مدى اتباع أئمة المذاهب الأربعة المشهورة للعقيدة الأشعرية

مدى اتباع أئمة المذاهب الأربعة المشهورة للعقيدة الأشعرية

يقول السائل: هل صحيحٌ أن أئمة المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة وفقهاء هذه المذاهب يتبعون العقيدة الأشعرية؟

وضع السادة الأشاعرة منهجًا علميًّا منضبطًا في تقرير عقيدة أهل السنة ونصرتها، وارتضى علماء الأمة سلفًا وخلفًا هذا المنهج في العقيدة؛ فسار عليه علماء الأمة؛ وكان أئمة المذاهب الفقهية وأتباعهم من الحنفية والمالكية والشافعية وفضلاء الحنابلة على المذهب الأشعري.

التفاصيل ....

السادة الأشاعرة هم من قرروا عقائد أهل السنة وناصروها بالحجج والبراهين؛ كما قال القاضي عِياض المالكي عن إمامهم في "ترتيب المدارك" (5/ 24-25، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب): [وصَنَّف -الإمام الأشعري- لأهل السنة التصانيف، وأقام الحُجج على إثبات السنة وما نفاه أهل البدع من صفات الله تعالى، ورؤيته، وقدم كلامه، وقدرته، وأمور السمع الواردة؛ من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر التي نفت المعتزلة، وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودَفَعَ شُبَهَ المبتدعة ومَنْ بَعْدَهُم من الملحدة والرافضة] اهـ.

وما قرره السادة الأشاعرة من عقائد هو محلّ اتفاق بين أهل السنة، وإن اختلفوا في الطرق المؤدية لذلك؛ قال العلامة ابن السبكي في "شرح عقيدة ابن الحاجب": [اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل، وإن اختلفوا في الطرق والمبادي الموصلة لذلك، أو في لِمِّية ما هنالك. وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف: الأول: أهل الحديث، ومعتمد مباديهم: الأدلة السمعية؛ أعني: الكتاب، والسنة، والإجماع. الثانية: أهل النظر العقلي والصناعة الفكرية؛ وهم: الأشعرية، والحنفية. وشيخ الأشعرية: أبو الحسن الأشعري، وشيخ الحنفية: أبو منصور الماتريدي، وهم متفقون في المبادي العقلية في كل مطلب يتوقف السمع عليه، وفي المبادي السمعية فيما يدرك العقل جوازه فقط، والعقلية والسمعية في غيرها.. الثالثة: أهل الوجدان والكشف؛ وهم الصوفية، ومباديهم مبادي أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية] اهـ. نقلًا عن "إتحاف السادة المتقين" للزبيدي (2/ 6-7، ط. مؤسسة التاريخ العربي بلبنان).

ومن هنا فقد اجتمع أئمة المذاهب الفقهية على منهج الأشاعرة في العقائد؛ حتى صاروا جميعًا أشاعرة؛ فقد نقل العلماء أن الحنفية والمالكية والشافعية وفضلاء الحنابلة كلهم أشاعرة؛ جاء في طبقات الشافعية عن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام أنَّ عقيدة الأشعري اجتمع عليها الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة، ووافقه على ذلك من أهل عصره شيخ المالكية في زمانه أبو عمرو بن الحاجب، وشيخ الحنفية جمال الدين الحصيري. اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 365، ط. هجر).

وقال العلامة ابن السبكي أيضًا في "معيد النعم ومبيد النقم" (ص: 75، ط. الخانجي): [وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة -ولله الحمد- في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة، يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى، لا يحيد عنها إلا رعاع من الحنفية والشافعية لحقوا بأهل الاعتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرأ الله المالكية؛ فلم نرَ مالكيًّا إلا أشعريًّا عقيدة، وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة] اهـ.

وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي: [وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه، ومذهبه مذهب أهل الحق] اهـ. نقلًا عن "طبقات الشافعية الكبرى" (3/ 367).

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا