هل إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على بعض النجاسات، يحولَّها إلى طاهرة؟
إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على نجاسة هي عملية تعرف عند الفقهاء بـ"الاستحالة"؛ وهي: انقلاب الشيء من حقيقته إلى حقيقة أخرى، أو تغير الشَّيْء عن طبعه ووصفه إلى اسم ووصف غيره مع بقاء حاله، ومن المقرر شرعًا أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته وتبدل وصفه إلى شيء آخر تغيَّر حكمه تبعًا لذلك التغير، والصحيح من أقوال العلماء أنَّ النجاسة إذا تحولت إلى مادة أخرى فإنَّها تطهر بذلك؛ لأنَّ الشرع قد رَتَّب وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها، فإذا زالت زال الوَصْف بزوالها.
المحتويات
إعادة تدوير المخلفات (Recycling): هي عمليةٌ صناعية؛ مُدخلاتها المخلفات والنفايات التي تمَّ التَخلص منها، ومُخرجاتها منتجات جديدة، تُعْتَبر المواد الخام لها ما استُخْرِجَ من المخلفاتِ والنفاياتِ؛ فهي في مجملها تحويل المواد المُستَرَدَّة من النفايات إلى منتجات جديدة بتغيير خصائصها وإعادة تصنيعها؛ حسبما ورد في "الموسوعة البريطانية".
قد تقرَّر شرعًا أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته وتبدَّل وصفُهُ إلى شيء آخر تغير حكمه تبعًا لذلك، فإن كان الشيء نجسًا أو مشتملًا على نجاسة وتغيرت حقيقته ووصفه إلى مادة أخرى بخصائص مختلفة فلا يبقى على نجاسته؛ كالخنزير والميتة إذا وَقَعَا في المملحة فَصَارَا مِلحًا، وروث الدواب والعذرة إذا احتَرَقَا فَصَارَا ترابًا أو رمادًا، وذلك كله كالخمر التي استحالت بنفسها وصارت خلًّا فإنها تكون طاهرة شرعًا باتفاق العلماء وإن وجد الكيميائيون فيها شيئًا أو نسبة من الكحول؛ لأنَّ النجاسة حكم شرعيٌّ وليست حقيقة كيميائية، فلا يلزم من نجاسةِ مُركَّبٍ نجاسةُ بسائطه -عناصره المركب منها-؛ فإنَّ النجاسات المجمع عليها كبول الإنسان وغائطه مركبةٌ من عناصر كيميائية قد توجد في الأشياء الطاهرة، بل في الطعام والشراب، وإنما جاءت النجاسة وحصل الاستقذار من التركيب المخصوص بالنسب المخصوصة؛ وذلك لأنَّ الشرع رتَّب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها، فكيف إذا انتفى الكل؟ لا شكَّ ينتفي الحكم.
والمختار من أقوال العلماء أنَّ النجاسة إذا تحولت إلى مادة أخرى على النحو السابق بيانه فإنها تطهر؛ لأن الشرع الشريف رَتَّب وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها وقد زالت، فيزول الوَصْف بزوالها، وقياسًا على مسألة الخمر المُتَخَلِّلَة، ولِنَظائر أخرى؛ منها: طهارة دم الغزال بِتحوُّلِه لِمِسْك، وطهارة العَلَقَة عند تحوُّلِها لمُضْغَة، ونحو ذلك، وهذا ما نص عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية ورواية عن الإمام أحمد والظاهرية.
- فعند الحنفية:
قال العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 76، ط. الأميرية): [والأعيان النجسة تطهر بالاستحالة عندنا، وذلك مثل الميتة إذا وقعت في المملحة فاستَحَالت حتى صارت ملحًا، والعذرة إذا صارت ترابًا أو أحرقت بالنار وصارت رمادًا؛ فهي نظير الخمر إذا تخللت، أو جلد الميتة إذا دبغت؛ فإنه يُحكَمُ بطهارتها للاستحالة] اهـ.
- وعند المالكية:
قال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (1/ 188، ط. دار الغرب الإسلامي): [قاعدةٌ تُبَيِّنُ ما تقدم؛ وهي: أن الله تعالى إنما حكم بالنجاسة في أجسام مخصوصة، بشرط أن تكون موصوفة بأعراض مخصوصة مستقذرة، وإلا فالأجسام كلها متماثلة، واختلافها إنما وقع بالأعراض، فإذا ذهبت تلك الأعراض ذهابًا كليًّا ارتفع الحكم بالنجاسة إجماعًا؛ كالدم يصير منيًّا ثم آدميًّا] اهـ.
- وعند الحنابلة:
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 53، ط. مكتبة القاهرة): [تطهر النجاسات كلها بالاستحالة؛ قياسًا على الخمرة إذا انقلبت، وجلود الميتة إذا دبغت، والجلَّالة إذا حُبِسَت، والأول -أي: عدم الطهارة بالاستحالة فيما سوى الخمر- ظاهر المذهب] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على نجاسة هي عملية تعرف عند الفقهاء بـ"الاستحالة"؛ وهي: انقلاب الشيء من حقيقته إلى حقيقة أخرى، أو تغير الشَّيْء عن طبعه ووصفه إلى اسم ووصف غيره مع بقاء حاله، ومن المُقرَّر شرعًا أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته وتبدل وصفه إلى شيء آخر تغيَّر حكمه تبعًا لذلك التغير، والصحيح من أقوال العلماء أن النجاسة إذا تحولت إلى مادة أخرى فإنها تطهر بذلك؛ لأن الشرع قد رَتَّب وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها، فإذا زالت زال الوَصْف بزوالها، مع مراعاة الرجوع إلى أهل التخصص للتحقق من هذا التغيُّر، وللإفادة بمدى الضرر من استعمال المادة بعد تحولها من عدمه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم وجود عماص العين بعد الانتهاء من الوضوء؟ وما حكم الوضوء إن لم أتخلص من إفرازات العين ووجدتها بعد الوضوء، فهل أعيد الوضوء مرة أخرى؛ لأنه يجب إزالة إفرازات العين قبل الوضوء، أم يكون الوضوء صحيحًا؟
ما حكم حمل المصحف للطلاب الصغار وهم على غير طهارة؟ وكذلك الحائض إذا كان هذا لغرض التعلُّم أو التعليم؟
سائل يقول: نرجو منكم بيان أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع دم الحيض عنها؛ فإن زوجتي طَهُرَت من الحيض بانقطاعه عنها لستة أيام، وكان ذلك قبل خروج وقت صلاة الظهر بقليل فاغتسلت وأدركت ركعة من الصلاة، فأذن العصر أثناء قيامها للركعة الثانية.
فنرجو منكم الإفادة عن ذلك.
ما كيفية الوضوء بعد عمليات الليزر وجراحات العيون؟ حيث إني قد قمتُ بإجراء عملية في العين بالليزر لتصحيح الإبصار، وقد منعني الطبيب المختص من وصول الماء إلى داخل العين وظاهرها لعدة أيام، فأرجو الإفادة بالرأي الشرعي عن كيفية الطهارة في هذه الحالة.
هل يشترط في التيمم أن يكون بالتراب على الأرض؟ أم أنه يجوز التيمم بالغبار الموجود على الملابس أو الفراش أو الإسفنج أو الحائط أو غير ذلك؟ وما حكم المرضى الذين لا يستطيعون مس الماء أو يمنعون منه؛ هل يجوز أن توضع لهم قطعة من الرخام أو حجارة معقمة لا غبار عليها ليتمموا بها؟
بخصوص الشخص الذي له رخصة التيمم بسبب عدم توفر الماء أو بسبب مرض يمنعه من استعمال الماء؛ هل يُشْتَرَطُ في حقه تَكرار التيمم لكل فريضة، أو يجوز له أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة كما هو الحال في الوضوء؟