهَر، وهذا هو المختار للفتوى، فإن قرر الطبيب أن فيها ثقبًا بحيث يَسمَحُ بوصول تلك المكونات إلى الحلق مباشرةً فإنها حينئذٍ تُفطِّر.

المحتويات

 

بيان حقيقة الصوم

حقيقة الصوم أنه: إمساك الصائم عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع النية، ولا يتحقَّق الإمساك المذكور بدخول شيءٍ ذِي جِرمٍ إلى المنافذ المفتوحة إلى الجوف، وإلَّا كان ركن الصيام منعدمًا، وأداء العبادة بدون ركنها لا يُتصوَّر؛ لما رواه البخاري موقوفًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» أي: الإمساكُ واجبُ مما يدخُل إلى الجَوف لا مما يخرج، ووصله ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحجامة للصائم قال: «الفطر مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ».

حكم تنظيف الأذن عند الطبيب أثناء الصوم

تنظيف الأذن أثناء الصيام لا يخلو من حالين، فإما أن يكون بجامدٍ -كمنديلٍ وعودٍ ونحو ذلك-: فلا تأثير له على صحة الصوم، وإما أن يكون بمائعٍ: وهو محل السؤال، فقد اختلف الفقهاء في صحَّة صوم مَن صَبَّ في أذنه شيئًا أثناء الصوم تبعًا لاختلافهم فيما إذا كانت الأذن منفذًا مفتوحًا موصلًا إلى الدماغ أو الحلق أو لا، والاختلاف في التصوير والتكييف ينبني عليه اختلافٌ في حكم المسألة، فمن اعتبرها منفذًا مفتوحًا موصلًا إلى الدماغ أو الحلق قال بفساد الصوم بالتقطير فيها إذا وصل شيءٌ من ذلك إلى الدماغ أو الحلق، ومن لم يعتبرها كذلك قال بعدم فساد الصوم بالتقطير فيها، سواء وجد أثر ذلك في الحلق أو لا.

فذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة، والمالكية، والشافعية في الأصح، والحنابلة، إلى أن استعمال النُّقَطِ ووضعها في أُذُن الصائم مُفسِدٌ لصومه إذا وَصَلَ شيءٌ إلى الدماغ أو إلى الحلق على تفصيلٍ بينهم في ذلك، فإذا لَم يُجَاوِز شيءٌ من ذلك إلى الحلق فلا يفسد الصيامُ. ويستدل له بما أخرجه ابن وهبٍ في "جامعه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يكره الكحل للصائم، وكره السعوط أو شيئًا يصبه في أذنيه.

قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 334، ط. دار الكتب العلمية): [فإن استعط أو صبَّ الماء في أذنه فوصل إلى دماغه بطل صومه؛ لما روى لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا اسْتَنْشَقْتَ فَبَالِغْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»، فدلّ على أنه إذا وصل إلى الدماغ شيءٌ بطل صومُه؛ ولأن الدماغَ أحدُ الجوفين فبطل الصوم بالواصل إليه كالبطن] اهـ. وينظر: "بدائع الصنائع" للكاساني الحنفي (2/ 93، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل شرح مختصر خليل" للشيخ عليش المالكي (2/ 132، ط. دار الفكر)، و"كفاية النبيه" لابن الرفعة الشافعي (6/ 314، ط. دار الكتب العلمية)، و"دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" للبهوتي الحنبلي

وذهب جماعةٌ من فقهاء الشافعيَّة، كالقاضي حسين، وأبي علي السِّنجي، والفوراني -وهو مقابل الأصح لدى المذهب وصححه الإمام الغزالي- إلى أنه لا يَفسد الصوم بالتقطير في الأذن مطلقًا، ظهر أثره في الدماغ أو لا؛ لأنه لا يوجد منفذٌ مفتوحٌ من الأذن إلى الدماغ، فالواصل إلى الدماغ واصلٌ عن طريق المسام كما يصل الكحل من العين إلى الحلق.

قال إمام الحرمين الجويني في "نهاية المطلب" (4/ 63، ط. دار المنهاج): [ولو قطّر شيئًا في أذنه فانتهى إلى داخل الأذن الباطن، فقد كان شيخي يقطع بأنه مفطر، والذي قطع به الشيخ أبو علي وطوائفُ من علماء المذهب: أنه لا يفطر] اهـ.

وهو أيضًا مذهب أهل الظاهر، قال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى" (4/ 335، ط. دارالفكر): [ولا ينقض الصومَ حجامةٌ... ولا حقنةٌ ولا سعوطٌ ولا تقطيرٌ في أذن] اهـ. وعزاه أيضًا العلامة ابن مفلح الحنبلي إلى الأئمة: الأوزاعي، والليث بن سعد، والحسن بن صالح الكوفي؛ حيث قال في "الفروع" (5/ 6، ط. مؤسسة الرسالة ومعه "تصحيح الفروع" للمرداوي): [وإن قطر في أذنه شيئًا فدخل دماغَهُ أفطر، خلافًا للأوزاعي والليث والحسن بن صالح وداود] اهـ.

ويؤيد هذا القولَ ما أثبته علماء التشريح والطب مِن عدم وجود منفذٍ مفتوحٍ مباشرٍ يُمكن للمائع المقطَّر عند صبه في الأذن النفاذُ إلى الجوف أو الدماغ؛ حيث يوجد غشاءٌ حيويٌّ مخروطيُّ المستوى يسمى "الغشاء الطبلي" أو "طبلة الأذن" يفصل بين الأذن الخارجية وبين الأذن الوسطى، ويقوم بحماية الأجزاء الداخلية للأذن من دخول الميكروبات والأتربة والماء إليها من الخارج، وتنتقص تلك الحماية في حالة وجود تمزقٍ في هذا الغشاء أو حدوث ثقبٍ به فحينئذٍ تصبح الأذنُ متصلةً بالبلعوم مباشرة كالأنف. يُنظر: "تشريح الأذن وفيزيولوجيا السمع" للدكتور/ ناصر محيي الدين الملوحي (ص: 15، ط. دار الغسق).

وبذلك فلا يكون الواصلُ من المائعِ في الأذن إلى الحلق أو الدماغ حالَ سلامةِ طبلة الأذن نافذًا عبر منفذٍ مفتوحٍ، إنما هو حاصلٌ بخاصية التشرب عن طريق المسام كما هو الحاصل في وصول الكحل من العين إلى الحلق، ومن ثَمَّ يترجح القول بصحة الصوم في مثل هذه الحال، سواء ظهر أثر النقط في الدماغ أو لا؛ لأن الواصل عن طريق المسام لا يُبنَى عليه شيءٌ، وهو ما نصَّ عليه السادة الشافعية.

قال العلامة ابن الرفعة الشافعي في "كفاية النبيه" (6/ 314، ط. دار الكتب العلمية): [لا خلاف عندنا في أن ما وصل إلى الجوف والدماغ والمثانة من المسامّ لا يفطر به، ومنه الكحل الحادّ يجد الإنسان طعمه في الفم ولا يفطر به، وكذا شم الروائح الزكيَّة، وأُلْحِقَ به إدراكُ الذوق مع مجِّ جِرْمِ الْمَذُوقِ، قاله الإمام والمتولي وغيرهما] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن تنظيف الأذن بمائعٍ -سواءٌ كان عند الطبيب أو بواسطة الإنسان نفسه- أثناء الصوم: لا يُفطِّر ما دامت طبلةُ الأذن سليمةً تمنع وصول مكوناتها إلى الحلق مباشرةً، والصوم حينئذٍ صحيحٌ، سواء ظَهَرَ أثرُ النقط في الحلق أو لم يَظْهَر، وهذا هو المختار للفتوى، فإن قرر الطبيب أن فيها ثقبًا بحيث يَسمَحُ بوصول تلك المكونات إلى الحلق مباشرةً فإنها حينئذٍ تُفطِّر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في مزاولة مهنة التدليك الطبي (العلاج الطبيعي) وضوابط ذلك. فهناك صديق لي يعمل في أحد مراكز التدليك، ويقوم بعمل جلسات تدليك بصفة دورية؛ للوقاية من الإصابات العضلية المختلفة، فنهاه أحد أصدقائه عن ذلك معلِّلًا ذلك بأنَّ التدليك يترتَّب عليه كشف العورات، كما أنَّه قد يكون ذريعة لأمور محرَّمة؛ فما حكم عمله في مراكز التدليك لهذا الغرض؟


ما حكم إجراء عملية طبية لفتاة من ذوي الهمم لقطع الدورة الشهرية عنها؟ فإن السائلة تقول: ابنتي من ذوي الهمم وأريد إجراء عملية طبية لها لمنع نزول الدورة الشهرية؛ لأنها لا تدرك شيئًا، ولدفع الضرر؛ كما أنني مريضة بالسكر، وعمري 60 عامًا، ولا أعرف من سوف يرعاها بعدي. فأرجو إعطائي الحكم الشرعي في ذلك؟


ما حكم تخزين أدوية المناعة المستخدمة في علاج كورونا؛ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من "فيروس كوفيد-19" وفي ضوء ما قامت به وزارة الصحة من وضع بروتوكولات علاج لهذا الفيروس؛ يقوم البعض بتخزين أدوية المناعة وغيرها من الفيتامينات المدرجة ضمن هذه البروتوكولات دون الحاجة إليها تَحسُّبًا لزيادة ثمنها فيما بعد؛ فما حكم هذا التخزين بهذه الكيفية؟


ما حكم صيام المرأة عند انقطاع حيضها مع عدم التيقن من الطهر قبل الفجر؟ لأن امرأة كان عليها الحيض في رمضان، ثُمَّ في أثناء الشهر انقطع الدَّمُ، ولم تلتفت إليه إلَّا بعد طلوع الفجر، ولم تتيقَّن هل حَصَل النَّقَاءُ من الحيض وانقطاعُ الدَّمِ قبل الفجر أو بعده، فَنَوَتْ صيام هذا اليوم على أنَّه إِنِ انقطع الدَّم قبل الفجر فالصيام صحيحٌ، ولو كان الانقطاعُ بعد الفجر فستقضي هذا اليوم بدلًا عن أيام حيضها، فهل هذا الصوم صحيحٌ؟


ما حكم وضع الكريم المرطب المغذي للجلد والزيت المغذي للشعر أثناء الصيام؟ حيث يمتصه الجلد وفروة الرأس.


ما حكم من أكل أو شرب عامدًا في نهار رمضان؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 يوليو 2025 م
الفجر
4 :12
الشروق
5 :58
الظهر
12 : 59
العصر
4:35
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33