حكم صلاة الكسوف والخسوف وكيفية أدائها

تاريخ الفتوى: 07 سبتمبر 2025 م
رقم الفتوى: 8746
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة الكسوف والخسوف وكيفية أدائها

ما حكم صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر؟ وما كيفية أدائها؟ وما وقتها؟

صلاة الكُسُوف والخُسُوف سُنَّة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيفيتها أنها ركعتان في كل ركعة قيامان، وقراءتان في القيامين بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وركوعان، وسجدتان، وتؤدَّى فُرَادى أو في جماعة، والجماعة أفضل، ووقتها من ظهور الكُسُوف أو الخُسُوف إلى حين زوالهما.‏

المحتويات

 

بيان معنى الكسوف والخسوف

لم يَدَع الشرع الشريف مناسبةً أو حدثًا يمكن أن يناجيَ العبد ربه سبحانه وتعالى إلا وحَثَّه على ذلك، ويَسَّر له سُبله؛ رغبةَ أن يكون الإنسان دائم الاتصال بالله تعالى، ومن ذلك ما شرع في حدثي الكُسُوف والخُسُوف من صلاةٍ يؤديها الإنسان عند حصول أحدهما، فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذَاكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ» متفق عليه.

ومادة (كسف) تدل في اللغة على تغيُّرِ حالِ الشيء إلى ما لا يُحَب، ومنه كسوف الشمس بمعنى زوال ضوئها، ومادة (خسف) تدل على غموض وغُؤُورٍ، ومنه خسوف القمر، يُقال خَسَفَت الشمس، وخَسَفَ القمر: إذا ذهب ضوؤهما، ومنه قَوْله تَعَالَى: ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ﴾ [القيامة: 8] .ويقال أيضًا: كَسَفَت الشمس، وكَسَفَ القمر: إذا ذهب ضوؤهما، وبعض أهل اللغة يقول: الخُسوف للقمر والكُسوف للشمس. يُنظر: "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس (2/ 180، 5/ 177، ط. دار الفكر)، و"تهذيب اللغة" لأبي منصور الأزهري (10/ 46، ط. دار إحياء التراث العربي).

قال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 43، ط. دار الفكر): [يُقال: كَسَفت الشمس وكَسَف القمر -بفتح الكاف والسين وكُسِفا- بضم الكاف وكسر السين، وانكسفا وخَسَفا، وخُسِفَا وانخسفا، فهذه ست لغات في الشمس والقمر، ويقال: كَسَفت الشمس وخَسَف القمر، وقيل: الكسوف أوله والخسوف آخره فيهما، فهذه ثمان لغات، وقد جاءت اللغات الست في "الصحيحين"، والأصح المشهور في كتب اللغة: أنهما مستعملان فيهما، والأشهر في ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر، وادَّعى الجوهري في "الصحاح" أنه أفصح] اهـ.

حكم صلاة الكسوف والخسوف

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية في الأصح والمالكية والشافعية والحنابلة إلى سُنِّيَّة صلاة الكسوف والخسوف، وأنه يَصِحُّ أداؤها جماعة أو فُرادى، والجماعة أفضل؛ لكونها فعلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (22/ 116، ط. وزارة الأوقاف-المغرب): [ندب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الصلاة عند خسوفهما، ولم يخص إحداهما دون الأخرى بشيء، وصلى عند كسوف الشمس، فكان القمر في حكم ذلك عند كسوفه؛ إذ لم يُنقَل عنه خلاف ذلك صلى الله عليه وسلم في القمر] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين العَيْنِي في "البناية شرح الهداية" (3/ 136، ط. دار الكتب العلمية) في بيان حكم صلاة الكسوف والخسوف: [وصفتها وهي سنة وليست بواجبة على الأصح] اهـ.

وقال العلامة الرُّعَيْنِيُّ الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 199، ط. دار الفكر): [سُئل ابن القاسم: هل كان مالك يرى أن صلاة الكسوف سُنة لا تُترَك مثل صلاة العيد سُنة لا تُترَك؟ قال: نعم. قال سند: وهذا مما لا يُختَلف فيه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 43): [وصلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة بالإجماع] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "الشرح الكبير على متن المقنع" (2/ 273، ط. دار الكتاب العربي): [الكسوف والخسوف شيء واحد، وكلاهما قد وردت به الأخبار، وجاء القرآن بلفظ الخسوف. (مسألة): (وإذا كسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة جماعة وفرادى بإذن الإمام وغير إذنه) صلاة الكسوف سنة مؤكدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلها وأمر بها ولا نعلم خلافًا بين أهل العلم في مشروعيتها لكسوف الشمس] اهـ.

كيفية أداء صلاة الكسوف والخسوف

أما عن كيفية أدائهما على سبيل الإجمال عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وهو المختار للفتوى: فهما ركعتان؛ في كل ركعة قيامان، وقراءتان في القيامين بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وركوعان، وسجدتان. ينظر: "مختصر خليل" للعلامة خليل المالكي (ص: 48، ط. دار الحديث)، و"فتح العزيز" للإمام الرافعي الشافعي (5/ 69، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة (2/ 313، ط. مكتبة القاهرة).

وأعلى درجات الكمال في كيفيتها: أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستفتح بدعاء الاستفتاح، ويستعيذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة، ثم سورة البقرة أو قدرها في الطول، ثم يركع ركوعًا طويلًا فيسبح قدر مائة آية، ثم يرفع من ركوعه فيُسمِّع ويحمد في اعتداله، ثم يقرأ الفاتحة وسورةً دون القراءة الأولى؛ كآل عمران أو قدرها، ثم يركع فيطيل الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم يرفع من الركوع فيُسمِّع ويحمد ولا يطيل الاعتدال، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ولا يطيل الجلوس بين السجدتين، ثم يقوم إلى الركعة الثانية، فيفعل مثل ذلك المذكور في الركعة الأولى من الركوعين وغيرهما، لكن يكون دون الأول في الطول في كل ما يفعل، ثم يتشهد ويسلم، ويجهر بالقراءة في خسوف القمر؛ لأنها صلاة ليلية، ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس؛ لأنها نهارية.

قال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (2/ 313): [المستحب في صلاة الكسوف أن يصلي ركعتين، يُحرِم بالأولى، ويستفتح، ويستعيذ، ويقرأ الفاتحة وسورة البقرة، أو قدرها في الطول، ثم يركع فيُسبِّح الله تعالى قدر مائة، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. ثم يقرأ الفاتحة وآل عمران، أو قدرها، ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول، ثم يرفع فيُسمِّع ويحمد، ثم يسجد فيطيل السجود فيهما، ثم يقوم إلى الركعة الثانية، فيقرأ الفاتحة وسورة النساء، ثم يركع فيُسبِّح بقدر ثلثي تسبيحه في الثانية، ثم يرفع فيقرأ الفاتحة والمائدة، ثم يركع فيطيل دون الذي قبله، ثم يرفع فيُسمِّع ويحمد، ثم يسجد فيطيل، فيكون الجميع ركعتين، في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان] اهـ.

وقت صلاة الكسوف والخسوف

يبدأ وقتُ الصلاة من ظهور الكُسُوف أو الخُسُوف إلى حين زوالهما؛ لحديث المُغِيرَة بن شُعْبَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» أخرجه الإمام البخاري.

وعن النُّعْمَان بن بَشِير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج يومًا مُسْتَعْجِلًا إلى المسجِدِ وقد انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فصَلَّى حتى انْجَلَتْ، ثُمَّ قال: «إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْخَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا خَلِيقَتَانِ مِنْ خَلْقِهِ، يُحْدِثُ اللهُ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ، فَأَيُّهُمَا انْخَسَفَ فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ أَوْ يُحْدِثَ اللهُ أَمْرًا» أخرجه الإمام النَّسَائِي في "السنن".

قال الإمام أبو المَحَاسِن الرُّويَانِي في "بحر المذهب" (3/ 494، ط. دار الكتب العلمية): [فجعل الانجلاء غاية الصلاة، ولأن الصلاة إنما شُرعت ليدعو الناسُ اللهَ تعالى حين يرد إليها الضوء للانتفاع به، فإذا تَجَلَّت زال هذا المعنى] اهـ.

وقال الإمام أبو الحَسَن المُلَّا علي القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1102، ط. دار الفكر): [«حَتَّى يَنْجَلِيَ أَوْ يُحْدِثَ اللهُ أَمْرًا» تفوت به الصلاة، كظهور الشمس بالِانجِلاء، وبغروبها كاسِفَةً] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فصلاة الكسوف والخسوف سُنَّة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيفيتها أنها ركعتان في كل ركعة قيامان، وقراءتان في القيامين بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وركوعان، وسجدتان، وتؤدَّى فُرَادى أو في جماعة، والجماعة أفضل، ووقتها من ظهور الكُسُوف أو الخُسُوف إلى حين زوالهما.‏

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تحريك الأصبع في التشهد؟ وما كيفيته؟


ما حكم قول (بلى) بعد قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾؟حيث إنَّ هناك بعض الناس بعد الانتهاء من قراءة قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] أو سماعه يقولون: (بلى)، سواء ذلك في الصلاة أو خارجها، فما حكم هذا القول؟


ما الحكمة من جهر وإسرار المُصلّي في الصلاة؟


ما حكم الصلاة أثناء العمل في بلاد غير المسلمين؟ فالشركات التي تقوم بالإشراف على اللحم الحلال في بلد من بلاد غير المسلمين لا تدع فرصة للذبَّاح المسلم لأداء فريضة الصلاة في وقتها بحجة أن العمل عبادة، وأن بإمكان المسلم أن يصلي في أي وقت، علمًا بأنه يوجد ذبَّاح آخر احتياطي. وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.


هل يجب على مَن يصلي العيد مع الإمام أن يجلس عقب الصلاة لحضور الخطبة والاستماع إليها، أو يجوز له أن ينصرف مباشرةً بعد الصلاة؟


ما الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة؟ وما حكمها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :7
الشروق
6 :36
الظهر
12 : 53
العصر
4:25
المغرب
7 : 9
العشاء
8 :28