ضابط المرض المبيح للإفطار في رمضان

ضابط المرض المبيح للإفطار في رمضان

ما هو حدُّ المرض المبيح للإفطار؟ حيث شعر أحد أصدقائي بصداع في نهار رمضان فأفطر بدعوى أنَّ الفطر مباحٌ له لأنه مريض؛ فنرجو منكم بيان ذلك.

المرض المبيح للفطر هو الذي يؤدي إلى ضررٍ في النفس، أو زيادة في المرض، أو تأخير في الشفاء، وذلك بإخبار أصحاب التخصص من الأطباء، بل إنه يجب على المريض أن يفطر إذا تحقق من الضرر حفاظًا على نفسه من الهلاك.

التفاصيل ....

المحتويات:

حكم الصيام في الإسلام، ورخصة الإفطار لغيرالمستطيع

الصوم فريضة من فرائض الإسلام أناطها الله تعالى بالاستطاعة؛ فقد اقتضت رحمة الله بخلقه عدم تكليف النفس ما لا تطيق، ومن أجل ذلك شرع الله تعالى رخصة الفطر لمَن يشُقُّ عليه أداء فريضة الصوم في رمضان لعذر، ثم يقضي بعد زوال العذر، وبيَّن سبحانه الأعذار التي تبيح الفطر؛ فقال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

قال فخر الدين الرازي في "التفسير الكبير" (5/ 242، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد منه أنَّ فرض الصوم في الأيام المعدودات إنَّما يلزم الأصحاء المقيمين، فأمَّا مَن كان مريضًا أو مسافرًا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام إلى أيامٍ أُخَر] اهـ.

ضابط المرض المبيح للإفطار في رمضان

المرض المبيح للفطر هو ما كان مؤدّيًا إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلة، أو تأخير في الشفاء، وذلك بإخبار أولي التخصص من الأطباء، بل إذا كان الصوم يضُرُّ بصحته فيجب عليه أن يفطر حفاظًا على نفسه من الهلاك، وإنما أُبِيح الفطر للمريض دفعًا للحرج والمشقة عنه؛ مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]. وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رواه أحمد في "مسنده" من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وقول الله تعالى في خصوص الصوم: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

أقوال الفقهاء في حد المرض المبيح للإفطار في رمضان

قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 97، ط. دار الكتب العلمية): [المريض الذي لا يضرّه الصوم ليس له أن يفطر، فكان ذكر المرض كنايةً عن أمرٍ يَضُرُّ الصومُ معه] اهـ.

وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 535، ط. دار الفكر): [(و) جاز الفطر (بمرضٍ خاف) أي: ظنَّ لقول طبيبٍ عارف أو تجربة أو لموافق في المزاج (زيادته أو تماديه)، بأن يتأخر البُرء، وكذا إن حصل للمريض بالصوم شدة وتعب، بخلاف الصحيح، (ووجب) الفطر لمريضٍ وصحيحٍ (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكًا أو شديدَ أذًى)؛ كتعطيل منفعةٍ من سمعٍ أو بصرٍ أو غيرهما؛ لوجوب حفظ النفس] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (6/ 258، ط. دار الفكر): [شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقةٌ يَشُقُّ احتمالها] اهـ.

وقال الإمام الخرقي الحنبلي في "مختصره" (ص: 50، ط. دار الصحابة للتراث): [وللمريض أن يفطر إذا كان الصيام يزيد في مرضه] اهـ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا