ما حكم سفر المضارب بمال المضاربة؟ فقد أعطى رجل ابنَ عمه مبلغًا من المال عن طريق التحويل الإلكتروني ليستثمره له، واتفق معه على أن يكون الربح بينهما مناصفة، وأطلق له حرية التصرف، ويرغب ابن العم في أن يسافر إلى مدينة ساحلية خلال فترة الصيف ليستثمر فيها -في وجبات الطعام السريعة- هدفًا لمزيد من الربح، فهل هناك حرج في سفره للتجارة في هذا المال شرعًا؟
لا مانع من سفر الرجل المذكور (ابن العم المُضارِب) إلى مدينة ساحلية خلال فترة الصيف لاستثمار المال فيها -سواء في وجبات الطعام السريعة أو غيرها من أبواب التجارة المشروعة وصنوف الكسب الحلال الطيِّب- هدفًا منه إلى تحقيق مزيد من الربح، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا ما دام صاحب رأس مال المُضارَبة قد أطلق له حرية التَّصرف عند الاتجار فيه ولم يقيده بمكان معين، وهذا كله مع وجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظِّمة لتلك المعاملات بين الأفراد.
المحتويات
من المُقرر شرعًا أن حفظ المال مقصد جليل من مقاصد الشريعة الغرَّاء، ومن أبرز سُبُلِ تحصيله وحفظه والعناية به وتنميته "التجارة" التي حث الشرع الشريف عليها -من حيث الأصل- ورغَّب فيها، واعتبرها من أفضل أبواب الكسب الطيب الحلال، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
ولمَّا كان الناس على ضروب شتى من جهة القدرة على التصرف في المال بالبيع والشراء وتحصيل الربح بالتجارة به، وكذلك من جهة تملك المال من عدمه، فكان منهم الخبير الفطن بأمور التجارة الذي لا يملك المال، ومنهم من يملك المال ولا يجيد التجارة، فشرع الله تعالى من جملة المعاملات ما يُحقق النفع لمثل هؤلاء، ويدفع الحاجة عنهم، كما في "مجمع الأنهر" للإمام شَيخِي زَادَه (2/ 321، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"مطالب أولي النهى" للإمام الرُّحَيباني (3/ 513، ط. المكتب الإسلامي).
ومن تلك العقود: المعاملة الواردة في محل السؤال، فإنَّها وإن تعدد مُسماها لدى الفقهاء بين "المضاربة" و"القِرَاض" و"المعاملة"، كما في "مطالب أولي النهى" للإمام الرُّحَيْباني الحنبلي (3/ 513)، إلا أن معناها وصفتها المُجمع عليها تدور على أنها عقد بين طرفين يقوم فيه أحدهما (صاحب المال) بإعطاء الطرف الآخر (المضارِب) مبلغًا من المال ليتَّجِر له فيه ويستثمره، على أن يكون للعامل على هذا المال (المضارِب) نصيب معلوم من الربح مُتَّفق عليه بين الطرفين كالنصف أو الثلث أو نحو ذلك، كما نقله الإمام أبو الوليد بن رُشد في "بداية المجتهد" (4/ 21، ط. دار الحديث).
وقد انعقد الإجماع على مشروعية عقد المضاربة في الجملة؛ إذ تعامل به المسلمون منذ عهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا من غير نكيرٍ، وقد نقل الإجماع على مشروعيته غير واحد من الأئمة، منهم: الإمام ابن المُنذِر في "الإقناع" (1/ 270، ط. مكتبة الرشد)، والإمام ابن حَزم في "مراتب الإجماع" (ص: 91، ط. دار الكتب العلمية).
الشأن في سفر المُضَارِب بمال المضاربة المطلقة التي لم يُقَيَّد فيها (المُضَارِب) من قِبَل (صاحب المال) بشرائط مخصوصة -سواء كان ذلك بالأمر بشيء أو النهي عنه- أنها محل خلاف بين الفقهاء على أقوال ثلاثة:
القول الأول: ما ذهب إليه الحنفية في ظاهر مذهبهم وكذلك المالكية من جواز سفر (المُضَارِب) بمال المُضاربة مطلقًا دون قيد أو شرط -ما لم ينهه (صاحب رأس المال)- ليتَّجِر به ويستثمره في أي مكان مأمون، إذ إنَّ (صاحب رأس المال) لمَّا أطلق له التَّصرف في المال فكأنه بذلك أحال (المُضَارِب) إلى العادة في تنمية المال واستثماره والتربح منه، والعادة تقتضي التجارة والاستثمار سفرًا وحضرًا.
قال الإمام شَيخِي زَادَه الحنفي في "مجمع الأنهر" (2/ 324): [(وللمضارب في مطلقها) أي: مطلق المضاربة، وهو ما لم يقيد بمكان أو زمان أو نوع من التجارة، نحو أن يقول: دفعتُ إليك هذا المال مضاربةً، ولم يزد عليه (أن.. يسافر) بمال المضاربة برًّا وبحرًا ولو دفع المال في بلده على الظاهر] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف" (2/ 644، ط. دار ابن حزم): [يجوز في القراض المطلق أن يسافر به ما لم يُنه عنه.. ودليلنا أن القراض يقتضي التصرف في المال على العادة في طلب تنميته، والعادة جارية بالتجارة سفرًا وحضرًا، فإذا أطلق الإذن فقد دخل على العادة، فيتضمن ذلك التصرف كل ما يعتاد مثله] اهـ.
القول الثاني: ما ذهب إليه الحنابلة في أحد الوجهين والشافعية في قول نقله الإمام البُوَيطي من جواز سفر المضارب بمال المُضَاربة المطلقة شريطة التحقق من أمن الطريق، وانتفاء المخاوف المعتبرة شرعًا من نحو قُطَّاع الطرق أو غير ذلك.
قال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (5/ 134، ط. المكتب الإسلامي) موضحًا حكم سفر المُضَارِب (العامل) بمال المضاربة: [وفي قول: له ذلك عند أمن الطريق، نقله البُوَيطِي] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين بن قُدَامَة الحنبلي في "الشرح الكبير" (5/ 146، ط. دار الكتاب العربي) مُبَيِّنًا حكم سفر المُضارِب (العامل) بمال شريكه (صاحب رأس المال): [وهل له السفر بالمال؟ فيه وجهان.. (الثاني) له السفر إذا لم يكن مخوفًا، قال القاضي: قياس المذهب جوازه بناء على السفر بالوديعة.. لأن الإذن المطلق ينصرف إلى ما جرت به العادة، والعادة جارية بالتجارة سفرًا أو حضرًا، ولأن المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض، فملك ذلك بمطلقها] اهـ.
القول الثالث: ما ذهب إليه الشَّافعية، والحنابلة في أحد الوجهين من عدم جواز سفر (المُضَارِب) بمال المُضاربة المطلقة واستثماره في بلدة أخرى ما لم يكن هناك إذن من (صاحب رأس المال)، مُعلِّلين ذلك بما كان يكتنف الأسفار -حال حمل المال حقيقة في السفر- من أخطار ومشاق، مع انعدام وسائل الحماية، وكثرة قُطَّاع الطريق، وقِلَّة السُّبُل المأمونة، وفي كل ذلك وغيره تغريرٌ بالمال، وتعريضٌ له للهلاك وإن كان مظنونًا، إذ السفر وإن بدا مأمونًا في ظاهره بأن كان قريبًا والطريق آمنًا إلا أنه يُعد من أسباب الخطر وأماراته؛ لأنه لا يخلو في حقيقته من غرر متحقق أو مظنون في أدنى أحواله.
قال الإمام أبو البقاء الدَّمِيري الشافعي في "النجم الوهاج" (5/ 277، ط. دار المنهاج) موضحًا حكم سفر المُضَارِب (العامل) بمال المضاربة: [(ولا يسافر بالمال بلا إذن) وإن كان السفر قريبًا والطريق آمنًا ولا مؤنة فيه؛ لأن فيه غررًا وتعريضًا للهلاك.. هذا إذا لم ينهه ولم يأذن] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشِّربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 411، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يسافر بالمال) ولو كان السفر قريبًا والطريق آمنًا ولا مؤنة في السفر (بلا إذن) من المالك؛ لأن السفر مظنة الخطر] اهـ.
وقال الإمام موفق الدين بن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (5/ 30، ط. مكتبة القاهرة) مُبَيِّنًا حكم سفر المُضارِب (العامل) بمال شريكه (صاحب رأس المال): [وليس له السفر بالمال في أحد الوجهين.. لأن في السفر تغريرًا بالمال وخطرًا.. فأما إن أذن في السفر.. تعين ذلك] اهـ.
ما ذهب إليه أصحاب القولين الثاني والثالث من تعليق الحكم بجواز سفر (المُضَارِب) بمال المضاربة المطلقة على توفر أمن الطريق، أو منع السفر به مطلقًا، إنَّما بُنِي على ما كانت عليه الحال من تعريض المال لمخاطر السلب أو الاعتداء أو غير ذلك عند حمله بعينه حقيقةً في السفر.
أما وقد تغيرت أنماط التعامل المالي في هذا العصر، فحلَّت المحافظ الإلكترونية، والتَّطبيقات الرقمية، والمنصات المصرفية الآمنة وغير ذلك محل الطرق التقليدية القديمة، فغَدَا المالُ بذلك يُدار بيُسر وسهولة دون توجُّس خِيفة أو عناء حمل المُضَارِب النقودَ والتَّنقل بها والسفر للاستثمار بها كما كان في سابق الزمان؛ نظرًا لانتقال المال عبر هذه الوسائل بضوابط تقنية، وضمانات قانونية تكفل السلامة وتحفظ المال والحقوق، وعلى ذلك تكون علل المقيِّدين أو المانعين قد انتفت، فينتفي الحكم المبني عليها؛ عملًا بما هو مُقرر في القواعد الفقهية من أن "الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا"، كما في "تشنيف المسامع" للإمام بدر الدين الزَّركَشِي (3/ 54، ط. مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانع من سفر الرجل المذكور (ابن العم المُضارِب) إلى مدينة ساحلية خلال فترة الصيف لاستثمار المال فيها -سواء في وجبات الطعام السريعة أو غيرها من أبواب التجارة المشروعة وصنوف الكسب الحلال الطيِّب- هدفًا منه إلى تحقيق مزيد من الربح، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا ما دام صاحب رأس مال المُضارَبة قد أطلق له حرية التَّصرف عند الاتجار فيه ولم يقيده بمكان معين، وهذا كله مع وجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظِّمة لتلك المعاملات بين الأفراد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم كفالة أطفال مجهولة النسب ونسبهم إلى الكافل؟ وهل هذا يجوز شرعًا؟
هل يستحق العامل الربح في المضاربة الفاسدة؟ فهناك رجلٌ أعطى لآخر مبلغًا من المال ليستثمره على أن يكون له مِن المال مقابل ذلك 100 جنيه لكل ألفٍ من رأس المال، فقام هذا العامل بشراء بضاعة بهذا المال وسعى إلى بيعها لكن لم يحصل رِبح، والسؤال: ما حكم هذه المعاملة شرعًا؟ وما الذي يستحقه العامل على المال مقابل جُهْده وعمله مع عدم حصول الرِّبْح؟
امتازت الشريعة الإسلامية السمحة بمبادئ والتزامات حياتية أوجدها الله سبحانه وتعالى لتيسير أمور البشر وتنظيم أحوالهم، ومعروف لدى الجميع مدى صرامة الإسلام بكل ما يتعلق بحفظ واحترام حقوق المسلم، وقد جاءت النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بتحريم جريمة السرقة وتجريم مرتكبها، وتضمنت عقوبات رادعة في حق السارق.
وبهذا الصدد لا يخفى أن سرقة الملكية الفردية، والعلامات التجارية الأصلية المسجلة، أو الاحتيال عليها لا تقل خطورة عن السرقة بالأساليب والأنماط التي اعتدنا رؤيتها؛ فهي تضر بمصالح أصحابها، وتفوت عليهم فرصة النمو والتطور، فضلًا عن الأضرار التي تلحق بسمعتهم مِن جراء قيام سارقها بخداع المستهلك مع سابق نية.
فما هو الحكم الشرعي في سرقة الملكية الفكرية والعلامات التجارية الأصلية المسجلة من أصحابها؟
وما حكم فتح محلات تجارية والمتاجرة بها، وخداع المواطنين والمستهلكين بأنها العلامة الأصلية؟
وما حكم العمل في تلك المحلات بالنسبة للموظفين؟
وما هو الحكم الشرعي للذين يتعاملون مع سارقي العلامات التجارية؟
وما هي العقوبات التي ترون وجوب اتخاذها بحق سارقها؟
ظهرت في الآونة الأخيرة لعبة تسمى "لعبة الحوت الأزرق" أو "Blue Whale"، وهي متاحة على شبكة الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، تطلب من المشتركين فيها عددًا من التحديات، وهذه التحديات تنتهي بطلب الانتحار من الشخص المشترك، أو تطلب منه ارتكاب جريمةٍ ما، ويطلب القائمون عليها أن يقوم اللاعب بعمل "مشنقة" في المكان الذي يكون متواجدًا فيه قبل الخوض في تفاصيل اللعبة، وذلك للتأكد من جدية المشترك في تنفيذ المهام التي تُطلَب منه.
والمشاركة في هذه اللعبة تكون عن طريق تسجيل الشخص في التطبيق الْمُعَدِّ لها على الإنترنت أو الأجهزة المحمولة الذكية "Smart Phone"، وبعد أن يقوم الشخص بالتسجيل لخوض التحدي يُطلب منه نقش الرمز "F57" أو رسم "الحوت الأزرق Blue Whale" على الذراع بأداةٍ حادة، ومِن ثَمَّ إرسال صورةٍ للمسؤول للتأكد من أن الشخص قد دخل في اللعبة فعلًا، لتبدأ سلسلةُ المهامّ أو التحديات، والتي تشمل مشاهدةَ أفلام رعبٍ والصعود إلى سطح المنزل أو الجسر حقيقةً بهدف التغلب على الخوف، وقتل حيوانات وتعذيبها وتصويرها ونشر صورها، لتنتهي هذه المهام بطلب الانتحار؛ إما بالقفز من النافذة أو الطعن بسكين، فإن لم يفعل يهدد بقتل أحد أفراد عائلته أو أحد أقرانه، أو نشر معلومات شخصية مهمة عنه. وقد أكدت تقارير رسميةٌ تأثيرَ هذه اللعبة وخطورتها على المشاركين فيها بشكلٍ حقيقيٍّ؛ حيث أقدم بعضهم على الانتحار في بعض الدول الأوربية والعربية.
ومخترع هذه اللعبة هو "فيليب بوديكين"، وقد طرد من عمله وتم القبض عليه، فقال بعد اعترافه بجرائمه: إن هدفه منها تنظيف المجتمع من النفايات البيولوجية، وأن هؤلاء ليس لهم قيمة.
فما حكم الشرع في ممارسة هذه اللعبة والمشاركة فيها؟
ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟
هل من لازم بيته وقت الوباء له أجر شهيد؟ وهل يشترط ذلك فيمن مات به، أم يشمل من مات بغيره؟