سمعتُ حديثًا عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه عن المطر: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى»، فأرجو منكم بيان المعنى المراد منه.
معنى حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المطر: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» أن الماء حديث عهد بتكوين الله تعالى وخلقه له فهو جديد النزول، وما كان كذلك ففيه سر خاص، وبركة لا توجد في غيره، حيث لم تتصل به يد مخلوق، فأحبَّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يصيب المطر المبارك الطهور بدنَه المبارك الطاهر الـمُطهر، تعليمًا وتنبيهًا إلى أدب استقبال ما كان حديث عهد بربه، وتقديمه على كل ما لم يكن كذلك، والذي يستحق من العباد أن يحترموه ويتبرَّكوا به ولا يسرفوا في استعماله وإذهابه في غير منفعة.
المحتويات
جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطرٌ، قال: فَحَسَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ثَوْبَهُ، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» أخرجه مسلم. ومعنى حَسَرَ ثوبه، أي: رفع ثوبه وكشف شيئًا من جسده الشريف كي يصيبه المطر.
ومفاد الحديث: أنَّه يستحبّ للعبد حين نزول المطر أن يتعرض له، بأن يقف تحت المطر ويكشف عن شيءٍ من جسده؛ ليصيبه المطر رجاء البركة، اقتداءً به صلى الله عليه وآله وسلم.
معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى»، أي: إنَّ هذا الماء قريب عهد بخلق الله تعالى له وتكوينه إيَّاه، وما كان كذلك ففيه سرٌّ خاصٌّ، وبركةٌ لا توجد في غيره، حيث لم تتصل به يد مخلوق، فهو جديد النزول، فأحبَّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يصيب المطر المبارك الطهور بدنَه المبارك الطاهر الـمُطهر، ففي فعله صلى الله عليه وآله وسلم إشارة وتعليم لأمته أن يتقربوا ويرغبوا فيما فيه من خير وبركة، وأن يحترموه ولا يسرفوا في استعماله وإذهابه في غير منفعة.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (6/ 195-196، ط. دار إحياء التراث العربي): [معنى حسر: كشف، أي: كشف بعض بدنه، ومعنى: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ»، أي: بتكوين ربه إيَّاه، ومعناه أنَّ المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها، وفي هذا الحديث دليل لقول أصحابنا أنَّه يُستحبُّ عند أول المطر أن يكشف غير عورته ليناله المطر] اهـ.
وقال العلامة ابن رسلان الرملي الشافعي في "شرحه على سنن أبي داود" (19/353-354، ط. دار الفلاح): [قال: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» أي: بتكوين ربه إياه وإيجاده، وهذا منه صلى اللَّه عليه وآله وسلم تبرك بالمطر واستسقائه؛ لأن اللَّه تعالى قد سماه رحمة ومباركًا وطهورًا، وجعله سببًا لحياة الخلق ومبعدًا عن العقوبة، ويستفاد منه احترام المطر والتبرك به، وترك الاستهانة به وترك الإسراف في استعماله وإذهابه في غير منفعة] اهـ.
وعلى هذا المعنى جاءت عبارات الفقهاء:
قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 553، ط. دار الكتب العلمية) أثناء الكلام عما يندب فعله عند نزول المطر: [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث... وأن يكشف عن غير عورته؛ ليصيبه ويتطهر منه] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 610، ط. دار الكتب العلمية): [(ويسن) لكل أحد (أن يبرز) أي: يظهر (لأول مطر السنة ويكشف) من جسده (غير عورته ليصيبه) شيء من المطر تبركًا، وللاتباع] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 337، ط. عالم الكتب): [(وسن وقوف في أول المطر) وتوضؤ (واغتسال منه)] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ معنى حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المطر: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» أن الماء حديث عهد بتكوين الله تعالى وخلقه له فهو جديد النزول، وما كان كذلك ففيه سر خاص، وبركة لا توجد في غيره، حيث لم تتصل به يد مخلوق، فأحبَّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يصيب المطر المبارك الطهور بدنَه المبارك الطاهر الـمُطهر، تعليمًا وتنبيهًا إلى أدب استقبال ما كان حديث عهد بربه، وتقديمه على كل ما لم يكن كذلك، والذي يستحق من العباد أن يحترموه ويتبرَّكوا به ولا يسرفوا في استعماله وإذهابه في غير منفعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف على التعاون بين الناس وبيان فضل ذلك.
هل إخبار المستفتي المفتي بالمعصية التي وقع فيها يُعدُّ من قبيل الجهر بالمعاصي؟
سائل يقول: نرجو منكم بيان القول فيمن يتعمَّد السخرية والاستهزاء من الآخرين واحتقارهم؟
ما هي الأعمال المستحبَّة عند حدوث البَرْق والرَّعْد؟
ما حكم إنشاء صندوق لجمع الزكاة والتبرعات للمتضررين من التغيرات المناخية؟ لأنه بعد ما حدث من كثرة المتضررين من الزلازل فكَّر مجموعة من الأشخاص في تخصيص جزء من الأموال لصالح المتضررين من التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية، بحيث يوضع هذا في صناديق مخصصة لذلك. فهل يصح أن يكون هذا من أموال الزكاة؟ وما المسلك الشرعي المقترح لهذا الأمر؟ وما ضوابطه؟
ما الأسس التي تقوم عليها الفتوى؟