سائل يقول: اشتريت شقة عن طريق التمويل العقاري من البنك، ومن ضمن بنود العقد اشتراط البنك على العميل عدم بيع محل التمويل العقاري حتى يقوم بسداد كامل الثمن؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
اشتراط البنك حَظْرَ بيع محل التمويل في بعض الصور؛كالشقق والأراضي والسيارات.. إلخ حتى سداد كامل الثمن؛ هو عبارة عن تقييد حق البنك في التصرف فيها بالبيع، مع تسلم المشتري (العميل) إياها حقيقةً بمجرد إبرام الموافقة الائتمانية وحصول البيع بالفعل: فإن هذا الشرط يأتي على معنى رهن المبيع حتى استيفاء ثمنه في ذات عقد البيع؛ حيث إن الملك قد انتقل حقيقة إلى المشتري بعقد البيع، وتسليم السيارة إليه، وحيازتها، والتمكن من الانتفاع بها، لكنه رَهَنَ هذا الملك للبنك حتى استيفاء باقي الأقساط، فإذا وَفَّى جميع الثمن: انْفَكَّ الرهن، ورفع البنكُ يده عن حظر البيع؛ بحيث يملك المشتري (العميل) التصرف فيها بالبيع ونحوه كيفما يشاء، وإلا استوفى البنك منها باقي حقه، وهذا الشرط صحيح وجائز شرعًا؛ إذ هو لضمان حق البنك في استيفاء باقي الثمن ولا يخالف مقتضى عقد البيع.
وقد نصَّ فقهاء المالكية على أنه إذا كان البيع بثمن مؤجل إلى أجل معلوم؛ فإنه يجوز للبائع أن يشترط على المشتري ألَّا يتصرف في المبيع ببيع، أو هبة، أو نحوهما حتى يستوفي منه الثمن، وأنَّ ذلك يكون بمنزلة رهن المبيع ولا حرج فيه.
وكذلك نصَّ الحنابلة في الصحيح عندهم على جواز اشتراط المتبايعَين في العقد رهن المشتري المبيعَ لدى البائع حتى يستوفي كامل ثمنه؛ لأن هذا الشرط وإن اقترن بالبيع: يحقق مصلحة مُشتَرِطِهِ، ولا ينافي مقتضى العقد؛ فكان صحيحًا وملزمًا لطرفيه شرعًا؛ لعموم قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الترمذي في "السنن".
ووجه الدلالة من الحديث: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أطلق جواز الصلح ثم استثنى، وهذا الإطلاق يدل على أن الأصل فيما يكون صلحًا: الجواز، كما أطلق جواز الاشتراط ثم استثنى؛ مما يدل على أن الأصل في الاشتراط بين المتعاقدين في أيِّ معاملة من المعاملات: الجواز.
ولحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابْتَاعَ منه بَعِيرًا. قال جابر رضي الله عنه: قُلْتُ -أي: لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ» رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
فأفاد الحديث: أنَّ اشتراط ما فيه مصلحة أحد المتعاقدين مما لا ينافي مقتضى العقد: صحيحٌ ولازمٌ للمشترَط عليه شرعًا، ويدخل في ذلك: اشتراط البائع رهن المبيع على استيفاء جميع ثمنه.
قال الإمام أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (6/ 414، ط. دار الكتب العلمية): [ومِن سماع عليٍّ: سئل مالك عمن باع عبدًا، أو وليدةً، أو غير ذلك من السلع، واشترط على المبتاع أنك لا تبيع، ولا تهب، ولا تعتق حتى تعطي الثمن؟ قال: لا بأس بذلك؛ لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن إلى أجلٍ مُسمًّى] اهـ.
وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (5/ 80، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالبيع بثمن إلى أجل على ألَّا يتصرف ببيع ولا هبة ولا عتق حتى يعطي الثمن؛ لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن لأجل مُسمًّى] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 285، ط. مكتبة القاهرة): [وَإِذَا تَبَايَعَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ رَهْنًا عَلَى ثَمَنِهِ: لَمْ يَصِحَّ؛ قَالَهُ ابْنُ حَامِد، وهو قول الشافعي؛ لأن المبيع حين شرط رهنه لم يكن ملكًا له، وسواء شرط أنه يقبضه ثم يرهنه، أو شرط رهنه قبل قبضه، وروي عن أحمد أنه قال: إذا حبس المبيع ببقية الثمن فهو غاصب، ولا يكون رهنًا إلا أن يكون شرطًا عليه في نفس البيع. وهذا يدل على صحة الشرط؛ لأنه يجوز بيعه، فجاز رهنه.. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: صِحَّةُ رَهْنِهِ] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (11/ 251، ط. هجر): [يصح شرط رهن المبيع على ثمنه على الصحيح من المذهب؛ نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، فيقول: بعتُك على أن ترهنه بثمنه.. وإن قال: إذا رهنتنيه على ثمنه وهو كذا؛ فقد بعتُك، فقال: اشتريتُ ورهنتُها عندك على الثمن: صح الشراء والرهن] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 189، ط. دار الكتب العلمية) في تقرير صحة وجواز هذا الشرط: [يصح اشتراط رهن المبيع على ثمنه؛ فلو قال: بعتُك هذا على أن تَرْهَنَنِيهِ على ثَمَنِهِ، فقال: اشتريتُ ورهنتُك: صح الشراء والرهن] اهـ.
وهذا ما أخذ به القانون المدني المصري الصادر برقم (131) لسنة 1948م في المادة رقم 430 في الفقرة الأولى منها؛ حيث جاء فيها: [إذا كان البيع مؤجل الثمن؛ جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفًا على استيفاء الثمن كلِّه ولو تم تسليم المبيع] اهـ.
وجاء في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها: [وإذا وُفِّيَت الأقساط جميعًا؛ فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مُسْتَنَدًا إلى وقت البيع] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بيع الصقر المدرب على الصيد؟ فأحد المواطنين من دولةٍ عربيةٍ حصل على ترخيص من الدولة بعمل مزرعة لتربية الصقور وتدريبها على الصيد وبيع نتاجها، وقد طلب من صاحبٍ له أن يشاركه بحصة في هذا النشاط، ويسأل هذا الصاحب: هل يجوز شرعًا بيع الصقور وأخذ ثمنها؟
ما حكم بيع الثمار بعد ظهورها على الأشجار ولكن قبل أن تطيب؟
سائل يقول: بعتُ ثمار مزرعتي المثمرة مِن فاكهة المانجو، وذلك بمبلغٍ مِن المال لمدة عامين، وبعد أن اتفقنا على ذلك، أفادني أحد الناس أنَّ هذا العقد حرام؛ بحُجة أنني بعتُ ثمار العام الثاني، علمًا بأن المشتري متكفل بجميع المصاريف طول هذه المدة، فما حكم هذا البيع؟
ما حكم بيع الثمار قبل نضجها؟ حيث يقول السائل: في بلادنا يتعاقد الفلاح (البائع) والمشتري على القمح والشعير وأمثالهما من الحبوب قبل نضجها؛ فالبائع يأخذ المال مقدمًا، وحين تظهر الحبوب وتنضج يحصدها المشتري ويأخذها؛ فهل هذا البيع جائز؟ وهل يدخل تحت بيع السلم مِن منظور المذهب الحنفي؟
ما الحكم الشرعي في ظاهرة "المستريح"؟ حيث انتشر في الآونة الأخيرة بشكل واسع نماذج جديدة ممَّن يطلق عليهم "المستريح"، وهو لَقبٌ يطلقه الشخص على نفسه ليجذب أكبر عدد من ضحاياه، والصورة المعتادة للمستريح قيامه بجمع الأموال بحجة الاستثمار، وظهرت نماذج جديدة عن طريق شراء المواشي والحيوانات بأعلى من سعرها في السوق، غير أنَّه لا يُسلِّم للبائع كامل الثمن، وإنما يعطيه عربون، وباقي الثمن يُسدِّده في خلال ثلاثة أسابيع، ثم يبيع هذه المواشي بأقل مِن سعرها في السوق، والبعض يقوم بمثل هذه المعاملة في السيارات، أو في الفاكهة والخضروات ونحو ذلك؛ فما حكم الشرع في هذه الظاهرة؟
ما الحكم الشرعي في بيع الذهب بالقسط؟