ما قولكم -دام فضلكم- في رجل حكم عليه بنفقة وكسوة وأجرة حضانة لإخوته من أبيه في سنة 1918م، واستمر يؤدي هذه النفقة إلى والدتهم المحكوم لها إلى سنة 1931م. ثم رفعت عليه دعوى مدنية من بعض هؤلاء الأولاد وأمهم عن نفسها وبصفتها وصية على باقي أولادها بالمطالبة بتثبيت ملكيتهم إلى فدانين، 10 قراريط، ونصف منزل باعتبار أن هذا النصيب تركة لهم بعد والدهم مورثهم، واستندوا في دعواهم إلى إقرار صادر من المحكوم عليه بالنفقة إلى والدهم المذكور بملكيته لأطيان ومنزل، وفعلًا حكمت لهم المحكمة الأهلية بملكيتهم لهذا القدر، وحكمت لهم أيضًا بريع الأطيان ابتداء من تاريخ وفاة المورث في سنة 1918م لغاية رفع الدعوى المدنية في سنة 1931م، وأن هذا الأخ المحكوم عليه بالنفقة لإخوته لأبيه ما كان يعلم أن هذا الإقرار يؤدي معنى ملكية أبيه المورث شيئًا بدليل أنه كان ينازع في صحة هذا الإقرار بهذا المعنى إلى آخر درجة من درجات التقاضي بالمحاكم الأهلية.
فهل يجوز لأخيهم الذي حكم عليه بالنفقة وأداها لهم على اعتبار أنهم كانوا فقراء وليس لهم مال ظاهر أن يرجع عليهم بما أداه لهم من النفقة، أو أن يحتسب ذلك مما حكم لهم به من الريع؛ حيث حكم لهم بريع الأطيان عن المدة التي كان يؤدي فيها النفقة، وحيث ثبت لهم مال في المدة التي كانوا يتقاضون فيها النفقة، أو لا يجوز له الرجوع أو الاحتساب من الريع؟ أفتونا في ذلك، ولفضيلتكم من الله الأجر والثواب.
لا تجب نفقة هؤلاء الأخوة على أخيهم شرعًا، وما دفعه لهم من النفقة لا يعتبر هبة، ويحق له الرجوع فيه؛ لأنهم أخذوه بواسطة وصيهم على أنها لهم بناءً على سبب غير صحيح؛ إذ كان لهم مال.
اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأنه قد جاء في "تنقيح الحامدية" عن "شرح النظم الوهباني" لشيخ الإسلام عبد البر أن: [من دفع شيئًا ليس بواجب فله استرداده إلا إذا دفعه على وجه الهبة واستهلكه القابض] اهـ.
وقد بنَوا على هذه القاعدة أنه لو دفع لزوجته نفقة لا تستحقها؛ لنشوز أو غيره له الرجوع عليها، كما اختاروا بناءً على هذه القاعدة أنه لو دفع ناظر الوقف الريع للمستحقين مع وجود العمارة الضرورية وضمن لجهة الوقف ما دفعه لهم كان له الرجوع على المستحقين بما دفعه لهم.
وجاء في "حاشية ابن عابدين على البحر" بصفحة 236 من الجزء الخامس عن "جامع الفصولين" في الفصل الثالث والثلاثين في بيان الغصب ما نصه: [أودع ثيابًا فجعل المودع ثوبه فيها ثم طلب الوديعةَ ربُّها فدفع الكل إليه، فرَب الوديعة يضمن ثوب المودع، أو من أخذ شيئًا على أنه له ولم يكن له ضمنه] اهـ.
وجاء في "حاشية البيري على الأشباه والنظائر" تعليقًا على ما قاله صاحب "الأشباه" في كتاب الوقف من قوله: [وإذا قلنا بتضمين الناظر إذا صرف لهم -أي لمستحقي الوقف- مع الحاجة إلى التعمير، هل يرجع عليهم بما دفعه؛ لكونهم قبضوا ما لا يستحقونه أو لا؟ لم أره الآن صريحًا ما نصه: أقول: ذكر في "الملتقطات" فرعًا يشمل ذلك حيث قال: رجل قال لآخر: لي عليك ألف درهم، فقال له: إن حلفت أن لك علي ألف درهم أديت إليك، فحلف فأدى بناءً على هذا الشرط، له أن يسترد؛ لأنه شرط باطل، والأداء بناء عليه، والبناء على الباطل باطل، وإن أدى بناءً على سبب صحيح ليس له أن يسترد؛ لأنه إذن بني على سبب ثابت انتهى والله أعلم. أقول: فلا ريب أن دفعه مع الاحتياج إلى العمارة ليس السبب فيه بصحيح فله الرجوع] اهـ.
ومقتضى هذه القواعد أن المحكوم عليه بالنفقة التي دفعها للمحكوم لهم أو لوصيهم لا على وجه الهبة والتي أخذها القصَّر بواسطة وصيهم على أنها لهم بناءً على سبب غير صحيح؛ إذ كان لهم مال فلا تجب نفقتهم شرعًا على أخيهم المحكوم عليه؛ بمقتضى هذه القواعد أن يكون للمحكوم عليه حق الرجوع بما دفعه من النفقة على المحكوم لهم بها. هذا ما ظهر لنا أخذًا من القواعد السابقة وإن لم نجده منصوصًا بخصوصه حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سأل أحد المحامين قال: رجل تزوج امرأة منذ عام 1919م على يد مأذون، وتبين له أن المأذون -فيما بعد حديثًا- لم يحرر قسيمة زواج، وكان قد رُزِق بولد بلغ سِنُّه الآن خمسة عشر عامًا، وثبت بشهادة الميلاد أن الوالد هو المذكور، وأن الأم السالف ذكرها. وفي هذه الأثناء أيضًا دب خلاف بين الزوجة والزوج، وحصلت على حكم شرعي بالنفقة، وفيها ثابت الزوجية غير منكورة. فما رأيكم:
أ- هل يصح عمل تصادق على الزواج بالرغم من عدم وجود قسيمة؟
ب- وإذا تم التصادق؛ هل ينصرف إلى تاريخ الزواج في سنة 1919م؟
جـ- هل يكون هذا التصادق سببًا من أسباب الميراث، ويرث الابن المذكور أباه المذكور؟
مع ملاحظة أن الحكم الشرعي صدر بناء على اعترافه بالزوجة والبنوة، وقضي بالنفقة المطلوبة للزوجة والابن، وقُيِّد الابن بشهادة الميلاد وتبليغ من الوالد بأن الولد ابنه.
ما حكم كفالة أطفال مجهولة النسب ونسبهم إلى الكافل؟ وهل هذا يجوز شرعًا؟
يقول السائل: ما الحكم إذا كَفَلَت أسرة طفلًا، ثم أنجبت هذه الأسرة ابنًا أو بنتًا؟ هل يصير أَخًا أو أختًا للمكفول بالرضاع، وتثبت بينهم الأخوة؟ وتجري بينهما أحكام الرضاع؟
ما حكم الزواج بقصد الإنجاب في المختبر من دون جماع والطلاق بعده؟ فأنا امرأة تجاوزتُ الأربعين من عمري، وكنت قد مررتُ بتجربة زواج سابقة، ولم يتيسَّر لي أمر الإنجاب، وذلك لوجود مشكلة صحية تتعلق بأني لا أُطيق العلاقة الزوجية؛ حيث عانيتُ في بداية حياتي الزوجية من وجود بكتريا حادَّة تمنع من الاتصال الجنسي، وحينما ذهبنا إلى الأطباء أخبروني بوجود فيروس يسمى "فيروس الهربس البسيط"، وأن العَدوَى به تستمر مدى الحياة، وعادة ما تكثر عند حصول العلاقة، وكنت أُعالَج أنا وزوجي في وقت واحد، واستمررنا على ذلك 3 سنوات، وإن تحسن الوضع قليلًا سرعان ما يرجع مرة أُخرى، فلم يتحمل طليقي الأمر، واتفقنا على الانفصال، وأنا الآن تعرفت على رجلٍ ذي خلق، واتفقنا على الزواج على أن لا يحدث بيننا معاشرة، ولكن نجري عملية الحقن المجهري بقصد الإنجاب الذي حرمتُ منه طول العمر، وهو قد رضي بذلك، إلَّا أنه أخبرني بيني وبينه بأنه بعدما يتم الإنجاب سوف ننفصل، وتراضينا على ذلك وتزوجنا.
فما حكم هذا الزواج شرعًا؟ وهل يدخل ضمن تأقيت النكاح المنهيِّ عنه؟
مع العلم أننا لم نكتب ما اتفقنا عليه وتراضينا في عقد الزواج، ومعي التقارير الطبية التي تفيد حالتي المرضية. أفيدونا أفادكم الله.
هل يحق للكافل الاعتراضُ على زواج مكفولته التي تزوجت بغير ولي لكون عقد الزواج قد أُبرِم دون موافقته ولا يناسب مهرُهَا مكانَتَهَا الاجتماعية والثقافية؟
الطلب الـوارد مِن إحدى النيابات العامة، بمناسبة التحقيقات التي تجريها في إحدى القضايا، لاستطلاع الرأي الشرعي من دار الإفتاء المصرية، بشأن الشكوى المقدمة من رجل قرر أنه قد فقد بطاقة الرقم القومي الخاصة به، وعثر عليها أحد الأشخاص (مجهول الهوية)، وقام الأخير باستخدامها في الزواج من امرأة بواسطة مأذون شرعي، بقسيمة زواج على غير الحقيقة.
لذلك نرجو إفادتنا بالإفتاء عن مدى صحة عقد الزواج المبرم محل الواقعة؛ لبيان عما إذا كان الزواج باطلًا بطلانًا مطلقًا، أم أن هناك فسادًا في عقد الزواج، وبيان ما إذا كانت الواقعة المذكورة تشكل مواقعة أنثى بغير رضاها من عدمه، أم أن العلاقة الزوجية التي نشأت بين طرفي الزواج هي علاقة شرعية؟