حكم إضافة اسم الكافل الأول إلى المكفول

تاريخ الفتوى: 20 يونيو 2018 م
رقم الفتوى: 4831
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النسب
حكم إضافة اسم الكافل الأول إلى المكفول

هل يجوز إضافة اسم الكافل المفرد لاسم الطفل المكفول مجهول النسب في محل اسم الأب؟

يجوز شرعًا إضافة الاسم الأول للكافل في أول الاسم الوهمي للطفل المكفول، مع مراعاةِ عدمِ الإيهام بأن المكفولَ ابنٌ لكافله، والاقتصارِ على إضافة الاسم الأول دون اللقب تحرُّزًا من ذلك.

المحتويات

 

بيان عناية الشريعة الإسلامية بمسألة النسب وحكم التبني

اعتنت الشريعة الإسلامية بمسألة النسب، وجعلت حفظه من أهم المقاصد الشرعية، ووضعت القواعد والحدود لحفظه وصيانته عن العبث والباطل؛ فشرعت قواعد الأنكحة، وحرَّمت الزنا والقذف والخوض في أعراض المسلمين، إلى غير ذلك من القواعد والأحكام.
ولم يترك اللهُ تعالى لخلقه مجالًا لاختيار أنسابهم، بل قَصَر ثبوت النسب على طرق محددة؛ كالزواج الصحيح، والإقرار، والبينة، ونكاح الشبهة، وكل نكاحٍ تم فسخه بعد الدخول لفساده.
ومن هنا جاء الشرع الشريف ونهى عن التبني؛ الذي يَنسُبُ فيه الرجلُ وَلَدَ غيره إلى نفسه، وكان المتَّبَعُ في الجاهلية أنّ التبنيَ يُثبِتُ للولدِ الدَّعيِّ على المُتَبنِّي جميعَ الحقوق التي تثبت للابن الصُّلْبِيِّ الحقيقيِّ على أبيه؛ قال الإمام النسفي في تفسيره "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 17، ط. دار الكلم الطيب): [وقيل: كان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه ولدُ الرجل ضَمَّه إلى نفسه، وجعل له مثلَ نصيبِ الذكر من أولاده من ميراثه، وكان يُنسَبُ إليه؛ فيقال: فلان ابن فلان] اهـ.
فجاء الإسلام وقضى على هذا النظام وأبطله؛ فأمر بأن لا يُنسَبَ أَحَدٌ إلى غير أبيه، وأن لا ينسب الولدُ الدعيُّ إلى مَن تبناه؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ۞ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: 4-5].
قال العلامة الطاهر بن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" (21/ 261، ط. الدر التونسية للنشر): [وهذا الأمر إيجابٌ أبطل به ادعاء المتبني مُتَبَنَّاهُ ابنًا له. والمراد بالدعاء: النسب. والمراد من دعوتهم بآبائهم: ترتب آثار ذلك؛ وهي أنهم أبناءُ آبائهم، لا أبناء مَن تَبَنَّاهُم] اهـ.
وروى البخاري عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ مِنْ أعظم الفِرَى أن يَدَّعِيَ الرجلُ إلى غير أبيه».
وروى مسلمٌ عن عَلِيّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا».

أسباب إبطال عادة التبني

بالإضافة إلى أنَّ هناك عددًا من المسائل المهمة ذات العلاقة الوثيقة بقضية النسب تترتب عليه جوازًا ومنعًا:
۞ فمنها: العورة وما يجب ستره منها؛ حيث تختلف حدودُ المستور من العورة عن المحارم على وجه التأبيد لنَسَبٍ عن حدود العورة مع الأجانب.
۞ ومنها: النكاح؛ فالنسب من أسباب تحريم النساء، ومعرفةُ من يحل نكاحها ومَن يَحْرُمُ موقوفٌ على ثبوت النسب أو انتفائه باعتباره سببًا من أسباب التحريم.
۞ ومنها: الميراث، وقد كان الميراث في أول التشريع بالإخاء الذي تَمَّ بالمدينة بين المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، ثم نهى الشرع عن ذلك، وجعل الميراث بين الأقارب.
۞ ومنها: صلة الرحم؛ حيث يجب على المسلم صلة الرحم التي يقررها الشرع، لا ما يقررها هو.
۞ ومنها: مِلك اليمين في الأزمان التي كان معمولًا به فيها؛ حيث لا يجري بين الأصل والفرع، بل إن بعض أهل العلم قد توسع في ذلك؛ فمَنَعَ مِلك ذي الرحم المَحرم؛ لما رواه الأربعة وأحمد من حديث سَمُرة بن جندبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حُرٌّ».
ولذلك فإن العبث بالأنساب بإدخال ما ليس منها فيها؛ بنسبة الإنسان إلى غير أبيه بحيث يشترك معه في كامل اسمه هو فسادٌ عظيمٌ؛ لما فيه من اختلاط الأنساب واضطراب القرابات والروابط العائلية الأصلية، وإخلالٍ في المواريث ونحوها، واضطرابٍ في صلة الأرحام، وانتشار العداوة والبغضاء بين الأبناء والأقارب الحقيقيين وبين الشخص المُتَبَنَّى بسببِ مزاحمته إياهم في النفقات والميراث ونحو ذلك. بالإضافة إلى ما في ذلك من الكذب المحرَّم.

حكم انتساب إنسان لعائلةٍ معينة

هناك معنًى آخر للانتساب إلى الغير ليس ممنوعًا شرعًا، ولا يترتب عليه شيءٌ من المفاسد التي توجد في المعنى السابق؛ وهو أن ينتسب إنسان لعائلةٍ معينةٍ بما يظهر مُطلَقُ الانتماءِ إلى هذه العائلة دون التدليس بأنه ولدٌ لأحد أفرادها مِن صُلْبِهِ؛ بأن تكون النسبة إلى العائلة في آخر اسمه، ويكون هذا مِن نحو عُلقة الولاء التي كانت بين القبائل العربية قديمًا، وهذا لا يدخل في نطاق التبني الْمُحَرَّم شَرْعًا؛ لأن التَّبَنِّي هو إضافةُ ولدِ غيرِه إليه وإقامتُه مُقامَ ولدِه في الميراث والنسب والخلوة بنساء الأسرة على أنهنَّ محارمه وغير ذلك مما كان شائعًا في الجاهلية وصدر الإسلام، ثم حرَّمه الإسلام.
قال العلامة الآلوسي في تفسيره "روح المعاني" (21/ 149، ط. المنيرية) عند تفسير قول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ۞ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: 4-5]: [وظاهر الآية حُرْمَة تعمُّد دعوة الإنسان لغير أبيه، ولعل ذلك فيما إذا كانت الدعوة على الوجه الذي كان في الجاهلية، وأما إذا لم تكن كذلك؛ كما يقول الكبير للصغير على سبيل التَّحنُّن والشفقة: (يا ابني) -وكثيرًا ما يقع ذلك- فالظاهر عدمُ الحُرمة] اهـ.
ومنه -أي: مما ليس ممنوعًا شرعًا-: أن يُنسب الابن إلى قبيلة أمه مع كونه ليس منها على الحقيقة؛ لما روى الشيخان من حديث أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ابنُ أختِ القومِ مِنهُم».
فتمحص عن هذا أن النسبة لغير الأصل ممّا لا يترتب عليه شيءٌ من المفاسد المذكورة لا حرمة فيها شرعًا.

حكم إضافة اسم الكافل الأول إلى المكفول

من هنا، فقد ذهبت دار الإفتاء المصرية في فتواها رقم 310 لسنة 2010م إلى جواز مَنْح الطفل المكفول لقب عائلة كافله من باب النِّسْبَة؛ بحيث يَظهر مُطْلَقُ الانتماء إلى العائلة دون التدليس بادِّعاء البُنُوَّة الصُّلْبِيَّة.
ومثل ذلك: المسؤولُ عنه هنا؛ وهو إضافة اسم الكافل المفرد لاسم الطفل المكفول مجهول النسب في محل اسم الأب؛ فإنه يجوز إذا رُوعِيَ في هذه الإضافة عدمُ الإيهام بأن المكفولَ ابنٌ لكافله مِن صُلْبِهِ، والاقتصارُ على إضافة الاسم الأول دون اللقب تحرُّزًا من ذلك؛ لأمور هي:
1- أن حقيقةَ التبني منتفيةٌ عن هذه الصورة؛ حيث إن التَّبَنِّي هو إضافةُ ولدِ غيرِه إليه وإقامتُه مُقامَ ولدِه في النظر إلى المحارم والميراث والنسب والمِلك والخلوة بنساء الأسرة على أنهنَّ محارمه ونحو ذلك. فالكافل لم يَدَّع أبوتَه للمكفول، ولم يُشرِكْه معه في كامل اسمه بما يُفهم منه أنه ولده الصُّلبي.
2- أن مصلحة الأحوال المدنية في عصرنا تقوم مقام النَّسَّابين الذين كانوا يحفظون أنساب الناس، وهي تحتفظ في وثائقها ما يضمن به عدم اختلاط الأنساب.
3- أن المعاملات التي تتطلب الأوراق الرسمية تُفَصِّلُ في النَّسَب ولا تكتفي بذكر اسم الأب فقط، بل لا بد من ذكر الأسماء إلى الاسم الثالث على الأقل وهو اسم الجد بما يقطع الاشتباه الذي يُخشَى وُقُوعُهُ عند الاكتفاء باسم الأب.
4- أن الناس في زماننا أصبحوا لا يكتفون باسم الأب في تعاملاتهم؛ وذلك للزيادة الكبيرة في عدد السكان وتغيُّر الثقافة.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز شرعًا إضافة الاسم الأول للكافل في أول الاسم الوهمي للطفل المكفول، مع مراعاةِ عدمِ الإيهام بأن المكفولَ ابنٌ لكافله، والاقتصارِ على إضافة الاسم الأول دون اللقب تحرُّزًا من ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما مدى ولاية وليّ شخص من ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة على زوجة هذا الشخص وأولاده؟


هل خالة والدتي أخت جدتي لأمي من المحرمات من النساء سواء أكانت شقيقة لجدتي لأمي أم لا؟


ما هي طرق ووسائل إثبات النسب إلى شخص ميت؟ وهل يجوز النسب لشخص ميت دون وجود سند شرعي؟


ما حكم تعيين القاضي وصيًّا بدلًا من الوصي الغائب؛ حيث سئل بإفادة من مديرية الفيوم مضمونها أن امرأة أقيمت وصية شرعية على بنتها القاصرة من مطلقها بناحية العدوة بتاريخ 13 رجب سنة 1312هـ، وقبل تسليمها نصيب بنتها القاصرة المذكورة في تركة والدها المذكور لضبطها بمعرفة بيت المال قد تغيبت مع هذه القاصرة، وبالتحري عن جهة غيابهما فلم يعلم مستقرهما، وباستفتاء مفتي المديرية فيما يجريه بيت المال في نصيب هذه القاصرة أفتى بما نصه: "المنصوص إذا غاب الوصي المختار غيبة منقطعة بلا وكيل عنه مع تصريحهم بأن المفقود الذي لا يعلم مكانه ولا موته ولا حياته غيبة منقطعة حكمًا، وقد صرحوا بأن وصي القاضي، كوصي الميت إلا في ثمانٍ ليست هذه منها. فبناء على ذلك فالقاضي في هذه الحالة ينصب وصيًّا في نصيبها وعليها، ويسلم إليه ليتصرف لها، ويخاصم فيما يتعلق بها، وإن كان وقع الاختلاف في جواز نصب القاضي وصيًّا مع غيبة الأيتام؛ لما في ذلك من المصلحة".
وحيث إن نائب محكمة المديرية أجاب بالاشتباه في هذه الفتوى عند تلاوتها بمجلس حسبي المديرية؛ لكونها مذكورًا بها أنه يقام وصي على القاصرة المذكورة وفي نصيبها؛ ليتصرف الوصي المذكور لها، ويخاصم فيما يتعلق بها مع أن القاصرة المذكورة ووصيها مفقودان؛ لغيابهما غيبة منقطعة، ولا تعلم حياتهما من مماتهما، وقال إنه هل يقام وصي على القاصرة المفقودة مع فقد وصيها أيضًا ليتصرف لها كما ذكر بهذه الفتوى، أو يقام قيم لحفظ مالها فقط بمعرفة القاضي الشرعي؟ ولذا رأى مجلس حسبي المديرية بجلسته المنعقدة في 8 أبريل سنة 1896م لزوم الاستفتاء من فضيلتكم عن ذلك. فالأمل إصدار الفتوى عما ذكر.


ما حكم نسبة اللقيط لمَن أقر ببنوته؟ فقد قال السائل: لقيط وجده مسيحيون أهل كنيسة داخل ديرهم الموجود به كنيسة لهم، الواقع في حي إفرنجي لا يسكنه مسلمون من مدينة إسلامية، فالتقطوه وعمَّدوه نصرانيًّا وألحقوه بكنيستهم وربَّوه في ديرهم إلى أن بلغ أربع سنوات، فسلموه راضين لآخر مسيحي مصري تولى تربيته والإنفاق عليه من ماله، وبقي في يده حتى بلغ، واستمر معه إلى الحادية والعشرين من عمره، فأقر هذا الشخص الذي هو معه أنه ابنه وأنه ليس له أولاد سواه لا ذكورًا ولا إناثًا، وكان المُقَرُّ له يولد لِمِثل المُقِرِّ، وليس للمُقَر له وقت الإقرار نسب معروف، ولم يدعه أحد من قبل لا مسلمًا ولا غيره، وصدق المُقَرُّ له المُقِرَّ على هذا جميعه وحرر بهذا الإقرار والتصادق إشهاد أمام قاضٍ شرعي، واستمر معه إلى أن مات المُقِرُّ، فهل يثبت نسب المُقَرُّ له من المُقِرِّ أو لا؟ وهل يرثه المُقَرُّ له أو لا؟


إذا كان الأب له معاش، وله ابن في مراحل التعليم، فهل النفقة على الأب أم على ابنه الأكبر الذي لم يؤدِّ الخدمة العسكرية؛ لأنه عائل الأسرة؟ وهل على الأب نفقة ابنته البالغة التي لا تجد عملًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 11 مايو 2025 م
الفجر
4 :26
الشروق
6 :4
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 39
العشاء
9 :6