ما حكم قيام المسافر بالأذان للصلاة عند أدائها؟
يُسن للمسافر الأذان والإقامة سواءٌ كان منفردًا أو في جماعة؛ إذ إنَّ الأذان من سنن الصلاة يحافظ عليه المقيم والمسافر.
المحتويات
الأذان شعيرة من شعائر الإسلام؛ قد رغَّب فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثَّ عليه، ورتَّب الأجر العظيم على القيام به؛ حيث ورد في السنة المطهرة فضل الأذان وأجر المؤذنين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» متفقٌ عليه.
قال العلامة ابن رجب في "فتح الباري" (5/ 286، ط. مكتبة الغرباء): [فقوله: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول)، يعني: لو يعلمون ما فيهما من الفضل والثواب، ثمَّ لم يجدوا الوصول إليهما إلَّا بالاستهام عليهما -ومعناه: الإقراع-؛ لاستهموا عليهما؛ تنافسًا فيهما، ومشاحَّة في تحصيل فضلهما وأجرهما] اهـ.
وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه مسلم في "صحيحه"؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (4/ 92، ط. دار إحياء التراث العربي): [فقيل معناه: أكثر الناس تشوفًا إلى رحمة الله تعالى؛ لأن الْمُتَشَوِّفَ يُطيلُ عنقه إلى ما يتطلع إليه، فمعناه: كثرة ما يرونه من الثواب] اهـ.
الأصل فيه أنه شُرع للإعلام بدخول وقت الصلاة. ينظر: "الاختيار" للموصلي (1/ 42، ط. الحلبي)، و"حاشية العدوي على شرح مختصر خليل" (1/ 228، ط. دار الفكر)، و"نهاية المحتاج" لشمس الدين الرملي (1/ 398، ط. دار الفكر)، و"المغني" لابن قدامة (1/ 292، ط. مكتبة القاهرة).
الأذان سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية في الأصح والمالكية في المذهب. ينظر: "الاختيار" للموصلي (1/ 42)، و"مواهب الجليل" للحطاب (1/ 422، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين" للنووي (ص: 22، ط. دار الفكر).
بينما ذهب الحنابلة، والحنفية في رواية، والمالكية في قول، والشافعية في وجه إلى أنَّه فرض كفاية. ينظر: "الكافي" لابن قدامة (1/ 199، ط. دار الكتب العلمية)، و"البناية" للبدر العيني (2/ 77، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحطاب (1/ 422)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 318، ط. دار الكتب العلمية).
قد دلَّت السنة المطهرة على أنَّ الأذان من شأن الصلاة، لا يدعه حاضر ولا مسافر، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يُؤَذَّن له في حياته كلها لكل صلاة في حضر وسفر، وأنَّه ندب المسلمين لذلك وسنه لهم؛ حيث أخرج الترمذي والنسائي في "سننهما" عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: «قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وابن عم لي، فقال لنا: «إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». قال الترمذي: [والعمل عليه. عند أكثر أهل العلم اختاروا الأذان في السفر] اهـ.
قد نصَّ جمهور الفقهاء من الحنفية ومتأخري المالكية والشافعية والحنابلة على أَنَّ المسافر يندب له الأذان والإقامة، سواء كان منفردًا أو في جماعة.
قال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 94، ط. الأميرية): [(وكره تركهما للمسافر): أي ترك الأذان والإقامة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لابني أبي مليكة: "إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا"؛ ولأن السفر لا يُسقط الجماعة فلا يسقط ما هو من لوازمها] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته" (1/ 384، ط. دار الفكر) في كلامه على مشروعية الأذان للفرائض: [(قوله: للفرائض الخمس إلخ) دخلت الجمعة "بحر"، وشمل حالة السفر والحضر والانفراد والجماعة. قال في "مواهب الرحمن" و"نور الإيضاح": ولو منفردًا أداءً أو قضاءً سفرًا أو حضرًا] اهـ.
وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (1/ 450) في كلامه عن الأذان: [وأما السفر فيستحسن فيه، وإن كان فذًّا انتهى. وقال ابن بشير: واستحب متأخرو أهل المذهب الأذان للمسافر وإن كان فذًّا، وذكر حديثي "الموطأ"، وقال ابن شاس: واستحب المتأخرون للمسافر الأذان وإن كان منفردًا؛ لحديث أبي سعيد] اهـ.
وقال العلامة ابن الحاج في "المدخل" (4/ 52، ط. دار التراث): [ينبغي له ألَّا يترك الأذان في السفر؛ لأنه شعيرة من شعائر الدِّين، فإما أن يؤذن بنفسه، وإما أن يأمر غيره بذلك؛ حتى تظهر شعيرة الإسلام، وتبقى قائمة بينهم وفيهم] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 82، ط. دار الفكر) في مذاهب العلماء في الأذان والإقامة: [مذهبنا: المشهور أنهما سُنَّة لكلِّ الصلوات في الحضر والسفر، للجماعة والمنفرد، لا يجبان بحالٍ؛ فإن تركهما صحتْ صلاة المنفرد والجماعة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 305): [ويشرع الأذان في السفر للراعي وأشباهه، في قول أكثر أهل العلم.. وقال إبراهيم في المسافرين: إذا كانوا رفاقًا أذَّنوا وأقاموا، وإذا كان وحده أقام للصلاة، ولنا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يُؤذَّنُ له في الحضر والسفر] اهـ.
وقال العلامة المرداوي في "الإنصاف" (1/ 406، ط. دار إحياء التراث العربي) في كلامه عن مشروعية الأذان: [أنه يشرع لكلِّ مصلٍّ منهم، سواء صلَّى في جماعة أو منفردًا، سفرًا أو حضرًا، وهو صحيح] اهـ.
بناءً على ما سبق: فإنه يُسن للمسافر الأذان والإقامة سواءٌ كان منفردًا أو في جماعة؛ إذ إنَّ الأذان من سنن الصلاة لا يَدَعْه مقيمٌ ولا مسافرٌ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم اقتداء النساء بالإمام عن طريق مكبرات الصوت في مصلى بينه وبين الإمام شارع؟ حيث يوجد مسجد يصلي فيه الرجال، ويفصل بينه وبين مصلى النساء شارع مطروق بعرض 6 أمتار، ومصلى النساء في مكان يجعله متقدمًا على موقف الإمام.
فهل يجوز اقتداء النساء في هذا المصلى بإمام المسجد عن طريق توصيل سماعات؟ وماذا يحدث لو انقطعت الكهرباء أثناء الصلاة: هل تصلي بهن إحداهن إمامًا، أم يصلين فرادى؟
تعلمون فضيلتكم أنه قد يضطر القائمون على المساجد إلى إضافة أدوار عليا فوق المسجد نظرًا لضيق الأماكن، ولكن تقابلنا مشكلة تبزغ من وقت لآخر، وهي: أن المصلين في هذه الأدوار العليا لا يتمكنون من رؤية الإمام ولا المصلين خلفه بالدور الأرضي، وإنما يتابعون الصلاة عن طريق السماع فقط (بمكبرات الصوت)، ولا يخلو الأمر أحيانًا من وجود سهو في الصلاة كأن يقوم الإمام بدلًا من الجلوس للتشهد أو تكون هناك سجدة تلاوة أو سجود للسهو، وغير ذلك مما لا يفطن إليه المصلون بالأدوار العليا، فيستمرون في صلاتهم حتى يكتشفوا الخطأ فيحدث ارتباك في المسجد، بل وقد ترتفع الأصوات ويشك الناس في صلاتهم.
وقد فكرنا في الاستفادة من الأجهزة الحديثة في التغلُّب على هذه المشكلة قياسًا على الاستفادة من مكبرات الصوت والإضاءة الحديثة وقبل أن نقدم على ذلك نودُّ أن نتعرَّف على الحكم الشرعي في ذلك حتى لا نفتح بابًا للبدع في المساجد بغير قصد، لذلك نعرض على فضيلتكم اقتراحنا أولًا، ونسأل الله أن يوفقكم في الإجابة وفق ما يُحبُّه ويرضاه. وهذا الاقتراح يتمثل في الآتي:
1- تثبيت عدسة مراقبة (كاميرا تصوير) خلف الإمام فقط لمتابعة حركته من قيام وركوع وسجود، ولا تستعمل إلا عند إقامة الصلاة وتغلق عند انتهاء التسليمتين (على غرار الكاميرات المستعملة للمراقبة في الشركات والهيئات).
2- اتصال هذه الكاميرا بشاشة عرض صغيرة (كمبيوتر أو تلفزيون) أو فانوس إسقاط -بروجكتور- توضع في قِبلة الأدوار العليا بالمسجد ليتمكن المصلون من متابعة الإمام بين الحين والآخر.
فيرجى التكرم بالإفادة عن مدى شرعية هذا الأمر قبل تنفيذه.
فتوى شرعية في حكم صلاة الجمعة في المسجد المقام بأرض المعرض. اطلعنا على الاستيفاء المتضمن: أن بداخل أرض المعرض الزراعي بمدينة القاهرة مسجدًا تقام فيه صلاة الجمعة، إلا أنه يشترط للدخول في المعرض دفع رسم مقرر بحيث لا يسمح بدخوله لمن لم يدفعه. فهل ذلك مخل بصحة صلاة الجمعة في هذا المسجد؟
هل يشترط لسجود التلاوة أن يكون الساجد متوضئًا؟
ما هي كيفية الطهارة والصلاة للمرضى من أصحاب الأعذار؟ فالسائل مريضٌ، وينزل منه البول والغائط رغمًا عنه، ولا تخلو ملابسه أبدًا من النجاسة. ويطلب بيان الحكم الشرعي بالنسبة لصلاته، وهل تصح صلاته مع استمرار نزول البول والغائط منه على ملابسه؟ وماذا يصنع؟
ما حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا؟ وهل تلزمهم إعادة الصلاة؟ فقد صلينا العصر خلف الإمام، وبعد انتهاء الصلاة أخبرَنا الإمام أنه كان مُحْدِثًا ولم يكن متذكرًا حدثه عند الشروع في الصلاة، وانقسم المأمومون إلى قسمين: قسمٌ أعاد الصلاة مع الإمام، وقسمٌ لم يُعد؛ ونرجو منكم بيان الحكم الشرعي في المسألة.