28 أغسطس 2018 م

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق

وُلد التَّابعي الجليل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في خلافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتربَّى في حِجر عمَّته أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بعد أن قُتِلَ أبوه وهو صغير، وتفقَّه منها، وأكثر في الرواية عنها، وكان رضي الله عنه معدودًا في فقهاء المدينة السبعة.
روى القاسم بن محمد عن فاطمة بنت قيس، وابن عباس، وابن عمر، وأسماء بنت عميس جدته، وأبي هريرة، ورافع بن خديج، وعبد الله بن خباب، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا.
وحَدَّثَ عنه: ابنه عبد الرحمن، والشعبي، ونافع العمري، وسالم بن عبد الله، والزهري، وابن أبي مليكة، وربيعة الرأي، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، وأبو الزناد، وعبيد الله بن أبي الزناد القداح، وكثير غيرهم.
وكانت للقاسم رضي الله عنه سيرة عطرة في العلم والسلوك، وكان ثقةً، عالِمًا، رفيعًا، فقيهًا، إمامًا، وَرِعًا، كثيرَ الحديث، قال الإمام ابن المديني: "له مائتا حديث".
وقال القاسم: كانت عائشة رضي الله عنها قد استقلَّت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وإلى أن ماتت، وكنت ملازمًا لها مع تُرَّهَاتِي -يقصد التقليل من نفسه بأنه كان مشغولًا بغير النافع-، وكنتُ أجالس البحر ابن عباس رضي الله عنه، وقد جلست مع أبي هريرة، وابن عمر رضي الله عنهما، فأكثرت -أي: الرواية عن ابن عمر-.
وقال الغمام يحيى بن سعيد: "ما أدركنا بالمدينة أحدًا نفضِّلُه على القاسم".
وروى عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، قال: "ما رأيت أحدًا أعلم بالسُّنَّةِ من القاسم بن محمد، وما كان الرجل يُعَدُّ رجلًا حتى يعرف السُّنَّةَ، وما رأيتُ أَحَدَّ ذهنًا من القاسم، إن كان ليضحك من أصحاب الشُّبَهِ كما يضحك الفتى".
وعن ابن عُيَيْنة قال: "أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم، وعروة، وعَمْرَة".
وكان الإمام يحيى بن معين يقول: "عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة: ترجمة مشبَّكة بالذهب" للثقة في هذا الإسناد.
قال ابن عون: "كان القاسم ممن يأتي بالحديث بحروفه" وهذا من ضبطه وقوة حفظه أنه كان يذكر نصَّ الحديث بدقة كبيرة، ولا يرويه بالمعنى، مع كون رواية الأحاديث بالمعنى جائزةٌ لمن يُحسن الفهم ويصيغ المعنى كما هو وارد في الحديث وليس بما يُغيِّر معناه.
ومن تواضع القاسم بن محمد ما ذكره الإمام ابن إسحاق حين قال: "رأيت القاسم بن محمد يصلي، فجاء أعرابي، فقال: أيما أعلم، أنت أم سالم؟
فقال: سبحان الله، كل سيخبرك بما عَلِمَ.
فقال: أيكما أعلم؟
قال: سبحان الله!
فأعاد، فقال: ذاك سالم، انطلق، فَسَلْهُ، فقامَ عنه".
قال ابن إسحاق في تحليله لهذا الموقف: "كره أن يقول: أنا أعلم، فيكون تزكية، وكره أن يقول: سالم أعلم مني، فيكذب"، وكان القاسمُ أعلَمَ من سالم.
ومن تواضعه وورعه أيضًا ما رواه عبيد الله بن موهب، قال: "سمعت القاسم بن محمد سأله رجل عن مسائل، فلما قام الرجل قال له القاسم بن محمد: لا تذهبن فتقول: إن القاسم قال: هذا هو الحق، إني لا أقول لك هو الحق، ولكن إذا اضطررت إليه عملت به".
وقال: "إنكم تسألوننا عما لا نعلم، والله لو علمنا ما كتمناه، ولا استحللنا كتمانه".
ولمنزلة ومكانة القاسم بن محمد في عصره بين التابعين والفقهاء كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: "لو كان لي من الأمر شيء لوليت القاسم الخلافة"، قال مالك: "وكان القاسم قليل الحديث قليل الفُتْيَا".
وذكر بعضهم أن كلمة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بلغت القاسم، فقال: "إني لأضْعُفُ عن أهلي، فكيف بأمر الأمة؟!".
ومن أخلاق القاسم أنه كان لا يكاد يعيب على أحد.
قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -وسمع رجلًا يقول: ما أجرأ فلان على الله! فقال القاسم: ابن آدم أهون وأضعف ممن يكون جريئًا على الله، ولكن قل: ما أقل معرفته بالله.
ومن أقواله رضي الله عنه، التي تدُلُّ على ورعه وعلمه وتقواه، قوله: "لأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعرف حق الله عليه، خير له من أن يقول ما لا يعلم".
وقال: "قد جعل الله في الصديق البار المقبل عوضًا من ذي الرحم العاق المدبر".
وقال: "إن من أعظم الذنب أن يستخف المرء بذنبه".
وروى ابنه عبد الرحمن بن القاسم عند وفاته رضي الله عنه أن أباه نهى عند موته أن يُتبع بنارٍ، ولا يقولون خيرًا ولا شرًّا، ثم قال: "اُتْلُ هذه الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ۞ انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: 49-50].
وعن رجاء بن أبي سلمة قال: "مات القاسم بن محمد بين مكة والمدينة حاجًّا أو معتمرًا، فقال لابنه -قبل أن يموت-: سُنَّ عليَّ التراب سَنًّا، وَسَوِّ عليَّ قبري، والحَقْ بأهلِكَ، وإياكَ أن تقولَ: كان وكان".
واختُلَف في زمن ِوفاته رضي الله عنه بين سنتي 106 و108 هجرية.
- المصادر:
- "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي (5/ 53، وما بعدها).
- "مختصر تاريخ دمشق" للإمام ابن عساكر (21/ 45، وما بعدها).
- "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" للإمام أبي نعيم (2/ 183، وما بعدها).
 

الإمام الحافظ الحجة القدوة محمد بن رافع بن أبي زيد، واسمه سابور، ولد بعد سنة 170هـ، ومات في ذي الحجة، سنة 245هـ. حَدَّثَ عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي في تصانيفهم، وكانت له هيبة ومكانة كبيرة بين العلماء؛ قال جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ: "ما رأيت من المحدثين أّهْيَبَ من محمد بن رافع، كان يستند إلى الشجرة الصنوبر في داره، فيجلس العلماء بين يديه على مراتبهم، وأولاد الطاهرية ومعهم الخدم، كأن على رؤوسهم الطير، فيأخذ الكتاب، ويقرأ بنفسه، ولا ينطق أحد، ولا يتبسَّم إجلالًا له".


رحلة من رحلات طلب العلم ولكن هذه الرحلة لها طابع خاص، فقد جمعت هذه الرحلة أربعة من كبار العلماء في عصرهم، وهم: الإمام محمد بن جرير الطبري، هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، الطبري، ثم


الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، روى عبد الله بن المبارك كثيرًا، وطلب العلم، وصنف كتبًا كثيرة في أبواب العلم وصنوفه، حملها عنه قوم، وكتبها الناس عنهم، وسمع علمًا كثيرًا وكان ثقة، مأمونًا، إمامًا، حجةً، كثير الحديث، وكان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المنادين بالزهد، وقد سئل ابن المبارك عن أول زهدة فقال: إني كنت يومًا في بستان، وأنا شاب مع جماعة من أقراني، وذلك في وقت الفواكه، فأكلنا وشربنا، وكنت مولعًا بضرب العود، فقمت في بعض الليل، وإذا


الخليل بن أحمد الفراهيدي أحد أعلام الأمَّة الإسلاميَّةِ، كان إمامًا في اللغة العربية وأنشأ علم العَروضِ، أخذ سيبويه عنه علمَ النَّحو، وكذلك غيره من الأعلام؛ كالنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوي، والأصمعي، وغيرهم. ولد الخليل حوالي سنة مائة من الهجرة، وكان يَعرف علمَ الإيقاع والنَّغم، فَفَتَحَ له ذلك علمَ العَروضِ، وقد قيل: إنه دعا بمكة أن يرزقه الله عِلمًا لم يُسْبَقْ إليه، وذكروا أنه كان يَمُرُّ بسوق الصَّفَّارين أو النحَّاسين، فسمع طرق النحَّاسين فأوحى له ذلك بإنشاء علم العَروض، فكان لهذا الموقف أثرٌ كبيرٌ في إنشاء هذا العلم، الذي أفاد منه الشعر العربي أيَّما إفادةٍ من حيث الضبط والتَّقسيم والتَّذوق.


الإمام يحيي بن معين هو الإمام الحافظ، الجهبذ، سيد الحفاظ، وشيخ المحدثين، أبو زكريا، يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام ولد في بغداد سنة 158ه، ونشأ في بغداد، وكتب العلم وهو ابن عشر سنين، وكان أبوه معين من نبلاء الكتَّاب لعبد الله بن مالك على خراج الري، فخلف له ألف ألف درهم، فأنفقها كلها على تحصيل الحديث حتى لم يبقَ له نعل يلبسه، سمع الحديث من عبد الله بن المبارك، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق الصنعاني باليمن،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 05 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :16
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 45
العشاء
9 :11