01 يناير 2017 م

الفيزياء في الحضارة العربية والإسلامية

الفيزياء في الحضارة العربية والإسلامية


 من العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بنصيب كبير علوم الطبيعة (الفيزياء)، وشأن كل العلوم بدأ المسلمون في استيعاب ما وصلت إليه الحضارات القديمة في هذا العلم، ثم ما لبث المسلمون حتى قاموا بالتجديد والتطوير والإضافات الفريدة التي قامت على أسس البحث التجريبي الصرف الذي كان لعلماء المسلمين فضل السبق في إرساء دعائمه. وكان من نتائج المنهج التجريبي لدى المسلمين استنتاج نظريات جديدة وبحوث مبتكرة في قوانين الحركة، والقوانين المائية، وقانون الجاذبية الأرضيَّة، كما بحثوا في الوزن النوعي للمعادن والسوائل، واستطاعوا قياس الوزن النوعي للسوائل، والذي يُعَدُّ في هذا العصر، بما فيه من وسائل متطوِّرة، أمرًا عسيرًا. وقد أنقذت حركة الترجمة التي قام بها المسلمون في هذه العلوم ميراث الفلاسفة الإغريق من الضياع.

وقدم العلماء المسلمون الذين استوعبوا ما وصل إليه علماء اليونان الأولين من أمثال أرسطو وبطليموس – وغيرهما - نظرياتهم الخاصة وابتكاراتهم المتعددة في مجال الفلك، والبصريات، والميكانيكا. ولابن الهيثم إسهامات عظيمة في علم البصريات وكتابه "المناظر" يجعله رائدًا حقيقيًّا لهذا العلم. أما البتاني (858-929) فقد أسهم بتحسينات لحسابات بطليموس حول مدارات الشمس والقمر، وأسهم ابن باجه (1095-1138) بوضع أول قوانين الحركة ومفهوم السرعة. والكندي (803-873) في البصريات وعلم الفلك . وساهم عباس بن فرناس (810-887) في علم الميقاتية والطيران، وثابت بن قرة (836-901) تعريف الحركة والوزن والجاذبية، والفارابي (872-950) في علم الفلك وتجارب حول الصوت وطبيعة الفراغ، والسيزجي (945-1020) قال بحركة الأرض حول الشَّمس وقام بصناعة أَسْطُرلاب معتمد على مركزية الشَّمس، والحسن بن الهيثم (965-1039) إلى جانب أعماله في علم البصريات والفلك. اكتشف قانون القصور الذاتي في علم الحركة، والبيروني (973-1048) وضع بعض المفاهيم الأساسية في علم الحركة مثل التسارع والاحتكاك كما قام بتحديد الأوزان النوعية لعدَّة مواد باعتماد التجربة. كانت إسهامات المسلمين في الفيزياء ذات نسق متطور, ونظرًا لنبوغهم في العديد من العلوم المرتبطة بهذا العلم مثل الفلك والهندسة الميكانيكية وغيرهما فإنَّ ابتكاراتهم قد تتداخل فيها هذه العلوم، ففي علم الآلات أو ما كان يطلق عليه علم الحِيَل كان تقدم المسلمين لافتًا، وأبدعوا فيه وطوروا ما ورثوه، فآلة الأسطرلاب التي تُستخدَم لقياس مواضع الكواكب وتحديد سيرها, ومراقبة أحوال الجو وشؤون الملاحة قد ذكر الخوارزمي نحو خمس وأربعين طريقة لاستعمالها.

كما كان الأسطرلاب الموضوع الرئيسي لأبي إسحاق الزرقالي الطليطلي في كتابه (الصفيحة الزيجية)، الذي دخل إلى أوروبا خلال القرن العاشر وظل معمولًا به حتى القرن السابع عشر، وأطلق المسلمون على الأسطرلاب أسماء عديدة، كان منها: الطوماري والهلالي والقوسي والجنوبي والمسرطق والمبطح وحُقُّ القمر.. إلخ, وقد كُتِبَ في التعريف بها كتبٌ ورسائلُ عديدة. وقد عرف المسلمون آلات عديدة من الممكن أن يستعين بها العلماء في معرفة درجات الطول والعرض وحركات النجوم، وكان خير من أسهم في ذلك تقي الدين بن محمد بن زين الدين، ومن هذه الآلات: اللبنة والحلقة الاعتدالية وذات الأوتار وذات الحلق وذات السمت والارتفاع وذات الشعبتين وذات الجيب والربع المسطري وذات الثقبتين.

مثَّلت المراعي الطبيعية موردًا مهمًّا لتغذية الحيوانات وتربيتها، ولا تزال تحظى بأهمية كبيرة للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، ولقد كان الإنسان منذ القدم يهاجر من أرضٍ إلى أرضٍ بحثًا عن أنسب الأماكن التي تصلح للرعي والزراعة والتجارة، واستيفاء ما ينقصه من وسائل العيش وتهيئة ظروف الأمن والاستقرار.


حرص الإسلام منذ ظهوره على إقامة مجتمع ذي طابع خاص، تكتنفه الأخلاق الكريمة، وتحكمه المبادئ العليا والقيم السامية، وحرص كذلك على أن يشتمل المجتمع على العوامل التي تدعم استقراره وتعمل على شيوع الفضائل بين أهله وتنبذ كل خلق معوج وانحراف في القول أو العمل؛


لا يقوم النظر الإسلامي على العزلة والانفراد، بل على التعاون والاجتماع، فالإسلام يقدِّر أن هناك أممًا أخرى وأفكارًا مختلفة تنتشر بين البشر، وهو إزاءها لا يقف موقف الخصومة والعداء بشكل مبدئي، ولكنه يسعى لقطع مادة النزاع والتمكين لترسيخ أرضية مشتركة بينه وبين غيره من الأفكار والديانات تسمح بالتعامل السلمي والإفادة المتبادلة، وهو في ظل هذه النظرة الرحيمة لا يغفل عن إمكانية رفض غيره لها وقيام صراع بينه وبينها، فشرع الجهاد صدًّا للعدوان وحماية للدين، كما شرع الدعوة لنشر الإسلام وإقناع العالمين به بالحكمة والموعظة الحسنة.


الإنسان هو محور هذا الكون، وهو معجزة الله العظمى في هذا النظام المتقن الفسيح، خلقه الله تعالى على هيئة تختلف كليةً عن سائر المخلوقات، وخصه الله سبحانه بالنعمة العظمى؛ ألا وهي نعمة العقل


من إبداعات الحضارة الإسلامية التي نشأت تلبية لنداء الشريعة بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي وشيوع العدل والفضيلة في كافة مناحي الحياة (علم الاحتساب). وقد ذكرنا في مقال سابق أن أمر الحسبة خطير، وأنها أحد وجوه التطبيق العملي لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها إن لم تنضبط بميزان الشرع فقد تأتي بنتائج سلبية تكر على المقصود منها بالبطلان، وبدلًا من أن تؤدي إلى استقرار المجتمعات تؤدي إلى اضطرابها. وآية ذلك ما نرى من بعض المتشددين الذين لم ينالوا من العلم والدين القدر الكافي، ويسعون في الأرض بغير هدى ولا علم؛ ظانين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :31
الظهر
11 : 43
العصر
2:35
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17