ما حكم أجرة المدة الزائدة بعد انتهاء عقد الإيجار؟ فهناك رجلٌ استأجر قطعة أرض زراعية لمدة ثلاث سنوات (36 شهرًا) بمقابل مادي، ولم يشترط عليه صاحبُ الأرض زراعةَ محصول معيَّن، واتفَقَا على ذلك، وظَلَّ يزرعها طول هذه المدة، إلا أنه صادف أن انتهاء مدة الإيجار قد حَلَّت مع وجود محصول في الأرض يحتاج لنضوجه وحصاده ما يقارب شهرين أو أكثر، فتراضَيَا هو وصاحب الأرض على إبقاء المحصول وامتداد إيجار الأرض الزراعية إلى أن ينضج، فهل يكون إيجار هذه المدة الزائدة على مدة العقد بنفس الأجرة القديمة، أم بأجرة جديدة؟ علمًا بأن سعر الإيجار قد زاد عما كان عليه.
الأصل في عقد إجارة الأرض الزراعية أن ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها بين طرفيه، وتُرد الأرضُ المستأجرة إلى صاحبها، فإن انتهى العقد وكان في الأرض زرع لمّا ينضج بعد، واتفق مستأجرُ الأرض ومؤجرُها على إبقائها تحت يد المستأجر لحين نضوجه، فإنه لا مانع من ذلك شرعًا، ويستحق المؤجرُ عن المدة الزائدة التي تبقى فيها الأرضُ تحت يد المستأجر أجرةَ المثل التي يُقدِّرها أهلُ الخبرة في كلِّ بلدة بحسبها على ما هو متعارف عليه ومعمول به فيها.
المحتويات
مِن المقرر شرعًا أن المعاملات الجارية بين الناس عمومًا يراعى فيها ابتداءً تحقُّقُ شروط العقود وأركانها عامة، من أهلية المتعاقديْن، وحصول الرضا بينهما، وانتفاء الغرر، وكذلك خلو المعاملة من الشروط الممنوعة شرعًا، كما جاء في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الأئمة: التِّرْمِذِي، والدَّارَقُطْنِي، والبَيْهَقِي واللفظ له.
عقد الإجارة: هو "عقدٌ يلتزم المؤجِّرُ بمقتضاه أن يُمَكِّنَ المستأجِرَ مِن الانتفاع بشيءٍ معيَّن مدةً معيَّنةً لقاءَ أجْر معلوم"، كما عَرَّفه القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948م في مادته رقم (558).
وعبَّر عنه الفقهاء بنحو قولهم: بَيْعُ منفعةٍ معلومةٍ بأجرٍ معلومٍ، أو عقد على منفعةٍ مقصودةٍ معلومةٍ قابلةٍ للبَذلِ والإباحةِ بعِوَضٍ معلوم. يُنظر: "تبيين الحقائق" للإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي (5/ 105، ط. المطبعة الكبرى الأميرية)، و"المختصر الفقهي" للإمام ابن عَرَفَة المالكي (8/ 159، ط. مؤسسة خلف)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (3/ 438، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (3/ 546، ط. عالم الكتب).
وقد أجمَعَ أهلُ العلم على جواز اكتراء الأراضي الزراعية مدةً معلومةً بالنقدين من الذهب والفضة -أو ما يقوم مقامهما في وقتنا الحالي-. ينظر: "الإشراف" للإمام ابن المُنْذِر (6/ 263، ط. مكتبة مكة الثقافية)، و"الإقناع" للإمام ابن القَطَّان (2/ 184، ط. مكتبة الفاروق الحديثة).
من المعلوم أن عقد الإجارة ينتهي بانتهاء مدة الإجارة، ومن ثَمَّ تُرد العينُ المستأجرة إلى صاحبها، إلا أن الفقهاء قد استثنَوا من ذلك ما إذا انتهت مدة الإجارة وكان في الأرض زرعٌ لمّا ينضج بَعدُ، حيث نص الحنفية والمالكية على أنه إذا لم ينضج الزرع ولم يكن للمستأجر يدٌ في عدم نضوجه فحينئذ يمتدُّ عقد الإجارة بين الطرفين من تلقاء نفسه لحين نضوج الزرع بأجرة المثل، رعايةً لمصلحة كلٍّ منهما، من حماية حق المستأجر حتى ينضج زرعه، وحماية حق المؤجر فيأخذ أجرة أرضه، ولأن تسليم الأرض للمؤجر وفي الأرض زرع يضر بالمستأجر، وإبقاء الأرض في يد المستأجر من غير دفع الأجرة يضر بالمؤجر.
قال الإمام فخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي في "تبيين الحقائق" (5/ 114) في بيان أحكام أجرة الأرض: [إذا استأجرها للزراعة، فانقضت مدة الإجارة والزرع لم يدرك، حيث يترك الزرع على حاله إلى أن يستحصد بأجر المثل؛ لأن له نهاية معلومة، فأمكن رعاية الجانبين فيه] اهـ.
وقال الإمام أكمَل الدين البَابَرْتِي الحنفي في "العناية" (9/ 83، ط. دار الفكر): [(الزرع إذا انقضت المدةُ وهو بَقلٌ، حيث يترك بأجر المثل إلى أن يدرك؛ لأن له نهاية معلومة، فأمكن رعاية الجانبين) وذلك لأنا لو قَلَعناه تضرر المستأجر، ولو تركنا الأرض بيده بلا أجر تضرر المؤجر، وفي تركه بأجرٍ رعايةُ الجانبين فصير إليه] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرحه على مختصر الإمام ضياء الدين خليل" (7/ 49، ط. دار الفكر): [(ص) فإن تمَّت وله زرع أخضر، فكراء مثل الزائد (ش) يعني: أن مدة الإجارة إذا انقضت وللمستأجر في الأرض زرع أخضر، فإنه يلزم رب الأرض أن يبقيه فيها إلى تمام طِيبِه، وله على المكتري أجرة المثل، أي: فيما زاد على السَّنة يلزم فيه كراء المثل إلى أن يستوفي الزرع، فلو بقي الزرع في الأرض بعد انقضاء مدة الإجارة نحو الشهرين مثلًا فيقال: ما تساوي هذه الأرض في المدة لو أكريت؟ فيقال: يساوي كراؤها كذا، فيُعطاه رب الأرض] اهـ.
وأما الشافعية والحنابلة: ففرَّقوا بين ما إذا كان عدم نضوج الزرع وتأخيره في الأرض يرجع لأمرٍ كان للمستأجر يدٌ فيه، أو لم يكن له يدٌ فيه، فإن لم يكن له يدٌ فيه فتبقى الأرض في يده لحين نضوج الزرع، ويكون عليه أجرة المثل، وأما إن كان له يدٌ فيه، وكان التفريطُ لأمر يرجِع إليه، فإنه يجوز إجبارُه على قلع زرعه وتفريغ الأرض لصاحبها.
قال الإمام أبو إسحاق الشِّيرَازِي الشافعي في "التنبيه" (ص: 126، ط. عالم الكتب): [وإن انقضت مدة الإجارة وفي الأرض زرع، فإن كان بتفريط من المستأجر جاز إجبارُه على قلعِهِ وتسوية الأرض، وجاز تركه بأجرة، وإن لم يكن بتفريط منه فقد قيل: يجوز إجباره، وقيل: لا يجوز] اهـ. وينظر: "البيان" للإمام أبي الحسين العِمْرَانِي الشافعي (7/ 356، ط. دار المنهاج).
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 45): [(وإن كان بقاؤه) أي: الزرع بعد انقضاء المدة (بغير تفريط) المستأجر (مثل أن يزرع زرعًا ينتهي في المدة) الباقية من مدة الإجارة (عادة فأبطأ) أي: تأخر انتهاؤه (لبرد أو غيره لزمه) أي: رب الأرض (تركه بأجرة مثله إلى أن ينتهي) لحصوله في أرضه بإذنه من غير تفريط، أشبه ما لو أعاره أرضًا فزرعها ثم رجع قبل كماله (وله المسمى) لمدة الإجارة (وأجرة المثل لما زاد) عن مدة الإجارة] اهـ.
والتفرقة بين ما إذا كان للمستأجر يدٌ في تأخير نضوج الزرع من عدمه إنما محلُّه إذا حصل الخلاف بين المؤجِّر والمستأجِر، أما في حالة اتفاقهما على إبقاء المحصول في الأرض -كما هي الحال في السؤال- لحين نضوجه وتراضيهما على ذلك، فعلى ما اتفقا عليه وتراضيا؛ لأن الأصل في المعاملات الجارية بين الناس حصول الرضا، وقد تحقق بينهما.
أما عن تحديد أو تقدير أجرة المثل عن المدة الزائدة فيُرجع فيه إلى عرف كل بلد بحسبها، ويحكم فيه أهل الاختصاص منهم؛ إذ من المقرر شرعًا أن الأعراف معتبرة في العقود، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، وأن العُرف هو أَحَدُ مَصادِرِ التشريع الإسلامي ما لم يَتعارض مع نَصٍّ مِن كتابٍ أو سُنةٍ أو إجماعٍ؛ إذ لا اجتهاد مع النَّص، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199].
قال الإمام ابن عَجِيبَة في "البحر المديد" (2/ 297، ط. دار الكتب العلمية): [﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ أي: المعروف، وهو أفعال الخير، أو العرف الجاري بين الناس] اهـ.
وقال الإمام ابن عَابِدِين في "أُرجوزة عقودِ رَسْمِ المفتي" -كما في "رد المحتار" (3/ 147)-: [وَالْعُرْفُ فِي الشَّرْعِ لَهُ اعْتِبَارُ ۞۞ لِذَا عَلَيْهِ الْحُكْمُ قَدْ يُدَارُ] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالأصل في عقد إجارة الأرض الزراعية أن ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها بين طرفيه، ومن ثَمَّ تُرد الأرضُ المستأجرة إلى صاحبها، فإن انتهى العقد وكان في الأرض زرع لمّا ينضج بعد، واتفق مستأجرُ الأرض ومؤجرُها على إبقائها تحت يد المستأجر لحين نضوجه، فإنه لا مانع من ذلك شرعًا، ويستحق المؤجرُ عن المدة الزائدة التي تبقى فيها الأرضُ تحت يد المستأجر أجرةَ المثل التي يُقدِّرها أهلُ الخبرة في كلِّ بلدة بحسبها على ما هو متعارف عليه ومعمول به فيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سأل رجل قال: إن الناس في عدن وضواحيها يعانون أزمة شديدة في المساكن، وإن ملاك المساكن لا يؤجرونها إلا لمن يدفع مبلغًا من المال بمقادير معينة خارجًا عن الأجر المسمى بعقد الإيجار، ولا يسلمون مفتاح المسكن للمستأجر إلا إذا دفع هذا المبلغ مقدمًا، ويسمونه حق المفتاح. فهل يجوز أخذ هذا المبلغ؟
ما هو الحكم الشرعي في مسألة عسب الفحل؟ حيث يمتلك أحد أصحاب الخيل سلالة نادرة من الخيل، ويقوم بإعطاء خيله لمن يمتلك خيلًا إناثًا لإجراء عملية التزاوج نظير مبلغ معين محدد مسبَّقًا.
أنا أرملة منذ خمس سنوات أقطن في شقة إيجار منذ أن تزوجت منذ اثنين وثلاثين عامًا، وكان لزوجي بنتان وابنان من طليقته قبل زواجي به، وكانوا صغار السن فقمت بتربيتهم، ورزقني الله من زوجي بطفلين، وقمت بتربيتهم أحسن تربية حتى كبروا، وترك زوجي يرحمه الله لكل ابن من أولاده شقة تمليك وشقة الإيجار التي أقطن بها أنا وولداي منذ أن توفاه الله، والآن أولاده من الزوجة الأولى يطمعون في شقتي متعللين أنها ورث عن والدهم، وعندما توفي زوجي كان يقطن معي بالشقة ولداي وأحدهما يساعدني على المعيشة. ما هو حكم الشرع؟
ما حكم تأجير الخيول للضراب؟ فأنا أقوم بتربية خيول عربية وأقوم بتلقيح الإناث التي أملكها من هذه الخيول مقابل مبالغ مالية لمالك الذكور من الخيل في المزارع الخاصة أو للهيئة الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، وهي الجهة المسئولة عن الخيول العربية في مصر، علمًا بأنني أتحمل أعباء مالية للإنفاق على هذه الخيول من عناية وتغذية ورعاية وعلاج ... إلخ، وقد يصبح لديَّ في القريب خيول طلائق. فما حكم الدين فيما أدفعه للغير أو ما قد أتلقاه من نقود مقابل هذا التلقيح، علمًا بأن اختيار أنساب الخيول العربية يتم بمراعاة قواعد دولية معينة مُتعارف عليها حفاظًا على نقاء دماء هذه الخيول مما يدعو إلى التقيد بالتعامل مع الهيئة الزراعية التابعة للوزارة أو مع ملَّاك المزارع الخاصة، وكل منهم يطلب رسوم التلقيح التي يشترطها؟
اشترى السائلُ كراكةً بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها المعجل، ويريد تشغيلها، فاتفق مع الأهالي على إيجار تشغيلها الحالّ النقدي المعجل الساعة بخمسة وعشرين جنيهًا، وعلى إيجارها المؤجل الساعة بخمسة وثلاثين جنيهًا. ويسأل عن حكم هذا الاتفاق شرعًا، وهل يدخل في دائرة الربا المحرم؟
كان جدي -رحمة الله عليه- يزرع قطعة أرض بالإيجار، ثم توفي وزرعها والدي وعمي، ثم أخذها المالك الأصلي للأرض سنة 1990م وأعطاهما قطعة أرض مقابل تركهما لها، ثم توفي والدي في ذلك الحين وكانت عماتي متزوجات بعيدًا عن المنزل أثناء تسليم الأرض الإيجار للمالك الأصلي، علمًا بأن أبي وعمي كانا يزرعان الأرض مع جدي لفترة طويلة قبل موته بعشرين عامًا، فهل الخلو من الأرض الذي أخذاه حلال؟ وهل لعماتي نصيب فيه؟ كان جدي ووالدي مقيمين في منزل واحد، وكان أبي يعمل واشترى قطعة أرض مساحتها قيراطان، ودفع ثمنها وكتبها باسمه، فهل لعماتي حق في الأرض المشتراة بعد وفاة جدي ووالدي؟