ما حكم لُبس الثياب البيضاء للمرأة التي توفى عنها زوجها أثناء مدة الحداد عليه؟
الحِداد الشرعي للمرأة عند وفاة زوجها يكون بترك الزينة في الثياب، والطيب، والحلي، وما في معناها، وقد قرَّر الفقهاء أنَّه ليس هناك لونٌ مخصوص للثياب التي تلبسها المرأة المُحِدَّة، وإنما المعتبر في ذلك هو كونه زينة من عدمه؛ فما كان بقصد الزينة مُنِع، وما كان بخلافه فلا يُمنع، والضابط في هذا هو العُرف.
المحتويات
راعى الشرع الشريف النوازع الفطرية والانفعالات النفسية لدى الإنسان؛ فشرع للإنسان أن يظهر حزنه لموت عزيزٍ لديه، ما دام كان ذلك بما لا يغضب الله تعالى؛ بإظهار الاعتراض والتسخط على قدره، أو التفجع المبالغ فيه بشق الجيوب أو لطم الخدود ونحو هذا؛ فقد روى البخاري في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ»، ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ».
وروى الشيخان في "صحيحيهما" عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ».
من مظاهر الحزن التي سمح بها الشرع كذلك: الحِدادُ للنساء. والحِدادُ شرعًا: هو ترك الزينة من المُتوفَّى عنها زوجها في عدة الوفاة بالثياب، والطيب، والحلي، وما في معناها. انظر: "أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (3/ 402، ط. دار الكتاب الإسلامي).
ولذلك فإنَّ إحداد المرأة وإن كان مشروعًا في أصله، لكنه مقيَّد بوقت محدد؛ فهو في حقّ غير الزوج يباح لمدة ثلاثة أيام فقط، وأما في حقّ الزوج فهو واجب مدة عدتها؛ أربعة أشهر وعشرة أيام إذا كانت غير حامل.
ودليل ذلك: ما جاء في "صحيحي البخاري ومسلم" وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
وأما إن كانت حاملًا: فعدتها وإحدادها ينتهيان بوضع الحمل؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
الممنوع على المرأة المُحِدَّة في خصوص الثياب: لُبس ما يُقصد به التزين؛ وقد روى أبو داود في "سننه" عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ».
والمُعَصْفَر: هو المصبوغ بالعُصفُر. والمُمَشَّقَة: أي المصبوغة بالمِشق، وهو نوع من الطين الأحمر. والحُلِيّ: جمع حلية، وهي ما يتزين به من المصاغ وغيره. انظر: "عون المعبود" (6/ 295، ط. دار الكتب العلمية).
ولكن مع ذلك فإنَّ الزينة لا تنحصر في لون بخصوصه، والضابط في اعتبار الملبوس من الزينة أو لا هو العرف، وهذه هي القاعدة في كل ما جاء الأمر به أو النهي عنه على لسان الشرع ولم يحدده، فيرد إلى العرف. انظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 98، ط. دار الكتب العلمية).
وقال الشيخ البجيرمي في "حاشيته" معلقًا على كلام الخطيب السابق (4/ 57): [قوله: (لزينة) أي ما جرت العادة أن تتزين به لتَشَوُّفِ الرجال إليه، ولو بحسب عادة قومها أو جنسها] اهـ.
وقريب منه ما ذكره الإمام الرملي الكبير في "حاشيته على أسنى المطالب" (3/ 402) عن بعض العلماء؛ حيث قال: [وما أحسن قول الشيخ إبراهيم المروذي في تعليقه آخرَ الباب: وعَقْدُ الْبَاب: أن كل ما فيه زينة تُشَوِّقُ الرجال به إلى نفسها تُمنَع منه] اهـ.
إذن فليس ثمة لون معين من الثياب تُمنع المرأة المُحِدَّة من لُبسه إلا ما اعتبره العرف زينة، فما كان كذلك يُمنع، وما كان بخلافه فلا.
أما بخصوص الثياب البيضاء؛ فلا تُمنع المرأة المُحِدَّة من لُبسها إلا من جهة اعتبار العرف أنها ثياب زينة؛ ففي "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" للشيخ الدردير (2/ 478، ط. دار الفكر): [وتلبس -أي: المرأة المُحِدَّة- البياض كله؛ رقيقه وغليظه. قال في "التوضيح": ومالَ غيرُ واحدٍ إلى المنع من رقيق البياض، والحق أن المدار في ذلك على العوائد؛ ولذا قال في "الكافي": والصواب: أنّه لا يجوز لُبسُها لشيء تتزين به بياضًا كان أو غيره] اهـ.
وفي "شرح المنتهي" للعلامة البهوتي الحنبلي (3/ 204، ط. عالم الكتب): [(ولا) تُمْنَعُ -أي: المُحِدَّة- مِنْ (لُبْسِ أَبْيَضَ ولو حَسَنًا)] اهـ.
وقد جرت عوائد بعض البلاد بلبس البياض علامة على الحزن، كما هو صنيع المغاربة إلى الآن، وكان هو صنيع أهل الأندلس قديمًا؛ حتى قال شاعرهم أبو الحسن الحصري القيرواني:
إذا كان البياضُ لباسَ حُزْنٍ...بأندلُسٍ فذاكَ مــــن الصَّــــــوابِ
ألم تَرَني لبستُ بياضَ شيبِي...لأَنِّي قد حزِنتُ على الشَّبابِ
وقال ابن شاطر السرقسطي:
قد كنت لا أدري لأيـة علــــــــــةٍ...صار البياض لباس كل مصــــــاب
حتى كساني الدهر سحق ملاءةٍ...بيضاء من شيبي لفقد شبـابي
فبذا تبين لي إصابــــــــة من رأى...لبس البياض على نوى الأحباب
انظر: "نفح الطيب" للتلمساني (4/ 109، ط. دار صادر).
عليه: فإنَّه ليس هناك لون مخصوص للثياب التي تلبسها المرأة المُحِدَّة، وإنما المعتبر في ذلك هو كونه زينة من عدمه؛ فما كان بقصد الزينة مُنِع، وما كان بخلافه فلا يُمنع، والضابط في هذا هو العرف.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم عقد نية الصوم قبل دخول الليل؟ فعليَّ قضاء يومٍ من رمضان وقد عَزمتُ على صيامه غدًا، فهل يصح أن أعقد نية الصوم قبل الغروب، أو يشترط لتبييت النية أَنْ تكون واقعة في جزءٍ من ليلة الصوم؟
سائل يقول: زوجتي تعاني مِن استمرار نزول الدم بعد الولادة، وقد جاوزت أربعين يومًا؛ فكيف تتطهر من أجل الصيام والصلاة؟
ما حكم صرف مبلغ مؤخر صداق الزوجة من مستحقات زوجها المتوفى قبل توزيعها على الورثة؟ فنحن شركة تعمل في مجال الخدمات البترولية وقد توفي أحد العاملين بالشركة وتقدمت زوجته بطلب للشركة مرفق به وثيقة عقد زواجها من المتوفى مثبت بها صداق وقدره عشرون ألف جنيه، وكذا إشهاد وفاة ووراثة مثبت به أنها أحد الورثة، ويتضمن طلبها أن تقوم الشركة بصرف مبلغ مؤخر الصداق لها من مستحقات زوجها والتي تتضمن: (صافي مستحقات (التركة)، ومكافأة نهاية الخدمة، وقيمة التعويض المستحق من التأمين الجماعي، ومصاريف الجنازة) قبل توزيعها على الورثة، وفي ضوء ما سبق نلتمس من سيادتكم إفادتنا بفتوى في تلك الحالة حتى يتسنى للشركة استقطاع مبلغ مؤخر الصداق المشار إليه من التركة وصرفه للمذكورة من عدمه.
هل يجوز للمرأة حلق جميع شعرها في التحلل من الحج أو العمرة؟
ما حكم العمل التطوعي في فترة الدراسة الجامعية؟ وهل يُثاب الطلاب على القيام بتجميل الجامعة وزرع وغرس للأشجار، ومساعدة الطلاب الجدد، ونحو ذلك من الأعمال النافعة؟
ما الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب وضع الحمل؟ فنحن نرجو منكم بيان ما يلزم المرأة إذا أفطرت في شهر رمضان بسبب وضع الحمل؛ حيث وضعت امرأة في أول شهر رمضان، وأفطرت أيام الشهر كله، وأخبرها إمام مسجد أن تخرج فدية عن كل يوم أفطرته بواقع مسكين عن كل يوم، وقد فعلت ذلك.