هل رغبة المتوفاة في الحج عن ولدها تعتبر وصية؟ فقد توفيت جدة أولادي وتركت أموالًا، ولم يكن لها أولاد غير زوجي المتوفى قبلها، والذي ترك لي خمسة أبناء، وكانت جدتهم تنوي أن تحج عنه في العام القادم إلا أنها توفيت، والآن هل يحق لنا أخذ الأموال التي كانت ستحج بها لرعاية أبنائي؛ حيث إن أبناء إخوتها يرفضون ذلك ويعتبرون رغبتها في الحج عن زوجي وصية يجب إنفاذها؛ علمًا بأنه قد حج عنه أقاربه عدة مرات من قبل، وأنا وأبنائي في حاجة لهذه الأموال عونًا على ظروف الحياة؟
ما دامت المتوفاة المذكورة لم توصِ بالحج عن ولدها من مالها بعد وفاتها صراحةً، فليس من حق أحدٍ أن يستوفي نفقة الحج عنه من التركة قبل التقسيم تحت دعوى تنفيذ رغبة المتوفَّاة.
المال من نعم الله على الإنسان، منحه الله حقَّ التصرف فيه في حال حياته بشتَّى صور التصرف الجائزة شرعًا، فإذا توفي صار مالُه تركةً لمن يرثه، وانقطعت صلته بهذا المال إلا من الحقوق التي وجبت في ماله، فيجب إخراجها قبل توزيع الميراث؛ وهي:
- أولًا: تجهيز الميت؛ والمقصود به: كل ما يفعل بالميت حتى يُوارَى في قبره؛ من نفقات غسل وتكفين ودفن وما أشبه ذلك، ويكون الإنفاق في مثل هذا بحسب يسار الميت وإعساره، بغير إسراف ولا تقتير؛ حتى لا يكون في الإسراف إجحافٌ للورثة، ولا يكون في التقتير تقصيرٌ في حقِّ الميت؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67].
- ثانيًا: سداد ديونه، والمقصود بها: كلُّ ما تعلق بذمة الميت؛ سواء أكانت حقوقًا واجبةً لله تعالى من زكاة أو حج، أم كانت ديونًا للعباد في حقِّه؛ سواء أكانت مالية أم عينية؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسُولَ اللهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وعلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» متفق عليه. وبذلك قال الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.
وذهب الحنفية إلى أنَّ دَيْنَ الله تعالى لا يجب أداؤه من التركة إلا إذا أوصى به الميت، فإن أوصى به يخرج من ثلث التركة.
قال العلامة فخر الدين الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (6/ 230، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [والمراد بالدَّيْن: دينٌ له مُطالِبٌ من جهة العباد، لا دَيْنُ الزكاة والكفارات ونحوها؛ لأن هذه الديون تسقط بالموت، فلا يلزم الورثةَ أداؤُها إلا إذا أوصى بها أو تبرعوا بها هم من عندهم؛ لأن الركن في العبادات نيةُ المكلف وفعله، وقد فات بموته، فلا يُتَصَوَّر بقاءُ الواجب؛ يحققه: أن الدنيا دار التكليف، والآخرة دار الجزاء، والعبادة اختيارية، وليست بجبرية] اهـ.
- ثالثًا: تنفيذ وصاياه، أي أنه بعد تجهيز الميت وسداد ديونه يُنظر إلى ما كان قد أوصى به قبل وفاته؛ فينفذ في حدود الثلث من ماله الذي بقي بعد تجهيزه وسداد ديونه؛ لقوله تعالى: ﴿منْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 11].
فإذا أُدَّيتْ هذه الحقوق الواجبة فإن الباقي من تركته يقسم كلٌّ حسب نصيبه الشرعي الذي بينه الله عز وجل في كتابه الكريم.
أما ما كان الميت يرغب في فعله حال حياته؛ من شراء شيءٍ، أو بيعه، أو هِبَتِهِ، فالورثة غير ملزمين بفعل ما كان يرغب فيه، ما دام لم يُوصِ بفعله قبل وفاته؛ لأنَّ تعلُّق ذمة الميت بالمال قد زال بالموت، وأصبح المال ملكًا خالصًا لورثته.
ومن ذلك يتضح أنه لا يحقُّ لأحدٍ أن يمنع الورثة من أخذ ميراثهم الشرعي بحجة تنفيذ رغبة المتوفَّى، ما لم تكن وصيةً تُنَفَّذُ في حدود الثلث من ماله؛ لأن رغبة المورِّث المجردة عن التصرف ليست من أسباب إزالة الملك شرعًا، فإذا مات قبل التصرف في ماله زالت يدُه عنه، وأصبح حقًّا خالصًا لورثته يتقاسمونه بينهم حسب أنصبتهم الشرعية؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِلْوَرَثَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا» متفق عليه.
وبناءً عليه وفي واقعة السؤال: فإن المال الذي تركته والدة زوجك يجري عليه ما سبق بيانه من حقوق واجبة فيه؛ من تجهيزها، وسداد دينها، وتنفيذ وصاياها فيما لا يتجاوز الثلث مما بقي بعد سداد ديونها.
أما أن تُؤخذ هذه الأموال لأداء فريضة الحج عن ابن الموِّرثة المتوفَّى قبلها لمجرد أنها كانت ترغب أن تحج عنه في عامها المقبل -من غير أن توصي بذلك- فذلك لا يجوز شرعًا؛ لأن يدَ الموِّرثة قد زالت عن المال بموتها قبل التصرف فيه، وأصبح حقًّا خالصًا لورثتها يتقاسمونه بينهم حسب أنصبتهم الشرعية، ومنهم أبناء ابنها المتوفَّى، ولا يحقُّ لأحد حرمانُهم من حقهم الشرعي بدعوى تأدية فريضةِ الحج عن أبيهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: توفي شخص وكان قد ترك إقرارًا منه حال حياته بشأن صرف مستحقاته المالية من صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية، ويتضمن استحقاق نجله بنسبة 50%، وزوجته بنسبة 50%، وكان قد طلّق زوجته قبل وفاته بمدة؛ فهل تستحق المطلقة النسبة المُقرَّرة لها بعد زوال صفتها أو تُعتبر تركة، وفي حالة اعتبارها تركة، فهل يستحق ابن المتوفى حصته باعتباره وارثًا فيها؟
ما حكم تعليم القبر بالبناء عليه؟ وإذا كانت وصية الشخص المتوفى أن يُبنى على قبره هل نفعل ذلك؟
ما حكم الوصية الشفوية للزوجة؟ فقد أوصى زوجي قبل موته ابنَه بأن المال السائل الذي يخصه إنما يكون لي بعد موته، وقد قال مثل هذا مرارًا على الملأ، ويعرف هذا الكثير ممن حولنا، حيث إنني كنت في حياتي أعمل وأضع مالي معه حيث يقوم بوضعه في البنك. فما حكم هذا؟
رجاء التكرم بالعلم أن صندوق الزمالة يمنح الميزة الخاصة به لورثة الزميل، وتوزع الميزة طبقًا للإعلام الشرعي، أما في حالة وجود إقرار وصية من الزميل، يتم توزيع الميزة طبقًا للوصية. وقد توفي أحد الزملاء في 2/ 3/ 2010م، وتقدَّم الورثة بالإعلام الشرعي، وعند فحص مستندات الزميل المتوفى لصرف المستحقات للورثة، تبيَّن وجود إقرار وصية واجبة منه، منطوقه: في حالة وفاتي يُصرف المبلغ المستحق لي من الصندوق إلى زوجتي -غير المسلمة-. مرفق صورة من إقرار الوصية. تبيَّن أن الزميل المذكور طلَّق زوجته المذكورة بإقرار الوصية بتاريخ 26/ 1/ 2010م، ثم توفي بتاريخ 2/ 3/ 2010م. مرفق صورة من إشهاد الطلاق.
رجاء الإفادة: هل تطبق وصية الزميل المتوفى وتُصرف ميزة الصندوق للزوجة على اعتبار أنها في فترة العدة، أم لسيادتكم فتوى أخرى لأنها غير مسلمة؟
أوصتني أم زوجي بأن يدفع زوجي لأخواته الأربعة مبلغًا وقدره فقط أربعة آلاف دينار أردني مساواة بينهن، فقدر الله لحماتي الموت قبل سداد هذا المبلغ وأخبرت زوجي بذلك بعد وفاتها، فقال: وأنا أوصيك بأن تدفعي لكل واحدة من الأخوات الأربعة ألفي دينار كهدية منه فوق الألف الذي أوصت به أمه فيصير لكل واحدة منهن ثلاثة آلاف دينار، وشاءت إرادة الله أن يتوفى زوجي بعد شهرين من هذه الوصية. فهل أدفع لهن هذا المال بمثله أم بقيمته؟ أرجو بيان الحكم الشرعي في ذلك.
هل يجوز لكافل الطفل اليتيم أو مجهول النسب أن يوصِيَ لهذا الطفل المكفول بجزء من ماله؟ وإن كان يجوز فما القدر المسموح به شرعًا في هذه الحالة؟