هل يجوز استعمال الدبوس المشبك والمكبس في ملابس الإحرام للرجال؟
المُحْرِم ممنوع من عَقْد ردائه أو إزاره باستعمال الدبوسِ المِشبَك أو الكبسولات أو الأزرار من حيث الأصل، فإن فَعَل فلا شيء عليه عملًا بمذهب مَن أجاز، أما إذا وُجدت الأزرار أو الكبسولات في الرداء ولكنه لم يستعملها فلا شيء عليه بالاتفاقٍ.
المحتويات
مِن المقرَّر أنَّ المكلف من الرجال إذا أحرَم بالنُّسكِ فإنه يحرُم عليه أن يستر جسمَه -كله أو بعضه أو عضوًا منه- بشيء من اللِّباس المَخيط المُحيط، وهو ما فُصِّل على قدر الجسم أو العضو بالخياطَةِ، ويستر جسمَه بما سوى ذلك؛ فيلبس رداءً يَلفُّه على نصفه العلويِّ، وإزارًا يَلفُّه على باقي جسمه.
والأصلُ في ذلك ما أخرجَه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يلبس المحرِمُ من الثياب؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الوَرْسُ».
قال الإمام ابنُ رشد الحفيد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 91، ط. دار الحديث): [مما اتفقوا عليه أنه لا يلبسُ المحرم قميصًا، ولا شيئًا مما ذُكر في هذا الحديث، ولا ما كان في معناهُ مِن مَخِيط الثياب، وأنَّ هذا مخصوصٌ بالرجال -أعني: تحريم لبس المخيط-، وأنه لا بأس للمرأة بلُبس القميص والدرع والسراويل والخِفاف والخُمُر] اهـ.
وقال الإمام ابنُ حزم الظاهري في "مراتب الإجماع" (ص 42، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمعوا أنَّ الرجل المُحرم يجتنِب لباسَ العمائِم، والقلانِس، والجِباب، والقُمُص، والمخيط، والسَّراويل التي لا تُسمَّى ثيابًا، إن وَجَدَ إزارًا] اهـ.
أما استعمالُ الرجل المُحرِم غير المخيط من الدبوسِ المِشبَك والكبسولات في الرداء من ملابس الإحرام فلا يجوز عند فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأنه يصير في معنى المخيط.
قال العلامة الخَرَشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 345، ط. دار الفكر): [يحرم على الرجل بسبب الإحرام أن يلبس المحيط فلو ارتدى بثوب محيط أو بثوب مرقع برقاع أو بإزار كذلك فلا شيء عليه وهو جائز؛ لأنه لم يلبسه ولا فرق في حرمة لبس المحيط بين أن يكون محيطًا بكل البدن أو ببعضه، ولا فرق بين ما أحاط بنسج أو زر يقفله عليه، أو عقد يربطه أو يخلله بعود] اهـ.
وقال الشيخ الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 292-295، ط. دار الكتب العلمية): [ولو زَرَّ الإزار أو خاطَه حَرُم كما نص عليه في الإملاء، ويجوز أن يعقد إزارَه لا رداءَه، وأن يشد عليه خيطًا ليثبت وأن يجعله مثل الحُجْزة ويدخل فيه التِّكَّة إحكامًا، وله أن يغرز طرف ردائه في إزاره، ولا يجوز له أن يعقد رداءه ولا أن يخلله بنحو مِسَلَّة. ولا يربط طرفه بطرفه الآخر بخيط، ولو اتخذ له شَرَجًا وعُرًى وربط الشَّرَج بالعُرَى حرم عليه ولزمته الفدية] اهـ بتصرف.
وقال العلامة البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 427، ط. دار الفكر وعالم الكتب): [(ولا يعقد) المحرم (عليه شيئًا من مِنطَقة ولا رداء ولا غيرهما)؛ لقول ابن عمر: (ولا يَعْقِد عليه شيئًا) رواه الشافعي، وروى هو ومالك أنه يكره لبس المِنطَقة للمحرم؛ ولأنه يترفه بذلك أشبه اللباس، (وليس له أن يجعل لذلك)؛ أي: المِنطَقة والرداء ونحوهما (زرًّا وعُرْوَة، ولا يخله بشوكة أو إبرة أو خيط، ولا يغرز أطرافه في إزاره، فإن فعل) من غير حاجة (أثم وفدى؛ لأنه كمخيط)] اهـ.
بينما ذهب الحنفية إلى أن المُحرِم إذا زرَّرَ رداءه أو إزاره أو خلَّلة أو عقَدَه أساء، ولا دم عليه.
قال البدر العيني في "البناية شرح الهداية" (4/ 168، ط. دار الكتب العلمية): [وهيئة الارتداء أنه يُدخله تحت يمينه ويلقيه على كتفه الأيسر، ويبقي كتفه الأيمن مكشوفًا، ولا يَزُرُّه ولا يحلله بحلال ولا يمسكه ولا يشد إزاره بحبل على نفسه، ولا يعقد الرداء على عاتقه، ولو فعل ذلك يكون مسيئًا ولا شيء عليه] اهـ.
وقال العلامة الشلبي الحنفي في "حاشيته على تبيين الحقائق" (2/ 54، ط. الأميرية) في باب الجنايات في الحج: [قال الولوالجي: ويتوشح بالثوب، ولا يخلله بخِلَال ولا يَعْقِده على عاتقه، أما جواز التوشح؛ لأنه في معنى الارتداء والائتزار، وأما كراهة عَقْدِه فلأنه إذا عَقَدَه لا يحتاج إلى حفظه على نفسه بلا تكلف؛ فكان في معنى لابس المخيط، ولو فعله لم يلزمه شيء لأنه ليس بمخيط على الحقيقة فاكتفى بالكراهة، ولا بأس بأن يلبس المحرم الطيلسان، ولا يزره عليه فإن زَرَّه يومًا فعليه دم؛ لأنه لما زَرَّه يومًا صار منتفعًا به انتفاع المخيط اهـ، وقوله: (ولهذا يتكلف في حفظه) هذا إذا لم يزره، فإن زَرَّه لا يجوز. قال الأتقاني: بخلاف ما إذا زَرَّه يومًا كاملًا حيث يجب عليه الدم لوجود الارتفاق الكامل] اهـ.
وقال الشيخ محمد الحصكفي في "الدر المختار" (ص: 158، ط. دار الكتب العلمية): [(ولُبْسِ إزارٍ) مِن السرة إلى الرُّكبة (ورِدَاء) على ظهرِه، ويُسنُّ أن يدخله تحت يمينه ويلقيه على كتفه الأيسر، فإن زرَّرَه أو خلَّلة أو عقَدَه أساء، ولا دم عليه] اهـ.
وذهب الشافعية إلى الجواز في الإزار إذا كان بأزرار متباعدة.
قال العلامة البجيرمي الشافعي في "حاشيته على شرح المنهج" (2/ 148، ط. مطبعة الحلبي): [(قوله: ولا ربط شرج) وهي الأزرار بعرى أي: في الرداء؛ لأنه في معنى المحيط من حيث إنه يستمسك بنفسه بخلاف ربطها في الإزار إن تباعدت، أي: العرى، وفارق الإزارُ الرداءَ فيما ذُكِرَ بأن الأزرار المتباعدة تشبه العَقْد وهو فيه -أي: الرداء- ممتنعٌ لعدم احتياجه إليه غالبًا بخلاف الإزار، فإن العقد يجوز فيه لاحتياجه إليه في ستر العورة. شرح م ر، وعبارة ع ش: ولا ربط شرج الشرج هي الأزرار كما لو كان لخفة أزرار وعراوي اهـ، وفيه أنه ينافي ما تقدم في الخف من أن الشرج هو العرى فلعله مشترك؛ لأنا لو قلنا: المراد بالشرج هنا العرى يكون الكلام متهافتًا؛ لأنه يصير المعنى ولا ربط عرى بعرى فتعين حمل الشرج هنا على الأزرار] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السُّؤال: فالمُحْرِم ممنوع من عَقْد ردائه أو إزاره باستعمال الدبوسِ المِشبَك أو الكبسولات أو الأزرار من حيث الأصل، فإن فَعَل فلا شيء عليه عملًا بمذهب مَن أجاز، أما إذا وجدت الأزرار أو الكبسولات في الرداء ولكنه لم يستعملها فلا شيء عليه بالاتفاقٍ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نرجو منكم بيان الحكم الشرعي لما يفعله بعض الحجاج والمعتمرين من كثرة الانشغال بالتصوير خلال أداء مناسك الحج والعمرة؛ حيث إن هناك بعض الزائرين لهذه البقاع الطاهرة لأداء المناسك يُكثر من التصوير بهواتفهم بشكل فوق المعتاد كلَّما مرّوا على أحد المشاعر والأماكن المقدسة، وهذا قد يؤدي إلى تعطيل الفوج عن أداء المناسك في الوقت المطلوب، ويسبِّب أيضًا حرجًا للبعض من كبار السن والعجزة، فلمَّا طُلب منهم التخفيف من كثرة التصوير، فكان رد أحدهم عليَّ بأنه حريص على التقاط صور تذكارية مع المشاعر والأماكن المقدسة، واستمروا في ذلك حتى بلغ الأمر مسؤول تنظيم الرحلة، وهو بدوره تضجَّر من ذلك الفعل؛ لأنه يعطله أيضًا عن عمله ومهمته بسبب تأخر حركتنا، فما حكم الشرع في ذلك؟
أولًا: هل يجوز صلاة الابن عن أبيه؛ حيًّا كان الأب أو ميتًا؟
ثانيًا: هل يصح حج الابن عن أبيه إذا كان قد مات منتحرًا؟
ما هي مبطلات المسح على الخفين؟ حيث إن هناك رجلًا يقوم بالمسح على الخفين، ولكنه يكون مقيمًا أحيانًا، ومسافرًا في بعض الأوقات، ويسأل: متى يكون المسح على الخفين باطلًا وغير صحيح؟
ما حكم لُبس القفازين بالنسبة للمرأة المُحْرِمة؟
هل مساعدة الفقراء أَولى من نافلة الحج؟ وما هو الأفضل بالنسبة للأغنياء: هل هو حج التطوع وعمرة التطوع، أو كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغير ذلك من وجوه تفريج كرب الناس وتخفيف آلامهم وسد حاجاتهم، وذلك في ظل ما يعيشه المسلمون من ظروف اقتصادية صعبة؟
هل لصلاة العيد سُنة قَبلية؟ حيث نجدُ بعضَ الناس يُنكرون على بعض المصلين صلاتهم قبل صلاة العيد عندما يحضرون للمُصلَّى قبل الشروع في الصلاة مع الإمام، وما مدى صحة صلاة ركعتين قبل صلاة العيد؟