ما رأيكم دام فضلكم في حشو الأسنان المسوسة بأي شيء، أو تركيب غطائها بمعدن من المعادن؛ كالذهب والفضة والبلاتين. أيجوز ذلك شرعًا؟ وحكم المضمضة في الوضوء والاغتسال مع عدم وصول الماء تحت سن الذهب والفضة والبلاتين من الفم أو لا يجوز؟ أفادكم الله وأبقاكم.
حشو الأسنان والغطاء والسلك من الذهب أو الفضة جائز شرعًا، وكذلك البلاتين ونحوه من المعادن غير الذهب والفضة.
المحتويات
اطلعنا على هذا السؤال، والجواب أن المضمضة كما عرفها العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" -(1/ 117، ط. دار الحديث)-: هي أن يجعل الماء في فمه ثم يديره ثم يمجه. وقال النووي: وأقلها أن يجعل الماء في فمه ولا يشترط إدارته على المشهور عند الجمهور.
وعرفها العلامة الشرنبلالي من الحنفية بأنها: استيعاب الماء جميع الفم. وقال محشِّيه الطهطاوي: والإدارة والمج ليسا بشرط؛ فمن شرب الماء عبا أجزأه، ولو مصًّا لا يجزئه، والأفضل أن يمجه؛ لأنه ماء مستعمل. والسنة المبالغة فيها لغير الصائم.
وقد اختلف الفقهاء في حكمها في الوضوء والغسل: فذهب أحمد وإسحاق وأبو عبيدة وأبو ثور وأبو بكر بن المنذر إلى وجوبها فيهما، وبه قال ابن أبي ليلى وحماد بن سليمان؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمضمضة والاستنشاق".
وذهب مالك والشافعي والأوزاعي فقيه الشام والليث بن سعد فقيه مصر والحسن البصري والزهري وربيعة وقتادة ويحيى بن سعيد وابن جرير إلى عدم وجوبها فيهما.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وزيد بن علي إلى أنها فرض في غسل الجنابة، وسنة في الوضوء. ورجح العلامة الشوكاني القول بالوجوب فيهما.
فعلى القول بعدم وجوبها يصح الوضوء أو الغسل بدونها وهو ظاهر، وعلى القول بوجوبها لا يصح ما وجبت فيه من وضوء أو غسل إلا بها، ويلزم أن يصل الماء إلى الأسنان والأضراس في الفم حتى يتحقق استيعاب الماء جميع الفم، فإن كانت الأسنان والأضراس بحالتها الطبيعية فالأمر ظاهر، وإن كان فيها تجويف يبقى فيه شيء من الطعام؛ ففي "فتح القدير" للعلامة ابن الهمام في (فصل الغسل) -(1/ 56، ط. دار الفكر)-: [ولو كان سِنُّه مجوفًا أو بين أسنانه طعام أو ورق رطب أي في أنفه يجزئه؛ لأن الماء لطيف يصل إلى كل موضع غالبًا. كذا في التجنيس، وذكر الصدر الشهيد في موضع آخر: وإذا كانت في أسنانه (تجويف) يبقى فيها الطعام لا يجزئه ما لم يخرجه ويجري عليها الماء. وفي "فتاوى الفضلي" والفقيه أبي الليث خلاف هذا؛ فالاحتياط أن يفعل. والدرن اليابس في الأنف كالخبز الممضوغ والعجين يمنع] اهـ.
وفي "الفتاوى الهندية" -(1/ 13، ط. دار الفكر)-: [والعجين في الظفر يمنع تمام الاغتسال، والوسخ والدرن لا يمنع، والقَرَوِيُّ والمَدَنِيُّ سواء، والتراب والطين في الظفر لا يمنع، والصرَّام والصبَّاغ ما في ظفرهما يمنع تمام الاغتسال، وقيل كل ذلك يجزيهم للحرج والضرورة، ومواضع الضرورة مستثناة عن قواعد الشرع. كذا في "الظهيرية"] اهـ.
ويعلم من ذلك أن هناك خلافًا في صحة الغسل مع وجود بعض الطعام في تجويف الأسنان والأضراس، وأن الاحتياط في إخراجه وإيصال الماء في التجويف، وهذا ظاهر في المواد الغريبة التي تبقى في تجاويف الأسنان ويمكن إخراجها بالمضمضة أو معها.
أما حشو الأسنان والأضراس بما يسد فجواتها في الصناعة أو تغطيتها بمعدن؛ كالذهب أو الفضة أو البلاتين أو نحوها أو شد بعضها إلى بعض بالأسلاك المعدنية بحيث أصبح الحشو والغطاء كأنه جزء من الأصل يتصل به اتصالًا ثابتًا مستقرًّا، وكذلك السلك المشدود به: فالظاهر من القواعد العامة أنه لا يجب في الوضوء والغسل إزالتها، بل يجري عليها الماء بحالتها الراهنة، ولا يجب غسل ما تحت الحشو والغطاء أو الأسلاك؛ لما في ذلك من بالغ الحرج والمشقة، وهما مندفعان في التشريع؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وأي حرج أشد من إلزام المتوضئ والمغتسل إزالة ذلك وهو لم يلجأ إليه إلا لضرورته الصحية ودفعًا لألم شديد، وقد أباحوا للمرأة في الغسل دفعًا للحرج أن لا تنقض ضفائرها إذا بلغ الماء أصول الشعر وأن لا تبل ذوائبها، ولم يوجبوا غسل داخل العينين، وقالوا إن مواضع الضرورة مستثناة من قوله تعالى: ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾. راجع: "العناية" و"الفتح" في (باب الغسل).
فلا يجب إيصال الماء لما تحت الحشو أو الغطاء أو السلك على القول بوجوب المضمضة في الوضوء والغسل أو في الثاني فقط.
أما استعمال الذهب والفضة والبلاتين ونحو ذلك في حشو الأسنان والأضراس أو غطائها فجائز للضرورة؛ فقد ثبت أن عرفجة بن سعد الكناني أصيب أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفًا من فضة، فأنتن، فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يتخذ أنفًا من ذهب. وأن كثيرًا من الأئمة قد شد أسنانه بالذهب؛ مثل: موسى بن طلحة، وأبي رافع، وثابت البناني، وإسماعيل بن زيد بن ثابت، والمغيرة بن عبد الله، ورخص فيه الحسن البصري والزهري والنخعي وأئمة الحنفية، وفي "التتارخانية": [إذا جدع أنفه أو أذنه أو سقط سنه فأراد أن يتخذ سنًا آخر فعند الإمام يتخذ ذلك من الفضة فقط، وعند محمد من الذهب أيضًا] اهـ.
فقد أبيح من الذهب والفضة ما دعت الضرورة إليه، بل روى العلامة ابن قدامة عن أصحاب الإمام أحمد إباحة يسير الذهب، ويقاس الذهب على الفضة وأنه يباح من الفضة للرجل الخاتم وحلية السيف والمنطقة ومثلها الخوذة والحمائل وما أشبهها للحاجة، وفي "البخاري": أن قدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشعب منه سلسلة من فضة، وأنه أباح من الذهب للرجل ما دعت إليه الضرورة؛ كالأنف في حق من قطع أنفه، وربط الأسنان التي يخشى سقوطها. ورخص الإمام أحمد في حلية السيف (وسجاره) اهـ بتصرف.
وفي "فتح القدير" و"الزيلعي" ما يفيد الترخيص في استعمال قليل الذهب والفضة إذا كان تابعًا لغيره؛ فأجازوا الشرب في الإناء المفضض، والركوب على السرج المفضض، والجلوس على الكرسي المفضض والسرير المفضض إذا كان يتقي موضع الفضة في الاستعمال، وكره ذلك أبو يوسف، وعلى هذا الخلاف الإناء المضبب بالذهب والفضة والكرسي المضبب بهما، وكذلك إذا جعل ذلك في السيف والمشحذ، وضلفة المرآة، أو جعل المصحف مذهبًا أو مفضضًا، أو كتب على الثوب بذهب أو فضة. اهـ ملخصًا.
الحشو والغطاء والسلك من الذهب أو الفضة جائز؛ سواء أخذنا بما روي عن الإمام أحمد من إجازة اليسير منهما أو على مذهب الإمام محمد من الحنفية، أو أخذنا بجهة الضرورة المبيحة لاستعمالهما، والبلاتين ونحوه من المعادن غير الذهب والفضة لم يرد فيهما ما يمنع جواز استعمالها. ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
أغمي عليَّ وأنا صائم في رمضان؛ فما أثر ذلك على الصوم؟
ما حكم قيام الطبيب الذي يقوم بالإشراف على علاج المرضى ورعايتهم بترك صلاة الجمعة والجماعة من أجل هذا الأمر؟
ما حكم الإقدام على عملية جراحية قد تفضي إلى الموت؟ فرئيس القسم الجنائي بنيابة السيدة زينب قال: لي ولد أصيب في عامه الرابع من عمره بمرض الصَّرع، عرضته على كثير من الأطباء المختصين في الأعصاب، وكانوا يعالجونه بشتى طرق العلاج من أدوية وحقن مخدرة إلى غير ذلك، إلا أن حالته كانت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام، حتى أصبح الآن فاقد النطق والإحساس والحركة، فلا يستطيع المشي ولا الكلام ولا الفهم، فهو عبارة عن جثة أو كتلة يدب فيها الروح، ويبلغ من العمر الآن ثماني سنوات، ونعاني في تمريضه صنوف العذاب فيحتاج لمن يطعمه ويحمله ويعتني بنظافته كأنه طفل في عامه الأول.
لم أشأ أن ألجأ للشعوذة لعلمي ويقيني أنها خرافات لا فائدة منها، وأخيرًا أشار عليّ بعض الأطباء بإجراء جراحة له في المخ وأفهموني أنها خطيرة لا يرجى منها إلا بنسبة واحد إلى عشرة آلاف، أعني أنه سينتهي أمره بعد العملية، وعللوا نظريتهم بأنه:
أولًا: ربما تنجح العملية، ويستفيد منها.
ثانيًا: إذا قدر له الموت وهو محتمل فسيستريح هو كما سنستريح نحن من هذا الشقاء، ولما كنت أخشى إن أقدمت على إجراء هذه العملية أن يكون فيها ما يغضب الله؛ لأنني أعتقد بأنني أسعى إلى قتله بهذه العملية، فقد رأيت أن ألجأ إلى فضيلتكم لتفتوني إن كان في إجراء العملية في هذه الحالة محرم وأتحمل وزرًا أم لا.
ما حكم تزوير الشهادات الطبية لبيع البلازما؟ ففي ظل انتشار وباء فيروس كورونا "كوفيد- 19"، وبعد خروج تصريحات وزارة الصحة المصرية بارتفاع نسب الشفاء بعد حقن المرضى ببلازما المتعافين؛ لاشتمالها على أجسام مضادة للفيروس، وجدنا من يستغل هذه الحاجة ويلفق كذبًا من الشهادات الطبية ما يفيد تعافيه من الفيروس؛ وذلك لبيع البلازما بمبالغ مالية كبيرة، فما حكم ذلك؟
ما الحكم الشرعي في الحصول على جنين باشتراك فرد ثالث مع الأبوين three-parent abay-؟ هذه العملية يكون فيها الحمض النووي (الشفرة الوراثية) من الأبوين لكن الميتوكوندريا تكون من شخص ثالث. هل هذا حلال أو حرام؟
ملاحظة المترجم: هذه العملية هي صورة من صور الحقن المجهري تتضمن الأبوين الحقيقيين للجنين وتأتي منهما الشفرة الوراثية ويتم أخذ الميتوكوندريا من شخص ثالث لتجنب ولادة الطفل بأمراض وراثية معينة مرض السكري والصمم وبعض أمراض القلب والكبد. هناك الكثير من الجدل حول هذه العملية البيولوجية ولم تقرها أي بلد سوى بريطانيا في فبراير الماضي 2015م.
ما حكم تركيب الأظافر الصناعية (الأكريليك) للتداوي؟ حيث تحتاج بعض النساء لتركيبها تعويضها عما سقط من أظفارها، أو لإخفاء بعض عيوب الأظافر الخلقية؛ كالنتوءات والتقصف، أو للوقاية من بعض الأمراض؛ كانفكاك الأظافر، وتيبُّسِها، وهشاشتها. وهل يسري على ذلك ما إذا احتاجت لتركيبها للحماية من عادة قضم الأظافر وتقصيفها؟ وما حكم الوضوء مع وجودها في كل هذه الحالات؟