ما حكم إنشاء دار مناسبات تلحق بالمسجد؟ وهل يجوز تمويل هذه الدار من تبرعات المساجد؟
من المقرر شرعًا أن شرط الواقف كنص الشارع، فإذا وقفت أرضٌ لأن تكون مسجدًا فإنها تخرج بذلك عن ملك صاحبها إلى ملك الله تعالى على اعتبار أنها كذلك؛ فلا يجوز لأحد حينئذٍ أن يقتطع منها جزءًا أو يتصرف فيه لغير المسجدية، أما إذا كانت الدار ستبنى على أرض إلى جوار المسجد لم تستقطع من الأرض المخصصة للمسجد ولم تكن موقوفة من صاحبها للمسجدية أو لغرض آخر يخالف أن تكون دارًا للمناسبات، فإنه يجوز حينئذٍ إقامة هذه الدار على تلك الأرض وتخصيصها لتلقي العزاء أو غير ذلك من المناسبات الاجتماعية المباحة شرعًا، والتي تقام بصورة شرعية.
وتمويل هذا البناء والإنفاق عليه يكون من الأموال المخصصة لهذا الغرض، ومن الصدقة الموجهة لسبل الخير عمومًا من غير تحديد، أما ما خُصِّص من الأموال لإعمار المسجد والإنفاق عليه فإنه لا يجوز صرفه إلا إلى الأغراض المتصلة بالمسجد، ودار المناسبات لا تُعَدُّ من المسجد حتى يمكن القول بجواز توجيه صدقات المساجد لها، والمعلوم شرعًا أنه لا يجوز للوكيل في الصدقات أن يتجاوز غرض الموكِّل؛ فإذا كانت الصدقات موجهةً من أصحابها لغرضٍ محدَّد صُرفت إلى ما وُجِّهت إليه، وإذا لم يخصص لها أصحابها مَصرِفًا معيَّنًا جاز توجيهها إلى أي سبيلٍ من سبل الخير والبر والتكافل الاجتماعي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل التبرع بأجهزة تكييف للمسجد يدخل في الصدقات الجارية؟
سئل في تاجر اقترض مبلغًا، ورهن عليه عند دائنه بضاعة -منقولات- تساوي أكثر من قيمة الدين وقت الرهن بكثير كما هي العادة المتبعة في مثل ذلك، وقد اتفق المدين مع الدائن المرتهن على أن يرسل الدائن البضاعة المرهونة لخارج القُطر لأجل بيعها هنالك، وفعلًا شُحِنت البضاعة بعد أن ضمنت إحدى شركات التأمين أخطار البحر كما جرت العادة بذلك، وبعد هذا حصلت عوارض بحرية للبضاعة المرهونة لم تنقص بها قيمة البضاعة عن مقدار الدين، بل ظلت زائدة عليه، وعلم بذلك التاجر، فطالب شركة التأمين بالتعويض عن الضرر الذي نتج من العوارض المذكورة، وقد حصل في أثناء المطالبة أن المدين مالك البضاعة وقف ما كان يملكه من العقارات التي لا علاقة لها بالدين مباشرة، وفي وقت الوقف كانت قيمة البضاعة لا تزال أكثر من مقدار الدين، ثم إنه قد ظهر أخيرًا بعد مضي مدة تغيرت فيها الأسعار وحالة البضاعة أن عملت التصفية بين الدائن والمدين، فتبين منها أن قيمة الأشياء المرهونة والتعويض لا يكفي لسداد الدين والمصاريف والملحقات.
فهل والحالة هذه يكون الوقف صحيحًا؛ لأن الدائن كان معتمدًا وقت الإدانة على البضاعة المرهونة وعلى مركز التاجر الذي كان متينًا وقتئذٍ، ولأن الوقف حصل في وقت كانت فيه البضاعة المرهونة أكثر قيمة من الدين خصوصًا إذا ضم إليها التعويض الذي كان مطلوبًا من شركة التأمين، أو أنه يكون باطلًا؟ وإذا كان صحيحًا فهل يمكن إبطاله والعود على أعيانه بما بقي من الدين بعد المحاسبة واستنزال ما تحصل من التعويض وقيمة الدين المرهونة على حسب ما تساويه الآن لا وقت الاستدانة ولا وقت الوقف؟ أرجو أن تفيدونا بالجواب، ولفضيلتكم الثواب.
ما حكم إعادة بناء مسجد مع تغيير بعض معالمه؟ حيث يوجد مسجد عتيق، لا نعلم من بناه، ولا نعلم أهو مبني في ملك رجل معين أو بناه أهل المحِلة فيما يسمى خراج البلد، وقد هدمه أهل المحلة لبنائه أحكم، فاقتضى الحال تغيير نظام بنائه؛ وذلك لأن بناءه كان بحيث كانت ميضأته ومراحيضه جهة الشمال وكان المسجد جهة الجنوب، ومعلوم أن ذلك الوضع غير مقبول لدى مصلحة الصحة، وبذلك لو أعيد على ما كان عليه منعت من ذلك الصحة، فهل بذلك يباح تغيير معالمه الأولى، ولو اقتضى التغيير أخذ شيء مما كان مسجدًا وجعله ميضأة ومراحيض -مع العلم بأن لا مندوحة عند إرادة جعله مسجدًا منتفعًا به إلا ذلك- أو لا؟ ولكم الشكر.
ما حكم تغيير الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على مصالح الناس؛ فقد أوقف أحد الأشخاص قطعة أرض للإنفاق على مسجد معين، ثم صار هذا المسجد تابعًا لوزارة الأوقاف فيما بعد، والتي أصبحت هي من يتولى الإنفاق عليه، وعائلة الواقف الآن في احتياج إلى قطعة الأرض هذه للإنفاق من ريعها على الجَبّانة الخاصة بالعائلة ودار مناسباتهم، فهل يصح نقل الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على الجبانة ودار المناسبات؟
تُوفي رجل عن: زوجة، وأخ وأخت شقيقين، وأولاد أخت شقيقة، وأخت لأم، وكان قد نقل كل أمواله السائلة دون الأصول باسم بنت أخته، وكان يدفع منها مرتبات لبعض الأشخاص، وأوصاها بدفع شهريات لبعض الأشخاص من عائد هذه الأموال بعد موته. فما حكم الشرع في فعله هذا؟ وهل عليه إثم؟
ما حكم إصلاح الوقف من ريعه؟ فقد سُئِل في واقفٍ شَرَطَ في وقفه شروطًا؛ منها: أن الناظر على ذلك يبدأ من ريع الوقف بإصلاحه وما يلزم له مما فيه البقاء لعينه والدوام لمنفعته ولو صرف في ذلك جميع غلته، ثم جعل أخو الناظر على هذا الوقف مشرفًا عليه بدون ثبوت خيانة قِبَل الناظر، بل جعل مشرفًا بناءً على طلب بعض المستحقين، ثم إن جانبًا من البناء الموقوف تخرَّب وانهدم، والناظر أعاده مثل ما كان عليه زمن الواقف من ريع الوقف بأجر المثل، وقد ادَّعى المشرف الآن أمام المحكمة الأهلية عدم الإذن للناظر المذكور بذلك، وقال إنه أعاده لنفسه، وأنه لا يلزم الوقف بذلك، وحيث إن ما أعاده الناظر من البناء المنهدم هو لمنفعة الوقف، وأن تعمير الوقف من الأشياء التي يختص بها الناظر بدون إذن المشرف، فهل والحالة هذه يُقبَل قولُ المشرف أو لا يقبل، ويكون دعواه ذلك مع علمه بذلك غير معتبر شرعًا، ويكون ما صرفه الناظر في إعادة البناء المذكور إلى الحالة التي كان عليها زمن الواقف ساريًا على جميع المستحقين الذين من ضمنهم المشرف المذكور، أم كيف الحال؟ أفيدوا الجواب.