ما حكم الصرف من ثمرة وقف في وقف آخر؟ فواقفٌ وقفَ وقفًا على أن يصرف من ريعه على مسجده في كل سنة من سني الأهلة 15360 نصفًا فضة من الأنصاف العددية الديوانية؛ فما يصرف للناظر الأصلي على الوقف 3000، وللناظر الحسبي 1000، وللمباشر 720، وللجابي 360، وللإمام 720، وللخطيب 660، وللمرقي 120، ولمستقبل الدكة يوم الجمعة 120، ولمؤذنين اثنين سوية 920، وللفراش والكناس 360، وللوقاد 360، وللبواب 360، ولسواق الساقية وخادم الثور 720، ولخادم المطهرة 360، ولمزملاتي الصهريج 360، ولفقيه المكتب 360، وللعريف 180، ولخمسة أنفار فقهاء 300 سوية، ولقراءة البردة 2400، ولمنشدي الواقف 480، ويصرف للتوسعة للإمام 60، وللمؤذنين 80، وللفراش والوقاد بالسوية 120، ويصرف لعشرة أنفار بالمكتب نظير جرايتهم 600، وعلى أن يصرف من ريع الوقف المذكور سنويًّا في ثمن زيت وقود لسائر الأيام وفي الليالي الشريفة وشهر رمضان، وفي ثمن زجاج، وسلاسل، وأحبال، وجمع إسكندراني، وحصر للمسجد، وماء عذب للصهريج، وفول، وتبن، وبرسيم لثور الساقية، وفي مصرف مولد الأستاذ الواقف سنويًا، وفي كسوة الأيتام والفقيه والعريف بالمكتب، وفي مقاطعة آلة الساقية المذكورة، وثمن طوانيس وقواديس، وحلف سنويًا، وفي آلة الصهريج من سلب وأدلية وكيزان وغير ذلك، وفي أجرة نجار الساقية حسب الواقع في كل زمن بحسبه، ويصرف ذلك الناظر المذكور بالحظ والمصلحة، وما بقي بعد ذلك يستغله الواقف لنفسه أيام حياته، ومن بعده على أولاده ذكورًا وإناثًا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم على أولاده وذريتهم.
ثم وقف غيره وقفًا على أن يصرف ريعه في مصالح ومهمات وإقامة الشعائر الإسلامية بالمسجد المذكور، وفي عمل خمسة أجزاء من القرآن تقرأ كل يوم بضريح الواقف الأول بالمسجد المذكور، وترب أصول الواقف الثاني وفروعه الكائنين بذلك المسجد.
وآخران وَقَفَا وقفًا على أن يصرف ريع وقفهما على مصالح ومهمات وشعائر المسجد المذكور.
وآخر وقف وقفًا على أن يصرف ريعه في مصالح المسجد المذكور.
وآخر وقف وقفًا على أن يصرف نصف ريعه في إقامة شعائر ومصالح ومهمات المسجد والضريح المذكورين.
وآخر وقف وقفًا على أن يصرف ريع ثلثه في إقامة شعائر المسجد والضريح المذكورين، وعلى صهريج ومطهرة المسجد المذكور، وفي قراءة ربعة شريفة كل يوم تجاه الضريح المذكور؛ خمسة أجزاء لكل نفر في كل شهر 15 نصفًا فضة.
والنظر على الأوقاف المذكورة لشخص واحد فيما يجريه الناظر، فهل تعتبر الأوقاف المذكورة جميعها كأنها وقف واحد حيث هي متحدة الجهة، ولناظر الأوقاف المرقومة صرف جميع المشروط من ريعها بنسبة ريع أصل كل وقف، أو منها ما لا يعد من مصالح ومهمات وشعائر المسجد المذكور؟ وإذا كان كذلك فهل يصرف ما لا يعد من ريع أصله، وما بقي يضم لباقي الأوقاف المتحد صرفها على ما ذكر أو منها ما هو مُقَدَّر ومعين فيخرج من ريع أصله وما بقي يضم كما ذكر؟ وإن كان المبلغ المقدر لم يف بالمرتبات هل يجوز تكميله من باقي الأوقاف المتحدة في الصرف على الشعائر والمهمات والمصالح أم لا؟ وهل الأنصاف الفضة المشروط صرفها في الوقف الأول تعتبر بحسب المتعارف من أن كل أربعين نصفًا فضة منها بقرش واحد صاغًا، أو يحسب قيمتها الآن؟ وما هي القيمة إن كانت تعتبر؟ وحيث إن الواقف الأول شرط النظر الحسبي على وقفه لزوج بنته مدة حياته ولم ينص على من يكون بعده ناظرًا حسبيًا، وقد شرط للناظر الحسبي مبلغًا معينًا، فهل بموته يصرف مرتبه للفقراء، أو يضم لباقي غلة الوقف المستحق للمستحقين؟ وإذا كان تأخر صرف شيء مما شرط صرفه في أوقاف معينة وقد فاتت، هل يصرف ما كان يصرف لها للفقراء أم كيف؟ أفيدوا الجواب.
حكم الصرف من ثمرة وقف في وقف آخر
حيث كان الحال ما ذكر بالسؤال فيكون ما عيَّن الواقف الأول صرفه من الأنصاف الفضة في مصالح وشعائر المسجد المذكور وما وقفه بعده الواقفون المذكورون على المصالح والشعائر المذكورة بمثابة وقف واحد؛ لاتحاد الجهة، ويسوغ للقيِّم على ذلك خلط غلتها كلها؛ لما في "الأنقروية": [مسجد له أوقاف مختلفة لا بأس للقيم أن يخلط غلتها، وإن تخرب حانوت منها فلا بأس بعمارته من غلة حانوت آخر؛ لأن الكل للمسجد سواء كان الواقف واحدًا أو مختلفًا؛ لأن المعنى يجمعها] اهـ. ومثله في "رد المحتار" (4/ 361).
وللناظر أن يصرف المعين المذكور في المصالح والشعائر المذكورة، وإن لم يفِ بها هذا المعين فيكمل من المشروط صرفه لذلك من الأوقاف الأخرى، وما بقي من ذلك يشترى به مستغل للمسجد المذكور؛ لما في "المحيط البرهاني" (6/ 215) من أن [الفاضل من وقف المسجد لا يصرف إلى الفقراء، ولكن يشترى به مستغل المسجد] اهـ. وفي "الأشباه" و"الأنقروية" و"المهدية" ما يفيد ذلك.
وللناظر أيضًا أن يصرف من ريع الوقف الأول فيما ذكره واقفه مما لا يعد من المصالح والشعائر على حسب شرطه؛ وذلك كفقيه المكتب، والعريف، والفقهاء، وقُرَّاء الأحزاب والبردة، ومنشدي الواقف، ونحو ذلك مما ليس من المصالح والشعائر، وأن ينظر إلى قيمة الأنصاف الفضة المذكورة في زمن الواقف، ويصرف ما يقوم مقامها من العملة الرائجة الآن؛ كما في "فتاوى الحانوتي"، وحيث إن قيمة الألف نصف فضة من الريال الأبي مدفع كذا في زمن الواقف كانت أحد عشر ريالًا وتسع ريالات؛ باعتبار أن قيمة الريال تسعون نصفًا فضة كما هو المتعارف، فيصرف لمستحق الألف نصف فضة الأحد عشر ريالًا وتسع المذكورة إن كانت رائجة، وإلا يصرف ما يقوم مقامها من العملة الرائجة الآن.
وبخلو الوقف من الناظر الحسبي يرجع مرتبه لأصل الغلة كما يؤخذ من الإسعاف، وما تأخر صرفه من المشروطات المذكورة: فإن كان من قبيل ما هو مشروط للإمام والخطيب ونحوهما ووجد المستحق لذلك بالوجه الشرعي صرف إليه، وإلا صرف للفقراء، وإن كان من قبيل ما هو مشروط لثمن الزيت والزجاج والماء ونحوها فيصرف للفقراء؛ لما في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (5/ 267، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وقف مستغلًّا على أن يضحي عنه بعد موته من غلته كذا شاة كل سنة وقفًا صحيحًا ولم يضح القيم عنه حتى مضت أيام النحر يتصدق به] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.