ما الحكم الشرعي في إقامة احتفال للتخرج في الجامعة؟
إقامة حفلات التخرج الجامعي أمر جائز شرعًا ما دامت تراعى فيها الآداب والضوابط الشرعية التي من شأنها ضبط تصرفات الإنسان وفق ما يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ككون هذه الاحتفالات لإظهار نعمة الله لا للرياء والفخر والاستطالة، ووجوب الالتزام بالاحتشام وستر العورات، وألا تشتمل على أمور محرمة شرعًا، مع الالتزام بالآداب التعليمية والأخلاق الشرعية والقيم والأعراف المجتمعية، على أن تكون تلك الحفلات داخل المؤسَّسات التعليمية التي تخرج فيها الطلاب، أو في أماكن تشرف عليها المؤسسة التعليمية متى أمكن ذلك؛ ضمانًا للانضباط وعدم الخروج على الأعراف والقيم.
المحتويات
حثت نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المطهرة على طلب العلم وبذل الجهد في تحصيله، وتطابقت دلائلها الصريحة على فضيلة العلم والتعلم، فجعلت ذلك عبادةً من أجلِّ العبادات، وقربةً من أفضل القربات تعبدًا وأعظمها أجرًا وأكثرها ثوابًا، قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن سَلك طريقًا يلتمِس فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إلى الجنّة، وإنّ الملائكةَ لتَضَع أجنِحَتَها لطالبِ العِلم رِضًا بما يَصنَع، وإنَّ العالم ليَستغفِر له من في السموات ومن في الأرض والحيتانُ في جوفِ الماء، وإن فضلَ العالم على العابِد كَفَضلِ القمر لَيلةَ البدرِ عَلَى سائرِ الكَواكِب، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنّ الأنبياءَ لم يوَرِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا، وإنما ورَّثوا العِلمَ، فمن أخذه أخذَ بحظٍّ وافرٍ» أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
الاحتفاء بالعلم والفرح به يدخل في عموم الأدلة الشرعية التي تقرر إظهار الفرح والسرور عند حدوث نعمة للإنسان، خاصة عند التخرج أو النجاح في مراحل التعليم فهو أمرٌ ينسجم مع مقتضيات الفطرة الإنسانية، فلا يخفى أن الحصول على شهادة التخرج وانتهاء الطالب من المرحلة الجامعية يمثل نُقلة للطالب من مرحلة إلى مرحلة أخرى جديدة -وهي مرحلة العمل- يجني فيها ثمرة جِدِّه واجتهاده، وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58].
ولذلك كان هذا الاحتفال من قبيل الفرح المباح، وقد ينقلب إلى عبادة يُثاب عليها صاحبها إذا قَرَن معه نية التحدث بنعمة الله تعالى شكرًا على توفيق الطلاب ذوي النجابة لطلب العلم وإظهار فضل الله تعالى وإحسانه بحسْن التعلم والتميز والنجاح، وبَعْث النفس على المزيد من التحصيل والاجتهاد في سِلك العلم وحيازة أعلى الشهادات، وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11].
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ» أخرجه الإمام أحمد، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن أبي الدنيا في "كتاب الشكر"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
كما كان "المسلمون يرون أنَّ مِن شُكْرِ النِّعم أن يُحَدَّث بها" أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (24/ 489، ط. مؤسسة الرسالة) عن أبي نضرة رضي الله عنه.
وفي الاحتفال بالتخرج إدخال السرور والسعادة على الطالب المتخرج بمشاركته في هذا الاحتفال وهذا الابتهاج والإهداء إليه وإسداء المعروف وتبادل المجاملة، وهي أمور تقوي الصلة والمحبة وتؤلف بين القلوب، فعن عطاء بن عبد الله الخراساني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" مرسلًا، وأخرجه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" وغيره مرفوعًا عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا».
وحصول البشارة للطالب بنيل شهادة التخرج والفرح به هو مظهر امتثال للأمر بالتعلم، وتنويه بشرف الانتساب إلى العلم والدخول في زمرة العلماء، وفي ذلك ما أخرجه الحافظ أبو نعيمٍ في "حلية الأولياء" (9/ 146، ط. السعادة) عن الإمام الشافعي رحمه الله، قال: «كفى بالعلم فضيلة أن يدعيه من ليس فيه، ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل شينًا أن يتبرأ منه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه».
يضاف إلى ذلك أن في هذه الاحتفالات ترويحًا عن النفس عقب سهر وتعب واجتهاد في التحصيل والمذاكرة طوال سنين عِدة، كي تعين الطالب الناجح نفسيا على استعادة نشاطه وتفتح له الأمل بتحقق عاجل البُّشْرى بالظفر بالمطلوب والغاية المقصودة وفق مرحلته العمرية والتعليمية؛ إشارة إلى معالم الطريق الواجب اتباعه كيما يفوز وينجح في عاجل أمره وآجله، وفي ذلك مسايرة لحِكْمَة تشريع العيد في الإسلام، حيث يأتي عقب أوقات فاضلة اختصت بالاجتهاد في العبادة والمداومة على الطاعة، ومن ثَمَّ كان لصوم رمضان فرحتان، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «للصائم فرحتان: فرحة عند الفطر، وفرحة حين يلقى ربه» أخرجه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
ينبغي أن تسير هذه الاحتفالات وفق جملة من الضوابط والآداب الشرعية، ومن أهمها:
1- أن يكون هذا الاحتفال من قبيل إظهار نعمة الله ونشرها والتحدث بها لا الفخر والرياء والاستطالة بها على الآخرين.
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (8/ 258، ط. دار الحديث): [إظهار النعمة من محبوبات المنعم، ويدل على ذلك: قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾، فإن الأمر منه جل جلاله إذا لم يكن للوجوب كان للندب، وكلا القسمين مما يحبه الله، فمَن أنعم الله عليه بنعمة مِن نعمه الظاهرة أو الباطنة فلْيُبالغ في إظهارها بكل ممكِنٍ، ما لم يصحب ذلك الإظهارَ رياءٌ أو عُجْبٌ] اهـ.
2- ألا يشتمل الحفل على أمور محرمة شرعًا، كالاختلاط الفاحش بين الذكور والإناث.
3- عدم إطلاق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه.
4- الالتزام بالاحتشام والتستر وعدم كشف العورات.
5- مراعاة ما يقرره القائمون على العملية التعليمية وذوو الاختصاص من تدابير بشأن إقامة حفلات التخرج بما يتوافق مع الآداب التعليمية والأخلاق الشرعية والمجتمعية.
6- أن تقام هذه الحفلات داخل المؤسسات التعليمية التي تخرج فيها الطلاب أو أماكن تشرف عليها المؤسسات المذكورة -ما أمكن ذلك-؛ ضمانًا للانضباط ولعدم الخروج على الأعراف والقيم.
فإذا روعيت هذه الضوابط والآداب كان ذلك جائزا شرعا، وإلا فلا، قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (3/ 8، ط. دار ابن عفان): [العمل الواحد يُقصد به أمر فيكون عبادة، ويُقصد به شيءٌ آخر فلا يكون كذلك] اهـ.
وقال العلامة ابن القيم في "الروح" (ص: 230، ط. دار الكتب العلمية) في بيان الفرق بين أمور دقيقة يُخْشى التباسها على الإنسان: [الشيء الْوَاحِد تكون صورته وَاحِدَة وَهُوَ منقسم إِلَى مَحْمُود ومذموم كالفرح والحزن، والأسف وَالْغَضَب، والغيرة وَالْخُيَلَاء، والطمع والتجمل، والخشوع والحسد، وَالْغِبْطَة والجرأة... إلخ] اهـ.
بناءً على ذلك: فإقامة حفلات التخرج الجامعي أمر جائز شرعًا ما دامت تراعى فيها الآداب والضوابط الشرعية التي من شأنها ضبط تصرفات الإنسان وفق ما يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ككون هذه الاحتفالات لإظهار نعمة الله لا للرياء والفخر والاستطالة، ووجوب الالتزام بالاحتشام وستر العورات، وألا تشتمل على أمور محرمة شرعًا، مع الالتزام بالآداب التعليمية والأخلاق الشرعية والقيم والأعراف المجتمعية، على أن تكون تلك الحفلات داخل المؤسَّسات التعليمية التي تخرج فيها الطلاب، أو في أماكن تشرف عليها المؤسسة التعليمية متى أمكن ذلك؛ ضمانًا للانضباط وعدم الخروج على الأعراف والقيم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سأل في صديق له تزوج وأنجب أولادًا، ثم أصيب بارتخاء أحرجه أمام زوجته، وهداه تفكيره السقيم إلى إيقاظ دوافعه الجنسية بالاحتكاك بدبر زوجته، ولكنه وقع من حيث لا يشعر في المحظور؛ إذ إنه كان أحيانًا قليلة يأتي امرأته في دبرها.
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان إتيان صديقه زوجته في دبرها يحرمها عليه أو لا، علمًا أنه ندم على ما فعل، واستغفر وعزم مصمِّمًا على عدم العودة إلى ذلك مستقبلًا.
سائل يطلب بيان الحكم الشرعي في مَن يتحايل على الأحكام الشرعية والقانونية بقصد التهرب من العقوبة؟
ما حكم قضاء صلاة العيد لمن فاتته الصلاة؟ فأنا رجلٌ نومي ثقيل، وفاتتني صلاة العيد بسبب ذلك، وأنا أحزن كثيرًا لهذا؛ فهل يجوز لي قضاء صلاة العيد متى فاتتني، أم أنَّها لا تُقضى؟
ما حكم قيام الإمام للركعة الخامسة؟ فقد قام الإمام في صلاة العشاء لركعة خامسة بعد تذكيره من المأمومين بقولهم: سبحان الله، فجلس ثم قام مرة أخرى، وجاء بالركعة الخامسة، وقد اتبعه بعض المأمومين بينما ظل البعض الآخر جالسا حتى جاء الإمام بالتشهد الأخير فقاموا بقراءتها معه وسجدوا معه سجدتي السهو وقاموا بالتسليم معه.
فما هو الحكم الشرعي في صلاة الإمام، وكذلك صلاة المأمومين الذين قاموا خلفه وجاؤوا بالركعة الخامسة، وكذلك صلاة المأمومين الذين ظلوا جالسين وقاموا باتباعه في التشهد وسجدتي السهو والتسليم معه؟
ما هي حدود مسؤولية الزوج عن حجاب زوجته؟ وإذا كانت الزوجة ترفض لبس الحجاب فهل يجب على الزوج ضربها أو تعنيفها لإجبارها عليه، وهل يقع عليه إثم عدم حجابها؟
نرجو منكم بيان المعنى المراد من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ"؛ حيث إن أحد الأشخاص فهم من الحديث أنَّ طاعة الزوج مقدمة على طاعة الله سبحانه؛ فهل هذا الفهم صحيحٌ شرعًا؟