حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد

تاريخ الفتوى: 01 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8648
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد

ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟ وهل يجوز لمن صلى العيد أن يترخص في ترك الجمعة؟ وكيف يصليها؟

إذا وافق يوم العيد يومَ الجمعة، تقام الجمعة في المساجد عملًا بالأصل، والأكمل والأجزل ثوابًا أن يصلي المكلف صلاة العيد جماعة ثم يصلي صلاة الجمعة، ما لم يكن هناك عذر يمنعه من أداء الصلاتين، ويجوز للمكلف الترخص في ترك صلاة الجمعة إذا صلى العيد في جماعة ولا حرج عليه ولا ضير، عملًا بمن أجاز ذلك من الفقهاء، ويلزمه حينئذ أن يصليها ظهرًا، وأما من لم يصل العيد في جماعة فلا تسقط عنه صلاة الجمعة بل يبقى مكلفًا بأدائها مع جماعة المصلين.

المحتويات

 

حكم صلاة الجمعة وأهميتها في الإسلام

تفضَّل الله سبحانه وتعالى على المسلمين بصلاة الجمعة وفرضها عليهم، فلا يجوز التخلف عنها إلا لعذرٍ شرعيٍّ، كالمرض أو السفر ونحوهما، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ، وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ» أخرجه الأئمة: البيهقي والدارقطني وابن أبي شيبة.

ولعظيم منزلتها ومكانتها في الدين الإسلامي رغَّب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المحافظة عليها وحذر من تركها، مبينًا أن من تركها ختم الله على قلبه وجعله من الغافلين، ففد أخرج الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ»، فأفاد هذا الحديث الإضافة على فرضيتها أنه يتوعد كذلك من يتعمد تركها دون عذر.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 153، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقوله: «ودعهم» أي: تركهم، وفيه أن الجمعة فرض عين، ومعنى الختم: الطبع والتغطية، قالوا في قول الله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، أي طبع ومثله الرين، فقيل الرين اليسير من الطبع، والطبع اليسير من الأقفال، والأقفال  أشدها] اهـ.

وقد نقل غير واحد من الأئمة فرضيتها على كل بالغ. ينظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: 40، ط. دار المسلم)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 56، ط. دار الكتب العلمية).

حكم صلاة العيد

صلاة العيد سُنَّة مُؤَكَّدة على المختار للفتوى، كما هو مذهب المالكية، والشافعية، وقول عند الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد

حكم صلاة الجمعة إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة

إذا وافق يوم العيد يومَ الجمعة فالكمال أن يصلي المكلف الصلاتين، فيصلي العيد في وقتها مع جماعة المصلين ثم يصلي الجمعة في وقتها، واختلف الفقهاء في جواز الاقتصار على صلاة إحداهما دون الأخرى، فجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية، والشافعية -في حق أهل المدن والحضر، وفي وجه عندهم في حق أهل القرى والمناطق البعيدة أيضًا- على أن صلاة الجمعة تجب ولا تسقط بصلاة العيد، فلا تسقط إحداهما بالأخرى إلَّا إذا وُجد عذر شرعيٌّ كنحو مرضٍ أو سفرٍ أو غير ذلك.

قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/ 224، ط. المطبعة الأميرية): [وفي "الجامع الصغير" عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول: سنة، والثاني: فرض: ولا يُتْرَكُ واحد منهم] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة على مذهب عالم المدينة" (ص: 311، ط. المكتبة التجارية): [إذا اتفق عيد وجمعة لم يسقط أحدهما الآخر، خلافًا لمن قال: إن حضور العيد يكفي عن الجمعة، لقوله تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الجمعة على كل مسلم»، ولأن شرائط الجمعة موجودة فلزم أداؤها، أصله إذا لم يكن يوم عيد؛ لأن صلاة العيد سُنَّة فلم تسقط فرضًا أصله الكسوف، ولأن الجمعة آكد من العيد؛ لأنها فرض، فإذا لم يسقط الأضعف كان الأضعف أولى بأن لا يسقط الأكبر] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 491، ط. دار الفكر): [قال الشافعي والأصحاب: إذا اتفق يوم جمعة يوم عيد وحضر أهل القرى الذين تلزمهم الجمعة لبلوغ نداء البلد فصلوا العيد لم تسقط الجمعة بلا خلاف عن أهل البلد، وفي أهل القرى وجهان: الصحيح المنصوص للشافعي في "الأم" والقديم أنها تسقط. (والثاني): لا تسقط] اهـ.

وذهب الإمام مالك في رواية، والشافعية في المعتمد، وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أن الجمعة تسقط عمَّن حضر صلاة العيد وجاء من أماكن لا تقام فيها الجُمْعة كالبوادي والنجوع البعيدة عن المدن والقرى فقط دون غيرهم، وبشرط أن تُصلَّى ظهرًا.

قال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (2/ 355، ط. دار الغرب الإسلامي): [أما الخارج عن المصر ففي "الكتاب" لا يتخلفون، وروي عنه يتخلفون؛ لإذن عثمان رضي الله عنه لأهل العوالي، ولما في انتظارهم رجوعهم من المشقة] اهـ.

وقال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [وإن اتفق يوم عيد ويوم جمعة فحضر أهل السواد فصلوا العيد فجاز أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة؛ لما روي أن عثمان رضي الله عنه قال في خطبته: "أيها الناس، قد اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن أراد من أهل العالية أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف" ولم ينكر عليه أحد؛ ولأنهم إذا قعدوا في البلد لم يتهيأوا بالعيد فإن خرجوا ثم رجعوا للجمعة كان عليهم في ذلك مشقة والجمعة تسقط بالمشقة... ومن لا جمعة عليه مخيرٌ بين الظهر والجمعة، فإن صلى الجمعة أجزأه عن الظهر؛ لأن الجمعة إنما سقطت عنه لعذرٍ] اهـ.

بينما ذهب الحنابلة إلى أن حضور الجمعة يسقط عمَّن صلَّى العيد مع الإمام، بشرط أن يصلوها ظهرًا.

قال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 43، ط. دار الكتب العلمية): [(وإذا وقع عيد يوم جمعة فصلوا العيد والظهر جاز) ذلك (وسقطت الجمعة عمن حضر العيد) مع الإمام... وحينئذٍ: فتسقط الجمعة (إسقاط حضورٍ، لا) إسقاط (وجوب) فيكون حكمه (كمريضٍ ونحوه) ممن له عذرٌ أو شغلٌ يُبيح ترك الجمعة] اهـ.

ما يجب فعله على من ترك الجمعة لصلاته العيد

الذي عليه المحققون من العلماء والفقهاء أنه إذا جاز ترك الجمعة لمن صلى العيد فلا يجوز ترك صلاة الظهر أيضًا، بل يجب على المكلف الإتيان بها؛ لما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزّ وَجَلّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» متفق عليه.

قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (1/ 230، ط. دار الحديث): [إسقاط فرض الظهر والجمعة التي هي بدله لمكان صلاة العيد فخارج عن الأصول جدًّا] اهـ.

هذا، ولما كانت مسألة صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد محلَّ خلاف بين الفقهاء كان الأمر فيها واسعًا، ولا يُعترض بمذهب على مذهب، فتقام الجمعة في المساجد، عملًا بالأصل والأحوط، ومن صلى العيد في جماعة وشقَّ عليه حضور الجمعة أو أراد الأخذ بالرخصة في تركها تقليدًا لقول مَن أسقط وجوبها بأداء صلاة العيد فله ذلك، بشرط أن يصلي الظهر عوضًا عنها من غير لوم على من حضر الجمعة أو إنكار على من أقامها في المساجد، وكذلك دون إثارةِ فتنةٍ في أمرٍ وسع الخلافُ فيه سلفنا.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا وافق يوم العيد يومَ الجمعة، فتقام الجمعة في المساجد عملًا بالأصل، والأكمل والأجزل ثوابًا أن يصلي المكلف صلاة العيد جماعة ثم يصلي صلاة الجمعة، ما لم يكن هناك عذر يمنعه من أداء الصلاتين، ويجوز للمكلف الترخص في ترك صلاة الجمعة إذا صلى العيد في جماعة ولا حرج عليه ولا ضير، عملًا بمن أجاز ذلك من الفقهاء، ويلزمه حينئذ أن يصليها ظهرًا، وأما من لم يصل العيد في جماعة فلا تسقط عنه صلاة الجمعة بل يبقى مكلفًا بأدائها مع جماعة المصلين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم المداومة على صلاة الضحى؟ فأنا أحافظ على أداء صلاة الضحى كلَّ يوم، وأخبرني صديقٌ بأنه قرأ في أحد الكتب أن المداومة على صلاة الضحى مكروهة، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُداوِم عليها.


هل يؤثر تقليب صفحات المصحف أثناء صلاة التهجد على صحتها؟


ما الحكم لو نسي الإمام التكبيرات المتتالية بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى وتكبيرة الانتقال للركعة الثانية في صلاة العيد؛ سواء كلها أو بعضها في ركعةٍ واحدةٍ أو في الركعتين؟


ما حكم مسح الوجه باليدين عقب الدعاء؟


ما ضوابط رؤية الهلال؟ فقد تثبت رؤية الهلال في إحدى البلاد، ويحكم شيخ الإسلام في تلك البلاد بثبوتها -ولكنها لم تثبت في المملكة العربية السعودية أو البلاد الأخرى- فهل يجب علينا المتابعة فيما حَكَم به شيخ الإسلام، أم نتابع البلاد الأخرى -مثل: السعودية، أو مصر، أو غيرهما-، ولماذا؟


ما حكم صلاة السنن لمن عليه فوائت؟ فقد وقع في بلدتنا خلافٌ في هذه الأيام ما بين العلماء الجاويين في مسألة السُنَّة والقضاء، وقد أفتى جمهورهم ببطلان السُنَّة وتركها، ويحرم فعلها إذا كان عليه قضاء مطلقًا بلا قيد ولا شرط، فبناءً على هذه الفتاوى الصادرة قد اتخذ العوام ذلك سلاحًا عظيمًا وبرهانًا جليًّا وساطعًا لهدم سنن أشرف العباد وفقًا لأهوائهم، مرتكزين على أقوال علمائهم الذين أعانوهم بكل صراحة، فقد دب وسرى ذلك الداء في قلوبهم حتى أمثال العيدين وصلاة الجنائز والتراويح بطلت، ولم يفعلها إلا القليل النادر، ولهذه الحالة أصبحت شعائر الإسلام آخذة في الوهن، مع أن السلف الصالح رحمهم الله تعالى قالوا: "إذا كان عليه فوائت فلا بد من صرف زمنه للقضاء، إلا ما اضطر كنوم ومؤنته ومؤنة من تلزمه جاز له ذلك على قدر الضرورة"، فهذا مراد السلف الصالح في كتبهم بتحريم السنة، فمِن أين للعلماء المذكورين الآن هذا الاستنباط بتجويز كل عمل ما عدا السنة لا يجوز فعلها على الإطلاق، وإذا فعلها كانت إثمًا مبينًا وذنبًا عظيمًا، وهناك الطَّامة الكبرى كما يُفهَم من كلامهم وتصريحهم؟! وبعكسه إذا لم يصرف جميع زمانه للقضاء، أبفعل السنة يؤثم أو يثاب على الترك عمدًا؟ أفيدونا مأجورين.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 يونيو 2025 م
الفجر
4 :9
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 53
العشاء
9 :26