حكم التكبير عند رمي حصى الجمار

تاريخ الفتوى: 25 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8645
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الحج والعمرة
حكم التكبير عند رمي حصى الجمار

ما حكم التكبير عند رمي حصى الجمار؟ فهناك رجل سيذهب للحج هذا العام، ويسأل: هل يكَبِّر عند رمي حصى الجِمَار؟ وهل يذكر الله تعالى بأي ذكر آخر؟

يستحب للحاجّ أن يُكبِّر الله تعالى مع كل حصاة يرميها أثناء رمي الجِمَار يوم النحر وأيام التشريق، وله أن يضيف إليه غيرَه كالتسبيح أو التهليل أو غيرهما، ولا حرج عليه.

المحتويات

 

حكم رمي الجمار

شَرَع الله تعالى بعض العبادات التي تُنَاجي القلب، وتُخاطِب الروح، وتُجَرِّدُ النَّفس من زَخَارِف الدُّنيا، ومن ذلك "فريضة الحج" الذي تَتَجلَّى في مناسكه هذه المعاني الرُّوحية، ومن جملة هذه المناسك "رمي الجمار" الذي يُبْرِزُ كمال الانقياد، وتمام الامتثال لأمر الله تعالى.

ومن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ رميَ الِجمَارِ واجبٌ من واجباتِ الحَجِّ بالإجماع، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي (2/ 136، ط. دار الكتب العلمية).

أنواع رمي الجمار

الرمي بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم نوعان: رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النَّحر، ورمي باقي الجمار أيام التشريق.

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرمي على راحلته يوم النَّحرِ، ويقول: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» أخرجه الإمام مسلم.

حكم التكبير عند رمي الجمار

لقد أمر الله تعالى عبادَه المؤمنين بالمُدَاوَمَة على إقامةِ ذكره تعالى وإحيائه بمجامع التوحيد والتعظيم في أيام رمي الجِمَار، وذلك في عموم قول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]، ومن جملة الذكر: التكبير عند رمي كل حصاة من حصى هذه الجِمَار، كما في "جامع البيان" للإمام أبي جَعْفَر الطَّبَرِي (4/ 208، ط. مؤسسة الرسالة).

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ» أخرجه الإمام أبو داود.

فأفاد قوله: «لِإِقَامَةِ ذِكْرِ الله» بيان الحكمة التي شُرِعَت لأجلها هذه المناسك والطاعات العَمَلِيَّة الواردة في الحديث الشريف، فإنَّ هذه الطاعات وإن كان فعلها في حد ذاته -من جِهةِ الحجيج- ذكرًا لله تعالى، إلَّا أنها تُقْرَنُ بالذكر اللِّسَانِيِّ؛ لتُعَاضِدَ ألسنة الحَجيج كُلًّا من أفعالهم وقلوبهم، فيحصل لهم الذكر بالكُلِّيَّة، كما في "شرح سنن أبي داود" للإمام شهاب الدين بن رَسْلَان (8/ 523، ط. دار الفلاح).

وقد تواردت نصوص الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على ذلك، فذهبوا إلى أنَّ الحاج إذا عمد واتَّجه لأداء منسك رمي الجِمَار، وشرع في رمي الحصوات، فإنه يستحب له أن يصاحب رميها بالتكبير عند رمي كل حصاة؛ وذلك للأخبار الواردة الدَّالة على فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتكبيره حالَ رَمْيِهِ حصى الجِمَار، وما أُثِرَ عن الصحابة والتَّابعين وجرى عليه عملهم؛ اقتداءً بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ، وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» أخرجه الإمام أبو داود.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ قِيَامًا طَوِيلًا فَيَدْعُو، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ» أخرجه الإمام ابن حِبَّان.

قال الإمام المَيْدَانِي الحنفي في "اللباب" (1/ 192، ط. المكتبة العلمية): [ويسن أنه (يُكَبِّرَ مع كل حصاةٍ)] اهـ.

وقال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 334، ط. دار الفكر) مُبَيِّنًا ومُعَدِّدًا ما يُسَنُّ في الحج: [(ص) وتكبيره مع كل حصاة (ش) يعني أنه يُسْتَحبُّ لَه أن يُكَبِّرَ مع رميِ كلِّ حصاةٍ تكبيرةً واحدةً، وظاهر "المدونة" أنه سُنة] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (8/ 154، ط. دار الفكر): [والمستحب... أن يكبِّر مع كل حصاة] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 585، ط. عالم الكتب): [(و) ندب (أن يُكَبِّرَ) رَامٍ (مع كل حصاةٍ)] اهـ.

صيغ التكبير عند رمي الجمار

من صيغ التكبير أن يقول الحاج عند رمي كل حصاة: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، كما في "الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي (4/ 184، ط. دار الكتب العلمية) نقلًا عن الإمام الشافعي.

على أنَّ الحاجَّ إذا أضاف إلى التَّكْبِير التَّسْبيحَ أو التَّهْلِيلَ أو الدُّعاءَ أو غيرَها من الذكر أجزأه ذلك، فإنَّ التَّكبير وإن كان هو الأصل في الاستحباب عند رمي حصى الجِمَار، إلَّا أنَّ تفاوت الصيغ المنقولة عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ومَن بعدهم من الأئمة أثناء رميهم الحصى يدل على أنَّ الأمر فيه سعة، فبأي ذكرٍ أجراهُ اللهُ تعالى على لسان الحاجِّ يكون ذلك جائزًا شرعًا ومُجزئًا في حَقِّه.

قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (4/ 419، ط. مكتبة الرشد): [وكان عليٌّ يقول كلما رمى حصاة: اللهم اهدني بالهُدى، وقِنِي بالتقوى، واجعل الآخرة خيرًا لي من الأُولى. وكان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند ذلك: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا"] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يستحب للرجل المذكور أن يُكبِّر الله تعالى مع كل حصاة يرميها أثناء رمي الجِمَار يوم النحر وأيام التشريق، وله أن يضيف إليه غيرَه كالتسبيح أو التهليل أو غيرهما، ولا حرج عليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الحج عن المريض في حال حياته؟ فإن لي عمًّا يبلغ من العمر 80 عامًا يعاني من عدة أمراض: القلب، حساسية في الصدر، الكلى. وقد أوصاني بتأدية فريضة الحج عنه بعد مماته. هل يجوز أن أؤديها وهو على قيد الحياة -في حياة عينه-؟


ما حكم الحج والعمرة لمن يقوم بمساعدة غيره في أداء المناسك؟ فوالدتي سيدة كبيرة ولا تستطيع الحركة بمفردها، ولذلك سأكون معها بالكرسي المتحرك في الطواف والسعي، هل مناسك العمرة والحج بالنسبة لي تكون صحيحة أو أنه لا بد أن أساعد والدتي أولًا حتى تنتهي هي من طوافها وسعيها ثم أؤدي المناسك الخاصة بي؟


ما حكم خروج المتمتع إلى ميقات مكاني كأبيار علي؟ فهناك شخص سافر مع شركة سياحية لأداء الحج، وكان برنامج الرحلة أن يذهب إلى مكة حتى نهاية الحج، ثم يتوجهون إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنوى الحجَّ متمتعًا، وبعد أدائه العمرة وتحلُّله منها، أخبره المشرفون أن برنامج الرحلة قد تغير، وأن موعد زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون قبل أداء الحج لظروف طارئة، فذهب للزيارة، وفي أثناء عودته أحرم بالحج من أبيار علي، فهل انقطع تمتعه أو لا؟ وإن لم ينقطع فهل يلزمه الهدي؟ وإذا أحرم منها فهل يمكنه أن يحرم متمتعًا أو قارنًا؟ وهل يلزمه هدي أو لا؟ وهل يصح إحرامه بعمرة ثانية؟ كما يُرجى الإفادة عن حكم ما فعله بعض المرافقين في الرحلة حيث لم يُحرموا من أبيار علي وأحرموا من داخل الحرم، فمنهم من أفرد، ومنهم من تمتع، ومنهم من قرن، وجزاكم الله خيرًا.


ما حكم المبيت بالمزدلفة؟ فنحن نريد أن نأخذ برأي سيادتكم في بعض الأمور التي تُحدِث الكثير من البلبلة والوسوسة بين السادة الحجاج أثناء تنفيذنا لرحلات الحج والتي نراعي فيها -لكثرةِ الأعداد- التسهيلَ على السادة الحجاج واختيار الأيسر لهم حتى لا يتعرضوا لحوادث الزحام في كثير من الأحيان، وعلى سبيل المثال الأمور الآتي بيانها:
1- المكوث بمزدلفة قدر حطِّ الرحال وصلاة المغرب والعشاء جمع تأخير "ويكفي المرور بها" طبقًا لفقه الإمام مالك.
2- جواز رمي الجمرات بعد "منتصف الليل" وكيفية احتساب منتصف الليل.
3- جواز الجمع بين طوافي الإفاضة والوداع في طواف واحد بِنيَّتين.
فبرجاء التكرم بإبداء رأي معاليكم في الأمور السابق ذكرها وبرامج الحج المرفقة تيسيرًا على الحجاج الذين يبلغ أعدادهم في كثير من الأحيان نحو 5 ملايين حاج.


ما حكم من أحرم بالحج ثم مات بعد الوقوف بعرفة؟ فقد توفي أحد الحُجَّاج أثناء أدائه حَجَّةَ الفريضة، وذلك بعد الوقوف بعرفة وقبل إكمال باقي أعمال الحج، ولا يستطيع ذَوُوه أن يُكمِلوا الحَجَّ عنه، فما حُكمُه؟ وهل يجب عليهم في تركته شيءٌ؟


هل الأولوية للشباب الزواج أم الحج؟ حيث يوجد رجل عزم على الزواج في عام والحج في العام التالي، ولم يتمّ الزواج في العام المتفق عليه لظروف ما، وأتى عام الحج. ويسأل: هل الأَوْلى الزواج، أو أداء فريضة الحج في الوقت المحدد له، وتأجيل الزواج إلى العام المقبل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :4
الشروق
6 :36
الظهر
11 : 45
العصر
2:36
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17